أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالرزاق دحنون - كارل ماركس ما زال حيَّاً














المزيد.....

كارل ماركس ما زال حيَّاً


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 5936 - 2018 / 7 / 17 - 23:53
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


محاولة جعل كارل ماركس يتحدث لغة شعبية بسيطة مفهومة للجميع ليست مستحيلة, وأجرؤ على القول بأن المتسول الذي يقف على أرصفة المدن المكتظة بالناس المتخمين ويطالب بحقه: من مال الله. يفهم ماركس -على بساطته وأميته- أكثر منا نحن الذين ندعي فهمه. فأنت تستطيع الآن أن تعكف على قراءته, وستكون سعيداً إذا فهمته, لذلك تعال معي نستعين بعالمة الاقتصاد البريطانية السيدة "نورينا هيرتز" التي عملت بشغف في تشريح جسد النظام الرأسمالي العالمي في القرن الواحد والعشرين ونشرت نتائج هذا التشريح في كتاب حمل عنواناً لافتاً "السيطرة الصامتة, الرأسمالية العالمية وموت الديمقراطية" وقد صرَّحت علناً أنها سعتْ كي يكون هذا الكتاب نصيراً للشعب والديمقراطية والعدل الاجتماعي. وتريد من خلال كتابها هذا أن تمتحن التبرير الأخلاقي لتلك الرأسمالية التي تشجع الحكومات على بيع مواطنيها. وتسعى إلى أن تظهر كيف أن السيطرة الصامتة التي يمارسها أصحاب رأس المال على الحكومات والهيئات الاجتماعية تُعرّض الديمقراطية للخطر.

1

تؤكد أن كتابها لا يراد منه أن يكون ضد اقتصاد رأس المال. إذ من الواضح بأن طريق الرأسمالية يصنع الثروة ويراكمها بين أيدي فئة قليلة من أصحاب رأس المال. وقد عملت التجارة الحرة والأسواق المفتوحة علي إيجاد نمو اقتصادي غير مسبوق استفاد منه معظم سكان العالم, إن لم يكن جميعهم. كما أنها لا تنوي أن تمجد الحكومات, مع قناعتها أن على الدول أن لا تفقد الدور الاجتماعي الذي وجدت من أجله. لاسيما الآن حيث تنطمس الحدود بين النشاط التجاري والحكومة وتنعدم القيادة السياسية ذات الإرادة الصلبة. مما يؤدي إلى اتساع الهوة بين من يملك ومن لا يملك.

2

من جهتي أشكر الكاتبة لأنها استطاعت كسر هذا الصمت ولا أطالبها بما لا تستطيع. فلو ذهبت أبعد من ذلك لنهشتها وسائل الإعلام التي يسيطر عليها أصحاب رأس المال. وهذه السيدة الاقتصادية بريطانية الجنسية وتعرف قواعد اللعبة جيداً. وتدرك جيداً أن كارل ماركس مازال حيَّاً ومنه استمدت أدواتها في تشريح رأس المال. نعم, هذا هو عالم السيطرة الصامتة, العالم صبيحة الألفية الجديدة, حيث أيدي الحكومات مغلولة, و الشركات الكبرى تتحكم بمصائر الدول. ورغم عدم اعتراف الحكومات بهذه السيطرة فإنها تجازف بتحطيم العقد الضمني بين الدولة و المواطن الذي هو أساس المجتمع الديمقراطي. حيث غدا الناس أقل ثقة بالمؤسسات الحكومية الآن مما كانوا علية قبل عقود, و يتجلى هذا في تراجع نسب المقترعين في الانتخابات العامة و قد لا يكون من العجيب أن يدير جمهور الناخبين ظهورهم لسياسات تقليدية حتى في بلدان تعلن بأن الديمقراطية هي واحدة من أعظم إنجازاتها عندما تكون الحكومة فيها -و مهما كانت قناعاتها السياسية- في ضعف مطرد، غير مستعدة أو غير قادرة على أن تتدخل إلى جانب مصالح مواطنيها، وفاقدة - كما يبدو - لأي إحساس بالغاية الأخلاقية من وجودها.

3

لا عجب إذا كان مواطنيها يتجاهلون صناديق الاقتراع و البرلمان نفسه كوسيلة لتسجيل مطالبهم و احتجاجاتهم و أصبحوا يزدادون بعداً عن الأحزاب السياسية وأكثر نقداً للمؤسسات السياسية, ولم يحدث مثل هذا الانصراف عن السياسة منذ تطور حق الانتخاب للجميع. إن الحكومات التي حاربت في الأمس من أجل الأرض والوطن صارت تناضل الآن بشكل عام من أجل مؤشرات السوق, وغدت إحدى الوظائف الأولى لهذه الحكومات إيجاد بيئة يمكن أن تزدهر فيها الشركات وتجتذبها. وأصبح دور الشعب, إلى حد كبير, توفير البنية التحتية التي تحتاج إليها هذه الشركات وبأقل تكلفة. ولم يشهد التاريخ الحديث مثل هذه الهوة التي تفصل بين الفقراء والأغنياء, ولا مثل هذه الأعداد من المستبعدين, أو الذين لا نصير لهم. وتتجاهل الحكومات مواطن الضعف في هذه الرأسمالية التي تُسهم في إفقار قسم كبير من الناس وتدفع بهم نحو البؤس والفاقة. وهذه الحكومات يزداد عجزها عن معالجة نتائج أنظمتها بسبب إجراءات السياسة التي تطبقها.

4

ويستمر الصدام وبمستويات شتى بين الشعب وبين السلطة دون أن يحسم لصالح أحد الطرفين. وفي مجرى الصراع تصعد إلى السلطة في مدد متفاوتة شخصيات تتسم بجنوح الحاكم المستبد في التعامل مع الشعب وطريقة استخدام الصلاحيات. إن الحداثة الغربية لم تستطع حتى الآن وبعد مرور ثلاثة قرون أن تستوعب ثورة التنوير في الفكر الأوروبي التي سبقت الثورة الفرنسية. وهذه الثورة لم تكن إلا صدى واحد من الأصداء التي كان ينتظر أن تتركها كتابات فولتير وروسو وغيرهم من منوّري القرن الثامن عشر. ألا ترى من يحكم العالم اليوم ؟ هل هم تلاميذ روسو وفولتير أم أحفاد شارلمان وريتشارد قلب الأسد؟

5

إننا نقف اليوم, تقول الكاتبة, في مفترق طرق حرج. فإن لم نعمل شيئاً, وإذا لم نتحد السيطرة الصامتة, وإذا لم نمتحن نظام اعتقادنا, وإذا لم نعترف بذنبنا في خلق نظام العالم الجديد هذا, فإن كل شيء سيذهب هباء. إن الوصول إلى عالم أفضل شيء ممكن, عالم مساواة أكثر وعدالة أوفر وديمقراطية أوسع. إن أولئك الذين حرموا من الحقوق الانتخابية الحقيقية نتيجة سيطرة أهل الثروة والجاه على مقاعد البرلمان واستخدامها من أجل مصالحهم الخاصة وبالتالي فقد البرلمان دوره الحقيقي الذي وجد من أجله. وإن أولئك الذين آثروا أن يتحدثوا نيابة عن المحرومين فقدوا ثقة الشعب نتيجة فسادهم. وبالتالي سنحتاج إلى وضع آليات جديدة لمساعدة الناس على محاربة الظلم كجزء من أعادة بناء أوسع للمؤسسات التي تمثلهم. ويجب إعطاء جميع الناس أينما كانوا في الريف أو المدن الحقوق الأساسية من أجل حياة كريمة. يجب ضمان حقوق العمال والفلاحين كالصحة والسلامة والرعاية الاجتماعية في العمل, وألا يطرد العامل من عمله أو يستغنى عنه دون مكافأة كافية ليعيش حياته عزيزاً في مجتمعه.



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوقوع في حُبِّ كارل ماركس
- مشاعيَّة كارل ماركس


المزيد.....




- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبدالرزاق دحنون - كارل ماركس ما زال حيَّاً