|
الأنقاض الأوغاريتية والبعل السوري _ وقصة تدمير الحضارة السورية ..
خالد كروم
الحوار المتمدن-العدد: 5945 - 2018 / 7 / 27 - 11:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عرض وشرح :_ خالد كروم
تمهيــــــديــــــة ..
مدينة اللاذقية إحدى مدن سوريا ...((القديمة - الحديثة ))... وتحتل أوغاريت موقعا هاما على الخريطة الأثرية السورية ......نظرا إلى كونها تحوي على مجموعة القصر الملكي الاوغاريتي...
وذلـك علي ضـوء الدراسـات التـي جـرت في المواقـع الأثريـة....الذي تحدث عن مملكة أوغاريت في مدينة إيبلا..... ومن خلال ما ذكر عنها في نصوص مملكة ماري..... أثناء زيارة الملك زميريليم في العام ..(1765)... ق.م لأوغاريت....
ومع العثور على رقيم آخر في وثائق ماري..... وهو عبارة عن رسالة من ملك أوغاريت إلى ملك يمحاض في العاصمة حلب..... يرجوه فيها أن يطلب من ملك ماري أن يسمح له بزيارة قصر ماري .....الذي كان ذائع الصيت في ذلك الوقت.....
وإن دل هذا فهو يدل على حرص أوغاريت على إقامة علاقات طيبة مع ملك ماري .....وإنه يدل في نفس الوقت أن تكون هذه العلاقة عن طريق وبمعرفة ملك يمحاض القوي....
بالإضافة إلى ورود أوغاريت في النصوص الحثية المكتشفة في الأناضول وسورية ......ورسائل تل العمارنة المكتشفة في مصر....
ومن خلال ذلك بدأ يلوح في الأفق مملكة كانت مختبئة في جوف الأرض هي مملكة ....((أُغارو))..... التي معناها «الحقل» باللغة الأكادية....
أعمال منجزات البعل السوري ..
عثر بالصدفة على أحد المدافن في حقل يقع بالقرب من خليج ...(المينا البيضا)....في قرية برج القصب...والتل الكبير المنتصب....من خلال الحراثة صفحات كتاب التاريخ على مصراعيه.... كان هذا الاكتشاف نقطة بدء التحري والتنقيب في تل رأس الشمرا...
ابتدأت أعمال التنقيب عام....(1929)... م واستمر إلى عام ...(1939)... م حيث توقف بسبب الحرب العالمية الثانية ليعود بعد الحرب..... وما زال مستمراً إلى الآن على يد بعثة أثرية فرنسية تتابع عملها تحت إشراف المديرية العامة للآثار والمتاحف في سورية....
وتبين من الحفريات أن أوغاريت كانت عاصمة لمملكة بلغت مساحتها (5425) كم مربع تقريباً في القرنين الخامس عشر والثاني عشر قبل الميلاد .....وهي فترة ازدهار المملكة....
وبينت الحفريات والأسبار الأثرية أن موقع رأس شمرا ...(أوغاريت).... كان يشمل على حوالي ((20)) سوية أثرية (استيطان) تعود حتى العام(7500) ق.م....
ازدهرت ثقافة أوغاريت خلال عصر البرونز الأخير.....(1550-1200) ق.م..... وإلى هذه الفترة النشطة من حياة المدينة...... ترجع كل المنقوشات الكتابية التي اكتشفت في الموقع....
ويـقدر عدد سكان مدينة أوغاريت في القرن الثالث عشر قبل الميلاد بـ (8000، 6000) نسمة ......وذلك اعتماداً على بقايا البيوت العشرة آلاف المكتشفة فيها، أما سكان باقي المملكة فيقدرون بـ (50000 إلى 35000) نسمة، موزعين على (150-200) قرية ومزرعة تابعة للعاصمة....
وتعود أقدم الطبقات إلى النصف الثاني من الألف السابع قبل الميلاد.... إلى العصر الحجري الحديث.... ثم توالت الطبقات التي تدل على استمرار النشاط البشري في الأحقاب والعصور القديمة..... مروراً بالعصر البرونزي القديم الذي ابتدأ في رأس شمرا نحو سنة(2900) ق.م .....
وكان معظم سكانها في تلك الحقبة من الكنعانيين .....وتوسعت المدينة في العصر البرونزي الوسيط ......وظهر أكروبول في جانبها الشرقي..... ووفد إليها الحوريون واختلطوا بسكانها الكنعانيين.....
وأخذت المدينة كامل أهميتها السياسية والتجارية والثقافية في العصر البرونزي الحديث بعد(1600) ق.م ......حيث أقامت علاقات ودية مع الدول والممالك المجاورة ......وصولاً إلى مصر..... وبلغت ذروة ازدهارها في الحقبة الثالثة من عصر البرونز الحديث من نحو سنة(1370) ق.م حتى ســـنة (1182) ق.م....
تعتبر المكتشفات الدالة على الحياة الثقافية والوثائق المكتوبة أهم مكتشفات رأس الشمرا.... حيث تم العثور ما بين عام (1929) و (1988) على (3557) رقيم فخاري.....
وتنفرد الوثائق المكتشفة في رأس الشمرا بتنوعها.... وهي تتناول ميادين مختلفة.....وأغلبها نصوص مدونة على ألواح طينية تتضمن أساطير.... ونصوص قانونية، وطقوس دينية....
ومجموعة نصائح وحكم ووصايا.... ومراسلات رسمية وخاصة... وتحارير.... ومعاهدات....وأبحاث طبية وبيطرية والعلاقات التجارية....
ونصوص إدارية تشتمل أسماء الموظفين والتجار وقوائم بأسماء المدن والقرى التابعة للمملكة.... ووثائق قانونية محلية ومعاهدات دولية.... وتمارين مدرسية على الكتابة ونصوص أدبية.....
مازالت تشكل حتى الآن مصدرنا الرئيسي عن الأدب وقواميس تسرد مفردات أوغاريتية ....وما يقابلها من اللغات السومرية والأكادية والحورية....وطبعات أختام.....
وهناك نصوص ذات طابع علمي أو موسوعي منها رقيم كبير فيه أسماء الأسماك والطيور المعروفة آنذاك.... وأنواع الأقمشة وأشهر السنة.... وهناك قوائم بالأوزان والمساحات والأحجام....
إلا أن الاكتشاف الأكثر أهمية هو اكتشاف أقدم أبجدية في العالم تعود إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد .....والتي تعتبر أكمل أبجديات العالم القديم وأغناها وأكثرها شمولاً تحتوي ثلاثين حرفاً أو إشارة مسمارية .....
وكل إشارة منها ترمز إلى حرف ساكن مستقل عن الصوت.... كما هو الحال في الأبجديات الحديثة بالترتيب الشائع في ذلك الوقت .....وهو الترتيب نفسه في اللغة الألفباء اليونانية والأبجدية العربية....
وكانت تكتب من اليسار إلى اليمين.... وبسبب التقدم والازدهار الذي عاشته أوغاريت ....فقد كانت لغتهم من أهم اللغات....
وبجانب لغتهم الأساسية استخدم سكان أوغاريت لغات عديدة كاللغة الأكادية التي استخدمها سكان المملكة في تعاملاتهم مع بعض المناطق..... ووضعوا لذلك قواميس متعددة..... ولكن اللغة الرئيسية التي اكتـُشفت في رسائلهم هي لغة سامية خاصة بهم تسمى بـ(اللغة الأوغاريتية)....
كما وجدت فيها نصوص ببعض اللغات السورية القديمة كـ (الأكادية، الأوغاريتية، والقبرصية) وغيرها......وفيها معلومات مهمة عن التنظيم السياسي في المملكة وتشريعاتها وأنظمتها..... وعلاقاتها بجيرانها وما يميز حضارة أوغاريت....
ويدل على مدى التطور التي وصلت إليه المعاجم اللغوية التي اكتشفت ومخطوطات التفاسير وغير ذلك.... مما ألقى ضوءاً على العلاقات والآداب بين أوغاريت وبين آداب الحضارات الأخرى مثل الأدب الكنعاني....
واكتشفت في أطلال أوغاريت نصوص بلغات أخرى أيضاً.... منها لغات غير سامية شاعت في المنطقة مثل (الحورية، والحثية، واللوفية، والسومرية، والمصرية والمينوية) ....ومكتوبة بخمسة أنواع من الخطوط (المسمار، البابلي، الهيروغليفي المصري، الهيروغليفي اللوفي، والنقوش المنيوية)....
وكانت أوغاريت مركز تجاري هام بين منطقة الأناضول ....ومن خلفها مناطق اليونان في الشمال والغرب ووسط أوروبا.... ومناطق سوريا الداخلية وشرق الهلال الخصيب في الشرق.... وكذلك مصر في الجنوب....
فكانت مدينة تجارية بامتياز ولها سمعتها وقوتها التجارية..... واشتهرت أوغاريت بالصناعة فكانت مركز إنتاج وبيع الأخشاب وصناعة المعادن والأواني المشغولة بحرفية ودقة عالية والمنسوجات والأقمشة والأصبغة المستخلصة من صدف (Trunculus Hexaplex) (الأرجوان)....
وكذلك من الجانب الزراعي فقد عرف عن مملكة أوغاريت غناها بالمنتجات الزراعية مثل .....(الزيتون وصناعة وعصر زيت الزيتون والقمح والشعير)......
وبعض المنتجات الزراعية التي كانت تصدرها للمناطق المحيطة أو عن طريق ميناء أوغاريت (المينا البيضا) مركزاً مهماً للتجارة يعج بالسفن وبالبضائع من جميع الأنواع...
وكانت الديانة الأوغاريتية امتداد لديانة كنعانية..... كما تبين الأساطير الميثولوجية الواردة في النصوص الدينية والملاحم ونصوص الشعائر والعبادات......
وكذلك من وجود عدة معابد أهمها معبدين على الأكروبول (مرتفع المدينة)، بينهما بيت الكاهن الأكبر، معبد الإله إل (ءل ـــ ءيل ـــ إيل)، (بيت إيل) وربما الإله دجن (داجان، داجون) معه....
في الجهة الجنوبية الشرقية والذي يرجح تاريخ بناؤه بـ (2000) ق.م، ومعبد الإله بعل (بيت بعل) في الجهة الشمالية الغربية وهو أحدث في حوالي(1400) ق.م وكان للمعتقدات طقوسها وشعائرها....
وقد أدت مجموعة عوامل على رأسها مهاجمة (شعوب البحر) لمنطقة الساحل السوري الكنعاني إلى توقف الحياة في أوغاريت في العام (1182ـ1185) ق. م تقريباً نهائياً....
قصائد ومنجزات البعل السوري ..
نأتي الآن إلى موضوع الغرابة...فهناك في التاريخ بعد الإسلام جماعات فكرية ....دينية تشكلت و تضاربت في الآراء الدينية والسياسية.....
كان منها جماعة تعرف بـ (السبائية)..... وهو إسم تم إطلاقه على أتباع شخص كان إسمه (عبدالله بن سبأ)..... الذي كان من أنصار (علي بن ابي طالب)....
وكما نقرأ في كتاب ....(الملل و النحل).... للشهرستاني .....(الذي يعود للقرن الثالث عشر الميلادي):_
خاطب عبدالله بن سبأ علي بن ابي طالب بزمن بعد وفاة (الرسول محمد).....و بداية النزاع حول الخلافة فقال له حرفيا" هذه العبارة:_ (يا علي أنت أنت) وهو يعني (أنت الإله)...... يعني أنه أعلن ألوهة أو ألوهية علي و جعله أعلى من (النبي محمد)....
فقام علي بنفيه إلى (المدائن)..... فكان إبن سبأ هذا هو أول من أظهر القول بالنص يإمامة علي ومنه تشعبت أصناف الغلاة......
وقد زعم إبن سبأ.... و الكلام للشهرستاني..... بأن علي حي لم يمت ففيه الجزء الإلهي ولا يجوز أن يستولى عليه....
ثم أضاف ان: _ (علي يجيء في السحاب، وأن الرعد صوته.... والبرق هو تبسمه.... وأنه سينزل إلى الأرض بعد موته .....فيملأ الأرض عدلاً كلما امتلأت جورا")....
وكل هذه العبارات السابقة منقولة عن كتاب ....(الملل و النحل).... للشهرستاني الراوي الإسلامي الفارسي (من شهرستان)...
نأتي الآن إلى الموضوع الاكثر غرابة.....؟
من الغرابة بمكان أن العبارة التي تصف علي بأنه يأتي ....(راكبا" السحاب.... وأن الرعد صوته، و أن البرق تبسمه)..... قد تم العثور عليها.... كما هي منقولة حرفيا" بالنصوص التي عثر عليها في أنقاض مملكة ....(أوغاريت).....
في سوريا الواقعة إلى الشمال قليلا" من مدينة اللاذقية على شاطئ البحر الأبيض المتوسط في الربع الأول من القرن العشرين الفائت....
وهي نصوص يعود زمن تدوينها بالأبجدية الأوغاريتية السورية إلى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد أي حوالي 1,500 ق.م.....
وهي تأتي في القصائد التي تتحدث عن أعمال ومنجزات البعل السوري وكيف أنه يتعذب ويموت ثم يقوم من الموت ليملأ الأرض رغداً .....
ويجعل المياه تتدفق و الحقول تعطي ثمارها والحيوانات الأليفة تتكاثر وتدر الحليب.... بعد أن كان القحط قد أدرك الأرض وكاد الناس يهلكون جوعا" وعطشا"... وبعودة البعل تعود الحياة إلى الأرض ....وينعم البشر بكل ما هو طيب.....
والعبارة التي تعود كما سبق إلى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد.... تصف قيام البعل من الموت وعودته إلى الحياة بهذه العبارات:_
يجيء البعل السحاب مركبته..
البرق ينبيء بقدومه...
و الرعد صوته...
ليعيد الخصب إلى الأرض... ورغد العيش للبشر...
نلاحظ إذن أن عبارة إبن سبأ المقالة في علي هي تكرار ونقل حرفي للراوي الفارسي للعبارة الأوغاريتية الغارقة في القدم...... والتي لم يتم الكشف عن نصوص أوغاريت إلا منذ حوالي مئة عام من وقتنا هذا..... أي بعد مرور حوالي 3,500 سنة من زمن نقشها في أوغاريت....
وبعد كلام الشهرستاني عن لسان إبن سبأ بحوالي 2,800 سنة من الزمن الذي عاش فيه الشهرستاني..... وبعد مرور 2,100 سنة على الزمن الإفتراضي الذي عاش فيه إبن سبأ وعلي.... (القرن السادس للميلاد)....
فكيف تم تشابه هذه العبارات حرفيا" ؟ ولماذا قيل هذا الكلام في علي وهو في الأصل مكتوب للبعل .....؟ وكيف عرف إبن سبأ بهذه العبارات التي كانت مدفونة بين الأنقاض الأوغاريتية الأثرية منذ آلاف السنين ....؟!!
من المدهش بمكان أن هذا الكلام قيل في علي بالذات ....ونحن نجد أن إسم علي هو نفسه إسم البعل الذي يطلق عليه في نصوص أوغاريت لقب (بعل عليان)..... ويعني السيد أو الرب - صاحب العلو أو العلياء والرفعة...وتسميه النصوص القديمة أيضا".... (بعل العلي- العالي) ....و ...(بعل إبن العلا)....
ونجد نفس الدلالة في الأسماء التي تحدرت عن إسم البعل مثل..... (علي - علاء - علا - عبد العالي -عليا -علياء -عالية -علوة -معالي).....
وأيضا" أسماء مدن مثل مدينة إيليا ....أو إيلياء -علياء.... (الإسم القديم لمدينة القدس).... وبلدة... (معلولا).... القائمة عاليا" بين الجبال وجبال العلويين ....(الجبال العالية).... في سوريا و.... (عالي).... في لبنان و غيرها.....
ثم أن حرف الباء في إسم البعل السوري .....هو في الحقيقة حرف جر أو ظرف مكان وهو يجيء.... (بـ ).... بمعنى ....(في)......فحين نقول:_ (بعل)..... فالمقصود هو أن السيد هو في العلى (بـ +عل)..... أي ان السيد هو (بالعالي - في العالي أو في العلالي).....
مثلما يرد في بعض أغنيات فيروز كأغنية .....(مضوية مضوية)..... مثلما نقول مثلا" هو (بـ +البيت)..... فنحن نعني هو (موجود بالبيت)..... والبعل هو (بنعل أو بن عل) أي إبن العلي (بن+عل)..... مثل إسم الرئيس التونسي السابق (بن علي).....
وهو كذلك إبن السماء.... (بن+شمم)...... بالكنعانية السورية و (بن+ عل) تعني أيضا" (إبن الله)...... مثل لقب السيد المسيح (إبن الله).....
لأن كلاهما هو إبن الإله إيل إله القمر كبير الآلهة ورب الأرباب فـ (إيل أو ئل)..... تعني بالكنعانية السورية إسم الله (إل / إل إله / الله) ....والتي تحولت إلى(الله)....
ونحن إلى اليوم نقول..... (الله تعالى).... إذن إسم البعل المجرد من أداة التعريف ...(الـ الدالة على الإله إلـ أو ئل أو إيل) ......وبدون ظرف المكان الحرف.... (ب) يكون (عل)..... يعني (علي - عالي - الله العلي العالي)..... وإسم (علي).... إنما هو مشتق من الجذر نفسه ...!
ونجد هناك أيضا" غرائب تاريخية لغوية حول هذا الموضوع.... فالبعل السوري يتزوج من ......(سيدة الينابيع والمياه) .....كما يدل اسمها .....(عناة أو عنات) ......وهي كما تصفها نصوص أوغاريت ....(الأقدم من الإسلام بآلاف السنين).... سيدة جميلة ومتزينة و قوية و هي بدورها (بنت - عل)......
وهي التي يحبها البعل .....ويقترن بها فتصبح قرينته ففي الأصل الكنعاني كانت كلمة ....(أخت أو شقيقة)..... تدل على ....(المحبوبة أو العشيقة).....كما كانت تدل على (الأخت) من نفس الأسرة.....
فعنات هي أيضا" وبهذا المعنى من ذات السلالة البعلية..... وكان للبعل ثلاث بنات أسماؤهن على التوالي هي:_
١. (بدرية) وتعني البدر أو نور القمر..
٢. (طلية) والطل يعني الندي أو المطر..
٣. (أرصي) وتعني الأرض أو الحقول...
و(عنات).... في نصوص أوغاريت تقابل.... (إنانا - عشتار- عشتروت - أفروديت - فينوس)..... وكما كانت عِشتار (نجمة الصبح ونجمة المساء وكوكب الزهرة).....
فقد كانت أيضا" تحمل لقب.... (بتول أو عذراء).... وتلفظ في الأصل السوري القديم ...(بتلت).... (مثل بتلات الورود) .....وهو تماما" ذات اللقب الذي حملته فيما بعد (مريم - أم يسوع)....
فاصبحت نجمة الصبح... ونجمة السماء والبتول والعذراء)..... كما ترد في ترتيلة كنسية سريانية للسيدة فيروز: (يا نجمة الصبح شعي في معابدنا)....
وإلى اليوم نحن نقول :_ (مريم البتول - و مريم العذراء - و سيدة الرياحين والسنابل والسماء)...... يعني كل ألقاب السيدات السوريات السماويات....
(عنات) قرينة البعل تحمل أيضا" لقب هو.... (يمامة الأمم)..... و ....(حامية الأمم).... وهو في الأصل .....(يم- مم)..... يم تعني بحر و يم- مم يعني .....(روح العالم - وسيدة السماء).....
لآن اليمامة هي رمز للروح القدس..... (اليمامة هي الطير الذي دل أوتنابشتيم على اليابسة في طوفان ملحمة جلجامش - طوفان النبي نوح في القصة التوراتية المنقولة عنها.... وهي التي باضت على باب المغارة .....
فحمت نبي الإسلام محمد وصديقه أثناء هروبهما....وكفت من مطاردة المشركين لهما في الرواية الإسلامية).... وهي التي تجعل البعل يقوم من الموت.... وأول من يراه يقوم منه في الأسطورة الأوغاريتية....
ونفس الحكاية نراها في شخصية ....(مريم المجدلية).... التي كانت أول من رأى يسوع يقوم من الموت ....وأول من بشر بقيامته.... وهذا ما تفعله.... (عنات)... في نصوص أوغاريت....
ولا ننسى الإشارة إلى أن إسم ...(مريم)... يعني بالسورية القديمة ...(المياه العظمى أو الغمر الأول).... وفيه إشارة إلى مياه رحم المرأة (السائل الأمنيوسي - المحيط بالجنين خلال فترة الحمل).. !!!
من الوقائع الغامضة والغريبة التي نجدها أيضا" هي أن علي بدوره يتزوج من عذراء إسمها (فاطمة).....وهي إبنة النبي محمد بحسب الرواية الإسلامية العباسية وإسم (فاطمة أو فطومة أو فطوم) يعني في باللغة السورية القديمة (سيدة القدر) ....
وهو يعني ما لا مفر منه ...(القدر)... أو حرفيا" (ما سوف يتم أو ما قد تم تقريره مسبقا").... وقد دخل إلى اللغة اللاتينية فيما بعد في صيغة (FATUM)..... والتي أصبحت (FATE باللغة الإنجليزية)....و (فطوم)..... هو صيغة تصغير وتدليل لإسم (فاطمة).....
ونجد أن (فاطمة) زوجة علي قد أطلق عليها بدورها فيما بعد إسم ....(فاطمة الزهراء).... أي (كوكب الزهرة - نجمة الصباح ونجمة المساء).... وأنها كانت من نفس سلالة علي..... وأنه كان لعلي مثل البعل أول ثلاث أولاد له كانت لهم أسماء ذات دلالة ....وهم كما نعرف:_
الحسن والحسين ومحسن :_ (الثالث لم يولد حيث تم إجهاض فاطمة بمحسن كما تقول الروايات في بعض الفرق الإسلامية).... ونحن لو بحثنا في دلالة هذه الأسماء لوجدنا أنها كانت كلها تدل على ما هو حسن وبديع وجميل ....
وتأتي من جذر الكلمة ...(حسن).... كما نقول اليوم تعبير ....(ست الحسن).... ونعني به (سيدة الجمال)...... أما علي إبن الحسين ....(زين العابدين).... فيعني ....(أجمل مخلوقات الله)....
فهو يكاد يشابه حرفيا" لقب الملك ...(كريت).... السوري (والذي سميت جزيرة كريت على إسمه)..... في نصوص أوغاريت حيث يصفه النص بأنه (زين العابدين أو أجمل المخلوقين).....
وفي الأصل السوري الكنعاني (نعم - غلم - عل)..... يعني أنعم أو أجمل غلمان (الغلمان المخلدون الوارد ذكرهم في القرآن).....أو أولاد الله ... أو مخلوقات الله لأن كلمة (إبن) في الكنعانية تعني أيضا" (صنع أو خلق).....فيكون المعنى إذن (أجمل مخلوقات الله أو زين العابدين).....
وهذه الأسماء ذات الدلالة نراها أيضا" في أسماء بنات البعل:_
١. بدرية (نور الله): لأن الله / القمر هو نور السموات (القمر هو وجه الإمام علي - وجه الله العلي العالي - نور السماوات والأرض - نور على نور في المعتقد الإسلامي العلوي)...
٢. طلية (ندى أو قطرات المطر): هي المياه الضرورية للحياة.... وهي نعمة إلهية تتمثل في هطول المطر...
٣. أرصي (الأرض): _ والمعنى هنا كل ما هو طيب على الأرض وكل ما هو حلو و جميل..
و أخيراً:_
وكما أن البعل عرف موتا" فاجعا".... فإن علي بدوره عرف موتاً فاجعاً على يد أعدائه .....(وأيضا" إبنه الحسين عرف موتا" فاجعا" على يد أعدائه).....
وكما كان السوريون ينتظرون قيامة البعل بكل أسمائه من - دموزوي إلى تموز إلى أدونيس وغيرها من أسماء كـ (أدوناي) .....عند اليهود ثم أصبح اليهود والمسيحيين ينتظرون قيامة المسايا أو المسيح من الموت في عيد العبور..... أو الباسوفر أو باس أوفر (Passover / Pass Over) عند اليهود و (عيد القيامة / عيد الفصح) عند المسيحيين.....
فكذلك الأمر أصبح أيضا" عند طائفة كبيرة من المسلمين إنتظاراً لعودة المهدي المنتظر أو إمام الزمان (الإمام) ......إلى الأرض ليملأها عدلا" .....كما كان البعل بعد قيامته من الموت يصنع .....(كما نجد ذلك في الأساطير المصرية حيث يقوم حورس ببعث أبيه الإله أوزوريس و قيامته من الموت بعد قتله من قبل أخيه الإله سيت _ الشيطان عم الإله حورس).....
وهي جميعها تعابير مجازية ....(Metaphor)..... لتعاقب النهار بعد الليل وشروق الشمس كل صباح بعد تبدد ظلام الليل و (انبعاث)..... وتجدد الحياة على سطح الأرض في فصلي الربيع والصيف بعد انقضاء (موتها) في فصلي الخريف و الشتاء...
يقول النص الأوغاريتي:_
السماوات تمطر سمناً و رغداً...
والسواقي تسيل عسلا"....
وفي الأصل الكنعاني للنص نجد:_
ش+م+م / ش+م+ن / ت+م+ط+ر..
ن+خ+ل+م / ت+ل+ك / ن+ب+ت+م...
هذا يتطابق تماما" مع قصص الأديان الإبراهيمية التي تتناول عبادة البعل والمسيح المخلص.... وخاصة" هناك حديثا" بعنوان أمير النحل - يعسوب الدين ....وهي صفات لعليا أو (علي بن أبي طالب كما ورد إسمه في الرواية الإسلامية)....
وهي بالأصل كانت صفات للعلي العالي الإله بعل صافون عند الفينيقيين والكنعانيين إله الشمس والنور والمطر والرعد والخصوبة .....
وكانت له صفات عديدة منها تلك الصفات .....وأسماء أخرى مثل ....(أمير زبل أرص)... طبعا" الزبل هو مخلفات الأغنام والماعز استخدمها القرويون السوريون منذ القدم لتخصيب أراضيهم الزراعية .....
وتشبيه البعل بزبل الأرض لم يكن تحقيرا" له بل تبركا" به .....ورفعة" لشأنه ودالا" على اعتقاد القدماء بقدرته الخارقة على تخصيب الأراضي المعالجة بالزبل ..
أيضا" لاحظوا كيف يتم تصوير المسيح (الشاب الوسيم الجميل).... مثل الإله البعل الأوغاريتي.... (إله الخصب والحياة الفينيقي الكنعاني الوسيم الجميل العلي العالي) و هو يمسك بعصا أو بغصن (رمز لشجرة الحياة من أمه عشتار)....
بيد ويرفع ذراعه الأخرى بنفس الطريقة و الوضعية تماما" ....ولاحظوا تشابه تصوير المسيح أيضا" مع تصوير رسول الإسلام عليا - الإمام علي - المحمد أو المعمد (الشاب الوسيم الجميل المتواضع المتلفح بلفحة والمتغمد بالبساطة والوقار معا")....
وكل منهما يجيء في السحاب..... وأنه سينزل إلى الأرض بعد موته فيملأ الأرض عدلاً كلما امتلأت جورا" ....!!! الإله دوموزي - تموز - شمش إله الشمس - البعل حدد أو هدد - إله الخصب والرعد والمطر - أمير الأرض وأمير النحل - أدوناي أو أدونيس - المسيح - الفادي - علي - الخضر - المهدي المنتظر ..
كلها أوجه أسطورية لإله واحد:_ هو البعل السوري الآشوري البابلي الآرامي الفينيقي الكنعاني... !!!
يتبع
المراجع:_
1ـ المديرية العامة للآثار والمتاحف....
2ـ أنيس فريحة، ملاحم وأساطير في أوغاريت (رأس شمرا)، الجامعة الأميركية، بيروت، 1966....
3ـ علي أبو عساف، ملاحم وأساطير رأس شمرا (نصوص من أوغاريت دراسات ونصوص قديمة«3»)، وزارة الثقافة السورية، دمشق 1988...
4ـ نسيب وهيبة الخازن ـ أوغاريت...
5ـ جبرائيل سعادة ـ أقدم نصوص أدبية ظهرت في القطر العربي السوري...
6ـ أنيس فريحة ـ ملاحم وأساطير أوغاريت....
7ـ أ، ش شيفمان ـ ثقافة أوغاريت....
8ـ جون غراي، التراث الكنعاني،The legacy of Canaan....
9- (المصدر: فايز مقدسي - باريس 2,013 م)..
إضافة إلى الدوريات المتخصصة "Syria" الفرنسية..... والحوليات "الأثرية العربية السورية" .....وأوغاريت فورشينغين" الألمانية....
#خالد_كروم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاديان الإبراهيمية وفلسفاتها....ج 6
-
الاديان الإبراهيمية وفلسفاتها....ج5
-
الاديان الإبراهيمية وفلسفاتها....ج4 ...
-
الاديان الإبراهيمية وفلسفاتها....ج3 ...
-
الاديان الإبراهيمية وفلسفاتها....ج2 ...
-
الاديان الإبراهيمية وفلسفاتها....ج1
-
أرفعوا القادسية عن التراث الموروث
-
الوهابية السلفية وصناعة المسلم المزيف ...
-
أوهام الديانات الإبراهيمية .. والإعتقادات الخاطئة... ج1
-
نسف نظرية نزول الله فى الليل
-
الأساطير الدينية الوهابية - أبن تيمية إنموذجا- ...؟ ج1
-
فلسفة صناعة الوعي البشري الربوي 1 - 3
-
أساطير وقصص قديمة وخرافات أصبحت تراثاً مقدساً...ج 1
-
هل خلق الله العظيم ..جهنم بالفعل أما هي أسطورة....؟ ج1
-
مغالطة منطقية يصنعها المؤمن
-
انثروپولوجية المعشر والتشابه السلوكي
-
إدعاءات وخرفات وخزعبلات وهمية فى الديانات الإبراهيمية
-
الخلل فى قوالب المنظومة الفكرية
-
الحكومات ومنظمة العبودية ..
-
قولبة التجمع البدوي لنظرية قفزة اللغة العربية
المزيد.....
-
مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
-
ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|