أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ابداح - الإتجاه الجغرافي للتاريخ














المزيد.....

الإتجاه الجغرافي للتاريخ


محمد ابداح

الحوار المتمدن-العدد: 5948 - 2018 / 7 / 30 - 08:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن مؤشر البوصلة يجن جنونه إذا ما تعرض لحقل مغناطيسي، وذات الجنون هو عارض مرضي مشوب برعب يُصيب المُعتقدات الدينية أن تعرضت ثوابتها لحقل من الطعون، فتجعل بعض أصحابها يرتجفون من حُمّى الغيظ فيميلون عن غير قصد لإماطة اللثام عن خصائص الأساطير التي لا تصور الواقع بموضوعية بل بالطريقة التي يراد للمرء أن يراه في محاولته الدائمة لفهم ذاته وعلاقته مع الأخر، لذا تجد أن للفكر الديني مراوح دفع نفاثة ومزدوجة؛ الأولى للحدث والثانية لتفسيره، والخلاصة أننا لانعرف شيئا البتة عمّا حولنا إلا أنه يؤذينا، وتحت وطأة الخوف والحاجة نعمد إلى إطلاق اسم الموصوف على ما لا يوصف، وحينها وبلا إرادة منا نجدنا بحاجة إلى (مُخلّص أو مطهّر) ليس لتبريئنا من التهم الموجة إلينا، أو لتفسيرها لنا بموضوعية على الأقل؛ بل لتخفيف ألامنا من هول ما سيجري نتيجة خطايانا.
لنقولها دفعة واحدة؛ لو احتسبنا عدد تذاكر الدرجة الأولى المحجوزة في مسارح أحداث التاريخ لوجدناها في تزايد مستمر، بعد أن كانت في يوم من الأيام حكرا على فئة محدودة جدا من الناس أنبياء كانوا أم طغاة، فهل ازداد عدد الأولياء والظالمين أم انفلت عقال الفكر البشري من حيازة الدين؟ حسنا لقد ظهر الدين قبل قواعد القانون، والكهنة قبل القضاة، لذا فإن لأصحاب شعار الإدانات الجاهزة من رجال الدين؛ أسبقية على رجال التحقيق، (لا تحكم، بل إفهم أولا) ذلك كان شعار عالم الأديان والمؤرخ (مارك بلوخ)، والشعار الأول متأخر بضعة آلاف من السنين عن االثاني، ومن أجل طحن ماورد في الفقرة السابقة بغاية عجنه وخبزه ثم تقديمه مُحلّى لمن يُريد الإعتراض؛ يتردد الناس على الأسواق أكثر ممّا يتسوّقون، ثم يتسوّقون من حيث لا ينوون التسوق! فالحاجة إلى الأولى محفورة في دماغنا المنسوب نظريا إلى العوالق البحرية المائلة بطبعها للفضول، بينما بالكاد مسّت الحاجة إلى الثانية قشرة دماغنا الداخلية في زمن متأخر جدا، يُمكن الجزم بأنها ما بين فترة رقود قابيل حائرا فوق جثة أخيه هايبل، ومابين الثورة الفرنسية أواخر القرن السابع عشر الميلادي.
والذي سبق وإن كان أكثر بدائية (هذا الإتجاه قد يكون مربحا للبعض!)؛ إلا أن التلويح بقائمة طويلة من أجراءات عقابية جنائية (الرياض مثلا) ضد كل من يُطالب بمراجعة الثوابت المزوّرة هو الجنون بذاته، ففي الإمكان مراجعة الثوابت دون اللجوء لإنكار الطابع الإجتماعي والموروث الثقافي، وكأن تلك المطالب جينٌ وراثي يُخشى أن يتم توريثها للأجيال اللاحقة. ومن سوء طالع الشعوب أن تلك الحقيقة الشاذة مستساغة جدا من الطبقات الوسطى، ودائما ما تُثير موجة من التصفيق الحار.
لنتخيل معا منزلين مُختلفين في مدينة عربية وقت المساء، الأول لوزير أو مسؤول حكومي يكنزُ في خزنة مكتبه بضعة رُزم من الأموال جناها من صفقة أو رشوة أو اختلاس، والمنزل الثاني شقة مستأجرة من قبل موظف عادي يعمل في ذات الوزارة، يتوسل لمالك الشقة أن يمهله في دفع أجرة السكن المتأخرة عليه منذ ثلاثة أشهر. إن الحاجة للقول بأن (الخطأ خطأ..) لا يفرضُ على المُنظرين تقديم أسماء من يُطلق الصّرخات وإنما ليُفسّروا للناس ما حملهم على الصُراخ.
إن الزُعماء هم أنفسهم وقُضاة الإعدام ذاتهم، والسيناريو طبق الأصل مع فارق التوقيت، لكن النتيجة فضائح ومآسي غير منطقية على الإطلاق، وما بين كسُل التعبير وتثاؤب الشارع فإن انكار الحقيقة بات حقيقة! وبقدر ما يتعاظم الهلع من ظاهرة ما؛ يبدو المرءُ أقل قدرة على فهمها بشكل موضوعي ( جورج ديفارو)، ومن سوء الطالع أن ( لكل امرء حقيقته) وثمة حقيقة واحدة للجميع؛ كما كان لجنكيز خان وهتلر وليوبيد حقائقهم الخاصة، فإن للواقع المادي المحسوس حقائق عامة مغايرة تماما، وليس بالضرورة أن يكون الواقع موازيا لعلم عالم الماورائيّات، ورغم ذلك لو صرّح أحد المشعوذين بأن حدثا جللا سيقع في زمان ومكان مُعيّنين فإن كلامه سيجد صدا كبيرا لشريحة واسعة من المؤمنين به، لكن لو أن محللا سياسيا من عيار جيّد يقول للناس بأن للتاريخ اتجاها مكانيا كاتجاه الطريق المؤدّي لمنازلكم أو أمكان عملكم، وبأن سياسة الرياض وأبو ظبي الحالية تديران حربا بالوكالة عن بريطانيا والولايات المتحدة في المنطقة، وبأنهما لم يكتفيان بعد بتدمير اليمن وسوريا وليبيا والصومال والسودان، بل سيجران كامل المنطقة العربية في الخليج والعراق والأردن ومصر وسلطنة عُمان إلى حرب مفتوحة مع إيران، ومن أن قطر هي البندول؛ سيُقال عنه مُعارض سياسي مُهرطق. فهل للشعوب العربية من عقلاء يقفون في وجه من يسير بالمنطقة إلى هكذا اتجاه؟



#محمد_ابداح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القيمة العلمية للأديان السماوية
- ضجيجُ الموتى!
- المتغيّر والثابت في الوطن العربي!
- الصحافة الرسمية الرائجة
- المعارفُ والقناعات!
- الجمهورية العربية الثالثة!
- العودة المستحلية!
- دول المخاض العربي!
- هوّية الهيمنة الدّينية والسّياسية
- تقنين الفساد المالي والإداري في الدول العربية المعاصرة
- قواعد النّقد السياسي-8
- قواعد النّقد السياسي-7
- قواعد النّقد السياسي-6
- الشباك المثقوبة!
- قواعد النّقد السياسي-5
- قواعد النّقد السياسي-4
- إستثمار الإستعمار
- قواعد النّقد السياسي-3
- الحقيقة العارية
- لسوءِ الأمانة ثمنٌ وللجُبْنِ أثمانُ


المزيد.....




- سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي: ...
- أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال ...
- -أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
- متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
- الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
- الصعود النووي للصين
- الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف ...
- -وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب ...
- تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ابداح - الإتجاه الجغرافي للتاريخ