هيام محمود
الحوار المتمدن-العدد: 5939 - 2018 / 7 / 20 - 01:47
المحور:
سيرة ذاتية
* ( تامارا ) و ( أميرة ) .. 6 ..
العودة الجامعية بعد أيام و ( تامارا ) لا تزال لمْ تَتَجاوَزْ مُخلّفات ذلك الطوفان الذي مَرَّ بأرضها .. الواقعية وعِزّة النفس يتغلّبان قطعًا على أيّ طوفان لكنْ .. يَلزمُ وَقْتْ , الطوفان عظيم والخسائر جسيمة خصوصا أنه وَقَعَ لأول مرة وأَتَى بَغْتَةً ..
كم هيَ رائعة تلك الصفعة الأولى التي نتلقّاهَا دُون تَوقُّعِها .. البشر عَنيفون , وفي مباريات الفنون القتالية يَعشقون الضربات القاضية , لكنّ الكثيرين منهم لا يَعلمون أنّ "أجملَ" الضربات القاضية هيَ التي يَعيشونها هم في كلّ مَنَاحِي حياتهم :
هكذا هو "حبُّ" البدو , "حبٌّ" مِنَ المفروض أنّ صلاحيته اِنتهَتْ منذُ قرون : هراء ! ( https://www.youtube.com/watch?v=Tv7BTKQzn50 ) الجميع يعيشونَ هكذا , البروتوكولات والمظاهر الزائِفة والقصص المُمِلّة التي تَنتهي أغلبها بالمعاناة في صمتٍ فظيع ونِفاق أقلّ ما يُقال عنه أنه : شنيع !
الحقيقة شأنها شأن آخر ولمعرفتها يَستحيلُ أنْ يُتَجَاوَزَ الواقع , وإنْ كانتْ مؤلِمة ومُدمِية فإنها تَبْقَى حُلمًا لنْ يَنَالَهُ إلا المُختلِفُون : طوبَى لهم ! ( https://www.youtube.com/watch?v=w1ZCkdL0NAc )
كم هو مُزْرٍ حال مَنْ صُفِعَ فغابَ عن الوعي وعندما اِستيقظَ لَمْ يعلَمْ حتى بالذي حَصلَ : كان ذلك حالي منذ الطفولة وإلى سنوات الجامعة .. ثقافةُ عدم الغفران تقول أن لا عُذْرَ لي , الصِّغرُ لا يَجبُ أن يَشفعَ عندما تكون الجريمة فادِحة لا تُغْتَفَرْ وهل يُوجدُ أَفدحُ جُرمًا مِنْ أنْ يَجهلَ الإنسان ذاته ؟!
الفرق الجذري بيني وبين ( تامارا ) أني كنتُ أَنتمي إلى القطيع وذلك السؤال الشهير "what s wrong with me ? " لم يَكُنْ يَعنيني ولمْ يَخطرْ ببالي يوما ؛ لم تكنْ عندي أيّ "مشكلة" مع هُويّتي وميولاتي "الجنسيّة" بالرغم مِنْ أنّ حُضورَ ( أميرة ) بذلك الكم وبتلك القوة كان يَقول العكس , لكني لم أفطنْ فالمسألة كانت عندي .."صداقة" : سحقًا لِـ "صداقة" تكون نتيجتها الجهل بالذات !
مِن بعض ترجمات "Straight" : "مستقيم / (ة)" والاستقامة تَعْنِي الالتزام بالقواعد الموجودة وعدم الخروج عن ذلك الطريق "المستقيم" المرسوم سلفًا .. ومَنْ يَفْعَلُ ذلك غير الخرفان التي تُسَاقُ إلى حَتْفِهَا دونَ حتّى أنْ تَدري ؟!
ثقافة الغفران تُطالِبُ بالصفحِ عن الماضي , يَستحيلُ فِعْلُ ذلك اليوم - عند ثلاثتنا - لكنْ قد نَتنازَلُ مع كل شيء إلا مع ذواتنا وهوياتنا "الفردية" :
عند ( تامارا ) , "هُويتها تَعني وجودَها ونَفيُ حبّها لِـ ( أميرة ) يعني نَفي وجودها" ..
عندي , الأمر أَفظعُ لأني لم أكنْ أعلم أصلا بالذي حَدَثَ في الثانوية وبالذي تَواصلَ حدوثُهُ في الجامعة و .. لمْ يَتوقَّفْ لحظةً إلى الآن : لَمْ أَتَوَقَّفْ لحظةً واحدةً عن حُبِّ ( أميرة ) ..
عند ( علاء ) , الأمر مُختلف بعض الشيء لأنه يَجزمُ أن تلك المرأة الفريدة التي أخذَتْ كل اِهتمامه لم تَكُنْ "مثليّة" كما زَعَمَتْ بل فَعَلَتْ ذلك لتستطيعَ عدمَ المواجهة والهربَ مِنْ ذاتها التي أَحَبَّتْهُ , لكنه وعى جيدًا أنها كانت الوحيدةَ التي معها تَعَلَّم عن ذاته الأصلَ الذي لولاه ما كنا لنكون ما نحن عليه اليوم : "الحب دون جنس" الذي لولاه ما كان سيكون لِـ ( تامارا ) وجود في حياته ولولا وجودها ما كنتُ لأُوجدَ أنا ..
لولا ( أميرة ) ما كنّا لنُوجدَ ثلاثتنا .... ( أميرة ) الأصلُ في كل شيء , الأصلُ الذي يَستحيلُ أن يُمَسَّ , الخط الأحمر الذي لا يمكنُ تجاوزه .... ( أميرة ) الإلهة الجميلة التي خَلَقَتْ ورَحَلَتْ دونَ أن تُرْعِبَ بيوم حساب وعذاب .... لا أزال أَرفُضُ غيابَها وأَحرسُ معبدها بالرغم مِنْ أنها ليستْ مِنَ الآلهة التي تُعْبَدُ في المعابد بل من تلك التي تَعيشُ "في القلب" وتُحَبُّ مِنْ بَعيد دون أَمَلٍ في رؤيتها يومًا ....
الحبُّ إيمان ولاعقل وعادة ما يكون ضرره جسيمًا , لكنه في حالة ( أميرة ) لم يَضرّنا وجَعلَ ثلاثتنا "واحدًا" عَكْسَ ( علاء ) أخ ( تامارا ) الذي لطالما أخذ منّا - أنا و ( علاء ) - المرأةَ التي نُحِبُّ ... ( تامارا ) ...
في الجزء السابع قلتُ أن ( الحبّ عندنا "منافسة" "سِباق" "نِزال" و "تَحدّي" ) : أحبها كثيرا لأسمحَ لذكرى أخيها أن تُواصلَ إيلامها , أنا و ( علاء ) نعمل منذ زمن على "تدمير" كل قيمةٍ لتلك الذكرى التي لم نَجنِ منها إلا الدموع والأسى , الاثنان ضدها لأننا نُحبها أكثر مِنْ كل شيء ...
لم تَقبلْ بالطبع .. وخير وسيلة للدفاع هي الهجوم والهجوم يكون على مصدر الألم ونقطة الضعف : ( أميرة ) ! حيث عَملَتْ ( تامارا ) و ( علاء ) زمنًا على "تدمير" ذكراها عندي .... لكنهما اِكتشفَا خطأهما لأنها بِضعةٌ منهما كما هي بضعة منّي ولأنها أصلنا الذي يستحيلُ عليهما اِنكاره ..
كانت فترةً وضعنا فيها قواعِد جديدة تَخصّ الغيرة , كانا يخافان مِنْ اِحتمالِ أن "أُدخِلَ على" ثلاثتنا رابِعَةً لأعوِّضَ غِيَابَ ( أميرة ) , كانَا دائما ينظران لي أني الحلقة الضعيفة التي قَدْ تَخرِقُ النِّظَامَ يومًا .. شَعرْتُ في تلك الفترة شعورا فريدا ليتهُ يعود , كل شيء كان يقول أننا أربعة ولسنا ثلاثة , كنتُ سعيدة لأنّ ( أميرة ) عاودَتْ الحُضورَ وعادتْ المركزَ الذي نَدورُ حوله ثلاثتنا , رأيتُ حربًا رائِعةَ بين أربعتنا كنتُ فيها في صفِّ المرأة الغائِبة التي أحبُّ ضد المرأة الحاضِرة والرجل اللذيْنِ أُحِبُّ ....
الغبي والغبية , كانا يظنان أنّ اِمرأة أخرى يُمكنُ أن تأخذ مكان ( أميرة ) , أصل خوفهما حبّ والحبّ غباء أو لا يكون .... لكنهما حاولا "عقلنة" ذلك الغباء بالزعم أنّ "قيمةَ الغائبين لا يَجِبُ أن تَصِلَ إلى قيمةَ الحاضِرين" فرفضْتُ , فقالا أني أَسعى دون موجب إلى "التكفير" عن "ظلمي" لِـ ( أميرة ) بِفَرْضِهَا على ثلاثتنا رغم غيابها والأهمّ بالرغم مِنْ مثليتها السبب الرئيس في كلّ الذي اِقْتَرَفْتُهُ فِي حَقِّهَا ... لم يكتفيا بذلك بل واصلا ... تلك الليلة أيضا كانت فريدة , فيها تساءلتُ لأوّلِ مرة : هل تَعَمَّدَا إيلامي ؟! وبماذا شعرا وهما يقومان بما حَضَّرا له ؟!
الصفعة الأولى كانت تاريخ زواج ( تامارا ) الصوري .. ذِكرى سيئةً جدًا عندي .... تَوافقَ ذلك التاريخ مع يوم ميلاد ( أميرة ) .... سألتهما مرارا من اِختار ذلك التاريخ فرفضا الجواب وحتى ( جاد ) لم يُجِبْ , لكني لم يخطر ببالي قط أنهما تَعمّدا ربط يوم ميلاد ( أميرة ) ربما بأَسْوَإِ ذكرى عندي .... في قوانيننا يُوجَدُ حقّ للسكوت وعدم الجواب إلى حين , الكذب ممنوع منعا باتا لكنّ تأخيرَ الجواب إلى الوقت الذي يراه المُمتنِع مناسِبًا "فيتو" لا يُنَاقَشُ ... قوانيننا ثلاثتنا , ( أميرة ) لم تشأ الظروف لها أن تعرفها وتعيشها ....
الثانية كانت الأقسى .... "Shattered dreams" .. ( علاء ) و ( تامارا ) يرقصان أمامي , يُجسِّدان مشهدا فيه يلتقيان بعد غياب ... عيناه سعيدة , عيناها حزينة ... لا ينظر إليها بل إلى فوق أما هي فتنظر إليه ... تُحاوِل تَقبيله فيَمتنع ... تسقط أرضا فيتركها ليُواصلَ رقصه سعيدا ناظِرًا إلى فوق ... تلتحقَ به فلا يأبه ويواصل رقصه ... تسقط أرضا ثانية , تُمسكُ بساقهِ فيركلها ... ترتعش تتشنّج فتحيط ذراعيها برقبتها ... تموت ... وهو يرقص وحده ناظِرًا إلى أعلى ثم فجأة ... ينظر إليها , يَجْثُو , يُبعِدُ ذراعيها عن رقبتها ويرفع إحداهما ... يتركها فتسقط ... يحتضنها ثم يتركها ويلطم وجهه بيديه ... ثم .... يستلقي بجانبها رأسه عند قدميها ....
بقيَا كذلك دون حركة , اِقتربتُ منهما وجلستُ بجانب ( تامارا ) ... سألتُها "ما معنى هذا ؟!" ... لم تُجِبني , كانت تُخفي وجهها , وعندما أبعدْتُ يديها ... وجَدْتُهَا ... تبكي .... أعدْتُ السؤال "ما معنى هذا ؟!" , فأجابتْ "معناه أننا نُحبكِ لكننا مَلَلْنَا" ...
قبل سنوات عديدة , إلتقينَا .... أربعتنا .... كانت ( أميرة ) حزينة وكنتُ أَتحاشى النّظر إليها .... في تلك الفترة كنتُ لا أزال أقول لها أنّ ( علاء ) "صديق" ونفس الشيء بالنسبة لِـ ( تامارا ) , كنتُ أَقولُ أنّي لستُ مُتَيَقِّنَةً بَعدُ مِنْ ميولاتي "الجنسيّة" بالرغم من إصرار ( علاء ) و ( تامارا ) على أن أقول لها الحقيقة وإلا فإنهما سيفعلان .... لم أستطعْ ! لأنّ قول الحقيقة كان يَعني أن أخسرها , حبي لها مَنعني ولم أُفَكِّر لحظة واحدة في معاناتها فقد كانتْ تشكّ في كون ( علاء ) و ( تامارا ) "أصدقاء" وربما كانت تَراني "Bi" وأَكْذِبُ على ثلاثتهم .... لم تَبْقَ معنا إلا بعض الوقت واِستأذنَتْ لتُغادِرَ لكنها توجَّهَتْ إلى النادل وتَكَلَّمَتْ معه بعض الوقت وقبل أن تُغادِرَ قالتْ ( تامارا ) ... "قد مللنا" ... و .. غيّر النادل من عزيزة .... https://www.youtube.com/watch?v=EvR9otqG94M .... إلى Johnny .... https://www.youtube.com/watch?v=hVNBC1LI8hs .....
#هيام_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟