أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فرانسوا باسيلي - الكنيسة القبطية وأبواب الجحيم














المزيد.....


الكنيسة القبطية وأبواب الجحيم


فرانسوا باسيلي

الحوار المتمدن-العدد: 5952 - 2018 / 8 / 3 - 09:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مأساة مقتل رئيس دير أبو مقار في نهاية شهر يوليو 2018 تستدعي المزيد من تأمل أوضاع الكنيسة القبطية اليوم.



لسنوات عديدة، كانت القيادات الكنسية في مصر في حالة دفاع دائم عن النفس أمام حالة التشنج الديني التي أصابت مصر منذ السبعينات وما تزال، وأدي ذلك إلي اضطرارها إلي التقوقع والتزمت والتراجع عن مواكبة العصر وهي بالكاد تحاول أن تتعايش مع مجتمع تراجع إلي كهوف الماضي وراح يضغط عليها هي وأتباعها من كل جانب، ولهذا كان طبيعياً أن تفرز تياراً مضاداً متزمتاً ومتقوقعاً كرد فعل غريزي، وبنما كانت كنائس العالم تتقدم نحو تفسيرات وتطبيقات ومعالجات دينية متجددة لمواكبة المفاهيم الجديدة الصاعدة، لم يكن أمام الكنيسة القبطية وشعبها سوي التوقف في محلك سر، فتخلفت عن تطور الفكر الديني المسيحي في العالم، وراحت تبرر هذا التخلف بأنه محافظة علي الثوابت والأصول، في محاكاة للخطاب الإسلامي الأصولي في مصر الذي كان يقول نفس الشيء، يقول أنه يعود للوراء محافظة علي التراث والثوابت والأصول، أي كان التوجه الديني القبطي ترديداً ومحاكاة للتوجه الإسلامي المتزمت في مصر، الذي عاد إلي تحجيب وتنقيب المرأة والحديث عنها بخطاب وصاية ذكورية مبتعث من موت القرون القديمة، فبدا غريباً بل مضحكاً وهو يصطدم بمفاهيم عصرية مختفلة ومخيفة له تماماً.



التيار المحافط المتشدد في الكنيسة القبطية اليوم إذن هو رد فعل غريزي، وبالتالي بدائي، لهجمة الدروشة الدينية الرجعية - الإخوانية السلفية أساساً - التي اجتاحت مصر لأربعة عقود الآن وما تزال، ولأن الكنيسة القبطية وشعبها لا تملك سوي أن تعيش وتعايش المجتمع حولها، لم يكن لديها خيار سوي مسايرة ما حولها بقدر الإمكان دون أن تفقد خصوصية ايمانها وتقاليدها المسيحية، وكان عليها أن تلعب دوراً بالغ الدقة والحذر في عمليات موازنة وموائمة يومية لا نهائية تضطر إليها لكي تستمر في التواجد أمام تيار إخواني-سلفي متشدد بالغ الشراسة بدت الدولة نفسها أمامه عاجزة أحياناً ومزايدة عليه أحياناً أخري.



هذا الوضع ما زال قائماً اليوم، ولذلك، ورغم ميلي الطبيعي لتيار التحرر في كافة جوانبه السياسية والإجتماعية والدينية، فلا يسعني لكي أكون منصفاً سوي أن ألتمس العذر، أو بعضه علي الأقل، للقيادات الكنسية السابقة والحالية في عدم قدرتها علي تشجيع تيار التحرر والتجديد الديني المسيحي في مصر، وها نحن نري أن النظام المصري نفسه بكل إمكاناته يبدو هو الآخر عاجزاً عن البدء في خطوات تحقيق الثورة الدينية التي طالب بها الرئيس السيسي، حتي ونحن علي وشك الدخول في العام السادس لحكمه.



هذا لا يعني أن يكون للتيار المحافظ أي عذر في لجوئه إلي أساليب غير عقلانية ولا مسيحية في رغبته الاستمرار في الحفاظ علي النفس بمحاربة والتهجم علي كل من ينادي بالإصلاح أو التجديد، فعدم القدرة علي التجديد بسبب ظروف سياسية ومجتمعية قاسية لا يعني تجريم أو إقصاء تيار التحرر والتحديث والمعاصرة، أو اتهامه بالخروج عن ألدين أو الهرطقة، كما حدث في الإتهامات التي وجهت ظلماً وعدواناً لاجتهادات الأب متي المسكين، وتيارات أخري مثل تيار العلمانيين الذي يطالب بإصلاحات أغلبها إدارية، وبعضها مناداة بالتوقف عن ممارسات قديمة إتضح خطلها، فلابد أن نعرف أن المستقبل هو دائماً لتيار التحرر، وأن التزمت والتشدد والإنغلاق لن يؤدي سوي إلي إنصراف الأجيال الجديدة عن الكنيسة بحثاً عن كيانات وأفكار أخري أكثر مساعدة لها علي معايشة عصرها.



لا أدعي أن هذا أمرٌ سهل، ولكن قيادة الكنيسة، أو قيادة أي شيء آخر، في هذه اللحظة المضطربة المشحونه بالأخطار في المنطقة كلها وليس مصر فقط، لا يمكن أن تكون أمراً سهلاً، بل هي في الواقع أمرٌ بالغ الصعوبة.

الأمر يحتاج إلي تكاتف الجميع لمواجهة هذا كله، يحتاج إلي كل الجهود وكل الآراء والأفكار، بدون إقصاء لأحد، بدون إتهامات شاطحة وهابطة لأحد، وبدون خطاب إتهامي جارح هابط بذيء.



المركب تحملنا جميعاً، ولا نملك سوي التذرع بالحكمة والشجاعة معاً لكي نعبر البحر المتلاطم.



#فرانسوا_باسيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإخوان وجريمتهم في حق مصر
- التحرر من المرجعية الدينية شرط النهضة
- مئوية عبد الناصر: مصر بين التطرف والطرافة
- وَقَفْتُ أَحْرسُ السَّمَاء
- البروستانتية والثورة الدينية في الإسلام
- أي بلاد هذه؟
- قتيل في ساحة المسجد
- حوار مع رجل يحترم الإخوان
- طريق الآلام
- مصر السيسي: بذخ الرؤية ومخاطر الواقع
- حين يتحول المهجر إلى منفى.. فرانسوا باسيلي في ديوان -شمس الق ...
- لماذا ثار المصريون، ولا يثور الأمريكان
- إقرأي
- في مصر أمشي علي مهلي
- طعنة في شوارع نيو يورك
- رأيت للأرض يدا تكتب أبجدية السماء
- خبز الغريب
- هذا مخاضك يا وطن
- الأسباب الفكرية لسقوط الاخوان
- شهوة الموت


المزيد.....




- البندورة الحمرة.. أضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سا ...
- هنري علاق.. يهودي فرنسي دافع عن الجزائر وعُذّب من أجلها
- قطر: تم الاتفاق على إطلاق سراح أربيل يهود قبل الجمعة
- الفاتيكان يحذر من -ظل الشر-
- عاجل | مصادر للجزيرة: الشرطة الإسرائيلية تعتقل الشيخ رائد صل ...
- الفاتيكان يدعو لمراقبة الذكاء الاصطناعي ويحذر من -ظلاله الشر ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى ودعوات لتكثيف الرباط بالمسجد ...
- قائد الثورة الاسلامية: لنتحلّ باليقظة من نواجه ومع من نتعامل ...
- قائد الثورة الاسلامية: العالم يشهد اليوم المراحل الثلاثة للا ...
- قائد الثورة الاسلامية: المقاومة التي انطلقت من ايران نفحة من ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فرانسوا باسيلي - الكنيسة القبطية وأبواب الجحيم