أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - بين تعريف الحقيقة الدينية والتحقيق فيها















المزيد.....

بين تعريف الحقيقة الدينية والتحقيق فيها


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1502 - 2006 / 3 / 27 - 12:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رغم الاشارة في موضع سابق بأن المشكلة الرئيسية التي يعاني منها التفسير الديني التقليدي التاريخي الذي تعيش تحت كنفه جميع المدارس الاصولية السنية والشيعية وجميع حركات الاسلام السياسي، هي انها غير قادرة على التعايش فكريا وعقديا – لا سياسيا - مع الآخر سواء كان هذا الآخر ضمن إطارها الاسلامي الذي تتواجد معه او كان خارج هذا الاطار، وذلك لتبنيها قاعدة اساسية في التفكير والتفسير، أي القاعدة التي ترفض النسبية وتنتج المطلق، فإنها على هذا الاساس غالبا ما تكون طاردة للآخر وفي مرات كثيرة لا تبالي في استخدام العنف ضده.
واذا كانت كل مدرسة من المدارس الدينية في الضفتين الشيعية والسنية تعتقد بأن تفسيرها للدين والشريعة هو تفسير نهائي ومطلق، فإنها من جانب لا يمكن لها ان تعترف بصحة المدارس التفسيرية الأخرى، ومن جانب آخر سوف لن تستطيع أن تصبح عضوا في نادي المعرفة الدينية لأنها لا تسمح لغيرها بأن يكون مصدرا لتلك المعرفة وبالتالي ترى نفسها العضو الوحيد في النادي.
ونادي المعرفة الدينية يجب أن يضم تحت إطاره جميع المدارس التفسيرية، حتى تلك التي يعتقد الغالبية بأن تفاسيرها باطلة، لأنها جزء لا يتجزأ من المعرفة الدينية الواسعة التي تمثل إطارا يجمع كل التفاسير. أي ان جميع المدارس التفسيرية المنضوية تحت إطار المذهبين السني والشيعي وغيرها بجميع تفرعاتها وتوجهاتها تشكل المعرفة الدينية الاسلامية. فمثلا لا يمكن ومن غير المسموح رفض عضوية التفسير الديني المتشدد الحاث على الغاء الآخر الديني وغير الديني، أو حتى قتله، من القبول في نادي المعرفة الدينية. كذلك لا يمكن رفض عضوية المدرسة التفسيرية الصوفية أو المدرسة الأباظية أو المدرسة الشيعية أو المدرسة السلفية أو حتى المدرسة المعبرة عن ممارسات الزرقاوي وابن لادن، حيث ان جميعها تفسر الدين لكنها ليست عيْن الدين، جميعها تفسر الحقيقة الدينية عبر العقل البشري الخطّاء ولا يمكن لأحدها أن يجسد الحقيقة الدينية المطلقة.
وبما ان جميع مدارس التفسير الدينية لابد ان تكون مستندة إلى "قاعدة منهجية علمية" في التفسير الأمر الذي يجعل كل مدرسة تعتمد تلك المنهجية عضوا في نادي المعرفة الدينية الاسلامية، فإنه في نفس الاتجاه كل التفاسير المعبرة عن علوم أخرى غير دينية لابد ان تستند أيضا إلى "قاعدة منهجية علمية" في التفسير لكي تصبح عضوا في نادي المعرفة الخاص بها.
بعبارة أخرى، فإن فهم العلماء ورجال الدين وغيرهم للعلوم الدينية وغير الدينية لابد ان يستند إلى "منهجية علمية واضحة"، ومن لا ينتمي إلى تلك المنهجية فلا يمكن قبوله في نادي المعرفة الدينية أو نادي المعارف الأخرى غير الدينية.
ورغم ان المدارس التفسيرية الدينية عادة ما تزعم بأن الدين الاسلامي يختلف عن ممارسات الاسلاميين والمسلمين، لكنها لا تزال عاجزة عن الاجابة على التساؤل التالي: إذن من هو الذي يستطيع في ممارساته ان يعبّر عن الدين الاسلامي؟ ثم ألا يعتبر السؤال دليلا على أن تلك الممارسات ليست سوى انعكاس لحالة النسبية، وأنه في المقابل انتهت صورة المطلق عن الممارسات الدينية وبالتالي عن الحلول الدينية للحياة العامة (لاحظوا اننا هنا لا نتحدث عن الايمان وانما عن الممارسات الاجتماعية المتعلقة بالدين)؟.
إن الإجابة على السؤال لا يمكن لها ان تتحقق إلا في حالة واحدة، وهي حالة أن يقوم صاحب الاجابة الذي يدّعي بأن إجابته هي التي تعكس فقط الدين الإسلامي الصحيح، أو على حد قول بعض الاسلاميين في الكويت الدين الاسلامي الأصيل، بإلغاء الإجابات الأخرى التي تدّعي أيضا بأنها تجسد الدين الاسلامي الصحيح أو الأصيل. وهذه الاجابة الوحيدة عادة ما تتعلق بالقضايا العقدية التي لا يمكن، حسب صاحبها ومدرستها، إلا أن تكون واحدة مطلقة غير نسبية وغير متعددة المذاهب والاتجاهات. أما حينما تتعلق الاجابة بالقضايا السياسية والاجتماعية فإنها قادرة على استيعاب قدر صغير من التعدد شريطة ألاّ تمس العقائد.
وعليه يصبح السؤال وإجابته في غير محلهما بالنسبة لموضوع المعرفة الدينية، حيث انه يمكن "تعريف" المعرفة بأنها كاملة وصادقة، غير انه يشترط للوصول إلى هذا الكمال والصدق، ألا يكون عن طريق ما يسمى بـ"التعريف" فقط والذي مهمته تعريف المعرفة بحيث لا تخرج عن الكمال والصدق، بل عن طريق ما يسمى بـ"التحقيق" الذي هو في المحصلة مجموعة المدارس التفسيرية التي فسرت وفهمت الدين والشريعة بجميع توجهاتها واتجاهاتها، وهي - أي المعرفة التحقيقية - لا يمكن لها ان تكون كاملة ومطلقة لأنها نابعة من التفسير البشري ولابد أن تكون ناقصة وكثيرة الأخطاء. في حين ان المعرفة التعريفية تعتقد بأن تعريف دين ما أو نظرية علمية ما هو تعريف هو مجرد تعريف ولابد أن يكون كاملا وصادقا، في حين ان التحقيق في ذلك التعريف أو في الكمال والصدق ليس سوى مجموعة كبيرة وغير منتهية من التفسيرات البشرية النسبية التي لا يمكن أن تكون جميعها صادقة وكاملة.
ومن يتمعن في بيان أساتذة كلية الشريعة في الكويت مؤخرا ردا على ما قاله وكيل وزارة الأوقاف الكويتية الدكتور عبدالغفار شريف من أن زيارة القبور ليست من أعمال الشرك التي تخرج صاحبها من الدين، وقول البيان بأن ما قاله الشريف يمثل "بدعة" في الدين و"شرك" واضح وصريح بالله، يد بأن البيان يعبّر بما لا يدع مجالا للشك عن طرح أحادي حول الدين يرفض أصحابه أي ابتعاد أو اختلاف لآخرين من المسلمين عن هذا التفسير. وهو طرح يخرج الكثير من المسلمين عن دائرة الاسلام وبالذات الصوفيين والشيعة. ويمكن القول بأن بيان أساتذة الشريعة يعكس تفسيرا خاصا عن الدين يقع في خانة المعرفة الدينية ولو اعترض عليه غالبية كبيرة من المسلمين، لكنه من جانب آخر يجسد بكل وضوح وشفافية تبني أصحابه مبدأ الحقيقة الدينية المطلقة في العقائد والتي ترى في تفسيرها انعكاسا للحق النهائي المطلق ولغيرها الضلال والخروج من الدين. فهي هنا خلطت بين "تعريفها" للدين وبين "تحقيقها" في هذا التعريف، وهو خلط من شأنه أن يهدد مبدأ التعددية الدينية والاجتماعية ويرسخ مفهوم الاستبداد الديني والارهاب الفكري.
كاتب كويتي



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الحقيقة الدينية واضحة؟
- هل تكفي النصوص المقدسة لمعالجة مشاكل دولة الولاية؟ 3 – 3
- تحرير حقوق المرأة من أسر الخطاب الديني
- هل يمكن إصلاح سلطة مرتبطة بالسماء؟ 2-3
- مجالات الإصلاح في دولة ولاية الفقيه 1-3
- الكاريكاتور.. بين العلمانية الهجومية والعلمانية المعتدلة
- ذكرى عاشوراء.. مناسبة للنقد والسؤال
- هل خسرت الكويت من أزمتها؟
- سياق التسامح والإنسانية في وفاة جابر
- لا مجتمع مدني.. إذن لا تنمية للديموقراطية
- إقصاء المختلف.. رهان الخطاب الديني
- المحبة والتسامح من وجهة النظر الأصولية
- الحاجة ماسة لتيار الإصلاح الديني في الكويت
- الفوضى سياسة البعث من العراق إلى سوريا
- وقت الدبلوماسية.. بين واشنطن وطهران
- إخوان مصر.. هل يستطيعون التعايش مع الديموقراطية؟
- -ديمقراطية- التجمعات الدينية.. هيمنة وإلغاء
- بين صلاح الدين وصدام والزرقاوي.. لم نتعلم الدرس
- ادعاءات.. وافتراءات ضد الديموقراطية
- الاسلام هو الحل


المزيد.....




- إعلام أفغاني: شويغو يعلن عزم روسيا على استبعاد حركة طالبان م ...
- تسفي كوغان: الإمارات تقبض على 3 أوزبكيين بتهمة قتل الحاخام ا ...
- في رحلة لعالم الروحانيات.. وزان المغربية تستضيف الملتقى الدو ...
- ثبت تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات وعرب سات
- تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 Toyor Aljanah نايل سات وعرب ...
- اللواء باقري: القوة البحرية هي المحرك الأساس للوحدة بين ايرا ...
- الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
- المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - بين تعريف الحقيقة الدينية والتحقيق فيها