أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - المنصور جعفر - الوليد مادبو بين الهامش والمركز















المزيد.....

الوليد مادبو بين الهامش والمركز


المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)


الحوار المتمدن-العدد: 5956 - 2018 / 8 / 7 - 16:34
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


تداولت أواسط "التواصل" مقالاً لزعيم قبلي وأستاذ الجامعي ومتكلم ليبرالي سوداني هو الوليد مادبو. وهو رجل رأي ومقالات وكتب، وقد مثل ذلك المقال جزءاً من عدة مقالات للكاتب حول طبيعة العناصر والمواقف والحلول التي تشكل "نداء السودان". ونداء السودان هو سلسلة إجتماعات سودانية مع موجهين أفارقة ودوليين تنشد بطريقة ديبلوماسية تحقيق العدالة والديمقراطية في السودان. والإراء عن ذلك "النداء" وفيه آراء متفاوتة الإختلافات. أخر ما وصل إليه خارطة طريق مسدود. وبحكم وضع قبيلة مادبو الأكبر في دارفور إن لم يكن في كل وسط أفريقيا، فإن أراء مادبو تركزت على إنها إجتماعات تحرم اكبر كيان قبلي في دارفور من التمثيل المباشر بدعاوى ترفضها مقالاته. وكدأبه وضع في مقالته الأخيرة رأياً من مركزه الكبير في الهامش السوداني يصادم ثقافة ونظام مركز الدولة في السودان، وفي نفس الآن يمثل رأياً من قلب الدول المهمشة يهاجم مثقفي الهامش الداخلي، لكنه في ذات الوقت يهادن سياسات المركز العالمي !

بدأ المقال جزئه الثاني بهجوم قوي ضد التركيبة العنصرية والثقافية لسياسات المركز وتكريسها للرجعية وتزعيم الصادق المهدي. وليس ذلك بغريب فالصادق معروف لكثير من السودانيين ومنهم مادبو بذاتيته وطائفيته وبروابطه الإخوانية وبعلاقاته البريطانية وبإعتماد قوته الليبرالية على التصويت والخضوع الطائفي/العشائري. وعف مقال الزعيم عن الزعيم وإنطلق ليهاجم تكريس التركيبة العنصرية والثقافية لمركز الحكم في السودان، لسياسات التفاوت السياسي والإقتصادي بين المركز والهامش.

في نفس المقال المتألم من وضع الهامش المأساوي رغم إن الهامش يقدم الجزء الأكبر من موارد السودان، شن مقال الزعيم القبلي والأستاذ الجامعي هجوماً عنيفاتً على مثقفي الهامش والكادحين الذين إتهمهم بما معناه إنهم ولفوا سياسات المركز أكثر من مصالح مناطقهم وجماعاتهم، وفي ذا الخط أساء لمواقف الحزب الشيوعي السوداني وسيرة سكرتيره الراحل الأستاذ محمد إبراهيم نُقُد بأنه (كان حواراً للصادق المهدي)! بينما كان الهجوم على الصادق المهدي في حياة الراحل محمد إبراهيم نُقد إنه صار تابعاً للشيوعيين.

لكن بالإمكان فهم جزء من موقف المقال ضد سكوت مثقفي الهامش في المركز، عبر كلام أخر لمثقف أخر هو محمد أبوالقاسم حاج حمد، ويعرف عن حمد إنه دافع بثقافة مشروع وطني ديمقراطي عن وحدة السودان ضد محاولات تفتيته بقضايا التفاوت وشعارات التفرد والتمييز الإيجابي والمساواة، وحلمه ان وحدة السودان ضرورة مركزية لوحدات أكبر تشمل الإقليمين العربي والإفريقي. نفس مثقفي الهامش الذين يتهمهم مقال مادبو بالخنوع لثقافة المركز إتهمهم بالتشدد الراحل الأستاذ العلامة محمد أبوالقاسم حاج حمد. وحمد ثوري منذ الستينيات وهو منظم لأمور ثقافية نضىالية في السودان وفي شمال إفريقيا وفي شرق إفريقيا وفي جنوب إفريقيا وفي لبنان والشام وفي اليمن الجنوبي وفي أمريكا اللاتينية.

في كلامه إتهم الثوري حمد مثقفي الهامش بالتشدد والمبالغة في دعاوى المظلومية ومطالب التفرد والتميز في الحكم في صورة إعتبرها العلامة المناضل الثوري حمد مضرة بقضية الثورة الوطنية الديمقراطية والتنمية الإشتراكية اللازمة لحل أزمات سيطرة النظام الرأسمالي على السودان في المستوى العالمي مكرساً -منذ أيام الإستعمار المباشر- بهذه الرأسمالية حالة التفاوت بين أقاليم السودان، وحالة التحكم في مصيره، وإنهم أي مثقفي الهامش في كسل ذهني أخذوا الأمور على ظاهرها.

للخروج من هذا الوضع الإستعماري الأصل هاجم مقال مادبو حالة مركزة وتمركز الصادق المهدي في السياسة السودانية المعاصرة، بمعنى تدخله في كل حراك سياسي وتنصيب نفسه إشارة مرور أو مرجعية لكل شيء! كذلك هاجم المقال البنية الدينية للثقافة التي كرست التمركزين الشخصي والإقليمي على حساب المهمشين والكادحين.

ضد هذه المظالم دعى المقال لنقض المركزية الدينية في السياسة، ولزيادة إعتبار "الفلاتة" في التواريخ والثقافة والسياسة السودانية يراهم كلهم كينونة واحدة تحت مظلومية واحدة، لكنه مع شدة وتوسع إنتقاده ضد المظالم الثقافية ووشائجها العرقية/القبيلية، خفف المقال هجومه على التمركز الطبقي الداخلي الذي يغذي التمركز السياسي ذو الشكلين الديني والعنصري الذي يتسيده المستعربون المسلمون، كما يؤمي المقال أو قرآئتي له !

بشكل مقتضب برر المقال ضعف مهاجمته المظالم الطبقية وسبب تناوله الخفيف لها بما معناه إن مهمة المفكر ليست تحدي لغة مقامه التاريخي العالمي ومحاربة النظم الحاكمة بشكل غليظ مباشر (كصراع حزبي ضد حكم معين) بل المساعدة على إيضاح عيوب النظم وفتح الطريق العقلاني لتجاوزها !

توكيداً لرفضه إلفة مثقفي الهامش لوضع التفاوت وليونة إنتقادهم له، وتبعيتهم الواعية أو اللاواعية لموضوعات مركزيته الدينية وغرقهم في دائرة ردود الفعل عليها معها أو ضدها، بدلاً لتغييرها، إقترح كاتب المقال إتباع خبرته في "التنمية العالمية" (وهي خبرة مركزه العالمي) بنهج تحريك الإستثمار عبر أو بين مجتمعات السودان وفق المصلحة المادية، معتقداً أن هذا الإستثمار القائم على حساب المصلحة المادية سيحقق أو يتم به تجاوز العنصرية والمركزية الدينية.

في الحالتين الثقافية والإقتصادية يؤدي مقال الزعيم القبيلي والأستاذ الجامعي الضليع لتكريسه كواحد من الزعماء الجدد للحركة الليبرالية في السودان التي تضم إلى الآن بضعة أسماء معروفة بإنتماءاتها السابقة إما لليسار أو لليمين، وبمودتها لـ"المجتمع الدولي" ، وهو بسلسلة كتاباته يتبوأ مكانة كبرى فيها بحكم جمعه محاسن المجتمع التقليدي ومحاسن مجتمع الحداثة، خاصة بهجومه على اليمين الديني الرجعي وعلى الحزب الشيوعي وعلى عموم الحركة التقدمية في الهامش، ورفضه الحلول الحادة الفاصلة وتوتراتها، وتقديمه حلاً "إستثمارياً" لأزمة التفاوت والشكل الإقليمي للتفاوت الطبقي، وكلها عناصر للسطوع الليبرالي ومضمونها الإستثماري يعزز سيطرة السوق وسادته على المجتمع.

وفوق المكانة الليبرالية التي يتمركز فيها بمفاتيح القوة أكثر من كونه نقابياً أو حزبياً فإن دعوته لإصلاح أوضاع السودان عبر الإرشاد النظري تزيد حركته السياسة خفة ورشاقة وتخفف عليه كل إلتزام قد يطالب به لو حاول أو أعلن مع قبيلته الكبرى التفرغ للإسهام المباشر في تغيير وضع السودان بالتعاون مع القدرات المحلية التي تحدث صادقاً عن عظمتها وقوتها، مع العلم أن علاقات مادبو الدولية مع جنوب السودان أو مع الدوائر الغربية لا تشوبها ضده من جهة تلك الدوائر شائبة، بل وضعه رمانة الميزان لا يستغنى عنه في تقليد ويصعب تهميشه في الحداثة.

رد مقال مادبو جزءاً من التمركز الإقتصادي إلى أسباب ثقافية لكنه رد جزءاً من سياسات التمركز الثقافي إلى أسباب عنصرية وذلك دون أن يعقد الصلة المنطقية في السودان منذ عام 1504 بين المسألتين العنصرية والطبقية Class & Race! ولعل السبب في حذر المقال من الربط بين التحليل الثقافي العنصري التمركز والتحليل الطبقي سبب ذاتي: فحسب إوضاح الكاتب للفئة العنصرية الغالبة في سجل ملكية شركات/ خيرات السودان وتهميشها قومه، فإن بحث موضوع النسب المئوية لحالات التملك والنسب المئوية لتوزع السكان في نطاق وحدات العمل ومناطق الإنتاج قد يهدد في ظروف الوعي الوطني/الطبقي تمركز عائلته على قمة هرم القبيلة، وهو وضع ثقافي كفل منذ زمن طويل لتلك العائلة الحاكمة مكانة كبرى في كل هيئات حكم السودان.

من الصعب قبول تناقض المقال بين رفض المركزية في التدين وفي الثقافة وفي السياسة وفي الإقتصاد وقبول المركزية أو تطنيشها أو تحفيف إنتقاده ضدها عندما يأتي الكلام لمستوى الطبقات والقبائل! كمثقف مركز هامش محلي ومركز داخلي ومركز دولي في نفس الآن يتحجج المقال في تجنب اللغة الثورية بطبيعة الوضع السياسي الدولي! وفي تجنب الإستطراد الطبقي بطبيعة الثقافة المحلية! يرفض الإذعان لإجراءات ونتائج التمركز في جهة الآخرين، لكنه يقبلها حماية لوضعه الذاتي الضخم.

إن طرح الأفكار بهذه الصورة المتفاوتة المتناقضة يوكد مثالب أسلوب التفكير الذي كتب المقال، وهو الأسلوب السائد في العالم الذي يتناول الأمور والقضايا بشكلانية محددة بعيدة عن تنوع وتشعب عناصر وعلاقات وبنى هذه الأمور وتغيرات طبيعة جدلها في التاريخ وكينوناته الإجتماعية. فهو أسلوب تفكير يتناول بشكل جزئي ذو خط واحد قليل ومتتابع النقاط الأمور والقضايا المتنوعة والمتشابكة، المتداخلة العناصر والعلاقات والبنى، معتقداً أن بعضها سينتظره إلى أن يفرغ من نجاحه في نقطة معينة ليأتي إليه! يحلم ببشكل لا إشتراكي، أناني، إن الهجوم على بعض مظاهر أو نتائج التفاعلات حولها سيمهد الطريق لتغييرها وحل أزمتها! في شبه للتفكير الديني الذي يرفضه المقال وشبه للتفكير المركزي الأحادي الذي يسخط المقال على بعض نتائجه.

بشكل عام بإلإمكان القول إن المقال يمثل شكلاً لتفكير جزئي يفترض بحكم تتابعيته أسبقية العلاج العاجل للأمراض والحوادث واوليته على منع أسباب هذه الأمراض والحوادث. بل يركز على حادث وعرض يظن أنه الحادث والمرض الرئيس، كموضوع المركزية الدينية/الطائفية في السياسة أو موضوع شكل الحكم وأصله الثقافي أكثر من تركيزه على تغيير بيئة توليد المرض. فهو لا يعالج الوضع والتفاعل الطبقي الذي يكرس الأزمات المتداخلة في مسائل الإقتصاد ومسائل الحكم وما إرتبط بهما.

هذا التناقض في التفكير الجزئي مرتبط بمفارقته للنظرة الشمولية Holistic Approach أو الإستراتيجية إلى التفاعلات والصراعات المتنوعة الأشكال والأسباب، وهي نظرة مركزية في الحياة أحاول منذ فترة تغييرها بـكينونة من هوامش الفلسفة والثقافات أسميها "التأثيل".
--------------------------------------------------
1- مقال د. الوليد آدم موسى مادبو: sudanvoices.com/?p=56581
2- كلام العلامة الراحل محمد أبوالقاسم حاج حمد: youtube.com/watch?v=5fDl3xfRgkU



#المنصور_جعفر (هاشتاغ)       Al-mansour_Jaafar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ...
- من تغيرات الثورة الفرنسية وآثارها
- ثلاثة أسئلة من تغيرات العراق وسوريا
- سيد البحراوي
- نحو تجديد ثوري
- التأثيل: فكرة الأصالة عند العلامة عبدالله الطيب
- من اثار انتصار ثورة اكتوبر على روسيا والسودان
- ضرورة الشيوعي لحرية العالم من تناقض بنى التدين والدولة
- تأثيل الماركسية اللينينية ضد التعامل العشواء مع ظواهر الإلحا ...
- ديالكتيك شيوعي للغة العالم والحزب والزعيم
- ديالكتيك بداية -العقل- ومواته
- تأثيل حكاية -أنا- مهزومة عن طبيعة الحزب
- تأثيل أطوار المعرفة وبعض تغيرات التفكير والنخب (نقاط من مهدي ...
- نحو تقييم آخر لصراعات الحزب
- تعقيب على موضوع بدأ سنة 1903 ومستمر في السودان منذ حوالى 26 ...
- التحليل المعرفي لطبقات التاريخ .. التأثيل: نهاية مرحلة العقل ...
- ((التأثيل)).. لمحة مستقبلية من التاريخ السياسي لتراكم وتطور ...
- القطيعة المعرفية في التقدم الفكري
- مصر بين عشرتين
- محجوب شريف مناضل شيوعي شديد الكفاح


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - المنصور جعفر - الوليد مادبو بين الهامش والمركز