|
الثورة الإسلامية الايرانية : من ثقافة مكافحة الإستكبار إلى دولة العقيدة و الإستبصار
حمزة بلحاج صالح
الحوار المتمدن-العدد: 5934 - 2018 / 7 / 15 - 23:55
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
على إخواننا الشيعة العرب و الفرس أن يعمموا الثقافة الوسطية التي تراجع الموروث من أجل التقارب السني - الشيعي بينهم
شعبيا و مؤسساتيا عبر وسائل الإعلام و التثقيف و المدارس و الجامعات و مؤسسات صناعة الرأي العام و الخطاب الديني ..
و من خلال الحوزات بما يضع حدا للخطاب المتشنج و اللاعن للصاحبة و الذي يجر و يكر محن التاريخ و صراعاته و وجهه الشاحب الحزين....
و أعتقد أن من رجال الدين و الفكر الشيعة مثل إبراهيم الحيدري و محمد يحي ..الخ و غيرهما هم من يصلحون لتقديم ثقافة و رؤية تتجاوز " المخانق" و " السجون" و " التصنيفات " فعساهم يخطون خطوة نحو أهلنا السنة ...
و لا يجعلوا أكبر همهم فقط نقل السني عبر الإستبصار ليكون شيعيا و نشر ما يعتبره السنة نزعة توسع قومية فارسية ما يثير حافظة القوميين العروبيين التقليديين و المواطن العربي ....
لتقابلها خطوة من السنة تتفهم هذا الخطاب و تقدم هي تصحيحات لفهومها و نزعة التكفير عندها سجينة مرحلة بعينها مهربة من التاريخ و محنه و صراعاته .....
هكذا يبدأ التقارب ...
بعيدا عن بعض النشطاء الطفيليين و عن المستبصرين و التكفيريين و السياسويين و الوصوليين و أجهزة الإستخبار و الإستعلامات و البوليس و العسكر..
إنه عمل تثقيفي بامتياز و عمل معرفي و فكري و مؤسساتي له استراتيجية تنزيله عبر صهاريج الأفكار و لوبيات المال - المعرفة ..
أذكر و أنا طالب كيف بدأت الثورة الإسلامية - الإيرانية بمفردات خطابها الجامع و التعبوي و الذي كان يخاطب المسلمين كافة بل الإنسان عموما بلغة و مفردات الاستكبار و الاستضعاف و ينعت أمريكا بالشيطان الأكبر ...
و هو خطاب لا يثير حساسية عند السني بل يستحسنه و لا عند شرائح إنسانية واسعة ..
و لذلك ترى دار نشر مثل دار الطليعة بلبنان التي أظنها تمثل تيار اليسار و الشيوعية و التي كان على رأسها المثقف بشير الداعوق ولا أدري هل لازال أم لا على رأسها و ما شأنه الان ..
لقد قامت هذه الدار بطبع كتاب " الحكومة الاسلامية " للخميني و القاسم المشترك معها كان " الثورة " لا الجانب العقائدي الشيعي ...
لنتسائل هل حافظت إيران على ذلك التعاطف الواسع الذي أراه تحقق رغم هوس قلة من الطلاب من إيران و لبنان و النشطاء بنزعة التشيع في شقه العقائدي اليوم...
لكن غلب المظهر الثوري ضد الإستكبار العالمي و فكر فضل الله و المطهري و تقي المدرسي و ما عاشته الحوزات من تحولات و ثورة على موروثها القديم و لو جزئيا أقول أيضا رغم هوس تصدير الثورة و تعميمها ...
إخواننا الشيعة في إيران و جمهورية إيران و النظام الحاكم ضيعوا من هذا التعاطف الكثير بإلحاحهم على نشر التشيع في مظهره العقدي ...
و نحن لا نحب إلا الخير لكل مسلم مهما كانت طائفته و نحلته نرى هذا من الأخطاء التي إرتكبوها في بلاد السنة جعلت التعاطف الواسع يتراجع ...
و لايعود هذا التراجع فقط لهذا العامل بل أيضا لعامل إنتشار " السلفية " " الوهابية " " التيمية " " الحنبلية " كما تسمى في بلدان عربية كثيرة ..
و فتح المجال لها في إطار تفاهمات بين هذه الدول و دولة السعودية و ربما بمباركة من الإستكبار العالمي الأمر الذي ساهم في خلق مجال متوجس من ايران و من التشيع ..
كان يجب على إيران أن لا تفرط في الشق الثقافي و الفكري و كان يجب أن لا تدخل بوابة الطائفية و الخلاف الذي للأسف بات يوسم بالعقدي عند السنة و الشيعة بانغلاقهم على منظومة التراث في جوانبها المتاكلة و المستقيلة عن الواقع ...
إن خطابي التوتر السني و الشيعي اللذان يعتمدان مفردات " النواصب " و " الرافضة " لا يخدمان لا إيران و لا الشعوب السنية و لا التقارب السني- الشيعي ...
إنها أي إيران للأسف تحاكي الوهابية التي سوقت لمذهبها و أعتبره " مذهبا " و " منظومة فرعية لقراءة النص " وفرت لها منظومة نصية كبرى مناخا ملائما لتتناسل عنها ..
و التي جعلت منمذهبها عقيدة و انتشرت نسبيا في البلاد العربية فراحت هي أيضا تنشر منجزاتها و حضارتها عن طريق الشق العقدي و هو خيار لو قامت بحساب أرباح و خسائر لوجدته مسببا للهوة السحيقة في مسافة التقارب...
هل تسمع إيران لأصوات من السنة من ذوي البصيرة يخبرونها بهذه الحقيقة أم إنها ستواصل الإستثمار في نشر مذهبها في بلاد السنة و لو بكلفة باهظة الثمن ...
و هي في الحقيقة لو علمت في حاجة إلى تعاطف سياسي و حضاري و ثقافي يقرب بين حاضنة السنة و حاضنة الشيعة و يوحد جهود المسلمين في إطار التنوع ...
بمعنى اخر هل تتحول ايران من رقعة دعوة السنة إلى بلدها من أجل اكتشافها عن قرب على أساس الولاء العقدي و القابلية للتشيع عقائديا ..
فلا تجد إلا ضعاف الكسب و الطماعين في مالها أو في سياحة ترفيهية أو تجارية و الذين لا يهمهم إلا مصالحهم و لو مدت لهم يد الشيطان ...
أم تنفتح على من يحبون إيران فقط لأنها مسلمة و شعبها مسلم و من ال بيت الرسول الأكرم من غير دخول في متاهات من جنس و نوع " من كان على حق " و " من كان على باطل " ..
و اي المذاهب يمثل الحق ..
بل هل تنفتح على من يهمهم من السنة تشاركهم إياها أي إيران الإيمان بالله و برسوله و كتبه و ملائكته و رسله و اليوم الاخر و الغيب و البعث و النشور و ما أكثرو افسح المشترك ..
فستربح الكثير و تخسر القليل و لا تسمح بإحياء حالات التوجس و لا تمنح لدعاة الفتن فرص التسرب و الولوج...
انحسرت دائرة حب الشعب الإيراني و الدولة الإيرانية عند السنة و تنامت دائرة " السلفية المتسعودة " و " الوهابية " حيز و فضاء و مكان هذا الحب الذي كان واسعا و قويا عند النخب ...
و انتشرت السلفية المدخلية و ما شابهها و رد الشيعة الفعل على كل هذا و وقع الكثير منهم في فخ شيطنة ابن تيمية و عبد الوهاب و احمد ابن حنبل ..الخ
فهل تتراجع إيران بشجاعة عن استراتيجية التعريف بنفسها على نحو عقدي و طائفي و بنزوع قومي فارسي و تراجع موقفها لتجعل " الحب و الأخوة الإسلامية " مكان " الإستبصار " أي الدعوة إلى تشيع السنة ..
و أعني بذلك الحب الإنساني و حب المسلم لأخيه المسلم ...
و يعلم الله أننا نحب إيران و شعبها و علماءها المعتدلين لهذا السبب نمارس بصراحة نقدنا و هو لأن الإيمان و الإسلام يجمع بيننا سنة و شيعة و زيدية و جميع الطوائف و رابط الأخوة يقتضي منا أن نحب المؤمنين و المسلمين ...
اسف كسني بالميراث يعلو فوق الصراعات التاريخية و المذهبية بإسلام إنساني كوني للتراحم إن كنت بطرحي أغضب السنة و الشيعة معا فالمواقف المعتدلة تغضب الناس عادة لكنها لا تغضب الله في تقديري ..
#حمزة_بلحاج_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في التشيع و التسنن و التمذهب و الإنقسام و التشرذم
-
في حرمة النقد عند الجماعات الاسلامية في الجزائر : حركة حمس و
...
-
في الديكولونيالية خطابا و حراكا و فلسفة ..
-
فرنسا و الجزائر و الوعي الميثولوجي المزيف
-
العقل العربي و سهولة الحلول
-
على هامش مشروعي البحثي - ميتافيزيقا القول الفلسفي الغربي و م
...
-
الجيلية هل هي الخلاص...
-
لا داعي للتقعر في الخطاب لتصبح فيلسوفا و عظيم عصرك ..
-
أنقزو و الجابري ..المسكيني و حنفي : جيل السطوح و جيل الأعماق
-
اليوم رحيل الشاعر الجزائري الكبيرعثمان لوصيف ...
-
صرح و قلعة صناعة العقل الإحتجاجي على الفساد و الإستبداد ...
...
-
في الإصلاحات التربوية في الجزائر .... (1)
-
يلعن كسيلة لكي يحب عقبة ..
-
العفو المجاني من عند الله ...
-
الفكر يحاور بالفكر و سعة الإطلاع و الأفق..
-
ليس من التفلسف في شيء : في مريدي طه عبد الرحمن
-
بلعقروز على خطى طه عبد الرحمن ناقدا لأركون و الجابري : ملاحظ
...
-
تهنئة عيد الفطر المبارك 2018
-
ليس من التفلسف في شيء : المريدون وبال على الفلسفة
-
أسئلة تأسيس نظرية القراءة و بناء المنهج عند حاج حمد ..
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|