|
أمريكا والصين من صراع تجاري الى حرب عملات
احمد البهائي
الحوار المتمدن-العدد: 5949 - 2018 / 7 / 31 - 19:49
المحور:
الادارة و الاقتصاد
الدولار واليوان .. حرب عملات أعلنت الولايات المتحدة الأميركية، حرباً تجارية بفرضها، رسوماً جمركية على واردات سلع صينية بقيمة 34 مليار دولار،ما جعل الصين ترد بالمثل ، واتهمت واشنطن بإطلاق شرارة الحرب التجارية الأوسع نطاقاً ، ولم يكتفي الرئيس الأميركي ترمب بذلك ، محذراً من أن بلاده قد تزيد رسوماً على سلع صينية بقيمة 500 مليار دولار، أي ما يعادل تقريباً إجمالي واردات الولايات المتحدة من الصين ، ما يدفع الصين ليس فقط الرد بالمثل ، بل اللجوء الى أساليب اخرى من اجل حماية اقتصادها وتجارتها العالمية ، ومنها تخفض قيمة عملتها اليوان ، حيث تستخدم الصين نظام "التعويم الموجه"، الذي يسمح لسعر صرف اليوان بالتقلب ضمن نطاق2% أعلى أو أدنى النقطة التي يحددها بنك الشعب الصيني بناءً على تداولات اليوم السابق، وهو ما يعني إمكانية ارتفاع أو انخفاض سعر الصرف استجابة للعرض والطلب ، حيث تؤكد الصين ان هذا النظام يمنع التقلبات التي قد تضر المتداولون ، وهذا ما قامت به الصين بالفعل بتخفيض قيمة عملتها مقابل الدولار ، حيث أشارت كثير من الجهات الاقتصادية إلى أن اليوان انخفض بأكثر من 5% مقابل الدولار الأمريكي في الفترة من منتصف يونيو إلى أواخر يوليو من العام الحالى ، في الوقت الذي تبادل فيه الطرفان فرض الرسوم الجمركية على بضائع بعضهم البعض.
فانخفاض قيمة اليوان يعنى رخص ثمن البضائع المستوردة من الصين، فالصين تنتج وتصنع كل شئ ، وبالتالي الشركات الأمريكية تجد كلفة أكثر فى بيع بضائعها للصين والدول الاخرى التي قد تفضل المنتجات الصينية في حالة انخفاض اسعارها ، ومن ثم تقلص عائداتها الخارجية بالدولار، وارتفاع الدولار مقابل اليوان يؤثر على الشركات الأمريكية متعددة الجنسيات، التى تسجل أكثر من 50% من قيمة مداولاتها فى الخارج، ويجعل أسعار منتجاتها أغلى ثمنا عند التصدير، ويؤكد ما نقوله هو ان الصين تلجأ الى هذا الاسلوب في حالة ضعف بياناتها الاقتصادية وحدوث إنخفاضا حادا في صادراتها وتراجعا في أسعار المنتجين ، فمن يتابع حركة السوق العالمية وتقلباتها ، يجد ان هذا لم يحدث حتى الان ، اذاُ من يقرأ ما بين السطور يجد ان الصين لديها من الادوات والاساليب التي تجعل كافة الموازين الاقتصادية في يديها ، ومن خلالها تصبح ندا للولايات المتحدة اقتصاديا ، وهى ان تنقل الحرب من موقعة الرسوم الجمركية المتبادلة الى حرب اليد الطولا فيها تكون للصين ألا وهى حرب "عملات " ، التي من شأنها حدوث صدمة في الأسواق العالمية ، وقد تتسبب فى زعزعة استقرار الاقتصاد العالمى والإضرار بالتجارة العالمية إذا طال أجلها ، فالصين لديها من المقدرة التحملية ان تخفض قيمة اليوان الى 10% ، ليحدث انخفاض حاد للأسهم ، ودفع أسعار السلع الأساسية إلى الاتجاه المعاكس ، وذلك من اجل ثني ترمب عن ما يسعى اليه ، فالصين على دراية بأن خطوة ترمب القادمة هي خفض قيمة السندات الى أدنى مستوى لها لتفقد قيمتها السوقية ، لكي تعاود امريكا شرائها مرة اخرى ، وهنا تخسر الصين ملياراتها ، لصالح أمريكا ، فحسب أخر البيانات أصبحت الصين أكبر الدول المالكة للسندات الحكومية الأمريكية ، ليصل اجمالي ما لديها من السندات ما يقرب 1.30 تريليون دولار.
من خلال ما يريده ترمب هو رفع سعر الفائدة بسرعة أكبر، بدلاً من سياسة الرفع التدريجي التي إنتهجتها أمريكا في السنوات الماضية ، سيدفع أسعار السندات نحو الهبوط ، بمعنى إن إرتفع سعر الفائدة نقطة مئوية واحدة يعني هذا ضمناً ان السند يتحمل خسارة 10% من سعره ، أي بحسبة بسيطة سوف تخسر الصين 130 مليار دولار في كل نقطة مئوية إزدادت بها الفائدة ، ومن ثم تتوالى الخسائر على السندات لضعف الثقة فيها وارتفاع درجة المخاطرة، فمسئولوا الصين على علم بذلك ويعتبرونها الخطوة القادمة لترمب وهذا ما سيجعلهم مستعدون بأخذ التدابير اللازمة ، حيث يعتقد الكثيرون ان الصين لو قامت برفع عملتها اليوان ، فهي في هذه الحالة لا تحتاج إلى السندات الأمريكية، ويمكن أن تتخلى عنها بسهولة وبدون خسائر، بل وستكون نتائجه كارثية بالنسبة للولايات المتحدة ، وستضعها في مأزق مع ديونها الهائلة، وحدوث هبوط حاد للدولار سيزعزع استقرار الاقتصاد، متناسين ان هذا الهبوط سيكون وقتي وسرعان ما تتعافى منه الاسواق لانه هبوط لا يضر بثقة المستثمرين في الاقتصاد الأمريكي ، لانه ناتج عن رفع القيمة الخارجية للعملة التي تمتلك السند طويل الاجل ؛ ما يجعل واشنطن غير عاجزة وقادرة على تمويل عجز الموازنة الضخم ، فهبوط الدولار في هذه الحالة سيكون إيجابيا بالنسبة للصادرات الأمريكية، وسيضعف من صادرات الصين بسبب ارتفاع تكلفة المنتجات الصينية ، فالصين لديها من الاحتياطيات النقدية الضخمة لمواجهة ذلك ما يقرب 4 تريليون دولار، حيث ستبذل ما في وسعها من اجل بقاء سعر الفائدة الامريكية عند مستوياتها الحالية ويجب ألا تتجاوز 2%، حتى لو تطلب الامر بعض الخسارة المؤقته ، فهى تمتلك من الادوات ما تساعدها على تحقيق ذلك بأقل خسارة ، حتى لو حدث هبوط للأسهم في البورصة الصينية (شنغهاي وهونج كونج ) ، وقد يكون هبوطاً متعمداً، بأن تسمح بطريقة غير مباشرة في " إغراق " الأسهم ، والسماح لكبار حاملي الأسهم من الخروج من مراكزهم ، وغض النظر عن البيع على المكشوف والمضاربة على النزول ، حتى يحدث تراجع في الاسهم الصينية ، ما ينتج عنه هبوط الدولار الى ادنى مستوى له مقابل سلة العملات الرئيسية ، وبالتالي قيام المستثمرين بالتخلي عن الدولار لصالح عملات الملاذ الآمن " اليورو-الين-الفرنك السويسري " ، ففي حالة ان فقد اليوان 10%من قيمته هذا يعني هبوط حاد للدولار ، ففي جلسة واحدة سيصعد اليورو تقريبا 1,2 % أمام الدولار ، وسينخفض الدولار 0.5 % امام الين ، وإنخفاضه الى 0.45% امام الفرنك السويسري ،وبالتالي هبوط حاد ومتوالي في البورصات الامريكية ،اي ما يكبد الشركات خسائر بالمليارات من الدولارات في الجلسة الواحده ، هل تستطيع امريكا الصمود والمواجهة في هذه الحالة ، وتحمل عواقب مواجهة الانتقال من الحرب التجارية الى حرب العملات ؟.
#احمد_البهائي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النص .. تأويل لا تفسير
-
رسالة الى من يهمه الامر(تحديد الأسعار)
-
قصة في سطور - أتت تحمل مفاتنها -
-
خفض سعر الفائدة .. قرار غير موفق
-
تيلرسون في القاهرة يامرحبا.. يامرحبا
-
الى الرئيس..هم ذئاب وليس أشقاء
-
الحراك الإيراني بين النطفة والعلقة..هل تجهضه أمريكا؟
-
يوسف زيدان بين البارانويدية والعمالة
-
بورسعيد .. صنعت تاريخ
-
ملف سد النهضة..من الإحتواء الى الإجهاض
-
أذون الخزانة المصرية..إتساع الفجوة التضخمية
-
فعل بن سلمان ما كنا نطالب به السيسي- تأميم الترستات -
-
الاقتصاد المصري..صندوق النقد بين الأخطاء والفشل
-
أحمد موسى..بين الطوارئ والقضاء العسكري
-
بارزاني... الإستفتاء فيه سُم قاتل
-
التصنيف الإئتماني لمصر وآثاره على المديونية الخارجية
-
التضخم ..أخطاء الحكومة المصرية وتأثيرها على برنامج الإصلاحات
...
-
اليك بعض السطور ( نفرتيتي انت السمراء )
-
إتفاقية الحدود البحرية بين مصر والسعودية تعيين أم ترسيم؟..هن
...
-
أدوات مكافحة التضخم في مصر نقدية أم مالية؟
المزيد.....
-
الجزائر وموريتانيا توقعان على مذكرة تفاهم لاستكشاف وإنتاج ال
...
-
أسهم أوروبا عند ذروة قياسية بعد خفض الفائدة
-
رابطة الكُتاب الأردنيين في -يوبيلها- الذهبي.. ذاكرة موشومة ب
...
-
الليرة السورية تسجل 9900 أمام الدولار في السوق الموازية للمر
...
-
20 مليار دولار صادرات تركيا إلى أفريقيا العام الماضي
-
سعر جرام الذهب عيار 21 سعر الذهب اليوم في محلات الصاغة
-
تقارير أمريكية: الولايات المتحدة تتقهقر اقتصاديا أمام -بريكس
...
-
رئيس البرازيل: سنرد بالمثل إذا فرض ترامب رسوما جمركية
-
المغرب يطلق 20 مشروعا استثماريا بقيمة 1.7 مليار دولار
-
شركات صينية تبني سكة حديدية بملياري دولار تربط تنزانيا ببورو
...
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|