|
اليسار المغربي وقضية المناخ
تيار (التحدي) التحرر الديمقراطي المغرب
الحوار المتمدن-العدد: 5949 - 2018 / 7 / 31 - 14:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لطفي شوقي عديدة هي المساهمات الأكاديمية و النضالية التي ركزت علي هاته الجوانب في المجال البيئي: - تطوير سياحة جماهيرية و فاخرة أدت إلى إنتشار البناء في الشواطئ، و إلى إستغلال كبير للماء بما في ذلك تلبية حاجات ملاعب الغولف التي تستمر في التزايد (و التي تستهلك ما يقارب 101 مليون متر مكعب). - تطوير الموانئ للزيادة في قدرات الإستقبال و نقل البضائع، مع ما ينجم عنه من تلوث صناعي للمياه البحرية، و ذلك على حساب الموانئ التقليدية أو تلك المرتبطة بالصيد المحلي. و قد أدى مخطط هاليوتيس (Plan Halieutis ) إلى تصنيع الصيد البحري المكثف. - تطوير الزراعة الصناعية: عبر مشروع تحويل مليون هكتار مخصص لزراعة الحبوب إلى مزارع للفواكه (الموجهة للتصدير) أو لصالح "الزراعات الأحادية". ذلك ما يحصل مثلا مع الطماطم التي تعرف إستعمالا مكثفا للمبيدات و للأسمدة الكيماوية، و للبذور "المنتقاة" في مختبرات الشركات المتعددة الجنسية، و التي تستهلك الماء بشكل مفرط. من جهة أخرى، فإن الزراعة الصناعية تقلص الفرشة المائية و تعتمد بالأساس على الطاقة البترولية. كما أن تقليص إنتاج الحبوب يعني الزيادة في حجم النقل و الإستيراد. - أزمة الماء: إن الإتجاه العام يؤكد الإنخفاض الإجمالي لكمية المياه الحلوة المتوفرة؛ بحيث ستنخفض بشكل حاد حصة كل مواطن خلال السنوات القادمة. و ذلك بسبب تنامي نطاق التصحر، و تدهور وضعية الفرشات المائية و الناتجة كذلك عن تسرب مياه البحر إليها، و ضياع عشرات ملايين الأمتار المكعبة بسبب إمتلاء السدود بالأوحال، و الإستعمال المفرط للماء في المشاريع السياحية، و خوصصة الموارد الطبيعية ( مثل حالتي بن مسين و إيميضر). و للخطر وجهين: يتمثل الوجه الأول في ظروف هيكلية مرتبطة بالإجهاد المائي (stress hydriques ) تتميز بغياب الكمية و الجودة الكافيتين من الماء الصالح للشرب لقطاعات السكان، أما الوجه الثاني فيتمثل في التقلص الملموس للمساحات الزراعية. و حسب تقديرات الحكومة فإن تلث الإستغلاليات الزراعية قد تصبح غير صالح للزراعة قبل سنة 2050، بسبب المشاكل المرتبطة بالماء. و يفقد المغرب سنويا 22 ألف هكتار بينما تتعرض لخطر التجريف 5 ملايين هكتار ونصف بعد أن صار مليونين هكتار في طور متقدم من التجريف. - إنتشار الصناعات الملوثة: تساهم المناطق الصناعية المحيطة بالمدن (المعامل الكيماوية و معامل النسيج و الزراعة الصناعية و صناعة التعدين...) بشكل قوي في التلوث الحضري. و تعد بعض هذه الصناعات خطيرة مثل: مركب ماروك شيمي (Maroc Chimie ) و الذي عرف في مرات عديدة تسربات لغازات سامة، أو مثل بناء محطة حرارية في نفس المدينة، آسفي، التي تستعمل الكاربون "النظيف" (و الذي يحتوي على مادة الأرسينيك السامة بمستوى جد عالي!). و تسبب إفرازات هذه المعامل أمطار حمضية لها نتائج مباشرة على الزراعة، و التربة و المواشي، و تساهم بشكل قوي في تلويث الهواء، فضلا عن الماء الملوث الذي يتم تسريبه إلى البحر. - مشكلة النفايات: تبلغ ما يقارب 5 ملايين طن في السنة. و تنتج الصناعة لوحدها مليون و نصف طن منها 256 ألف طن تعد نفايات خطيرة. و طبعا من دون الإشارة إلى إستيراد النفايات بإسم سوق الكاربون التي تسمح لبعض الشركات أو الدول من شراء "الحق في التلويث". - الفياضانات داخل المجال الحضري، التي ما فتئت تتزايد، بسبب الأمطار العابرة و القوية التي تفوق قدرات إستيعاب منظومات الصرف الصحي، الغائبة في بعض الأحيان، مع ما يمكن أن يترتب عن ذلك من خطر إختلاط مياه الأمطار بمياه الصرف، و بالتالي من مشاكل التلوث الناجمة عن ذلك. - هيمنة نموذج عقاري لا يقوم فيه البناء على العزل، و تستعمل فيه مواد تحتوي على الأميانت الذي يسبب السرطان. كذلك لا يمكن تجاهل الإتفاقيات الأولية بشأن إحداث محطات نووية و التنقيبات التي من شأنها السماح بإستغلال الغاز الصخري. و يمكن أن نزيد من طول اللائحة. المهم أن هذه التداعيات، إلى جانب أخرى، تمس أساسا الطبقات الشعبية. لكن في المجمل فإن اليسار لا يزال خجولا، أو غائبا، في هذا المجال و لم يستخلص الدروس اللازمة. هل نحن أمام يسار غير معني بالبيئة؟ يمكننا أن نبين ذلك من خلال الأمثلة التالية: في حالة لاسمير و المكتب الشريف للفسفاط: فإن التيارات السياسية و النقابية و الحركات الجمعوية تولي الأولوية لنتائج الخوصصة، و للمشاكل المتصلة بالتسريح من العمل و بالحق في العمل النقابي، و إستيلاء الطبقة السائدة و الصناديق السيادية الأجنبية على الثروات، لكنها لا تولي أية أهمية للطابع الإجتماعي و النافع، أو عدمه، لهذا النموذج الإنتاجي. و بعبارة أخرى: هل سنحتفظ في المستقبل عند إسقاطنا "للمخزن" و "للبيرالية المتوحشة" على هذا النموذج الإنتاجي الغير النافع و الضار؟ هل يمكننا أن نخوض المعارك على جبهة البيئة و أن نتجاهل في الوقت نفسه ضرورة تغيير أو وقف هذا النموذج الإنتاجي، بإسم الدفاع عن مناصب الشغل أو عن الطابع الإستراتيجي للمقاولات الوطنية؟ كيف يمكننا التوفيق بين الدفاع عن مناصب الشغل و الإنتقال الطاقي و وقف نماذج الإنتاج المضرة؟ و يمكننا أن نعطي أمثلة كثيرة في قطاعات مختلفة. فهل يكفي مثلا إصدار بيان حول الخوصصة الجارية التي تستهدف "المارصا" (MARSA ) و الحديث عن المخاطر المحتملة في المستقبل (التصفية القضائية، التسريحات، إلخ) من دون مساءلة الوظيفة الإقتصادية التي تضطلع بها المنظومة المينائية المكرسة في الوقت الحالي بشكل كلي لترويج البضائع و المواد الأولية، و في حالات أخرى للصيد البحري الكثيف. فالمشكل هو أن اليسار بقي مطبوعا بمقاربة إنتاجوية / إقتصادوية. فهو ينظر إلى مسألة البيئة كنتيجة مترتبة عن منظومة (منطق الربح) من دون الرجوع إلى أشكال تنظيم إنتاج و إستهلاك الطاقة نفسها. و لا يتعلق الأمر هنا بالإقرار بوجود حل سهل، لكنه لا يمكن التقدم نحو تأسيس وعي بيئي جذري في عالم الشغل من دون الخوض في هذه التناقضات. سيما و أن جزءا كبيرا من خطاب السلطة يروج لكون هذا النموذج الإنتاجي يخلق مناصب الشغل. و تغيب المسألة كليا في الحركة النقابية، بما فيها في القطاعات التي يقودها اليسار. و لا نقصد طبعا البيانان العامة التي يمكن أن تحمل سطرا يشير إلى "المشاكل البيئية"، بل المقصود تحويلها إلى مطلب شامل و التعبئة من أجلها. فإذا أخذنا مثلا الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي في تعاطيها مع مشاكل العالم القروي و أوضاع العمال الزراعيين، فإن مطالبها ذات البعد البيئي في قطاع يعتبر من أكثر القطاعات تعرضا للتداعيات المباشرة لأزمة المناخ ،تعد ناذرة. و يكفي المقارنة بين إنتاجات حركة نهج الفلاحين ( VIA CAMPESINA) التي مهدت الطريق للربط بين النضال من أجل السيادة الغذائية، و الإصلاح الزراعي الجذري، و التدبير الجماعي للموارد الطبيعية إنطلاقا من معايير إجتماعية و بيئية ، و بين المطالب النقابية المحضة على المستوى المحلي. بحيث تغيب كليا أو أنها بالكاد تبرز إلى السطح قضايا الماء و أشكال الإستغلال المفرط له، و تنامي التصحر، و آثار إستعمال المواد الكيماوية و مواد الصحة النباتية على الصحة و على جودة التغذية، و التداعيات الملموسة لتدهور إقتصاد الكفاف على البيئة. كذلك فإن جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان، و التي مع أنها تهتم بشروط الحياة و بالحقوق الكونية، فهي قليلة المشاركة في الحراكات الخاصة بالبيئة ، و هي لا تتدخل إلا بشكل محدود في القضايا المتصلة بتدهور البيئة و بالتلوث و مشاكل الصحة العمومية. بينما ترتبط قضية البيئة مباشرة بقضايا أنماط النقل، و المضاربة العقارية، و نمط الحياة، و أنماط التعمير، و بالولوج إلى الماء و الطاقة، و بالأمراض الحضرية و بشروط العمل في عدد من القطاعات. و على سبيل المثال فإنها لم تتحرك على المستوى الوطني للتصدي لقضية إستيراد النفايات من فرنسا و إيطاليا، و هو الحدث الذي يتوافق مع كتابة هذه السطور؛ و الذي تم كشفه في بداية الأمر من طرف الشبكات الإجتماعية. أما في نطاق المنظمات السياسية فإنه من النادر مصادفة توصيات أو مواقف مصاغة من حول قضية أزمة المناخ، أو حول آثار السياسات اللاشعبية في المجالين الإجتماعي و البيئي. و في أحسن الأحوال، هناك بعض المواقع على الشبكة التي أنجزت ترجمات للتحليلات المبلورة على المستوى العالمي حول هذه القضية، و تحليلات جزئية/قطاعية على المستوى الوطني، لكن من دون الوصول إلى بلورة تفكير مفتوح يمزج بين المهمات المناهضة للرأسمالية و البيئية. و في الغالب هناك نوع من اللامبالاة إتجاه هذه القضية أو تعاطٍ ظرفي موجه لوسائل الإعلام. و لا يتعلق الأمر، بالنسبة لنا، بالسعي إلى تشويه قوى اليسار، بل نسعى إلى وضع اليد على أوجه القصور و التنبيه إلى التخلف التي يطبع التعاطي مع قضية ستهيكل بشكل مباشر أو غير مباشر النزاعات الإجتماعية و الديمقراطية في المرحلة القادمة و قدرات إعادة بناء مشروع تحرري حقيقي. فهذا اليسار يجهل القوة الجذرية التي تحملها القضية البيئية. بحيث إن الكثير من الحراكات تحمل بعدا بيئيا حتى و لو لم يدرك ذلك من يخوضونها، لكن لا توجد حركة أو مقترحات سياسية لترجمتها إلى واقع. ترجمة البدوي نص المقال الأصلي: http://taharour.org/?la-gauche-marocaine-et-la-question-environnementale
#تيار_(التحدي)_التحرر_الديمقراطي_المغرب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الملكية والتحولات الاقتصادية والسياسية
-
تناقضات الرأسمالية التبعية بالمغرب
-
قطيعة مع المخزن الاقتصادي أم قطيعة مع الرأسمالية؟
-
كرونولوجيا لأهم أحداث الحراك الشعبي بالريف
-
الحراك الشعبي بالريف
-
حراك الريف إلى أين ؟
-
الحراك الشعبي بالريف: رصد لملامح كفاح استثنائي
-
من دروس حراك الريف: الوعي القومي عامل مساهم في معركة التحرر
...
-
الريف الكبير: التنمية والتسيير الذاتي
-
رسالة من رفاقنا في الحراك الشعبي بالريف
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|