أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد المناعي - تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة بتونس: بين التردد ومطب الشريعة














المزيد.....

تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة بتونس: بين التردد ومطب الشريعة


محمد المناعي
باحث

(Manai Mohamed)


الحوار المتمدن-العدد: 5961 - 2018 / 8 / 12 - 21:38
المحور: حقوق الانسان
    


بمناسبة إحياء الشعب التونسي لذكرى إصدار مجلة الأحوال الشخصية يوم 13 أوت عاد الجدل داخل المجتمع التونسي حول ملف الحقوق الفردية و الحريات وملف المساواة و ساهم تقرير صادر عن لجنة مكلفة من رئاسة الجمهورية وهي لجنة الحريات الفردية والمساواة في تحويل النقاش الى اختلاف بين أنصار الحرية وأنصار الشريعة ، حيث قدمت اللجنة تقريرا يتضمن اقتراحات لتطوير قوانين الأحوال الشخصية بما يتوافق مع دستور 2014 و يخلص الترسانة القانونية من كل ما من شأنه أن يضيق على الحريات الفردية والحقوق وكل ما من شأنه أن يكرس التمييز بين الجنسين .
ورغم تردد التقرير وعدم حسمه في ملفات هامة وتقديم اقتراحات تتسم بالصبغة المرحلية والتوافقية بحثا عن رضا الحركات السياسية المتسترة بالدين أو تجنبا للمواجهة معها ورغم ديباجته و منهجية عمل اللجنة المتسمة بالبحث عن مبررات دينية لمسألة حقوقية مواطنية فان التقرير في مجمله مثل خطوة أساسية وأحدث رجة وفتح نقاش واسع بين مختلف فئات المجتمع وهذا في حد ذاته مكسبا رغم الانحراف نحو التكفير و التشويه الذي طال أعضاء اللجنة ورئيستها بشرى بلحاج حميدة .
فمواضيع من قبيل الحق في الحياة لم تحسم اللجنة رأيها في المطالبة بالغاء عقوبة الاعدام نهائيا واكتفت بالحد من الجرائم المستوجبة و المطالبة بعدم تنفيذها ، كذلك العقوبات المتعلقة بالحرمة الجسدية للمواطن من قبيل الفحص الشرجي لم تحسم اللجنة أمرها في المطالبة بتحجيره والاكتفاء بتغيير القانون و اقتراح اشتراط موافقة المعني وكذلك الشأن بالنسبة للمساواة في الميراث حيث كان من المنتظر اقتراح المساواة التامة والواضحة بين الجنسين وترك الاقتراحات وامكانية التنازل في النقاش داخل البرلمان غير أن اللجنة بدأت التنازل من التقرير ذاته باقتراحات المساواة في وضعيات دون أخرى أو المساواة الاختيارية وهو تدرج لا ينسجم مع منظومة حقوق الإنسان التي لا تتجزأ ولا معنى للتنازل عن حق مهما كانت المسوغات .
سقط التقرير أيضا في مطب الشريعة من ناحيتين : الأولى فتح الباب على مصراعيه على مسالة تجريم الاعتداء على المقدسات أو ما يسمى في قوانين رجعية أخرى بازدراء الأديان حيث اقترح التقرير عقوبة لما سماه " تحقير ديانة الغير في معتقداتها ورموزها وشعائرها " وهو ما يفتح الباب على مصراعيه على ما سمي في تونس بالاعتداء على المقدسات وهو باب واسع يمكن ان يشمل اي نقد يوجه للمارسات دينية معينة أو أفكار ذات علاقة بالدين و يجعل من توظيف الدين أمرا شائعا في محاكمة الأعمال الابداعية والفكرية والفنية و الاعلامية بتهمة "تحقير ديانة الغير " ..
هذه المأخذ وغيرها جعلت من التقرير مترددا في موضوع الحقوق الفردية والحريات وفي باب المساواة التامة بين الجنسين و إلغاء كل أشكال التمييز على أساس الدين و الميولات و الأفكار ...
من ناحية ثانية وقع عمل اللجنة في مطب البحث عن تبرير ديني ، حيث اعتمد ما سماه " بمقاربة اجتماعية ودينية " منطلقا من "ثوابت الاسلام بخصوص حرية المعتقد" فانحاز من حيث يقصد أو لا يقصد الى دين دون سواه والى قراءة للدين دون سواها وبحث عن مسوغ في النص الديني لكل مقترحاته وهو مطب وجه النقاش حوله فيما بعد ومحاولة كسب شرعية دينية ما و عرض التقرير برمته على غربال الشريعة فأصبح للايمة رأي في محتواه وللزيتونة رأي و للجمعيات المتسترة بالدين رأي فتاهت النقاشات في غياهب التمذهب و الفتاوى والاجتهادات و ابتعدت عن جوهر الموضوع وهو تفكير عقلاني في تطوير المنظومة التشريعية الوضعية على ضوء المنظومة الكونية لحقوق الانسان مع احترام حرية المعتقد على اختلاف مذاهبه وتوجهاته دون تبني اي توجه واقصاء آخر .
فالتقرير لم يبحث عن النجاعة الحقوقية في الغاء التمييز واقرار الحرية واعمال الحقوق بقدر ما بحث عن التوافق واسترضاء جزء من الطبقة السياسية فكان النص الأول لمجلة الأحوال الشخصية الصادر سنة 1956 أكثر ثورية وجرأة بالنظر للظرفية الاجتماعية والثقافية للمجتمع التونسي و للتجارب المقارنة حينها من هذا التقرير الذي صدر في مناخ من الحريات وفي وضع فرض فيه الدستور الجديد ثقله في باب الحقوق والحريات ولم يترك أي تعلة للتردد في اقرار أن الوقت حان لتغيير ترسانة القوانين المنظمة للأسرة وتحريرها من ضغط الشريعة والاجتهادات ذات الصبغة الدينية التي لا تمثل سوى أصحابها ولا يمكن لها أن تكون مرجعا لمجتمع متنوع الأفكار يطمح الى دولة مدنية علمانية تضمن للجميع حقوقهم وترعى حرياتهم .



#محمد_المناعي (هاشتاغ)       Manai_Mohamed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاتحاد العام التونسي للشغل :الحاكم و المعارض والرقم الصعب ف ...
- الأزمة في تونس وفشل حكومة الوحدة الوطنية المزعومة
- من أجل حوار اجتماعي يتجاوز التفاوض حول الزيادة في الأجور
- ناهض الحتر وتمزيق صورة - الإله الخادم - من العقول البالية
- في الذكرى الستين لإصدار مجلة الأحوال الشخصية ،حقوق المرأة ال ...
- من أجل تنسيقية وطنية للقوى الديمقراطية و التقدمية .
- اليسار التونسي : المسارات المختلفة و الفرص الضائعة
- الفضاء الثقافي-مانديلا- زهرة تقدمية في رمال متحركة
- داعش : الامبريالية حين تستثمر في الجهل و الدين و الدم
- الاتحاد العام التونسي للشغل : حركة نقابية صنعت مجد شعب
- في اليوم العالمي للعمل اللائق : واقع من العمل المهين في المن ...
- حملة نقابية عربية مساندة للنساء الموريتانيات ضحايا الاتجار ب ...
- الحراك الشعبي وقود المسار الثوري التونسي
- أي خطاب ديني ممكن في مواجهة التطرف و الارهاب؟
- دورالنقابات في مناهضة الهيمنة الامبريالية


المزيد.....




- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية ...
- البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني ...
- الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات ...
- الإطار التنسيقي العراقي يرحب بقرار الجنائية الدولية اعتقال ن ...
- وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وغالانت لأ ...
- قرار الجنائية الدولية.. كيف سيؤثر أمر الاعتقال على نتانياهو؟ ...
- أول تعليق للبنتاغون على أمر الجنائية الدولية باعتقال نتانياه ...
- كولومبيا عن قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وج ...
- تتحجج بها إسرائيل للتهرب من أمر اعتقال نتنياهو.. من هي بيتي ...
- وزير الدفاع الإيطالي يكشف موقف بلاده من أمر اعتقال نتنياهو


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد المناعي - تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة بتونس: بين التردد ومطب الشريعة