أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - منظومات الوعي بين الماضي والحاضر














المزيد.....

منظومات الوعي بين الماضي والحاضر


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1504 - 2006 / 3 / 29 - 09:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن إحدى أهم مقومات الأمة هو أرثها الحضاري ومدى مساهمته في رفد الحضارة الإنسانية، وبغض النظر عن تعارض قسماً منه مع الثقافة المعاصرة فإنه يمثل جملة العلاقات الثقافية والاجتماعية والإنسانية في حقبة زمنية من تاريخها، وبالمحصلة فإنه يشكل منظومة وعيها العام المنعكس على تربية أجيالها اللاحقة.
وبالتأكيد هناك تعارض (وتداخل) بين الموروث الثقافي السائدة في اللاوعي الاجتماعي ومنظومة الوعي المشكلة حديثاً، وهذا التعارض غالباً ما يخلق حالة من الصراع بين الأجيال المختلفة أو بالأحرى بين الجيل المحافظ (الرافض للتغيير) والجيل المطالب بالتغيير والأخير ينقسم إلى قسمين: جيل رافض بشكل كلي للماضي لصالح الحاضر كله. وجيل يرفض الماضي جزئياً لما يسببه من إعاقة لمجريات الحاضر، فهو يعتبر الماضي سنده في الحاضر لأن الأمة بلا تاريخ كالطير الذي يطير بجناح واحد في الفضاء فالماضي والحاضر جناحي الأمة للطيران في فضاء المستقبل.
يعتقد ((أدونيس))"إن تجاوز الماضي لايعني تجاوزه على الإطلاق وأنما تجاوزاً لإشكاله ومواقفه ومفهوماته وقيمه التي نشأت كتعبير تاريخي عن الحالات والأوضاع الثقافية والإنسانية الماضية التي يتوجب أن يزول فعلها لزوال الظروف التي كانت سبباً في نشوئها".
ومن الإجحاف إصدار الأحكام على مجمل الإرث الثقافي، ومنظومته الاجتماعية بآليات وسُبل الحاضر واعتباره متخلفاً ومعيقاً لعملية التطور. التطور المعاصر ما كان له أن يكون تطوراً دون التراكم المعرفي الذي خلفه الماضي لنا، فهو كان متطوراً بالنسبة للماضي الذي سبقه ومتخلفاً عن الحاضر المعاصر الذي تلاه.
الثقافة هي الثقافة على مدى العصور لأنها إبداع إنساني، والإبداع لايتقيد بالزمن لكنه قد يفقد بعضاً من بريقه وسماته بمقاييس وتقنيات الحاضر. وهناك إبداع إنساني أزلي عجزت مقاييس وتقنيات الحاضر على مجاراته أو تقليده خاصة في فنون الرسم والنحت الذي جسدته حضارة الماضي.
يرى ((أرنست لافيس))"أن لكل عصر في التاريخ أحكاماً، ولكل جيل خصائص فحكمنا على كل عصر من عصور التاريخ يجب أن يكون حكماً نسبياً تبعاً للظروف المحيطة به. وليس بالقياس إلى درجة حضارتنا الراهنة، كما أن حكمنا على رجل من رجال التاريخ يجب أن يتم بأحكام زمانه وخصائص جيله ولايجوز قياس ظروفه على مقاييس وظروف الأجيال التي أتت من بعده".
إن التعاطي مع منظومة الوعي الاجتماعي المشكلة تاريخياً يجب أن يكون منصفاً ويخدم الحاضر، فالأساليب والمواقف والقيم التاريخية المتعارضة مع مجريات الحاضر يجب إسقاطها من منظومة الوعي الراهن لتمكن المجتمع من متابعة مجارات التطور المعاصر للحاق بركب الأمم المتقدمة حضارياً.
وبذات الوقت لايجوز الفصل الكامل لمنظومة وعي الماضي عن الحاضر، لأنه يتنافى والأساليب العلمية الحديثة في التربية الاجتماعية التي تقر بأن منظومة الوعي المعاصر ما هو إلا نتاج تراكم لخبرات الأجيال السابقة.
ولايمكن تغيب المجتمعات عن إرثها الحضاري بحجة إعداد الجيل المعاصر للمستقبل، فالجيل الذي لايعي ماضيه لايعي حاضره ولايمكنه أن يخطو نحو المستقبل عن طريق هدم مقومات بناءه الأساس. تعمل توجهات التربية المعاصرة على تعزيز ثقة الإنسان بماضيه الحضاري لإعداده للمستقبل وتمنحه جميع الإمكانيات العلمية والثقافية لتعزيز دوره في الحاضر والتخلي عما يعيق تطوره وتقدمه نحو المستقبل.
يعتقد ((روجيه أوبير))"أن إعداد شعب إعداداً تاريخياً لايعني أن نهدم ما تعلق بذاته وماضيه، وأنما يعني تعزيز شعوره بشكل دقيق بإمكانياته التي لاتتجاوز مقاييسه كإنسان يؤطره المكان والزمان ويفرض عليه سلوكه وممارسته في الحياة".
إن التوجهات الداعية لإلغاء الماضي كله لصالح الحاضر كله، دعوات أقل ما يقال عنها إنها دعوات (سياسية!) أكثر منها دعوات للإصلاح الاجتماعي. ولربما تكون دعوات (مغرضة!) لفك ارتباط المجتمعات بتاريخها وإعادة تشكيل منظومة وعيها بما يخدم مصالح وتوجهات معينة، تسعى لإضعاف أصرة العلاقة بين ماضي الإنسان وحاضره من خلال التركيز على معوقات الماضي لتطور الحاضر وإغفال الجوانب الايجابية (خاصة النفسية منها) من الماضي المعززة لدور الإنسان في الحاضر.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التوظيف والاستخدام لمكونات اللغة
- اللغة والفكر
- دور اللغة في التواصل الحضاري
- المهام والسلطات الثقافية في المجتمع
- مساهمة الثقافة في الإرث الحضاري للأمة
- صراع الأجيال في الوسط الثقافي
- نضوب الإبداع عند المبدع
- العمل الإبداعي وآلياته
- الكاتب والمجتمع
- الإبداع والفن في الأدب
- الأديب والموقف الإنساني
- الأسلوب الأدبي
- مهام الأدب
- ماهية الأدب
- آليات الإبداع عند الكاتب
- مواصفات الكاتب الجيد
- مهام الكاتب
- ماهية الكتابة
- نفسية الشعراء
- دور الشعر في النقد الاجتماعي


المزيد.....




- أمريكا تعلن عن مساعدات إلى لبنان بقيمة 157 مليون دولار
- ترامب يقول إن على إسرائيل -ضرب- المنشآت النووية الإيرانية
- -حزب الله- يكشف حقيقة صور طلبها نتنياهو وكلفت إسرائيل عشرات ...
- السفير الروسي لدى واشنطن يؤكد عدم جدوى إرسال الأسلحة الغربية ...
- مسيرات في عمّان تضامنا مع فلسطين ولبنان
- -بلومبيرغ-: البنتاغون سينفق 1.2 مليار دولار لتجديد مخزون الأ ...
- اتفاق جديد بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بشأن نفقات ا ...
- باسيل يحدد -سبيلا- لـ-انتصار- حزب الله ويؤكد أن المشكلة ليس ...
- غارات إسرائيلية عقب إنذارات جديدة لسكان الضاحية الجنوبية في ...
- فيلتمان للحرة: يجب أن يكون اغتيال نصر الله دافعا لتوحيد اللب ...


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - منظومات الوعي بين الماضي والحاضر