|
تجديد الخطاب الدينى والتعليم الجامعى
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5951 - 2018 / 8 / 2 - 15:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تجديد الخطاب الدينى والتعليم الجامعى طلعت رضوان يـُـردّد النظام المصرى على لسان كبارالمسئولين، بما فيهم رئيس الدولة، ومنذ عهد حسنى مبارك حتى عهد السيسى، بضرورة (تجديد الخطاب الدينى) ولأنّ المؤسسة الدينية الأولى فى مصر(الأزهر) تابعة لرئاسة الدولة، فكان لابد أنْ (تضبط) خطواتها مع الإيقاع الرسمى للدولة، فتبارى شيوخ الأزهرفى الخطابة والكتابة عن هذا التجديد المزعوم، وكأنّ الدين مثله مثل الأشياء المادية (سيارة، شقة..إلخ) والكارثة الأكبرهى أنّ هذا الكلام عن تجديد الخطاب الدينى، يـُـقابله المنهج التعليمى، سواء فى التعليم الأولى أوالجامعى..وهوالتعليم الذى يـُـكرّس لكراهية الآخرالمُـختلف دينيـًـا ومذهبيـًـا..ومن أمثلة ذلك ما يحدث فى جامعة الإسكندرية حيث قرأتُ مقرركلية الآداب سنة أولى عن مـــــادة (حقوق الإنسان) فوجدتُ مايلى: "عدم جوازتوثيق عقود زواج البهائيين لأنّ البهائية ليست من الأديان السماويـــــــــــة وتتعارض معها واستقرالقضاء الإدارى علـــى أنّ حال البهائية لايجوزالقياس بينها وبين الأديان الأخرى التى اعتبرالإسلام معتنقيها من أهل الذمة، يُـتركون على ما هم عليه وتستحق عليهم الجزية" وهكذا فى أول درس مـــــــــن دروس (حقوق الإنسان) يتعلم الطالب أنّ المصريين (المسيحيين) ليسوا مواطنين..وإنما هم "من أهــــل الذمة وتستحق عليهم الجزية" أى أنّ الأستاذ الجامعى ينافس الأصوليين فى هدم الولاء الوطنى..وأيضـًـا: "ولايجوزالحجاج بحرية العقيـــــدة وحرية ممارسة الشعائرالتى كفلها الدستورللقول بوجوب الاعتراف بالبهائية..ويجب للإعتداد بالعقيدة وآثارها وللسماح بإقامة شعائرها أنْ تكون منبثقة عن الأديان المُعترف بها وهى اليهودية والمسيحية والإسلام..وألاّتكون مخالفة للنظام العام والآداب، أى لايجوزالردة فى الإسلام، لأنّ المرتد يبطل عمله ولايقرعلى ردته ويُهدردمه" وهكذا لايكتفى الأستــــــــــاذ الدكتوربإعلان موقفه الرافض لحق البهائيين فى إعتناق مايؤمنون به..وإنما يُعلن أيضًـــــــا أنّ البهائية ضد ((الآداب)) وهذا هوالدرس الثانى. أما الدرس الثالث فهوتربية الطلاب على قتل المختلف دينيًا، بالنص على أنّ "المرتد يُهدردمه". وكتب أستاذ المادة أيضًا "ومتى تثبت مخالفة البهائية للنظام العام، امتنع مباشرة أى تصرف لأتباعها، بوصفهم بهائيين أوترتيب أى حق على هذه التصرفات، لأنّ الباطل لايـُــنتـج إلاّباطلا. لهذا فإنّ زواج البهائى أيًا كان أصل ملــّـته يكون باطلا بطلانــًـا مطلقــًـا..ولايجوزتوثيقه. وهذا هوالدرس الرابع الذى يتعلــّـمه الطلاب فى مادة (حقوق الإنسان) حرمان البهائيين من حـق أساسى من حقوق الإنسان التى نصّتْ عليها المواثيق الدولية، أى حق الإنسان فى اعتناق مايشاء من أديان ومذاهب..وحقه فى توثيق زواجــه وما يترتّب على ذلك التوثيق من حقوق للأبناء. يُعلل الأستاذ الدكتورموقفه من البهائية، بــــأن يُـذكّرالطلبة بالقانون الذى أصدره عبد الناصرعام 1960 بشأن حل المحافل البهائية ووقف نشاطها..إلخ. ويتعلــّـم الطلبة "بطلان زواج المرتدة، عدم توريــــــــث المرتدة، عدم استحقاقها للمعاش. ولما كانت القوانين الوضعية فى مصر، خلتْ من أية نصوص تشريعية تحكم الحالة القانونية للمرتد عن دين الإسلام، كما أنّ أعــــــراف المجتمع المصرى لاتهتم بحالة المرتد إلاّفى نطاق قواعد الأخلاق، لذا يتعيّن الرجوع فى شأنها إلى مبادىء الشريعة الإسلامية التى تقضى بأنّ المسلم الذى يرتد عن دين الإسلام، سواء إلـــــى دين سماوى آخرأوإلى غيردين، لايقرعلى ردته" فى هذه الفقرة يعترف الأستاذ الدكتور" أنّ أعراف المجتمع المصرى لاتهتم بحالة المرتد إلاّفى نطاق قواعد الأخلاق" وقواعد الأخـــــلاق كما يُعرّفها علم الاجتماع هى أنّ معيارتقييم الإنسان هوتعامله مع أبناء وطنه، فإذا كان شريفــًـا فى تعاملاته مع الآخرين، فهومواطن صالح والعكس صحيح..وذلك بغض النظرعـــــــــن معتقداته الشخصية فى الأديان ..وأعتقد أنّ هذه الفقرة كتبها الأستاذ الدكتورمن مخزون الوعى الجمعى لشعبنا، الذى ورث عن أجدادنا قيمة التعددية والتسامح الفلسفى القائم على احترام معتقدات الآخرين..ولكن الأستاذ الدكتوريتجاوزهذا المعنى الحضارى.. ويصرعلى تكفيرالمختلف دينيًا ويصفه بالمرتد. ويتعلــّـم الطلبة أنّ محكمة النقض"قضتْ ببطلان زواج المرتدة عن دين الإسلام إذا تزوّجتْ بعد ردّتها بغيرمسلم ووجوب التفريق بينهما..وهكذا يتم توجيــه عقل الشباب وتدميروجدانهم الفطرى باقناعهم بأنّ تشتيت الأسرة (التفريق بين الزوجين) شىء طبيعى..وأنه لامبررللنظرإلى أية اعتبارات إنسانية أواجتماعية..ولامراعاة لخصوصيــــــة الإنسان، ناهيك عن الموقف المُـتعامى عن الأولاد بعد التفريق بين الأب والأم ..ويتعلــّـم الطلبة أنه إذا "كان قانون الإرث لم يتناول المرتد" إلاّ أنّ العمل فى كل ما يتعلق بإرث المرتد وأحكامه يكون طبقــًـا لأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة. ذلك أنّ المرتدة عن الإسلام يُعتبرزواجهـــــا بالموروث باطلا ولاتستحق معاشًا عند وفاته" أى أنّ سيادة أستاذ مادة حقوق الإنسان لم يكتــــف بتفريق الزوجيْن، فيُضيف عقوبة أخرى بجانب تشريد الأسرة..وهى حرمان الزوجة من معاش زوجها. وعلى الطلبة– كى ينجحوا فى الامتحان– أنْ يكتبوا ما درسوه..وأنه لايجوزالقياس بين البهائى والمسيحى، لأنّ الأخيرمن أهل الذمة وعليه أداء الجزية..وأنّ البهائى مرتد..والمرتد يُهدردمه والتفريق بين الزوجيْن وعدم استحقاق المعاش..وعدم تغييراسم المرتد وديانته فى بيانات البطاقة الشخصية..وبالطبع (كذلك) فإنّ أحدًا من الطلبة لايرغب فى الرسوب فى مادة (حقوق الإنسان) وبالتالى يترسّخ فى وجدان وعقل الطلبة (19 سنة) أنّ المُـختلف دينيًا أوعقيديًا ليست له أية حقوق، بل أكثرمن ذلك فإنّ دمه مُهدر..وإذا كانت هذه المفاهيم المعادية لأبسط حقوق البشر، يتم تدريسها فى مادة (حقوق الإنسان) فما هى المفاهيم التى يتم تدريسها فى مادة نقيضة اسمها (الحقوق غيرالمشروعة للإنسان)؟ أى أنّ مادة (حقوق الإنسان) ضد الإنسان. وإذن وما الفرق بين الأستاذ الجامعى والأصولى المُـعادى للبشر؟ والمُـقتنع بأنّ طريق الجنة مفروش بجثث المختلفين معه دينيًا؟ وإلى أية حفرة مُـظلمة يأخذنا التعليم فى مصر؟ وإلى متى سيستمرالتعليم والإعلام والثقافة السائدة فى مغازلــــة الأصوليين؟ وهل يمكن أنْ يتبنى الليبراليون مطلبًا واحدًا ويدافعون عنه..وهوإلغاء خانة الديانة من كل المحررات الرسمية؟ رحمة بكل من يعانون من ثقافة وافدة إلينا من جزيرة العرب لاتعرف الرحمة؟ الكارثة أنّ الدكتورالجامعى يتطابق تتطابق المثلثات مع الأصوليين الرافضين الاعتراف بحق الإنسان فى أنْ يؤمن بما يشاء، وأيضـًـا بضرورة بقتله. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل صدفة الميلاد مبررلسجن الإنسان فى عقيدة والديه؟
-
نداء لكل منظمات حقوق الإنسان العالمية
-
توحد لغة أنظمة الاستبداد
-
إهدار المال العام وخطورة مناهج التعليم
-
هل يهتم نظام الحكم بترسيخ الفضيلة أم الرذيلة
-
الأدب الأوروبى والدفاع عن الشعوب الإفريقية
-
آثارمصر بين الاعتزاز بالتراث والدونية القومية
-
دور الصهيونية والتخويف بالعداء للسامية
-
انعكاس الثقافة القومية على الموقف من المرأة
-
عودة القتيل للحياة ورومانسية الوهم المريض
-
الزراعة المصرية والتضييق على الفلاحين
-
مغزى تجديد الإسلام كل مائة سنة؟
-
الحياة السياسية المصرية قبل وبعد يوليو1952
-
هل أخطأ الزعيم الفلسطينى فى حق اليهود؟
-
لماذا كانت ظاهرة التكرار فى القرآن؟
-
لماذا غير حزب الله موقفه من إسرائيل؟
-
درس التحالف السعودى الأمريكى الإسرائيلى
-
ما مغزى المغازلة السعودية للصهيونية؟
-
لماذا خالف الفقهاء القرآن
-
شحن المصريين من اليمن إلى سيناء
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|