|
التحليل الاقتصادي لأزمة الانموذج الريعي-الليبرالي في العراق/الجزء ٢
مظهر محمد صالح
الحوار المتمدن-العدد: 5958 - 2018 / 8 / 9 - 20:04
المحور:
الادارة و الاقتصاد
التحليل الاقتصادي لأزمة الانموذج الريعي-الليبرالي في العراق/الجزء ٢ مظهر محمد صالح
1-بنية الانموذج الريعي-الليبرالي ————————————- جاءت السياسة الاقتصادية في(الدولة-المكونات) منسجمة وحالة التخلص من مأزق الثالوث المستحيل (بين الديمقراطية والعولمة من جهة) و( الدولة-الامة من جهة أخرى) معتمدةً النظام الاقتصادي (الريعي-الليبرالي) كبديل (للنظام الريعي -المركزي).وانتهت كلتا الرأسماليتين(رأسمالية الدولة والرأسمالية الاهلية) متباعدتين في اسس الاغتراب عن التنمية ولكن منسجمتين في الحركة والاتجاه وباهداف مشتركة توافق مسارات العولمة والانفتاح نحو السوق الدولية ،وبدون ان يتوافر فكر إنمائي موحد او رؤية مشتركة تجمعهم السوق الوطنية فيها إزاء هدف متماسك وموحد خارج فرص الاستهلاك و الربح و المضاربة و انتزاع الريع.إذ مازال فائض الموارد المالية العالي نسبياً الذي تمسك به رأسمالية الدولة الريعية لايسوغ على سبيل المثال معدلات البطالة الفعلية المتواصلة في سوق العمل الحر و بمرتبتين عشريتين طوال عقد من الزمن .وإن مايسوغ ذلك هو وهن اتصال رأسمالية السوق برأسمالية الدولة في النهج الاستثماري وبناء المستقبل الاقتصادي.وان إداء السوق كمقاول منفذ للموازنة الاستثمارية (خارج النشاط الريعي واستثماراته) مازالت ضعيفة وتعكس وهن الشراكة الرأسمالية في منهج التنمية والتقدم الاقتصادي.إذ اشرت القدرة التنفذية للمشاريع الاستثمارية الحكومية معدلات لم تتجاوز 27% من التخصيصات الاستثمارية لغاية العام 2013وهي المشاريع والنشاطات الاستثمارية التي يتولي القطاع الخاص تنفيذها عن طريق المقاولة في الغالب بل تدنت النسبة بين( صفر% الى 10% )في تنفيذ مشاريع المياه والمجاري في المحافظات والبلديات للعام 2013وعلى وفق تقرير لجنة الخدمات في مجلس النواب الذي صدروقت ذاك. ينظر المذهب الليبرالي للدولة بأعتبارها كياناً استغلالياً نهاباً بالضرورة وينظر الى القطاع الخاص بكونه جهة ريعية( تسعى الى تحصيل الريع حتى بالتهرب الضريبي) وهي قوة إنتهازية بطبيعتها.وعلى الرغم من تدخل الدولة في نطاق ضيق لتنظيم المناخ القانوني لعمل السوق الليبرالية وتحديد قنوات اتصال الدولة مع السوق وفق الانموذج الريعي-الليبرالي،الا ان الليبرالين وفكرهم السائد يدعون الى الفصل التام بين الدولة والقطاع الخاص.ومن هذا المنطلق اخذت سلطة الائتلاف المؤقت في رسم الحدود القانونية لاندماج الاقتصاد الوطني بأقتصاد العولمة ومن ثم رسمت مسارات السياسة الاقتصادية في محاورها المختلفة على مباديْ تحرير السوق العراقية وتسهيل إندماجها بأسواق العالم او(عولمة العراق) وعلى النحو الاتي: تبنى العراق منذ العام 2003 سياسات انفتاحية واسعة نحو العالم وسعى الى تأسيس قواعد اقتصادية وتشريعية مهمة تعمل وفق آليات نظام السوق،اذ ساعد جلها على تحسين تجارة العراق الخارجية، بعد حصار اقتصادي دام اكثر من عقد ونيف من الزمن ادى الى تهميش العراق على خريطة النظام الاقتصادي العالمي وحرمانه من فرص الاستثمار والتقدم والتنمية والمعرفة التكنولوجية التي كان ينبغي ان تعينه على مواجهة المستجدات والتطورات السريعة التي حصلت للسوق الدولية وتغير قدراتها التنافسية بشدة خلال العقدين الماضيين. وهكذا ظل العراق يعاني من ارث انعزاله عن محيطه الدولي في خضم عالم اجتاحته تيارات اندماج شركاته وتحرير اسواقه وتكاملها ولاسيما المالية منها وسيادة المذهب الليبرالي الجديد الذي اقتضى تحولات اقتصادية واسعة في مجال المعلوماتية والخدمات المالية تنسجم واممية النشاط الانتاجي عبر الدور الذي اخذت تؤديه الشركات المتعددة الجنسيات وازدياد الميزة التنافسية للمنتجات التي بدأت تولدها اسواق العالم . وفي خضم هذه التبدلات في الفضاء التجاري والمالي الدولي ، انتقل العراق الى مستويات تنظيمية مهمة في التحول الى اقتصاد السوق لكسر اثار عزلته الدولية عبر الانخراط في مساحة قوية من الليبرالية الاقتصادية والتي تركزت في تحرير مجالات تجارة العراق الخارجية من السلع والخدمات وسبل تمويلها ،على الرغم من تقلب او غموض تنظيمها، و كذلك مجالات التقدم الحاصل في الخدمات المالية وتحسين بيئة الاستثمار الاجنبي من خلال تشريع قانوني المصارف والاستثمار وقانون البنك المركزي وتعديل قانون الشركات ، بما يسمح للمصارف الاجنبية العمل في العراق ويسمح بانتقال رؤوس الاموال والعملة وعلى نحو يخدم انفتاح العراق على العالم في ظروف اقتصاد ريعي مركزي صعب المراس في تفهم ليبرالية السوق ، والتي ادت مع ذلك الى توفير فرص ايجابية واسس قانونية وتنظيمية واعدة لبيئة الاعمال العراقية. الا ان كل ذلك لايكفي لوضع العراق على مسار المنافسة الاقتصادية الدولية.اذ مازال هناك اكثر من خمسة آلاف نص من النصوص التشريعية المعرقلة للحرية الاقتصادية ونشاط السوق، تتولى الاوساط القانونية اليوم دراستها والتي يقضي الحال تعديلها لكي يتمكن العراق من الاندماج في التجارة والاستثمار الدولي وتهيئته على سبيل المثال للانضمام الى منظمة التجارة العالمية وفق شروط العضوية فيها كي تحصل بلادنا على شرط الدولة الاكثر رعاية ومبدأ المعاملة الوطنية وغيرها.واللافت،فأن تحرير السوق وتوجهات اندماجها في السوق العالمية افضت اعرافاً اقتصادية وتوجهات ليبرالية منفلتة نسبياً،عملت على تجميد اية تشريعات (حمائية) تراعي التنمية وحقوق المستهالك و المنتج الوطني، وهي حقوق أممية تمارسها البلدان المختلفة لضمان تقدم اقتصاداتها من مشكلات الاغراق التجاري وقمع التنمية فيها .فعلى سبيل المثال لم تُفعل قوانين (التعرفة الكمركية والتنافسية وحماية المنتج الوطني وحماية المستهلك )اذ ظلت هذه القوانين على الرغم من تشريعها منذ سنوات مضت، حبر على ورق ،ذلك لقوة المذهب الليبرالي السائد الذي ربط المؤسسة التشريعية وقواعدها الديمقراطية والرقابية بمناخ العولمة السائب لتجاوز المأزق التاريخي السياسي الذي فرضه الثالوث المستحيل المنوه عنه آنفاً.
#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التحليل الاقتصادي لأزمة الانموذج الريعي-الليبرالي في العراق/
...
-
١٤ تموز /أمل الثورة الدائمة/الجزء الأخير
-
١٤تموز- جدل الثورة وكُتاب الطبقة الوسطى/الجزء
...
-
في سماء تايتانيك
-
١٤-تموز :الثورةو بناءالموديل الاقتصادي البديل/ال
...
-
١٤ تموز :جدل الثورة الدائمة/الجزء ١
-
١٤ تموز :الثورة المغدورة
-
قلم من ذهب
-
عرسٌ في القارة السوداء..!
-
الاحتكار الراسمالي يخترع نفسه رقمياً /الجزء ٢
-
الاحتكار الراسمالي يخترع نفسه رقمياً /الجزء ١
-
تأملات في البداوة السياسية: من قطع اللسان الى واقعة الجمال/ا
...
-
تأملات في البداوة السياسية: من قطع اللسان الى واقعة الجمال/ا
...
-
تأملات في البداوة السياسية: ثرثرة فوق النيل/الجزء ١
-
تأملات في البداوة السياسية: ثرثرة فوق النيل/الجزء ٢
-
تأملات في البداوة السياسية: الكعكة المنقوصة
-
نساء على سقوف من زجاج.
-
الإغتراب الصناعي والتقسيم الدولي الجديد للعمل
-
علم الاقتصاد الطبيعي :بين دارون و آدم سمث
-
تاريخ الكلام: بين دارون وتشومسكي
المزيد.....
-
-خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس
...
-
أرامكو السعودية تتجه لزيادة الديون و توزيعات الأرباح
-
أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
-
قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
-
السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب
...
-
نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات
...
-
اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ
...
-
تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري
-
للمرة الثانية في يوم واحد.. -البيتكوين- تواصل صعودها وتسجل م
...
-
مصر تخسر 70% من إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|