|
العلاقة العضوية بين الرأسمالية والأصولية الدينية
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5962 - 2018 / 8 / 13 - 14:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
العلاقة العضوية بين الرأسمالية والأصولية الدينية طلعت رضوان بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية كانت أمريكا، القوة العظمى الأولى. وقرّرتْ الإدارات الأمريكية المُـتعاقبة ربط النموالرأسمالى على نهب موارد الشعوب الفقيرة، وهى الشعوب التى خضع حكامها لسيطرة الرأسمالية العالمية. مع ملاحظة أنّ ماحدث بعد الحرب كان يستند إلى جذورقديمة مثل قول القاضى بالمحكمة الأمريكية العليا (أوليفرهولمز) الذى كتب ((الحق يمتلكه الشعب القادرعلى قهرالشعوب الأخرى)) ونتيجة هذا الجذرسادتْ مقولة ((أنا أتحدث عن حريتى وحرية استثمارأمولى دون اعتبارلمصلحة المجتمع أومصلحة الآخرين)) (الموسوعة الأمريكية- ج2- ص335، 336) وتواكب مع ذلك انتشارالفلسفة البراجماتية التى روّج لها أكثرمن مفكرأمريكى. وتطبيقــًـا لذلك تجاهلتْ الإدارة الأمريكية مناشدات الحكومات والشعوب لمنح السود حريتهم وحقوقهم كاملة، أوالاعتراف بحق الشعب الفلسطينى فى تقريرمصيره وإقامة دولته (شوقى جلال: العقل الأمريكى يفكر- دارالانتشارالعربى- عام1997- ص134، 137) وتـمّ ترويج مقولة (مجتمع النمل) وزياة الانتاج لصالح الرأسماليين، وتشجيع النمط الاستهلاكى لتدورعجلة تراكم رؤوس الأموال. وكتب عالم الاقتصاد (هنرى والش) ((يجب علينا أنْ نرضى ببعض الظلم الاقتصادى الذى يخلق المنافسة. وإذا كان لزامًـا علينا أنْ نرفض الاشتراكية- وهوواجبنا- فإننا نؤسس رفضنا على قيمة الحرية. وقال المفكر(شارلس ويتاكار): إنّ الأمل فى مساواة اقتصادية وهمٌ وخيال. إنّ المثل العليا عن المساواة ((تتناقض مع الحرية. إنّ الأحرارغيرمتساوين اقتصاديـًـا. والعدل الاقتصادى نقيض الحرية ونفى لها)) ص173) تواكب مع هذا الاتجاه العداء لأصحاب الاتجاهات اليسارية والديمقراطية، وظهرتْ (المكارثية) نسبة إلى السيناتورالجمهورى (جوزيف مكارثى) الذى شنّ مدفعيته ضد المُـبدعين والمفكرين والفنانين من اليسارالأمريكى. ولكن هذا لم يمنع ظهوربعض أصحاب العقول الحرة، مثل عالم الاجتماع (د.يانكلوفيتش) الذى كتب إنّ ((حقوق الأفراد أوالجماعات قد أنتهكتْ وأستغلتْ على نحوانتهازى)) وشاركه فى ذلك آخرون، بينما المفكرالمُـدافع عن استغلال الجماهير، فإنه- فى نفس الوقت- هوالمُـدافع عن الحكومات الفاشية والناطق باسمها، ومن أشهرهم الفيلسوف الإيطالى (بنديتوكروتشى) ولذلك اختاره موسولينى وزيرًا للتعليم (ص204) والمُـلاحظ أنه سارمع خط الاستغلال الرأسمالى الأمريكى (خط السيطرة على العالم) وهنا تتطابق الرأسمالية الأمريكية مع مخطط الأصوليين الإسلاميين، الحالمين بإقامة (الامبراطورية الإسلامية) والسيادة على جميع دول العالم، من خلال إحياء (مشروع الخلافة الإسلامية) وفى هذا الصدد فإنّ الرئيس الأمريكى الأسبق تيودور روزفلت (1858- 1919) قال ((أمركة العالم هى مصيروقدرأمتنا)) وذكرأكثرمن (مفكر) أمريكى: إنّ أمريكا أمة ((صاحبة رسالة خالدة)) وقال (جون فايسك) الذى لم يعجبه التوسع الأمريكى المحدود ((لماذا نترك أنفسنا أسرى الحدود الضيقة. إنّ حدود أمريكا يـُـحـدّدها الشفق القطبى شمالا، والاعتدال القطبى جنوبـًـا والعماء البدائى شرقــًـا ويوم القيامة غربـًـا)) وقد تواكب مع هذا الاتجاه للسيطرة على العالم، التوجه الأصولى الدينى، وهوما عبـّـرعنه (تومس جيفرسون) فى خطابه الرئاسى الأول عام1801وسبقه- جورج واشنطن أول رئيس لأمريكا حيث قال فى خطاب رئاسته إنه (موكل بمهمة عهدها الله إلى الشعب الأمريكى) وبعده قال (جون آدمز) الرئيس الأمريكى الثانى ((إنّ استيطان أمريكا الشمالية تحقيق لمشية إلهية)) (المصدرالسابق- ص12، 225) وكان تعقيب أ. شوقى جلال: وكأنّ أسطورة شعب الله المختارانتقلتْ من اليهود إلى الأمريكان. كما تواكب مع ذلك الترويج للسياحة الدينية والحج وزيارة الأماكن المقدسة، لتشجيع كل أشكال الميتافيزيقا، وبدلامن الادخارلصالح التنمية الاقتصادية، يتم تبديد هذه الأموال للصرف على الغيبيات. 000 والمفارقة المذهلة- التى تغيب عن كثيرين- أنّ (خط أمركة العالم) توازى وتطابق مع المُـخطط الأصولى الإسلامى، منذ تكوين جماعة الإخوان المسلمين عام1928، واستمرّحتى الألفية الثالثة، للسيطرة على كل دول العالم لتحقيق حلمهم الطوباوى المريض (عودة الخلافة الإسلامية) ومن أمثلة ذلك ما قاله خيرت الشاطر((جماعة الإخوان المسلمين تهدف إلى شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية)) (أهرام 25/6/2012) وبسبب الهوس بتحقيق (أسلمة العالم) فإنّ أ. طارق البشرى كان من رأيه أنّ شعبنا المصرى لم يعرف الإسلام الحقيقى طوال1400سنة فقال إنّ ((مصرفى حاجة إلى استكمال اسلامها)) (المصرى اليوم12/7/2011) وإذا كان طارق البشرى قد تغيـّـرتْ مواقفه بعد المد الأصولى، فإنه هونفسه الذى ذكرفى كتابه المهم (الحركة السياسية فى مصر:1945- 1952) أنّ حسن البنا قال فى (مذكرات الدعوة والداعية) وهويـُـخاطب أتباعه ((إنّ الدورعليكم فى قيادة الأمم وسيادة الشعوب. وأنّ الدين يوجه المسلمين إلى أفضل استعماروأبرك فتح..ويقيم المسلمين أوصياء على البشرية القاصرة ويعطيهم حق الهيمنة والسيادة على الدنيا)) (دارالشروق-1972- ص72) وقال خيرت الشاطر((إنّ الجماعة الإسلامية تستعد بهدف الوصول إلى مرحلة السيادة على العالم)) (المصرى اليوم23/4/2011) وقال محمد مرسى- أثناء حملته الانتخابية- ((سنــُـعيد الفتح الإسلامى لمصر)) (نقلاعن جريدة وطنى6مايو2012) 000 روّجتْ جماعة الإخوان لمقولة أنّ الدعوة الإسلامية الأولى انطلقتْ من عدة مبادىء: مطاردة اليهودية الماكرة وأنها ((صارعتْ المسيحية حتى انحصرظلها عن آسيا وإفريقيا..وانطلقتْ الدولة الإسلامية من شاطىء إفريقيا الشمالى تهاجم القارة الأوروبية وتهاجم القسطنطينية من الشرق وتأتيها من الغرب فتقتحم الأندلس. وتصل جنودها المظفرة إلى فرنسا جنوبًا وشمال وجنوب إيطاليا. وتضم الدولة الإسلامية فى غرب أوروبا..ثم يتم للدولة الإسلامية بعد ذلك فتح القسطنطينية فتحاصرالمسيحية فى جزء محدود من قلب أوروبا. وتمخرالأساطيرالإسلامية عباب البحريْن الأبيض والأحمرحتى يصيران معًا بحيرة إسلامية، فتقبض القيادة الإسلامية بذلك على مفاتيح البحارفى الشرق والغرب وتتم لها السيادة)) (د. رؤف شلبى- الشيخ حسن البنا ومدرسة الإخوان المسلمين- دارالأنصارعام 78ص324) وأضاف ((يشاء الله أنْ تنتعش الحركة الإسلامية فيفتح المسلمون القسطنطينية ويمتد سلطان المسلمين إلى قلب أوروبا وبلاد البلقان وتقوم الخلافة من جديد فى تركيا العثمانية. فلم لاتعود هذه الزعامة من جديد ومن قلب مصر؟)) (ص338) وأصرّعلى تأكيد هدف الدعوة الإسلامية فكتب ((الأندلس وصقلية والبلقان وجنوب إيطاليا وجزائربحرالروم كلها هى مواطن إسلامية يجب أنْ تعود إلى أحضان الإسلام ويجب أنْ يعود البحرالأبيض والبحرالأحمربحيرتيْن إسلاميتيْن كما كانتا من قبل)) (ص343) ثم يُخصص عنوانـًا فرعيًا ببنط كبيربعنوان (أستاذية العالم) لنشرالدعوة فى ربوع العالم كله حتى لاتكون فتنة ويكون الدين كله لله. ولكى يُـقنع الشباب شرح لهم أنّ غزوالعالم ((فريضة ماضية إلى يوم القيامة استنادًا إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: من مات ولم يغز. ولم ينوالغزومات ميتة جاهلية)) وبذلك تعرف– أيها الشاب- معنى هتافك الدائم ((الجهاد سبيلنا)) (388، 389) ولم تكن مصادفة أنْ أنشأ الإخوان (القسم الخاص) للتدريبات العسكرية (من 228- 237) وبينما الأصوليون الإسلاميون مشغولون بالغزو، وفرض (أستاذية الإسلام) على العالم، فإنهم فى نفس الوقت ضد ثورات الشعوب، وهوماعبّرعنهم الإخوان ((أما الثورة: فلا يُـفكرالإخوان المسلمون فيها ولايعتمدون عليها ولايؤمنون بنفعها ونتائجها)) كما جاءتْ فى المؤتمرالخامس للإخوان. لأنّ الثورة ((مفهوم غوغائى، فقد ثارعرابى وسعد زغلول فما زاد الوطن إلاّخسرانـًـا)) (ص369) ونقل أ. السيد يوسف ما قاله عبدالقادرعودة ((طبيعة الإسلام أنْ يعلوولايُعلى عليه. وأنْ يفرض حكمه على الدول وأنْ يُبسط سلطانه على العالم كله)) (الإخوان المسلمون وجذورالتطرف الدينى والإرهاب فى مصر) هيئة الكتاب المصرية- تاريخ المصريين- عدد 138ص 579) وفى ظل المناخ الليبرالى، امتلكتْ صحف الوفد شجاعة نقد حسن البنا وأطلقتْ عليه ((الشيخ حسن راسبوتين)) وقالت صحيفة صوت الأمة (28/8/46) فى وصف زيارة لحسن البنا لأحد الأقاليم ((هتف الناس بسقوط الشيخ صنيعة الإنجليز)) وكتب أحمد حسين فى صحيفة مصرالفتاة (17/7/46) يُهاجم حسن البنا قائلا ((حسن البنا أداة فى يد الرجعية وفى يد الرأسمالية اليهودية وفى يد الإنجليزوصدقى باشا)) وفى 6يوليو46وقع صدام بين الإخوان والوفد فى بورسعيد، استعمل الإخوان فى الصدام الرصاص وألقوا ثلاث قنابل فأسفرتْ عن قتل واحد من الوفديين وإصابة 35شخصًا) (المصدرالسابق- ص 332) فنشرتْ الجريدة كاريكتيرًا ظهرفيه حسن البنا يلعب بالسكاكين والمسدسات. وبعد انفجارات سنة1948 نشرتْ كاريكاتيرًا بأنّ القنابل لها ذقون (المصدرالسابق- ص 274، 280) والإخوان الذين تعاملوا مع الإدارة الأمريكية بعد يناير2011يسيرون على نهج حسن البنا الذى ((أراد استمالة السفارة الأمريكية فى القاهرة بحجة أنّ الإخوان يستطيعون مساعدة أمريكا فى مكافحة الشيوعية. واقترح الشيخ البنا إنشاء مكتب مستقل مشترك بين الإخوان والحكومة الأمريكية لمحاربة الشيوعية)) (مصدرسابق- ص426،427) ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رحلات الحمساويين المكوكية
-
سكينة فؤاد : نموذج رائع لعشق الوطن
-
مليارات الجنيهات لصالح الفاسدين
-
أكذوبة إجماع الأمة والهوس بها وترويجها
-
الحضارة المصرية فى رسالة من توفيق الحكيم إلى طه حسين
-
الإخوان المسلمون وعقوبة الإعدام
-
لماذا لم يكن لليسارالمصرى جماهيرية شعبية؟
-
تجديد الخطاب الدينى والتعليم الجامعى
-
هل صدفة الميلاد مبررلسجن الإنسان فى عقيدة والديه؟
-
نداء لكل منظمات حقوق الإنسان العالمية
-
توحد لغة أنظمة الاستبداد
-
إهدار المال العام وخطورة مناهج التعليم
-
هل يهتم نظام الحكم بترسيخ الفضيلة أم الرذيلة
-
الأدب الأوروبى والدفاع عن الشعوب الإفريقية
-
آثارمصر بين الاعتزاز بالتراث والدونية القومية
-
دور الصهيونية والتخويف بالعداء للسامية
-
انعكاس الثقافة القومية على الموقف من المرأة
-
عودة القتيل للحياة ورومانسية الوهم المريض
-
الزراعة المصرية والتضييق على الفلاحين
-
مغزى تجديد الإسلام كل مائة سنة؟
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية يزور مرقد الإمام الخميني (ره)
-
خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز
...
-
القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام
...
-
البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد
...
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
-
تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
-
شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل-
...
-
أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
-
مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس..
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|