|
حياة العُمّال في مهب الريح
جهاد عقل
(Jhad Akel)
الحوار المتمدن-العدد: 5967 - 2018 / 8 / 18 - 13:03
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
هويّة الضحيّة! المُعطيات الإحصائية تؤكد أن أكثر من 80٪ من شهداء لقمة العيش في حوادث العمل في فرع البناء هم من العمال العرب الفلسطينيين من جانبي الخط الأخضر والبقية اي 20٪ هم من العُمّال الوافدين من الخارج ومن العمال اليهود المحليين، نحن لا نُفَرّق بين عامل وآخر من ضحايا حوادث العمل القاتلة، فالضحية هو ضحية وهو عامل خرج في الصباح للبحث عن لقمة العيش، لكن لا بد وأن يُطرح السؤال: هل كون مُعظم ضحايا حوادث العمل هم من العمال العرب والعمال الوافدين من دول أخرى، هو سبب الإهمال القائم من قِبل المقاولين وحلفائهم في الحكومة
بلدة بيت لقيا الفلسطينية بالقرب من رام الله عاشت يوما مأساويا وإتشحت بالسواد، وتم تأجيل جميع الأعراس والأفراح في البلدة عندما بلغهم خبر وفاة شهيدي لقمة العيش مطلع هذا لأسبوع، ففي يوم الإثنين الثالث عشر من شهر آب الحالي لقي مصرعهم ثلاثة عمال بناء في حادثي عمل الأول في ورشة عمار بمنطقة راس العين قرب مدينة كفر قاسم سقط فيه إثنان من العمال الشباب الفلسطينيين وهما إبراهيم زكريا محمد الحديدي ورامي عبد الله علي بدر من قرية بيت لقيا. علينا الإشارة هنا الى أنه وقع في هذه الورشة حادث قبل عام راح ضحيته عامل وافد من الصين وفي ورشات شركة البناء هذه ومنذ العام 2015 لقي حتفهم 9 عمال بناء في سبعة حوادث. والحادث الآخر وقع في ورشة بناء قرب مدينة اللد راح ضحيته عامل وافد من الصين، هذا بالإضافه الى عدد كبير من الحوادث التي أصيب فيها عمال بناء في اليوم نفسه ما بين خفيفة وخطيرة. ووفق المعطيات المُسَجّلة لحوادث العمل القاتلة فقد بلغ عدد الضحايا منذ مطلع العام ااحالي 2018 29 ضحية منها 27 حوادث عمل مباشرة وأخرى حدثت لشخصين كانا في القرب من ورشات بناء.
*السلطة وقوى رأس المال شُركاء في الجريمة
سقوط شهداء لقمة العيش، من أبناء الطبقة العاملة وبهذا العدد ومنذ سنوات (منذ العام 2010 بلغ عدد شهداء لقمة العيش من عمال البناء 300 عامل)، على ما يبدو لا يجد الاهتمام الكافي والمطلوب من قبل الجهات الحكومية الرسمية، ولا من قبل أصحاب العمل، أي الجهة الرأسمالية التي همها الوحيد هو المزيد..المزيد من الأرباح، حتى لو كان ذلك على حساب حياة العمال وعائلاتهم التي تبقى بلا معيل وترك أطفال أيتام. واضح أن كامل المسؤولية عن هذه المأساة تقع على عاتق الشركاء،أي السلطة (الحكومة) وإتحاد المقاولين (القوة الرأسمالية)، فلو قامت الحكومة بدورها كسلطة تنفيذية من خلال تشريع قوانين عقابية رادعه والقيام بتنفيذ على الأقل مما هو قائم اليوم من سُبل عقابية على المقاولين ممن لا يهتمون بحياة العمال من خلال عدم توفير وسائل وقاية وأمان للعمال من أجل الحفاظ على حياتهم، ربما كان يؤدي ذلك الى إنقاذ عدد غير قليل من ضحايا حوادث العمل في فرع البناء.
*مُعظم أسباب الحوادث السُقوط من عُلو بما أن كافة المُعطيات تؤكد أنّ مُعظم حوادث العمل القاتلة سببها السقوط من عُلُو أو سقوط جسم من عُلُو على العامل، فواضح للجميع أين المُشكِلَة وما هو السبب، ولذلك كان بإمكان الجهات المسؤولة عن المراقبة - أي وزارة العمل في الحكومة الإسرائيلية، أن تقوم بفرض وتنفيذ وسائل واقية تؤدي الى منع ظاهرة السقوط من عُلو، أو سقوط أجسام من علو تؤدي الى سقوط الضحايا من العُمّال، لكن على ما يبدو أنّ قوى رأس المال المترابطة بمصالح مع السلطة الحاكمة لها من القوّة ما يكفي لمنع قيام الأخيرة وموظفيها بتنفيذ الأنظمة والقوانين الرادعة بحق المخالفين.
*غالبية الضحايا من العمال العرب المُعطيات الإحصائية تؤكد أن أكثر من 80٪ من شهداء لقمة العيش في حوادث العمل في فرع البناء هم من العمال العرب الفلسطينيين من جانبي الخط الأخضر والبقية اي 20٪ هم من العُمّال الوافدين من الخارج ومن العمال اليهود المحليين، نحن لا نُفَرّق بين عامل وآخر من ضحايا حوادث العمل القاتلة، فالضحية هو ضحية وهو عامل خرج في الصباح للبحث عن لقمة العيش على أمل العودة سالمًا في المساء لمكان سكناه والى عائلته وأولاده، لكن لا بد وأن يُطرح السؤال: هل كون مُعظم ضحايا حوادث العمل هم من العمال العرب والعمال الوافدين من دول أخرى، هو سبب الإهمال القائم من قِبل المقاولين وحلفائهم في الحكومة وعدم التقيد وعدم توفير وسائل الوقاية والأمان لحماية العمال من هذا الخطر؟ لا حاجة بنا لإعطاء إجابه على هذا السؤال فالنتائج المأساوية وفقا للمعطيات هي الجواب، بالرغم من أن هناك من يقول أن الأسباب تكمن في كون الشريحة العُمالية الأكثر عددًا في فرع البناء هي من العمال العرب وتخصصهم في المهن التي يُطلق عليها في القاموس المهني للفرع "المهن الرطبة".
*دور مدير الورشه ودور العامل خلال لقاءات لي مع مدراء ورشات عمل ومع عُمّال يعملون في فرع البناء،لفت إنتباهي أقوال وشكاوى منها أن هناك من يقوم بتوفير وسائل الوقاية للعمال وهنك عدد قليل -على حد تعبيرهم- يقوم بالعمل وفقها، وعندما تتحدث مع العُمّال يؤكدون أنّ قسما كبيرا من مدراء ورشات البناء يقومون بتوفير وسائل الوقاية فقط عندما يحضر المقتشون للفحص في الورشة. علينا توجيه نداء لكم أيها الأحبة: ان قضية توفير وسائل الوقاية والأمان وتوفير بيئة عمل آمنه ليست قضية استعراضية، أو لإشباع رغبات هذا المُفتش أو ذاك، بل هي قضية حياة أو موت بالنسبة لعامل البناء. وانتم أيها العمّال، القانون يحميكم. ففي حال لم تتوفر الوسائل الآمنه لحياتكم في ورشة البناء لا تُعَرّضوا حياتكم للخطر وطالبوا بتوفيرها، وفي حال توفرت هذه الوسائل لا تترددوا باستعمالها ضمانًا لصحتكم وسلامتكم وحياتِكُم، ويبقى السؤال الأهم يُطرح بقوّة: حتى متى يبقى عمال البناء وحياتهم في مهب الريح؟
#جهاد_عقل (هاشتاغ)
Jhad_Akel#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وحدتنا ونضالنا هما صك الأمان لمواجهة السياسة العنصرية للحكوم
...
-
غياب الدور النضالي الوطني التقدمي للحركة النقابية العربية
-
من سيدفع الثمن؟
-
حكومة إسرائيل: عنصريّة بلا حدود
-
في ظل جشع الرأسمالية تتواصل ملاحقة الحركة النقابية
-
هل يحترم البعض مقولة :-أمريكا رأس الحية-؟
-
-بلغت البطالة في الأَرض الفلسطينية المُحتَلّة أَعلى مُستوَى
...
-
أهمية الاتفاقيات الجماعية للعاملين في الفروع التشغيلية غير ا
...
-
الطبقة العاملة في ظل استشراس قوى رأس المال
-
كلمة حق في ذكرى المناضل الشيوعي الرفيق محمد فضل حسّان
-
هل يقف العالم الرأسمالي على شفا الهاوية؟
-
رفض الفكر الصهيوني والفكر الإحتلالي الإسرائيلي ومقاومته هو م
...
-
رجال في الثلج مع إعتذاري للكاتب غسَّان كنفاني
-
رفيق الدرب الإعلامي النقابي الفلسطيني عاطف سعد رحلت عنّا بدو
...
-
الحكومة التونسية تقرر خصم أيام الاضراب من العاملين: اعتداء ع
...
-
شروط وحقوق عمل الشبيبة والطلاب خلال العُطلة المدرسية
-
عنصرية الاحتلال تلحس قرارها العنصري
-
عمالنا شهداء لقمة العيش
-
الاطفال المتسولون ضحايا لمجرمين كبار
-
رسالة ونداء لعاملاتنا وعمالنا: صوتنا للقائمة المشتركة قوة لح
...
المزيد.....
-
“سجل هُنـــا minha.anem.dz“ كيفية التسجيل في منحة البطالة 20
...
-
البطالة بالمغرب تصل 21.3% والهرم السكاني يتجه للشيخوخة
-
تجدد الاشتباكات في جنين وإضراب تجاري للمطالبة بوقف الاقتتال
...
-
“أهم التعديلات”.. زيادة رواتب المتقاعدين في العراق وحقيقة رف
...
-
إضراب لـ -الدفاع المدني السوري- بدمشق بسبب -الخوذ البيضاء-
-
الحكومة توضح.. رفع الحد الأدنى للأجور إلى 300 دينار فى الأرد
...
-
100 ألف دينار عراقي في حســابك!!.. وزارة المالية عن زيادة رو
...
-
موعـد صرف رواتب المتقاعدين شهر يناير.. وزارة المالية توضح هل
...
-
“200.000 زيــادة وزارة المالية“!! زيادة رواتب المتقاعدين 202
...
-
وزارة المالية توضح/ موعد زيادة أجور المتقاعدين في المغرب 202
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|