أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أحمد الخميسي - الآداب السلطانية . نص متجدد














المزيد.....

الآداب السلطانية . نص متجدد


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 1503 - 2006 / 3 / 28 - 09:39
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


يعتبر الأستاذ المغربي د . عز الدين العلام في كتابه " الآداب السلطانية " ( فبراير الحالي سلسلة عالم المعرفة ) أن تلك الآداب تشكل نوعا قائما بحد ذاته بين أنواع الفكر السياسي لازم الثقافة العربية ومن قبلها الفارسية واليونانية والأوربية. والآداب السلطانية عنده هي إرث فكري يعتمد على فكرة جوهرية هي إسداء النصح للحاكم أو الملك ، بهدف واحد هو تحسين أداء السلطة . ولا يهم أدباء الرؤساء والملوك من الدولة أو الحكومة أن ينظروا في شرعيتها، أو الأسس التي تقوم عليها ، قدر ما يعتنون بالبحث في الوسائل والتقنيات التي من شأنها تقوية السلطة والحفاظ عليها ، ولا يؤرقهم من أحوال الرعية أو ذكرها سوى طرح السلوك الواجب على الحاكم الاهتداء به لاتقاء شرور الرعية وضمان ولائها ، وهم لا يطمحون إلا لتقديم دليل عمل من شأنه أن يفيد الحاكم في ممارسة سلطته . وتربط فكرة " إسداء النصح للحاكم " بين تلك الكتابات، بدءا من أفلاطون ونصائح أرسطو مرورا ، مرورا بكتاب كليلة ودمنة ، ثم عهد الملك الفارسي أردشير ،وعشرات الكتب في الثقافة العربية،وكتب مشابهة في تاريخ أوروبا مثل" كتاب الأمير " لميكيافلي ، بحيث أصبحت فكرة " إسداء النصح " للملك والرئيس من ثوابت الخطاب السياسي في تلك النصوص. وحين ترجم ابن المقفع " كليلة ودمنة " كتب منوها : " إن ظاهرة سياسة العامة .. وباطنه أخلاق الملوك " . وذهب أبو بكر الطرطوشي إلي أن قراءة كتابه المسمى " سراج الملوك " تغني الملك عن مشاورة الوزراء . وحدد لسان الدين بن الخطيب في " الإشارة في أدب الوزارة " السلوك العملي الذي ينبغي أن يسلكه الوزير مع الحاسدين ، وذلك بقمع الطماعين منهم ، واستمالتهم ، ومقابلة حسدهم بالإنعام عليهم ، ثم باصطناع أضدادهم ، وأخيرا حسن اختيار من " يصطنعه لخدمته ". أما أبو القاسم بن الصيرفي فبدد موهبته بامتياز في تلميع سيرة الوزير أبو على الأفضل وعاش بوقا لكل ما ينطق به الوزير من ملح ونوادر . وترتبط فكرة إسداء النصح للحاكم ، بفكرة أخرى – من ثوابت ذلك الخطاب – ألا وهي اعتبار أن السلطان مفهوم مركزي تتمحور حوله كل القضايا ، وخدمته هي موضوع أولئك الكتاب وكتبهم . ولهذا سنجد في النصوص السلطانية الكثير من الاستعارات التي ترى في السلطان رأس الحكم ، وفي الوزير يده ، وفي الكاتب لسانه ! ومن بين العناصر المهمة في تعريف الكاتب السلطاني أنه رجل سياسة ، ورجل ثقافة ، وقد يكون مؤرخا أو فيلسوفا ، وربما يكون في قمة الهرم الحاكم مثل أبي حمو الزياني حاكم تلمسان ، وقد يكون متوليا خطة سلطانية مثل ابن رضوان ، أو يكون في غالب الحالات ممن يترددون على البلاط السلطاني تقربا أو طمعا في وظيفة يصبح بفضلها لسانا لوزير أو مسئول . ويتداخل في تلك النصوص التعبير الأدبي والسياسي معتمدا على مختلف مجالات المعرفة من تاريخ وفلسفة وأدب وأخلاق ، ورغم ذلك فإن تلك النصوص تحلق فوق كل تلك المجالات دون أن تنتمي حقيقة لأي مجال منها ، كما أن المعرفة فيها تنحل لمجرد أدوات في خدمة ما يسعى إليه النص . ويرى عابد الجابري أن استبداد الحكام يجد مسوغه الأيديولوجي في تلك الآداب . وفي حينه عارض ابن خلدون تلك المؤلفات واعتبرها " لغو أحاديث واستكثار أقوال " ، لأنه كان يرى أن " طبائع العمران هي التي تحكم أفعال السلطان ، وليس ما تخططه هذه التآليف " ، أي أن ابن خلدون اعتبر أن إسداء النصح للحكام هو تصور مضلل لإمكانية التطور وقفز على الشروط الحقيقية التي تحكم حركة المجتمع ، والتي لا ينفع فيها " إسداء النصح " . ويمكن اعتبار نص جلال الدين السيوطي المسمى " ما رواه الأساطين في عدم المجئ إلي السلاطين " بمنزلة تكثيف لمختلف الآراء المعارضة للعمل مع الحاكم ، إذ يعبر فيه بوضوح عن رفضه حتى لمجرد الدخول إلي بلاط السلطان ناهيك عن قبول عطائه ، انطلاقا من مبدأ الحياد الذي يدعو الفقيه العالم إلي اعتزال عالم الحكام حتى لا يكون عونا لظلم السلاطين من جهة ، وحتى يحافظ على مكانته العلمية من " مذلة " قد تلحقه بمخالطتهم.أما الفقيه الشوكاني وكان رجلا صريحا فقد برر في كتابه " رفع الأساطين " العمل مع الحكام وأوضح على المكشوف أن الرزق يستلزم الحركة وكتب قائلا : " إن كل بني آدم يسعى من أجل تحصيل الرزق بشتى الطرق فكيف نحرم هذا على العلماء وهم ذوو بضاعة خاصة ؟ ".
لقد تزاحمت جوقة الكتاب السلطانيين عبر التاريخ على تأليف الكتاب نفسه ، وظل الكتاب يستنسخ لمئات السنين ، ومازال الكتاب يجد كل يوم من يضيف إليه صفحات مكررة بعبارات عصرية . إنه نص متجدد ، كلما مضى عليه الزمن اكتسب المزيد من الشباب والحياة والصحة .



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أطوار بهجت .. من الشعر إلي الحرب
- حكاية هند والفيشاوي
- الأزمة الدانمركية بين الدين والسياسة
- ميشيل باشليه واليسار الجديد
- رحيل فؤاد قاعود .. موال الرفض والحرية
- الجوائز الأدبية وكرامة الكاتب
- اعتذار للشعب السوداني ، واستنكار لما جرى
- بروزاك .. صديق المبدعين
- ألفريد فرج .. في وداع الخيال
- الوجه الآخر لفوز الإخوان في مصر
- يوميات جندي أمريكي في العراق
- من أين يأتي الحزن ؟
- أقباط مصر .. هل يريدون الكثير ؟
- أحداث باريس وكلمات ألبير كامي
- الثقافة والطائرات
- المسألة القبطية وماجرى في الاسكندرية
- اللحظة الحرجة
- علاء الأسواني وروايته التي أثارت ضجة
- هي وأخواتها علماء العراق
- الرواية اليوم


المزيد.....




- جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال ...
- الجولاني: نعمل على تأمين مواقع الأسلحة الكيميائية.. وأمريكا ...
- فلسطينيون اختفوا قسريا بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية مناز ...
- سوريا: البشير يتعهد احترام حقوق الجميع وحزب البعث يعلق نشاطه ...
- مصادر عبرية: إصابة 4 إسرائيليين جراء إطلاق نار على حافلة بال ...
- جيش بلا ردع.. إسرائيل تدمر ترسانة سوريا
- قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 57 مقذوفا خلال 24 ساعة
- البنتاغون: نرحب بتصريحات زعيم المعارضة السورية بشأن الأسلحة ...
- مارين لوبان تتصدر استطلاعا للرأي كأبرز مرشحة لرئاسة فرنسا
- -الجولاني- يؤكد أنه سيحل قوات الأمن التابعة لنظام بشار الأسد ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - أحمد الخميسي - الآداب السلطانية . نص متجدد