أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ياسر العدل - قوافل الثقافة














المزيد.....

قوافل الثقافة


ياسر العدل

الحوار المتمدن-العدد: 1504 - 2006 / 3 / 29 - 00:52
المحور: المجتمع المدني
    


كثير من المصريين لا يعرف أن مصر بلد كبيرة، قديمة مستقرة فى الجغرافيا، تمتلئ بالجبال والبحيرات والصحارى والغابات ومنابع المياه، مساحتها مليون كيلومتر مربع، يسكنها ثلاثة وسبعين مليون من البشر، لها شواطئ بحرية تزيد عن ألفين وخمسمائة كيلومتر، وأن مصر قديمة متغيرة فى التاريخ، تعيش دولة مركزية قلبها وادى النيل، تتسع حدودها أو تضيق على قدر طموحات حكامها.
وكثير من المصريين لا يعرف أن حكام مصر يعشقون الجلوس حتى الموت على كراسى الحكم، أشهرهم رمسيس الثانى، حكم البلاد سبعا وستين سنة وتزوج بخمس أو ست عظميات وأنجب أكثر من مائة ولد ملكى، ومن حكام مصر من جلس على الكرسى أكثر من ربع قرن ولا يعرف أحد بالضبط كم مرة تزوج وكم مرة أنجب، ومنهم من جلس لمده شهر واحد ولم يتزوج قط، وفى عهود الحكم الطويلة تنتشر الفضائح الإدارية والشقاقات الداخلية وترتفع أسعار المعيشة، وتصبح أمور الحكم فى مصر جاهزة لأن يتسلمها أصحاب الجنسيات المزدوجة والملوك الكهنة0
ولأن مصر بلد كبيرة تتمتع بالاستقرار عبر الجغرافيا يجد الجميع فيها لقمة عيش، أصبح سهلا على حكامها أن يضعوا نظما إدارية تنتج بشرا ضعفاء لا يتعلمون من التاريخ ولا يجيدون إدارة التطور، وأصبح سهلا على كل مملوك أو مغامر أن يصير حاكما لمصر، أنا شخصيا حلمت بحكم مصر لمدة سبع ساعات، وهى فترة أعتقد أنها كافية لأتزوج بكل الجميلات وأنجب ألافا من أبنائى (الجمهلوك)، جمهوريين من طرف الأب وملكيين من طرف الأم، أمنحهم عمارات ومطاعم وشوارع ومحطات بنزين، وأنشئ ثلاثة أحزاب لأصدقائى وجريدة لأعدائى، وأملك خمس سفن كبيرة وجزيرتين وعبارة، وأشترى من حر مالى كلب حراسة وبقرة حلوب وكيلوجرام من الكباب الساخن.
كل هذا النقص فى معرفة المصريين راجع لأن كثيرا من حكام مصر يرون العصمة فى أنفسهم ويسوءهم أن ترتبط طموحات المصريين بضفيرة الانتماء والتحضر، هكذا تتحول مهام وزارات الإعلام والثقافة والصحف الحكومية الى تجهيز قوافل ثقافية تشيد بعصمة الحكام0
فى وزارة الإعلام، تبدأ لعبة القوافل الثقافية بفكرة طيبة، أن الكلمة الطيبة تصنع وعيا حضاريا، وعند التنفيذ يقوم مدير القناة الإذاعية بالاستعانة بالمذيع ابن أمه حيث أمه لا تجيد اللغة العربية، والمذيعة بنت أبوها حيث أبوها لا يجيد الحياة المصرية، ويقوم معدوا البرامج من هوامش المثقفين بالدخول فى مفاوضات يتعرفون فيها على المسموح به والمسكوت عنه، وفى الوقت المناسب تظهر على شاشات العرض قوافل الثقافة تضم مذيعين مدربين يمسكون بمتحدثين مروضين ويرقص الجميع حول خطوط فكرية خضراء يضعها الحكام، وتتحول وزارة الإعلام إلى عزبة خاصة يديرها الحكام لصالحهم.
فى وزارة الثقافة، تبدأ لعبة القوافل الثقافية بفكرة طيبة، أن الدولة القوية تصل جمهورها بالفن والإبداع، وعند التنفيذ تصطدم إدارات الوزارة بضعف الإمكانيات المادية ( هيئة قصور الثقافة فى حاجة لأكثر من اثنين مليار جنيه لتحسين البنية التحتية لقصور الثقافة القائمة)، وضعف الإمكانيات الفنية (نسبة المتفوقين دراسيا والمبدعين فنيا لا تزيد عن خمسه فى المائة بين العاملين فى مجال الثقافة)، وتنطلق القوافل تنشر إنتاجها فى المسارح والاحتفالات والمعارض بصحبة وفود إعلامية تضم أشباه صحفيين ونقاد يحترفون جمع بدلات السفر والمكافئات والصراخ على موائد الطعام، هكذا ينحسر دور قوافل الثقافة على تقديم عروض فقيرة لجمهور صغير، وتتحول وزارة الثقافة إلى عزبة خاصة يديرها الحكام لصالحهم.
فى الصحف الحكومية، تبدأ لعبة القوافل الثقافية بمقولة طيبة، أن الصحافة سلطة رابعة، وعند التنفيذ تقوم ماكينات الطباعة فى مصر فى إخراج أكثر من خمسمائة صحيفة ومجلة ومطبوعة، تمتلئ بكتابة مئات من صحفيين دون مستوى الوعى الحضارى والحرفية المهنية، يكسب بعضهم آلاف الجنيهات شهريا مقابل تمجيد سلطة الحكم، عندها يتقلص الوعى الثقافى ويتفكك الانتماء العام وينحسر عدد قراء الصحف فى مصر إلى حوالى مليون ونصف المليون قارئ، بنسبة لا تصل إلى اثنان فى المائة من عدد السكان، وتتحول الصحف الحكومية إلى عزبة خاصة يديرها الحكام لصالحهم0
هكذا فى عصور الملوك الكهنة، يعرف بعض المصريين أنهم يدفعون الضرائب للدولة ويقدمون الطاعة للحكام من أجل تجهيز قوافل ثقافية تكرس مركزية الدولة وتشيد بعصمة الحكام، ويتباكى الجميع على قتل الانتماء للوطن.



#ياسر_العدل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شلاتين 00 أرض البكارة
- الأثنين المرصود
- أستاذ الجامعة ... والفراغ الثقافى
- إجازة .. فى حب الوطن
- حلم00 بالمحبة
- بالعربي( ميّة) 00 بالفرعونى ( إمبو) 00
- غلابة 00 ترسة
- حقن الشفافية
- التفوق الكاذب جداً
- جمعية السد العالى
- !!.. إنى أنتظر الوزارة
- أطلس ذاكرتنا الشعبية
- الإنحشار فى كرسى الوظيفة
- ربطة عنق 00 هدية
- آه.. يا رجلى
- !!..أولاد الأفاعى
- المقعد 00 قصة قصيرة
- !!يا وجيعة فقرنا.. يا
- !! قلبى معكم 00 بشروط
- !!.. يا رئيس الوزراء.. نطالبكم بالاستقاله


المزيد.....




- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...
- شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
- هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و ...
- ممثل حقوق الإنسان الأممي يتهرب من التعليق على الطبيعة الإرها ...
- العراق.. ناشطون من الناصرية بين الترغيب بالمكاسب والترهيب با ...
- محمد المناعي: اليوم العالمي للإعاقة فرصة لتعزيز حقوق ذوي الا ...
- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام 3 مصريين وتكشف عن أسمائهم وما ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ياسر العدل - قوافل الثقافة