أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - محمود رجب فتح الله - دور الشريعة والقانون فى استقرار المجتمعات















المزيد.....



دور الشريعة والقانون فى استقرار المجتمعات


محمود رجب فتح الله

الحوار المتمدن-العدد: 5960 - 2018 / 8 / 11 - 02:24
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


دور الشريعة والقانون فى استقرار المجتمعات
د / محمود رجب فتح الله



الملخص
أصبح مفهوم السلم الاجتماعي متداولا بصفة كثيرة عندنا في الجزائر، فالجميع يتحدث عن هذا المفهوم سواء كانوا إعلاميين أو سياسيين أو أكاديميين. فماذا يقصد بالسلم الاجتماعي وهل هو شيء ايجابي أم سلبي؟

السلم الاجتماعي بكل بساطة هو توفير الاستقرار الاجتماعي داخل البلد بحيث ينعكس ذلك إيجابا على الوضع الداخلي للدولة سياسيا وأمنيا واقتصاديا. وهو يتضمن عدة أبعاد: بعد اثني يهدف إلى تحقيق السلم بين مختلف المكونات الاثنية والعرقية والدينية والطائفية للمجتمع، وهناك بعد طبقي أساسه تحقيق السلم بين طبقات المجتمع ولاسيما بين طبقة الفقراء وطبقة الأغنياء، وهنا تظهر أهمية الطبقة الوسطى والطبقة العمالية في تحقيق التوازن الطبقي وتأمين الاستقرار داخل المجتمع. وهناك كذلك بعد سياسي بشير إلى الاندماج بين المواطنين والنظام السياسي ومؤسسات الدولة. إن السلم الاجتماعي هو هدف تسعى لتحقيقه كل الدولة سواء كانت متقدمة أو متخلفة، والفرق يكمن فقط في الآليات والوسائل المستعملة لتحقيق هذا السلم الاجتماعي.

في دولة الرفاه الموجودة في الدول الأوربية المتقدمة وأمريكا الشمالية وباقي الدول المتطورة نجد أنها تعتمد على التنمية الاقتصادية وبناء النظم الديمقراطية، وتعتمد كذلك على الحوكمة وجودة الإدارة وجودة الخدمات لتحقيق الاستقرار المجتمعي. فمن خلال التنمية الاقتصادية المستدامة تتمكن الدولة من تجاوز أهم الأزمات التي تهدد استقرار المجتمع وأبرزها: أزمة البطالة، وأزمة الفقر، وأزمة السكن. كما أن التنمية الاقتصادية وتطور الصناعة والقطاعات الاقتصادية الأخرى ينعكس إيجابا على نوعية الخدمات التي توفرها الدولة لمواطنيها لاسيما الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية، بحيث تتمكن الدولة بفضل هذه الخدمات من توفير جودة الحياة لسكانها مما يجعلهم راضين عن السلطة الحاكمة وعن أدائها وكذلك تزيد ثقتهم في الدولة.

من ناحية أخرى، تبرز أهمية النظام الديمقراطي وما يوفره من قيم التعددية والمنافسة والانتخابات النزيهة، بحيث يساهم في توسيع مشاركة المواطنين في العملية السياسية واختيار طبيعة السلطة التي تحكم الدولة واختيار المؤسسات البرلمانية التي تمثلهم. وهذا الأمر يؤدي إلى زيادة شرعية السلطة السياسية ويؤدي كذلك إلى الانسجام بين الحاكم والمحكوم. فمادام أن هناك آليات مؤسساتية ديمقراطية تسمح للمواطنين بالاختيار الحر والنزيه وبالتعبير عن مطالبهم، فإنهم يبتعدون عن اعتماد أساليب العنف أو الاحتجاج العنيف في حراكهم المطلبي. وقد لاحظنا هذا الأمر مرارا وتكرارا في الدول المتقدمة خاصة الأوربية منها.

بدورها تؤدي الحوكمة إلى ترسيخ السلم الاجتماعي في دولة الرفاه، فآليات الحوكمة تساهم في تفعيل الأداء التنموي للمؤسسات السياسية والإدارية للدولة، وكذلك تساهم في تحسين إنتاجية القطاع الاقتصادي. فالحكم الراشد يتضمن مجموعة من الآليات التي تؤدي إلى ترشيد الإدارة وجودة الحكم مثل آليات المساءلة والشفافية وسيادة القانون واللامركزية الموسعة في اتخاذ القرار ووجود مجتمع مدني فاعل. وهكذا، فإن الحكم الراشد يمنح للمواطنين فرصة المشاركة في تسيير شؤون الدولة لاسيما على المستوى المحلي، ويصبح جميع الفاعلين مسؤولين عن إدارة شؤون الدولة والمجتمع.

إن التنمية الاقتصادية المستدامة، وبناء نظام ديمقراطي، ووجود حوكمة في على مستوى الإدارة والحكم يؤدي إلى بناء الدولة الذكية المستقرة اجتماعيا وسياسيا وأمنيا. فالسلم الاجتماعي هنا أساسه الإنتاج والكفاءة والضريبة، مما يجعل المواطنين يحصلون على جودة الحياة في حين تحصل السلطة السياسية على المساندة والتأييد.

وفي المقابل، نجد أن السلم الاجتماعي في الدولة الريعية النفطية يعتمد بصفة مطلقة على توزيع الريع. وهنا تكمن خطورة الوضع، فأسعار البترول مرتبطة بعوامل خارجية لا تتحكم فيها الدول المنتجة للنفط. فعندما ترتفع أسعاره في الأسواق الدولية تتمكن الدولة من مراكمة مبالغ ضخمة من العملة الصعبة مثلما حدث مع الجزائر عندما وصل احتياطها إلى 200 مليار دولار مع اواخر سنة 2013. وفي هذه الحالة نجد السلطة الحاكمة تفرط في الإنفاق العام من أجل شراء السلم الاجتماعي والحصول على شرعية مزيفة، فهي لا تعمل على تحقيق التنمية الاقتصادية وفق معايير الانجاز المتمثلة في الإنتاج والكفاءة والضريبة بل تلجأ إلى توزيع الريع على السكان في شكل خدمات مجانية (مجانية التعليم، مجانية الصحة، مجانية السكن…الخ).

والدولة الريعية تعتمد بصورة مطلقة على الاستيراد لتوفير الحاجيات الأساسية لسكانها من غذاء وملبس وأدوية إضافة إلى استيراد السيارات والسلاح…الخ. فهي لا تركز على الاستثمار في القطاع الإنتاجي بل توظف أموال الريع في القطاع الخدماتي غير المنتج للثروة، ففي الجزائر مثلا نجد أن 45 بالمائة من ميزانية المخطط الخماسي 2005-2010 خصصت لتحسين ظروف معيشة السكان في حين تم تخصيص 8 بالمائة فقط من الاعتمادات المالية الخاصة بالبرنامج للقطاعات المنتجة للثروة (الصناعة، الزراعة، الصيد البحري، السياحة).

إذا كانت دولة الرفاه تعمل على بناء السلم الاجتماعي، فإن الدولة الريعية تعمل على شراء هذا السلم الاجتماعي بواسطة أموال النفط، فتقوم بتوزيع المزايا والمناصب والأموال على من يبدي لها الطاعة والولاء وتمنعها عن معارضيها ومنتقديها. وفي نفس الوقت توظيف الريع النفطي لإسكات الاحتجاجات الشعبية ومواجهة الحراك السياسي. حدث ذلك في الجزائر مع بداية 2011 عندما قامت احتجاجات في عديد مدن احتجاجا على ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لجأت السلطة إلى رصد مبالغ مالية ضخمة لدعم أسعار تلك المواد بهدف إخماد الاحتجاجات التي تزامنت مع الثورة التونسية.

وعندما تنخفض أسعار النفط تجد الدولة الريعية نفسها في مأزق كبير، فهي مطالبة بالاستمرار في شراء السلم الاجتماعي بواسطة الإنفاق العام وفي نفس الوقت هي مطالبة بترشيد النفقات. وفي غالب الأحيان تجد نفسها مجبرة على تبني سياسة التقشف، وهذا هو الحاصل حاليا في الجزائر وأغلب الدول العربية. فانخفاض أسعار النفط منذ صائفة 2014 جعل الدولة الجزائرية تفقد ثلثي مداخيلها، وبالتالي فهي لم تعد قادرة على المواصلة في نفس الحجم الانفاقي عندما كان سعر البترول في حدود 120 دولار للبرميل. وبالنتيجة هي لم تعد لديها القدرة المالية لشراء السلم الاجتماعي وإسكات الاحتجاجات الشعبية

إن الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها الجزائر مؤخرا في بعض مدنها (بجاية وبعض مدن الوسط الجزائري)، تعبر بوضوح أن السلم الاجتماعي في هذا البلد هو سلم هش مرتبط بأسعار النفط وتقلباتها في الأسواق الدولية. وهذا الأمر يعتبر في حد ذاته عاملا مهما يفسّر لجوء السلطة الحاكمة إلى تبني نظرية المؤامرة والأيادي الخارجية في قراءتها للأحداث. فمع انخفاض احتياطي الصرف إلى 114 مليار دولار في ظرف سنتين ونصف فقط، ومع بقاء أسعار البترول في حدود 50 إلى 55 دولار للبرميل لم يعد بمقدور الحكومة الجزائرية أن تواصل نفس سياساتها السابقة في الإنفاق الضخم وفي شراء السلم الاجتماعي مع العلم أن قيمة التحويلات الاجتماعية المخصصة في قانون المالية لسنة 2017 بلغت 18 مليار دولار. وهنا يطرح التساؤل إلى أي مدى ستبقى الدولة في الجزائر قادرة على توفير هذا المبلغ الضخم لضمان الدعم الموجه لغالبية الفئات الاجتماعية؟

بناء على ما سبق ذكره، فإن التحديات الراهنة تفرض على الدولة الريعية في الجزائر أن تعتمد على مقاربة جديدة، وهي بناء السلم الاجتماعي على أسس الانجاز (العمل المنتج، الضريبة، الكفاءة) وليس شرائه بواسطة الريع النفطي. وهذا يعني أن الدولة مطالبة بالتحول من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد إنتاجي وفي نفس الوقت هي مطالبة ببناء نظام سياسي ديمقراطي يوظف آليات الحكامة في تسيير وإدارة شؤون الدولة والمجتمع.
تتضمن الدراسة بحثا في العلاقة بين العدالة التوزيعية والاستقرار السياسي في البلدان العربية؛ إذ ناقشت علاقة تنظيم ممارسة آليات الأمن المجتمعي بتطلعات الاستقرار الدائم في البلدان العربية من منطلق الواقع المجتمعي المتميز بالتنوع على كل محاور الانتماء (اللغة، الدين، العرق، المذهب، الطائفة، الجماعة القبلية)، المؤثر فعليا في طبيعة الفاعلين وحدود تأثيرهم في الحياة السياسية. كما تطرقت الدراسة إلى الأسباب التي تجعل من المكابرة إهمال البنى التقليدية الناتجة عن التنوع في المجتمعات العربية بالتركيز على دور النخبة الحاكمة، ودور البنى التقليدية ذاتها وانعكاسها على الثقافة السياسية للمواطن. بحكم أن مفهوم العدالة التوزيعية مفهوم مواطني يستند إلى فلسفة العلاقة بين المواطن بفدرانيته والدولة بأجهزتها، فقد تم مناقشة تأثر المفهوم (العدالة التوزيعية) قانونا وإجراءا وتنفيذا بوجود البنى الوسطية التي يدين لها المواطن بالولاء من أجل الغنيمة، وتدين لها مؤسسات الدولة بالاستقرار السياسي. وهذا خلل في العلاقة بالضرورة. إن الاحتكام للمنطق المزدوج للغنيمة والعصبية أدى إلى أوضاع سياسية وأمنية متدهورة في المنطقة العربية، تجلت بوضوح بعد الحراك السياسي والسوسيواقتصادي السائد منذ 2011؛ إذ أدت تكريس نقاشات غريبة عن الولاء والانتماء منافية لفلسفة بناء الدول. لذا حاولت الدراسة الرجوع إلى العدالة التوزيعية كعامل حاسم لإضعاف سطوة البنى التقليدية لصالح الانتماء والولاء للمركز.

أكد فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام – مفتي الجمهورية- أن الفتوى الصحيحة له دور كبير في استقرار المجتمعات وتحقيق التنمية والتعايش بين أبناء الوطن الواحد، مشددًا على أن الجماعات الإرهابية استغلت النصوص الشرعية لتبرير أفعالها وزعزعة استقرار المجتمعات.

وأوضح مفتي الجمهورية في لقائه الدكتور عبد اللطيف الهُميم- رئيس ديوان الوقف السني العراقي- أن الاستقرار المجتمعي منوط بتكاتف قواعد الوسطية والاعتدال ووضع استراتيجيات لمناهضة العنف والتطرف، مؤكدًا على استعداد دار الإفتاء المصرية لنقل تجربتها لجمهورية العراق الشقيقة لإنشاء دار إفتاء هناك.

واستعرض مفتي الجمهورية خلال اللقاء جهود دار الإفتاء المصرية في نشر الفتاوى الصحيحة داخل مصر وخارجها، مؤكدًا أن الدار أنشأت مرصدًا لرصد فتاوى التكفير والآراء المتشددة والرد عليها بطريقة علمية منضبطة، وذلك لمواجهة موجة الإرهاب التي تجتاح العالم وتهدد أمنه واستقراره.

وأضاف فضيلته أن دار الإفتاء بذلت ولا زالت تبذل الكثير من الجهود للقضاء على ظاهرة فوضى الفتاوى، والتي كان من أبرزها عقد مؤتمر عالمي لعلاج هذه الظاهرة ووضع الحلول الناجعة لها، وحضره وفود من جميع أنحاء العالم.

من جانبه أكد الدكتور عبد اللطيف الهميم أن دار الإفتاء المصرية لها دور كبير في إرسال منهج الاعتدال في الفتوى، موضحًا أن الوقف السني العراقي يُعول كثيرًا على نقل تجربة دار الإفتاء المصرية إلى العراق للاستفادة منها
واشار خلال مؤتمر صحافي عقده اليوم الى أن المؤتمر سيلقي الضوء على أدوار العديد من المؤسسات ووسائل الإعلام والمنظمات الدولية في تعزيز السلم المدني والمجتمعي في مواجهة التطرف والارهاب و حشد الطاقات الفكرية والثقافية للعلماء وقادة الرأي العام بهدف تعزيز ادوارهم في تحقيق الامن والاستقرار للمجتمعات في العالم العربي والإسلامي والعالمي.

وبين أن المؤتمر سيناقش 20 ورقة عمل تركز على مفهوم الامن الاجتماعي ومحورية القضية الفلسطينية لما لها من تعزيز للامن الاجتماعي والتأكيد على الوصاية الهاشمية على القدس.

واكد اهمية المؤتمر الذي ينعقد في ظل ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة اثرت بشكل كبير على الاستقرار وبرامج التنمية في العالم العربي والاسلامي بهدف بيان وابراز اهمية الامن المجتمعي للمجتمعات البشرية باعتباره نقيضا للفوضى والعنف والتطرف واعمال الارهاب، وبيان دور الامن المجتمعي في دفع عجلة التنمية الى الامام واستقرار المجتمعات البشرية وبيان خطر العنف بكافة صوره واشكاله ومسمياته على السلم المدني.

وبين ان المؤتمر المؤتمر يهدف الى ترسيخ السلم المدني وتحقيق الاستقرار المجتمعي من خلال المواءمة بين عناصر المجتمع ومكوناته المختلفة وتعزيز ثقافة الحوار وقبول المختلف دينيا وعرقيا وثقافيا، مبينا ان المؤتمر سيناقش على مدار يومين مجموعة مهمة من الاوراق العلمية منها ارتباط الامن المجتمعي بالتنمية الشاملة واثر التطرف والارهاب على السلم المدني ودور الحوار في تحقيق الامن المجتمعي واثر الإعلام الإلكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي في تحقيق الامن والسلم المجتمعي، ودور الروابط والمنتديات والهيئات الفكرية والثقافية في تعزيز السلم المجتمعي ومكافحة التطرف والإرهاب.

ويشارك في المؤتمر نخبة من قادة الرأي العام يمثلون دول السعودية وتونس واوكرانيا وفلسطين والسودان والباكستان وسوريا والعراق وكردستان واليمن والمغرب وماليزيا والجزائر والكويت ولبنان ومصر وتركيا وموريتانيا وفرنسا والسويد وتايلاند والبوسنة والهند واندونيسيا ونيجيريا

من جانبه قال رئيس للجنة التحضيرية للمنتدى الشيخ عبد الرحيم العكور أن الأمن المجتمعي وأثره في وحدة الأمة اساس تقدم الامم وعدم تحقيقه ينعكس سلبا على التنمية والمجتمعات مشيرا الى ان نخبة من العلماء وقادة الراي سيتبادلون الاراء ويخرجون بالعديد من التوصيات الهامو . وزاد يتوخىّ مؤتمرنا هذا إلقاء الضوء على أدوار العديد من المؤسسات ووسائل الإعلام والمنظمات الدولية والأهلية في تعزيز السلم المدني والمجتمعي وتحقيق التعايش السلمي بين كافة مكونات المجتمع وتوكيد دور الأمن المجتمعي في مواجهة التطرف والإرهاب، وفي حشد الطاقات الفكرية والثقافية للعلماء وقادة الرأي العام بهدف تبيان أدوارهم في تحقيق الأمن والإستقرار للمجتمعات في العالم العربي والإسلامي والعالمي. وإن مما لاريب فيه أن " الأمن" أمر أساسي في الوجود مصداقاً. ذلك أن الحاجة الى الأمن المجتمعي حاجة أساسية لإستمرار الحياة وعمرانها وتطورها وتقدمها.

وقال إن حرص الإسلام على استتباب الأمن المجتمعي يرجع الى عدة أمور لا تتحقق إلا في ظل جو عام يتسم بالأمن والطمأنينة والهدوء كما أن أمن المواطن والمجتمع في الإسلام مقدس ولا ينبغي المساس به تحت أي ذريعة من الذرائع أو محاولة تبرير أسباب العنف، أن على المجتمع بأكمله أفراداً وجماعات أن يدرك أن عليه مسؤوليات جساماً تجاه الأمن المجتمعي وأثره على وحدة الأمة وتقدمها ورفعتها بين الأمم.












الأمن الاجتماعي

مقدمة :

تعد مسألة الأمن أمراً أساسيّاً في الوجود مصداقاً لقوله تعالى " فليعبدوا ربّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف " صدق الله العظيم

والحاجة إلى الأمن حاجة أساسية لاستمرار الحياة وديمومتها وعمران الأرض التي استخلف الله تعالى عليها بني آدم ، وانعدام الأمن يؤدي إلى القلق والخوف ويحول دون الاستقرار والبناء ، ويدعو إلى الهجرة والتشرد ، وتوقف أسباب الرزق مما يقود إلى انهيار المجتمعات ومقومات وجودها . وقد قيل " نعمتان عظيمتان لا يشعر الانسان بقيمتهما إلاّ إذا فقدهما ؛ وهما الصحة في الأبدان والأمن في الأوطان " .

وقد تعددت مفاهيم الأمن الاجتماعي وأبعاده في ضوء التحولات التي يشهدها العالم مع بروز أخطار جديدة ومتغيرات تركت آثارها على جميع الانساق الحياتية سواء منها ما يتعلق بحياة الفرد أو الجماعة ، وتجاوزت الأطر التقليدية لمفهوم الأمن المتعلقة بحماية الإنسان من التهديدات المباشرة لحياته ، ولذا فإن هذه الدراسة ستتناول المفاهيم المتعددة للأمن وابعاده والتحديات التي تواجه تحقيقه مع ابراز مكونات الأمن الاجتماعي ومرتكزاته على مستوياته المحلية والاقليمية والدولية .



الامن الاجتماعي ........ مفاهيم ومصطلحات

تتداخل المفاهيم والمصطلحات في تحديد ماهية الأمن الاجتماعي وحدوده . حيث تبرز العديد من التداخلات بين الأمن الوطني ( القومي ) والأمن الانساني والأمن الاجتماعي لكنها تلتقى حول مبدأ الضرورة والحاجة ، من حيث التكامل وتتوزع في حقول دراسية بين علم الاجتماع والعلوم السياسية لتأخذ طريقها إلى التماس مع الدراسات الاستراتيجية والاقتصادية لارتباطها بحياة الانسان وتعدد حاجاته .

الامن الاجتماعي

فالأمن الاجتماعي عند استاذ الاجتماع د. احسان محمد الحسن يعني " سلامة الأفراد والجماعات من الأخطار الداخلية والخارجية التي قد تتحداهم كالأخطار العسكرية وما يتعرض له الأفراد والجماعات من القتل والاختطاف والاعتداء على الممتلكات بالتخريب أو السرقة " في حين يرى فريق من علماء الاجتماع أن غياب أو تراجع معدلات الجريمة يعبر عن حالة الأمن الاجتماعي ، وأن تفشى الجرائم وزيادة عددها يعني حالة غياب الأمن الاجتماعي ، فمعيار الأمن منوط بقدرة المؤسسات الحكومية والأهلية في الحد من الجريمة والتصدي لها وأن حماية الافراد والجماعات من مسؤوليات الدولة من خلال فرض النظام ، وبسط سيادة القانون بواسطة الاجهزة القضائية والتنفيذية ، واستخدام القوة إن تطلب الأمر ؛ ذلك لتحقيق الأمن والشعور بالعدالة التي تعزز الانتماء إلى الدولة بصفتها الحامي والأمين لحياة الناس وممتلكاتهم وآمالهم بالعيش الكريم . في حين يؤكد الباحث الدكتور مؤيد العبيدي " بأن الأمن مسؤولة اجتماعية بوصفه ينبع من مسؤولية الفرد تجاه نفسه وأسرته ، فنشأت أعراف القبيلة وتقاليدها لتصبح جزءاً من القانون السائد " .



وبدأت التحولات في المجتمعات العربية إلى إحلال مفهوم الدولة بدلاً من القبيلة والاحتكام إلى القوانين بدلاً من الاعراف ؛ إلا أن هذا التحول لم يكن كافياً لإلغاء دور القبيلة كلياً .

ومن هنا فإن مفاهيم الأمن الاجتماعي تدور حول توفير حالة الأمن والاستقرار والطمأنينة في المجتمع المحلي بحيث يستطيع الافراد التفرغ للأعمال الاعتيادية التي يقومون بها ، وفي حالة غياب الأمن فإن المجتمع يكون في حالة شلل وتوقف ، فالانتاج والابداع يزدهران في حالة السلام والاستقرار .

الأمن القومي

أما مصطلح الأمن القومي والذي هو شائع في العلوم الانسانية فإن يعبر عن الأمن الوطني للدولة المعاصرة ؛ حيث برزت العديد من الآراء والنظريات حول مفهوم الأمن القومي ، والاسس التي يعتمد عليها وظهرت مجموعة من المفردات كالأمن الاستراتيجي القائم على نظريات الردع والتوازن والاخطار المحتملة والتحرك الاستباقي واحتواء الازمات . واصبح تعريف الأمن وفقاً لهذا المفهوم حسبما أوردت دائرة المعارف البريطانية يعني " حماية الأمة من خطر القهر على يد قوة أجنبية . في حين رأى بعض الباحثين أن الأمن يعني " حفظ حق الأمة في الحياة .

ويرى الدكتور زكريا حسين استاذ الدراسات الاستراتيجية بأن تعريف المفهوم الشامل للأمن هو " القدرة التي تتمكن بها الدولة من انطلاق مصادر قوتها الداخلية والخارجية الاقتصادية والعسكرية في شتى المجالات لمواجهة مصادر الخطر في الداخل والخارج وفي حالتي السّلم والحرب . مع استمرار الانطلاق المؤَمّن لتلك القوى في الحاضر والمستقبل " .





الامن الانساني

يركز مفهوم الأمن الانساني على الانسان الفرد وليس على الدولة ، ويرى هذا المفهوم أن أية سياسية يجب أن يكون الهدف الأساسي منها هو تحقيق أمن الفرد بجانب أمن الدولة ؛ إذْ قد تكون الدولة آمنة في حين يفتقر بعض من مواطنيها إلى الأمن لظروف عِدة بسبب الاختلال في توزيع الثروة أو بروز الاثنية في المجتمعات ذات الاعراق المتعددة أو لظروف طبيعية ومناخية تشكل لهم تحدياً دائما كالزلازل والبراكين والفيضانات أو الصراعات والنزاعات الانفصالية ما يتطلب توفير الأمن تدخل جهات اقليمية أو دولية .. وتنشط منظمات انسانية لتوفير الرعاية والإغاثة عندما لاتستطيع الدولة توفير مثل هذه المتطلبات ففي التقرير الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الانمائي عام 1999 بعنوان عولمة ذات وجه انساني Globalization With a Human Face حدد سبع تحديات أساسية تهدد الأمن الانساني في عصر العولمة . هي ؛ عدم الاستقرار المالي وغياب الأمن الوظيفي المتمثل بعدم استقرار الدخل ، وغياب الأمن الصحي وبخاصة مع انتشار الأوبئة الفتاكة وغياب الأمن الثقافي بانعدام التكافؤ بين نشر الثقافات وسيادة الثقافة الغالبة وغياب الأمن الشخصي بانتشار الجريمة المنظمة والمخدرات ووسائل الاحتيال المبتكرة من الغش والتزوير وغياب الأمن البيئي بإنتشار التلوث ، والانحباس الحراري وتغيير معالم البنية الطبيعية إضافة إلى غياب الأمن السياسي والمجتمعي من خلال سهولة انتقال الأسلحة ووسائل الدّمار والعنف والتطرف والقتل الجماعي الذي يصل إلى حد الإبادة .

ويرتكز مفهوم الأمن الانساني بالأساس على صون الكرامة البشرية وكرامة الانسان بتلبية احتياجاته المعنوية بجانب احتياجاته المادية .


ومما تقدم يظهر بجلاء أن مفهوم الأمن يتداخل بين ثلاث دوائر : الدائرة ؛ الأولى وهي الدائرة الانسانية والتي تنطلق اساساً من حماية الإنسان بصفته انساناً بغض النظر عن جنسة ودينه ولونه وهذا ينطبق على المجتمعات الانسانية سواء المتقدم منها أو تلك التى تعيش دون خط التمدن والتحضر وبالتالي فإن هذا المفهوم يغاير الأمن الفردي الذي يأتي في سياق الأمن الاجتماعي .

الدائرة الثانية وهي دائرة الأمن الوطني ( القومي ) والذي يتعلق بحماية الدولة التي ينتمي إليها الافراد والجماعات ، ويحظون بحمايتها ورعايتها فكما أن مسؤولية الدولة هي حماية رعاياها فإنه بالمقابل على رعايا الدولة أن يهبوا للدفاع عنها إذا ما واجهت اخطار تهدد كيانها السياسي أو تمس سيادتها . فالأمن في هذه الدائرة ينطلق من الأمن الداخلي للدولة وتحصين جبهتها الداخلية وإشاعة الأمن والاستقرار وبسط النظام وسيادة القانون وتحقيق العداله والمساواة وفرص العيش الكريم لابنائها ، مع العمل على توفير الأمن الخارجي من الاخطار القادمة عبر الحدود والتي تأتي ليس فقط من الدول بل من الجماعات والتنظيمات التي تسعى لزعزعة الأمن والاستقرار بشتى الوسائل والأساليب . أما الدائرة الثالثة فهى التي تتعلق بالأمن الاجتماعي والذي يمكن النظر إليه على اساس أنه من مكونات الأمن الوطني الذي تساهم في تحقيقه مؤسسات المجتمع بدءاًٍ من الأسرة التي تشكل النواة الأولى للمجتمعات البشرية ، ويرتكز الأمن الاجتماعي على منظومة العادات والتقاليد التي يؤمن بها المجتمع ، وعوامل الاستقرار القائمة على التفاهم والمعايشة وروح المواطنة والشعور بالانتماء والرغبة في التعبير عن المشاركة الايجابية في خدمة الجماعة لتحقيق الذات من جهة والحصول على الرضا والقبول من الجماعة من جهة أخرى .

ومن الملاحظ التداخل العضوي بين مستويات الامن الثلاثة ؛ الانساني والوطني ( القومي ) والاجتماعي وربما تعود الفوارق ما بينها إلى سلم الاولويات وزاوية الرؤية . مما يعزز القول أن مسؤولية تحقيق الأمن مسؤولية فردية وجماعية في آن واحد تقررها الحاجة إلى ممارسة الحياة بعيداً عن أشكال التهديد ومظاهر الخوف والقلق .

مقومات الأمن الاجتماعي

يعتبر الأمن الاجتماعي الركيزة الاساسية لبناء المجتمعات الحديثة وعاملاً رئيساً في حماية منجزاتها والسبيل إلى رقيهّا وتقدمها لأنه يوفر البيئة الآمنة للعمل والبناء ويبعث الطمأنينة في النفوس ويشكل حافزاً للابداع والانطلاق إلى آفاق المستقبل ويتحقق الأمن بالتوافق والإيمان بالثوابت الوطنية التي توحّد النسيج الاجتماعي والثقافي الذي يبرز الهوية الوطنية ويحدد ملامحها ، حيث يكون من السهل توجيه الطاقات للوصول إلى الاهداف والغايات التي تندرج في إطار القيم والمثل العليا لتعزيز الروح الوطنية وتحقيق العدل والمساواة وتكافؤ الفرص وتكامل الأدوار .

ومن الجدير بالذكر أن استتباب الأمن يساهم في الأنصهار الاجتماعي الذي يساهم في أرساء قواعد المساواة في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين والعرق والمذهب مع الأبقاء على الخصوصيات الثقافية التي تجسد مبدأ التنوع في إطار الوحدة وفي هذا صون للحرية واحترام لحق الانسان في الاعتقاد والعبادة بما لايؤثر على حقوق الآخرين في هذا السياق .

أبعاد الأمن الاجتماعي

على ضوء المفهوم الشامل للأمن ، فإنه يعني تهيئة الظروف المناسبة التي تكفل الحياة المستقرة . ومن خلال الأبعاد التالية : -

أولاً / البعد السياسي ، والذي يتمثل في الحفاظ على الكيان السياسي للدولة ، وحماية المصالح العليا ، واحترام الرموز الوطنية والثوابت التي أجمع عليها غالبية أفراد المجتمع ، وعدم اللجؤ إلى طلب الرّعاية من جهات أجنبية أو العمل وفق اجندة غير وطنية مهما كانت المبررات والذرائع ، وممارسة التعبير وفق القوانين والانظمة التي تكفل ذلك ، وبالوسائل السلمية التي تأخذ بالحسبان أمن الوطن واستقراره .
ثانياً / البعد الاقتصادي ، والذي يهدف إلى توفير أسباب العيش الكريم وتلبية الاحتياجات الاساسية ، ورفع مستوى الخدمات ، مع العمل على تحسين ظروف المعيشة ، وخلق فرص عمل لمن هو في سن في العمل مع الأخذ بعين الاعتبار تطوير القدرات والمهارات من خلال برامج التعليم والتأهيل والتدريب وفتح المجال لممارسة العمل الحر في إطار التشريعات والقوانين القادرة على مواكبة روح العصر ومتطلبات الحياة الراهنة .

ثالثاً / البعد الاجتماعي والذي يرمي إلى توفير الأمن للمواطنين بالقدر الذي يزيد من تنمية الشعور بالانتماء والولاء ، والعمل على زيادة قدرة مؤسسات التوجيه الوطني لبث الروح المعنوية ، وزيادة الاحساس الوطني بانجازات الوطن واحترام تراثه الذي يمثل هويته وانتماءه الحضاري واستغلال المناسبات الوطنية التي تساهم في تعميق الانتماء ، والعمل على تشجيع إنشاء مؤسسات المجتمع المدني لتمارس دورها في اكتشاف المواهب ، وتوجيه الطاقات ، وتعزيز فكرة العمل الطوعي لتكون هذه المؤسسات قادرة على النهوض بواجبها كرديف وداعم ومساند للجهد الرسمي في شتى المجالات .

رابعاً / البعد المعنوي أو الاعتقادي وذلك من خلال احترام المعتقد الديني بصغته العنصر الأساسي في وحدة الأمة التي تدين بالاسلام وتتوحد مشاعرها باتجاهه ، مع مراعاة حرية الأقليات في اعتقادها ، كما أن هذا البعد يتطلب احترام الفكر والابداع ، والحفاظ على العادات الحميدة والتقاليد الموروثة بالاضافة إلى القيم التي استقرت في الوجدان الجمعي ، ودرج الناس على الإيمان بها .

خامساً / البعد البيئي / والذي يهدف إلى حماية البيئة من الاخطار التي تهددها كالتلوث وبخاصة في التجمعات السكنية القريبة من المصانع التي تنبعث منها الغازات التي تسهم في تلوث الهواء ، والاضرار بعناصر البيئة الاخرى من نبات ومياه ، اضافة إلى مكافحة التلوث البحري الذي يضر بالحياة المائية والثروات السمكية التي تشكل مصدراً من مصادر الدخل الوطني . وهذا ما تنص عليه التشريعات المتعلقة بحماية البيئة والاجراءات المتبعه للحد من مصادر التلوث .




ومما يلاحظ أن الابعاد الأمنية المشار إليه تعالج وفق مستويات أربعة هي أمن الفرد وأمن الوطن وأمن الاقليم والأمن الدولي ، حيث يسعى الفرد إلى انتهاج السلوك الذي يؤمنه من الاخطار التي تهدد حياته أو اسرته أو ممتلكاته من خلال ما يملك من الوعي ، وباتباع الاجراءات القانونية لدرء هذه الاخطار ، واللجوء إلى القانون لتوفير الأمن مع الحرص على حياة الآخرين وعدم التعدي والتجاوز ، كما أن مقومات الحماية الفردية توفير مستلزمات السلامة العامة .

أما أمن الدولة فهو منوط بأجهزتها المتعددة التي تسخر كل امكاناتها لحماية رعاياها ومنجزاتها ، ومرافقها الحيوية من الاخطار الخارجية والداخلية ، تكون مسؤولية الجماعات والأفراد التعاون مع أجهزة الدولة في تنفيذ سياستها .

ويتحقق الأمن الاقليمي من خلال التعاون مع الدول التي ترتبط بوحدة أقليمية لحماية مصالحها ، تحددها الاتفاقيات والمواثيق ويكون التنسيق على مستوى مواجهة الاخطار الخارجية والداخلية ، ولعل مجلس التعاون الخليجي خير مثال على التعاون الاقليمي لحفظ الأمن إضافة إلى التعاون في المجالات الأخرى .

أما الأمن الدولي فهو الذي تتولاه المنظمات الدولية سواء منها الجمعية العامة للامم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي وما يصدر عنهما من قررات وما يتم اقراره من اتفاقيات ومواثيق للحفاظ على الأمن والسّلم والدوليين .













عوامل تهديد الأمن الاجتماعي

سبق وأن أشرنا إلى أن الأمن الاجتماعي يقع ضمن مفهوم الأمن الوطني ( القومي ) إلاّ إنه يرتبط بالعوامل الداخلية المؤثرة وهو بهذه الحدود يعنى حماية المجتمع من الجرائم الواقعة والمتوقعة . وأن القصد من الأمن الاجتماعي هو تحقيق الاستقرار ، كما أنه احترام حقوق الآخرين وصون الحرمات ؛ كحرمة النفس والمال والأعراض بما يساهم في خلق التوافق وبخاصة إذا انعدم الظلم وساد ميزان العدل حيث ورد في محكم التنزيل ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) ومن هنا يأتي الربط بين الأمن والإيمان ، فمن مقومات الأمن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لحفظ النظام العام والعمل بأوامر الاسلام ، ويعرف د. محمد عمارة الأمن الاجتماعي بأنه الطمأنينة التي تنفي الخوف والفزع عن الافراد والجماعات في سائر ميادين العمران الدنيوي والمعاد الأخروي . وقد قال بعض الحكماء " الأمن أهنأ عيش والعدل أقوى جيش " وعليه فإن الظلم من أبرز عوامل تهديد الأمن الاجتماعي ونقض دعائمه.


















الآفات والامراض التي تهدد الأمن الاجتماعي

1. الانحراف وهو الابتعاد عن المسار المحدد وانتهاك القواعد والمعايير ومجانبة الفطرة السليمة واتباع الطريق الخطأ المنهي عنه حكما وشرعاً ويأخذ الانحراف اشكالاً عديدة منها ما يتعلق بجرائم الاعتداء على النفس ومنها جرائم الاعتداء
علٙ الممتلكات ومنها ما يتصل بالجرائم المنافية للاخلاق كما أن بعض أشكال الانحراف تستهدف النظام الاجتماعي كالحرابة والاحتكار .

2. الغلو ويعني التجاوز المجانب لحد الاعتدال . ولعل اخطر أشكال الغلو هو الغلو الاعتقاد الذي يعتمد المنهج التكفيري لمن سواه ، مما يبيح له ارتكاب الجرائم بحقه ومنابذته ومعاداته . كما أن الغلو في التفكير والزعم باحتكار الحقيقة يولد الضغائن والاحقاد ويوقع القطيعة بين أبناء المجتمع الواحد مما يدفع إلى تقويض الأمن الاجتماعي وزعزعة أركانه .

3. المخدرات وهو من أخطر الآفات التي تهدد المجتمع وتعبث بكيانه واستقراره لما تتركه من آثار سلبية على صحة الابدان والعقول ، وتبديد للطاقات والثروات ، وما تورثه من خمول واستهتار ، تفسد معه العلائق الاجتماعية ، وتشكل بوابة لارتكاب جرائم أخرى كالسرقة والاغتصاب ، وأحيانا القتل .

4. الفقر : يعتبر الفقر من أبرز المشكلات الاجتماعية والاقتصادية حيث يؤدي الحرمان والعوز إلى بروز حالات الجنوح التى تدفع أصحابها إلى السرقة والانتقام وتشكل بيئات الفقر مناخاً مناسباً للانحراف الاجتماعي الذي يهدد قيم المجتمع ويبث الخوف والقلق ، وبخاصة لدى الاطفال الذين يحرمون من مقومات الحياة من المأوى والرعاية والتعليم حيث تظهر حالات التشرد والعدوان مما يشكل إخلالاً في توازن البنية الاجتماعية ودافعاً إلى العنف والتدمير .




المكونات الاساسية لمكافحة الآفات التي تهدد الأمن الاجتماعي

يمتلك المجتمع القدرة على تفعيل أدوات الضبط الاجتماعي ومعالجة الاختلالات الناشئة من خلال دراسة الظواهر الاجتماعية السلبية ، والنفاذ إلى اسبابها ، ووضع الحلول الناجحة لها ، حيث تتولى الدولة بما تملك من أجهزة وقدرات في التصدي لكل الأخطار ، وتتبع من الوسائل والاساليب ما يكفل معالجة الاختلالات عن طريق وضع الخطط الاستراتيجية في رسم صورة المستقبل وتحسين الاوضاع المعيشية ، فالخطط التنموية ترصد الجانب المعيشي وتسعى إلى زيادة معدلات الدخل ، والاخذ بيد الفئات الأقل خطاً لتنال نصيبها من الرعاية ، كما تقوم المؤسسات التربوية بإعداد النشء اجتماعياً ونفسياً ومعرفياً ليكونوا مواطنين صالحين ، وفيما يتعلق بالتصدي للجرائم فإن الدولة بما تملك من جهاز قضائي وأمني قادرة على تجفيف منابع الجريمة ، اضافة إلى الاجراءات للتخفيف من آثارها على أن هذا الدور الأساسي للدولة في تحقيق الأمن الاجتماعي والتصدي للآفات التي تهدده لابد وأن يحظى بمساندة مؤسسات المجتمع المدني الدينية منها والخيرية والشبابية والتطوعية ، ومنها يبرز دور المسجد في تهذيب الاخلاق والحث على المكارم ، والتحذير من الفتن فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، والصوم جُنة ، والذكر غذاء الروح ، ومبعث الطمأنينة ، وهنا يأتي دور الوعاظ في التوجيه والارشاد وتعريف الناس بالاحكام والحلال والحرام .

كما تشكل النوادي والجمعيات الخيرية داعماً رئيساً في مكافحة الآفات الاجتماعية عن طريق توجيه طاقات الشباب إلى العمل النافع والابتعاد عن رفاق السوء من خلال الأنخراط في النشاطات الهادفة والاعمال التطوعية التي تعود عليهم وعلى المجتمع بالنفع والفائدة .

ولابد في هذا المقام من ابراز دور أجهزة الاعلام المطبوع منها ، والمسموع والمرئي والتي تساهم بشكل فاعل في خلق الرأي العام ، والتوجيه بما لديها من حضور ، وقدرة على الانتشار ومما تملك من سلطة معرفية ومعنوية .




وتبقى الاسرة الحاضن الأول وحجر الأساس في البناء التربوي ، فالتربية الصالحة المسؤولة تقدم للجميع أفراداً أسوياء قادرين على المشاركة في بنائه بكفاءة ، واقتدار ، وإما إذا ما أخلّت الاسرة بواجبها ، وعانت من التفكك ، فإن المجتمع بكاملة سيدفع الثمن .

وتكمّل المدرسة والجامعة ما بدأت به الأسرة من الاعداد والصقل وغرس القيم والفضائل ، وتزويد الاجيال بالمعرفة والخبرة ليكونوا أعضاء صالحين في مجتمع صالح تسوده العدالة والمساواة تحت مظلة الأمن والأمان .



#محمود_رجب_فتح_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة غسل الأموال خارج الحدود وأثرها على المصارف العاملة في ...


المزيد.....




- اللجان الشعبية للاجئين في غزة تنظم وقفة رفضا لاستهداف الأونر ...
- ليندسي غراهام يهدد حلفاء الولايات المتحدة في حال ساعدوا في ا ...
- بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
- مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا ...
- إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
- مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
- مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري ...
- لماذا تعجز الأمم المتحدة عن حماية نفسها من إسرائيل؟
- مرشح ترامب لوزارة أمنية ينتمي للواء متورط بجرائم حرب في العر ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - محمود رجب فتح الله - دور الشريعة والقانون فى استقرار المجتمعات