مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 1502 - 2006 / 3 / 27 - 12:50
المحور:
حقوق الاطفال والشبيبة
اللعب وأثره في التربية .. المرحلة الثانية من الطفولة –
اللعب بالنسبة للطفل كما شرحت سابقا .. هو حاجة ضروريّة وحياتية يومية .. كالطعام والشراب والنوم ..
اللعب في هذه المرحلة المتقدّمة من الطفولة ( مابين 6 – 9 سنوات ) يصبح جماعيّا أكثر منه فرديّا أو بشكل اّخر .. ينتقل من حضن الأمّ ودفئها وموسيقى حداها .. من السرير والأرجوحة وجدران البيت وأفراد العائلة , إلى حديقة المنزل و ساحة الحيّ والمدرسة وصفوف الحضانة ..
إلى حضن ورفقة وموقد الجدّة .. والصديقة .. والجارة .. والأقران .. والمعلّمة أو المعلّم -
يقول شاعر الهند العظيم طاغور :
" على شطاّن عوالم لا قرار لها , يضرب الموعد العظيم مع الطفولة " .
حقّا .. لا يزال موعدنا مع الطفولة , لأنها النبع والربيع .. وأولى حلقات المجتمع البشري الذي يطوّقنا بأكاليل المحبّة والتضامن والفرح .. والمشاركة ..
التعرّف على الاّخر .. لغتّه , ثقافته , أخلاقه , صفاته , أسلوب حياته , وكل ما يدور حوله من كائنات ومخلوقات حيّة تجعل الفرد أو الطفل ينمو بشكل طبيعي وإنساني فطري او عفوي يبني ويصبّ في نهر الوطن الواحد .. والحضارة الواحدة , التي هي أنا وأنت والكل , امتزجوا في خليط البوتقة الواحدة .. من لغة الطفولة واللعبة الأولى في الحي والمدرسة ووو ...
اللعب ليس لهوا ومضيعة للوقت كما كان يعتبر قديما في بعض الأوساط ..
هذه قائمة بأهم الألعاب التي كان يلعبها الأطفال في ريفنا .. لنرى فيما بعد ماذا تخلق وتبني وتؤثر هذه الفعاليات والحركات والمشاركات في اللعب سويّا , في هذه المرحلة - سواء أصغر أو أكبر لا فرق .وقد أصبح كثير من هذه الألعاب الشعبيّة نوعا من الفلكلور أ و التراث القديم :
- لعبة الأرجوحة – في النوافذ والأبواب أو على أغصان الأشجار , في البيوت المهجورة , أو الأقبية .
- هذه اللعبة محبّبة جدّا للأطفال ( تتألّف من حبل متين ومقعد أو خشبتين وطرّاحة ) .
_ لعبة - المشي على رجل واحدة , ورفع الأخرى باليد . ( فرديّة ) .
_ . لعبة - أنا النحلة , وأنت الدبّور . طفلان يحملان بعضهما البعض الاّخر على الظهر بعدما يدير كل واحد ظهره للاّخر يردّد الأوّل أنا النحلة فيميله على ظهره , ثمّ يردّد الثاني أنا الدبّور ويحمله على ظهره , وهكذا دواليك وبسرعة . ( ثنائيّة )
_ لعبة – أبّيلو جعّيسو ( طالعة نازلة ) أو الميزان , القبّان . سلّم خشبي أو أي خشبة عريضة تستند على حجر ثابت وقوي قائمة على التوازن بين شخصين . ثنائيّة أو جماعيّة .
لعبة – الطمّيمة أو ( الطمّيشة – العمّيشة ) _ أحد الأطفال يدير ظهره للحائط ويغمض عينيه ويعدّ أو يردّد من الواحد للعشرة ليختبئ الاّخرون كلّ في زاوية , وعليه يجب أن يعرف كل طفل أين تخبّأ , والشاطر هو من يخفي نفسه جيّدا حتى النهاية , وهكذا .. حتى ينتقل الدور للاّخرين . ( لعبة جماعيّة ) .
لعبة الكرسي - تتشابك يدا طفلين مع بعضهما , وطفل ثالث يجلس عليهما , ويسيرا به .. ( لعبة جماعية ) .
لعبة النطّ على الحبل - ( فرديّة أو جماعيّة ) حبل متوسّط الثخانة , تمسكه الطفلة بيديها وتدوّره حول جسمها من أسفل الأرجل وبسرعة , دون أن يلتصق الحبل بالرجل , أو تمسكه إثنتان من الأطفال والثالثة هي التي يجب عليها أن تقفز من حوله دون خطأ .
لعبة شدّ الحبل - ( جماعيّة ) – فريقين من الأطفال يشدون الحبل كل على جهته , والفريق القوي هو الذي يكون دائما الحبل بجانبه .
لعبة الجمباز ( الشقليبة ) – فردية تعتمد على خفّة الجسم , يمشي الطفل على يديه أو رأسه , أو إلى الجانب الأخر .
لعبة اللقّيطة – ( فردية أو جماعيّة ) – تتألف من خمسة قطع من الحصى الناعمة الملساء الصغيرة . تلتقط الطفلة بأصابعها من الأرض الواحد بعد الثاني , مع رفعه إلى الأعلى مع خفّة ومهارة , بداية حجر وراء حجر , ثم إثنين إثنين وهكذا حتى الخمسة دفعة واحدة دون أي خلل أو خطأ . وكانت هذه اللعبة تلازمها بعض الأغاني أو الترديدة سأذكرها فيما بعد .
لعبة القفز – أو النطّ , يقفز الطفل مسافة متر أو إثنين ثلاثة , على الأرض المستوية طبعا .. وهكذا .. – لعبة فرديّة أو جماعيّة .
لعبة ستّي العمياء شو ضايع لك ؟ هذه اللعبة جماعيّة –
عدد من الأطفال يختاروا طفلا منهم يعصّبوا أعينه بعصبة , ثم يحاول أن يفتّش في الأرض هنا وهناك , فيقولوا له عن ماذا تفتّشي يا ستّي ( جدّتي ) الختيارة .. ماذا ضيّعت , " شو ضايعلك " ؟ تجاوب : ضايعلي إبرة وخيط .
يسألوها شو لون الخيط ؟ تجاوب أحمر , وما هي لون الإبرة ؟ لونها فضّي , يقولون لها : بحبشي ( فتّشي ) بالأرض تجديها .. فتشّت فتّشت – بالحركات – ما لقيتها ما وجدتها ! وهكذا ...
أخيرا يقولوا لها : معي معي ما بعطيك .. معي معي ما بعطيك , ويبتعدن عنها , حتى تلمس أحدا منهنّ , فيلزم دوره بهذه اللعبة المسلّية والجميلة .
ومن ألعاب وأغاني الأطفال لعبة العروسة - هذه التمثيليّة الغنائيّة التي ينقسم الأطفال فيها إلى صفّين وتنتهي باختطاف ( العروسة أو البنت ) :
الصفّ الأوّل : " صبحّكم بالخير يا عمّار العمّارين . ( يمشون إلى الصف الثاني شابكي الأيدي شكل صليب )
الصفّ الثاني : مسّيكم بالخير يا عمّار العمّارين . ( سائرين إلى الصفّ الأوّل )
1 – بالله اعطونا بنتكم , بالله اعطونا بنتكم .
2 – ما بنعطيكم ياها إلاّ بألف وميّة , حتى تحطّوا نقدها جوّاة الصينيّة .
1 – مننزل على داركم ومنكسّر أبوابكم ومنجمع أثوابكم وبناخذ عروستنا
وهاي هي عروستنا , ( وهنا يتمّ خطف البنت العروس ) .
لعبة الكرة ( الطابة ) – كانت قديما تصنع من القماش – لعبة جماعيّة _ من واحد للثاني والثالث .
لعبة ( لعبة ولعبة ) – تلعبها إثنتان أو أكثر من الأطفال " بيت وبيت " وكانت تصنع أيضا من القماش الملوّن , ويتفنّنوا ببقايا القماش الملوّن " قصاقيص " ليصنعوا به أجمل الأشياء , وأجمل بكثير من لعبة " باربي " أو غيرها .. لأنها من صنع وخيال محلّي بسيط ومتواضع .
لعبة المطوّبة " – لعبة فردية أوجماعيّة – أدواتها : حجر مربّع الشكل أو مستطيل وطبشورة " حوّارة " وأرض مستوية . ترسم على الأرض شكل مربّعات صغيرة ( مربّع واحد ثم إثنين , ثلاثة أربعة وووو) وعلى الفتاة أن تقفز فوق كل مربّع وهي تأخذ قطعة الحجرة برجلها دون أن يمسّ الخطّ الفاصل بين مربّع واّخر . وهكذا دواليك , حتى تقع أي تخطئ وتنقل اللعبة إلى غيرها .
تظاهرة من نوع اّخر ؟
لقد ارتبطت فكرة الخلق مع التطوّرات التي حصلت على العقل البشري , إذ عندما صنع أدواته الأولى سعى للبحث عن خالق , فلم يجد أفضل من الماء خالقا , فبنى فكره على أساس وجودي .
لهذا كان للماء أهميّة خاصّة في الحياة الشعبيّة - والدينيّة ( كلّ الأديان حتى اليوم تقدّس الماء ) - إذ يعتقد أن مجتمع المياه هو الأوّل , وكانت تضيئها الشمس والقمر , وبعد صعودهما إلى السماء , ظلّت محاولة إعادتهما إلى العالم السفلي قائمة .
إن محاولة ردّ الحياة إلى العدم هي المحاولة المستمرّة التي تقوم بها القوى الشرّيرة المتمثّلة ب " الحوتة " التي تحاول إلتهام " القمر " عند خسوفه و " التنّين " الذي يبتلع " الشمس " وقت كسوفها , وهنا على الإنسان مناصرة الخلق عن طريق تكرار الأعمال التي تؤدّي إلى بقاء الحياة وتجديد الخلق , لأن الإنسان بأعماله يقرّر مصير الكون , لهذا كان لا بد من إستعادة الزمن الأوّل ..
وتكرار الأعمال التي تؤدّي إلى ديمومة الخلق , ومن هذه الأفعال الأفراح والأعياد والطقوس الدينيّة التي تنطلق من فكر ميثولوجي , كل ما يؤدّي إلى الخصب , يؤدّي غلى تجديد الكون واستمرارالخلق ويلعب الماء الدور الأول في هذه المقولة .
في المعتقدات الشعبيّة القديمة - عدم تفسير الظواهر الطبيعيّة تفسيرا علميّا صحيحا – كان يعتقد أن " الحوتة " تطارد القمر باستمرار , وتقترب لحظة إنتصارها فيما يسمّي " خسوف القمر
" .. لا زلت أتذكّر وأنا طفلة هذه الظاهرة الطبيعيّة , عندما كانت تحدث ونحن في القرية فيتجمّع كل أبناء البلدة – الأطفال – طبعا , كبارا وصغارا وإناثا وصبيانا ويطلقون الأسهم الناريّة ويحملون الطبول والأواني النحاسيّة والتنك ويطرقون عليها ويجوبون الطرقات شمالا ويمينا وفي كل الحارات .. وتدقّ الأجراس , وذلك إحياء لمعتقدات قديمة , لكي يتدخّل
الإنسان ليحسم الأمر , فيلجأ إلى هذه الحركات والطقوس لإخافة الحوتة وإعادتها إلى عالم المياه , ويظل الإستنفار مستمرّا والناس خائفين حتى تتراجع الحوتة إلى عالم البحار , فينتصر الخلق والحياة وروح الخير .. وينتهي الخسوف .
وبعدها يفرحون ويغنّون وينتهي القلق والخوف الذي لفّ القرية ساعات ويردّدون لحظة الإنتصار :
" يا حوتة يا مكحوتة --- قمرنا أكل الحوتة
والحوتة راحت مكحوتة .
وتنتهي التظاهرة بسلام – تظاهرة الأطفال والشبيبة – بعدما يتغلّبوا على الشرّ والأشرار التي تحاول أن تغتال أو تسرق القمر من الحياة , أي الأمل والمستقبل والنور والجمال , دون تدخّل الشرطة أو البوليس أو المخابرات – لقمعهم أو ترويعهم حقا .. مظاهرة شعبية سلميّة جميلة , أعادت الحق والنور إلى مكانه دون إراقة دماء أو سجون
؟؟
ما أروعها من ألعاب .. وطفولة .. وعادات .. تعبّر عن ثقة الإنسان بصنع الأمان والسلام والفرح على الارض وانتصاره على أعداء الحياة باعتماده على النفس أوّلا ثم التضامن الشعبيي وإبداعاته .. يتبع ...
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟