|
ما العمل في وضع مزري كالذي نحن فيه عربيا ومحليا ودوليا ( 5 )
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 5948 - 2018 / 7 / 30 - 11:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بادئ ذي بدأ ، لا بد من الإقرار بان الوضع الخاص بنا ، ما كان ليصل الى حيث هو ، لو ان القوى التقدمية ، والديمقراطية ، والوطنية الحقيقية ، عرفت كيف تربط سياساتها ، وتنظيماتها ، ووضعها الداخلي العام في صلاته مع الأوضاع العربية والدولية . ان التطور الذي شهده العالم العربي ومنطقة شمال افريقيا ، مثل الارتداد المحلي لكل نظام ، كان سيفعل فعله فينا ، ولكن ليس محتما ان يكون هذا الفعل بالاتجاه الذي حدث ، وبالشدة التي حصلت . ان أساس العيب كامن في القوى الديمقراطية ، والتقدمية ، والوطنية الحقيقية ، وفي وضعها الذاتي ، وتفاعله مع محيطه الموضوعي ، المحلي والعربي ، ومن ثم الدولي . وإذا كانت المراجعة مطلوبة الآن ، فإنما هي مطلوبة في اتجاهين : 1 ) وعي النواقص الذاتية أولا ، والاستعداد لإجراء مراجعة شاملة وموضوعية ، يتجرد فيها الجميع من الحساسيات والقضايا الصغيرة ، مقابل ابداء اكبر قدر ممكن من الاستعداد لنقد كل التجارب السابقة ، وما تم إنجازه في اطار التراكم النضالي الذي عرفته الساحة منذ خمسين سنة والى اليوم ، وإلاّ سيتحول الجميع الى بطّائيين يؤمنون بجبرية لا ترد ب " الموضوعي " متناسين انهم جزءا منه . 2 ) وعي التجربة الموضوعية التي عاشها الجميع ، وكانت المبادرة فيها خارج ايدي الجميع ، والاستعداد الحقيقي بأن تعاد التجربة ، ولكن ليس على طريق التكرار ، بل على طريقة إعادة التأسيس ، مع الاخذ بعين الاعتبار بالقوى السياسية الجديدة العقائدية التي أصبحت تتصدر الساحة ، فالإقصاء كممارسة ، وخدمة للاستراتيجية ، هو مرفوض . ان التاريخ ليس سوى عمليات إعادة تأسيس متصلة ، بحيث يُؤخذ من الماضي احسن ما فيه ، ليتم إرساء حاضرا قادرا على الامتداد نحو المستقبل ، دون ان يقف عند حدود نقل التجربة ، وانما يتجاوزها ، الى دمج التجربة المنقودة ( النقد ) ، في سياق نظري وعملي ، يستطيع الإمساك مجددا بالمبادرة ، وتطويرها على كل الأصعدة ، نحو اجراء التغيير المنشود ، في الذات ، وفي الظروف الموضوعية ذاتها . في الظرف المشخص الذي نعيش فيه ، نرى ان يتبلور هذا النشاط حول القضايا التالية : 1 ) الاتجاه الحاسم والجذري نحو الشعب ، بقصد إعادة احياء المجتمع ، كمجتمع سياسيا ، وبلورة سياسة خاصة به مستقلة عن الاقطاع ومناقضة له ، حيث يجب ان تكون كذلك . ان الصورة التي عرضنا في الحلقات السابقة ، لآليات عمل الدولة البوليسية ، لا تترك مجالا للشك ، في ان هذه قد تحولت اكثر فاكثر الى مركز أساسي للحياة السياسية بوجه عام ، لأنها هي المتصرفة بالثروات ، والمالكة لقسم أساسي من وسائل الإنتاج ، وهي المشرفة على التراكم ، وعلى توزيع الدخل الوطني بما يتحكم في اللوبيات ، وخلق ( النخب ) التي لا تملك غير التصفيق لإنجازات الدولة البوليسية هذه . ان هذا الوضع الغير مقبول بتاتا ، كان سيكون مقبولا فقط في حالتين : ا – لو كانت الدولة البوليسية ممثلة لمصالح الشعب والمجتمع . 2 – لو كانت تمة حركة سياسية اجتماعية ناشطة ، قادرة على موازنة دور الدولة الطاغي اقتصاديا وطبقيا ( الكمبرادور ) . ان السياسة التي تقوم على الاستيلاء على الدولة عن طريق الرضوخ لسياساتها ، والدخول في لعبة مصالحها ، والتي تحني رأسها اكثر فاكثر امام العواصف التي تهب من فوق ، فهي قمينة بتحويل الأحزاب ( السياسية ) الى تجمعات مصالح ، لا شأن لها في حياة الشعب ، وبتدمير الدور الشعبي المنشود ، الذي تسعى الدولة البوليسية بالأساس الى تدميره . وصورة اليوم التي تعيشها بلادنا ، ناطقة بما فيها . تترتب على سياسة كهذه وضعية لا تنقد ما يمكن انقاده ، ريثما تمر الظروف الصعبة والعصيبة ، بل انها سياسة تُضيّع ما يجب الحفاظ عليه وتطويره . فإلى ذلك ، فإن سياسة كهذه تعزز دور الدولة البوليسية المحولة الى مركز للحياة السياسية ، بدل ان تضعفه ، فتسد افق الاحتمالات امام الشعب ، وتضعه في مركز حرج ، جوهره التسابق نحو التزلف ، والتودد ، وخطب ود ورضى الدولة البوليسية وزبانيتها ، او التخلي تماما عن أي نشاط سياسي او نشاط عام . ان تأسيس الحركة السياسية الشعبية ضرورة لا بد منها ، لان وجود ، مجرد وجود ، القوى السياسية بالمعنى الحقيقي للكلمة ، صار مربوطا به . وحتى لا نتيه في الاطناب ، فان أي حزب يفتقر الى قاعدة شعبية حقيقية ، واعية ، ومقاتلة ، لن يستطيع الوقوف بوجه الدولة البوليسية التي تمارس الحداثة المعطوبة ، لمسخ وتمييع الشعب والمجتمع ، فكيف سيستطيع بالأحرى قيادة المجتمع والانتقال الى الهجوم المضاد ؟ . ان هذه المسألة ، مسألة مجابهة الدولة البوليسية ، والطبقات الاقطاعية المساندة لها ، بأوسع الجماهير الشعبية ، لا يجوز ان تفلت من الوعي لحظة واحدة ، إذا كان المناضلون التقدميون والديمقراطيون يريدون ممارسة السياسة الثورية بمعناها الحقيقي ، أي بوصفها تعبيرا عن مصالح مجتمع معين ، وجماهيره المنتجة والمضطهدة ، حيال اية قوة تحول دون وصوله الى مصالحه . والحقيقة الجلية للعيان ، أن ما حل بالأحزاب الوطنية خصوصا ، والأحزاب العربية عموما ، لم يكن سببه تناقص حجمها او تزايده ، ولا علاقتها بالدولة البوليسية أساسا ، بل كمُنَ سببه دوما في علاقاتها مع الجماهير الشعبية التي أدى انقطاعها عنها ، الى تقليصها حينا ، والى وقوعها في اغراء وكمائن مسايرة سياسة الدولة البوليسية في اغلب الأحيان ( الصحراء ) . وهذا ما ابعدها عن الشعب ، ودفعها بالتالي الى حلقة مفرغة دفعتها الى الدوران اكثر فاكثر في فلك القوى السائدة ، الا وهي الدولة البوليسية السائدة التي وصفنا ملامحها في دراساتنا السابقة في الحلقات الأربع الفائتة . ( يتبع )
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انعكاسات قضية الصحراء على دول الشمال الافريقي ( 4 )
-
حين توظف الدولة البوليسية القضايا الوطنية ضد مصالح الشعب --
...
-
الدولة البوليسية دولة تخريب ( 2 )
-
تحليل بنية النظام السياسي المغربي -- على هامش رسالة مستشار ا
...
-
موقف - حركة لنخدم الشعب - و - منظمة الى الامام - من نزاع الص
...
-
- منظمة 23 مارس - وقضية الصحراء ( 3 )
-
الحركة الماركسية اللينينية المغربية وقضية الصحراء ( 2 )
-
كيف فعل صراع الصحراء بالمشتغلين بالشأن العام ؟ ( 1 )
-
لا منطق الدولة الجزائرية في تعاملها مع الاستفتاء وتقرير المص
...
-
لا بذيل عن دمقرطة الدولة الجزائرية ( 6 )
-
النزعة التوسيعة الفاشلة للنظام العسكريتاري التوتاليتاري الجز
...
-
الحل كان في اصله فاشلا -- علامات انهيار الدولة الجزائرية ( 4
...
-
تناقضات النموذج ( التنموي ) الجزائري -- ازمة زراعة ، فشل صنا
...
-
التنمية الجزائرية المعاقة ( 2 )
-
الانقلاب البومديني ( بودين ) ، وفشل اختيارات الدولة الجزائري
...
-
وثيقة نادرة : بلاغ حول الاراضي المغربية المغتصبة . - الاتحاد
...
-
الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
-
الحاكمية
-
سيناريوهات الحرب القادمة والخطة المحكمة لمواجهتها ( تابع )
-
الخطة المحكمة لمواجهة اية حرب طارئة بالمنطقة ( تابع )
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|