أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - ييلماز جاويد - دودة الشجرة















المزيد.....

دودة الشجرة


ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)


الحوار المتمدن-العدد: 5925 - 2018 / 7 / 6 - 03:17
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


المثل الإنكليزي ( Old sins have long shadows )يعني : أن الذنوب القديمة لها ظلال بعيدة ، ينطبق على وضع الحزب الشيوعي العراقي . فالذنب الذي إرتكبه الحزب في عام 1959 ، عندما كان أحد دعامات النظام الجمهوري الجديد ، وموضع ثقة قيادة الثورة ، وفي أوج نشاطه الجماهيري ، فتح أبواب الإنتماء للحزب على مصراعيها ، فكانت فرصة ليس للمؤيّدين والمؤمنين الحقيقيين لمبادئ الحزب وسياسته فحسب بل لكافة الإنتهازيين والوصوليين الذين ما أن دخلوا تنظيمات الحزب حتى بدأوا ، بوسائلهم الخاصة ، في تسلّق درجات التنظيم الحزبي حتى وصل بعضهم إلى مستويات القيادة . لقد شكّل وجود مثل هذه العناصر ، وبنسبة كبيرة في تنظيم الحزب ، الحلقة الرخوة التي ساعدت جلاوزة حكام نظام إنقلاب الثامن من شباط 1963 في إنتزاع الإعترافات من الشيوعيين والتمكّن من هدم الهيكل التنظيمي للحزب بالكامل وتصفية قيادته . لقد كان قصد نظام حكم البعثيين ، في عهدهم الأول ، الذي دام تسعة شهور فقط ، تصفية قيادة الحزب بالكامل بإعدام كافة كوادره ، من القيادة العليا نزولاً إلى مستوى الدرجة الرابعة ، الذين وصلت إليهم أياديهم بالإعتقال أو الإغتيالات . لقد كان من نصيب بعض الكوادر ، صدفة ، أن يكونوا خارج القطر ، أو في منطقة كوردستان ، ولم تنلهم أيدي أزلام النظام ، فتمكنوا من إعادة بناء الحزب ، ولكن ، مع الأسف ، لم يجد هؤلاء في الساحة غير الأشخاص الذين إرتدّت شخوصهم بسبب ما شاهدوه من قسوة لجان التحقيق البعثية وصور إنهيار قادة شيوعيين ، كانوا موضع الإشارة بالبنان ، فخروأ صرعى التعذيب ولم يكتفوا بالإعتراف بل زاول بعضهم التعذيب ضد رفاتقهم لإستلاب الإعتراف منهم . لقد وُلد التنظيم الجديد ضعيفاً ، ليس عددياً فقط ، بل وفكريّاً أيضاً ، ولهذا السبب ، فقد كانت إحدى شطحاته في عام 1964 عندما قررت القيادة حلّ تنظيمات الحزب والطلب من الأعضاء الإنتماء إلى " الإتحاد العربي الإشتراكي " الذي تشكّل في عهد عبد السلام عارف ، تشبّهاً بالإتحاد العربي الإشتراكي المصري ( على عهد جمال عبد الناصر ) .
نعم : لقد تمكن الحزب من النهوض من كبوته ، بعد الرفض الكلّي لقرار حله في 1964 ومقابلته بنظرية ( وجهة نظر النملة )* ، وعلى الرغم من الإنشقاق الذي قاده عزيز الحاج ، ومباشرة فصيله الكفاح المسلّح في الأهوار ، والذي فشل فشلاً ذريعاً بعد إلقاء القبض عليه ، وظهوره على شاشة التلفزيون وإعترافه بخطئه . فقد أعاد الحزب تنظيم صفوفه ، وبرز ككيان مؤثر في الوضع السياسي العراقي ، مما جعل نظام الحكم البعثي ( الذي إستعاد السلطة عام 1968 ) أن يتودد إلى الحزب ، ويطلب التحالف معه ، في مرحلة كان البعثيون يخططون لتأميم النفط ، فتم التوقيع على عقد التحالف الذي أطلق عليه " الجبهة الوطنية والقومية التقدّميّة " ، إلاّ ان البعثيين ( الإنقلابيين ) كانوا قد خططوا ، في ذات الوقت ، ليكون هذا التحالف " تكتيكيّاً " مرحليّاً لحين تحقيق الغرض الذي يريدون . ولكن يبقى فخراً للحزب الشيوعي أنه إستلب من أعتى تنظيم شوفيني عروبي الإعتراف بوجوده كحزبٍ سياسي في الساحة العراقية ، وساهم في تحقيق تأميم النفط العراقي وتثبيته ونجاحه .
لقد إنقلب نظام حكم البعثيين على الحزب الشيوعي لحجج واهية في عام 1976 ، ولكن بعد 1979 وإستلام صدّام حسين موقع الحاكم المطلق ، قام بإستخدام تنظيمات حزب البعث العربي الإشتراكي ليس كحزب يقود النظام بل كتنظيم مكمّل للتنظيمات الأمنية ، العسكرية والمدنية ، لمكافحة كل تنظيم أو فرد يعارض شخصه ، إذ لم يكن هناك أي مجال لأيّ نشاط سياسي ، سيّما في ظروف الحرب التي إندلعت بين العراق وإيران في عام 1980 . ولذلك فمن الخطأ الشائع الذي يصر عليه بعض المثقفين ، وبعض الحركات السياسية في تنسيب فترة نظام الحكم بين تموز 1979 ونيسان 2003 إلى حزب البعث ، لأنه لم يكن هناك كيان سياسي لحزب بإسم البعث في العراق بل كان هذا الكيان أداة بيد صدام كأي أداة أمنية أخرى ضد أعدائه .
على الرغم من قساوة الملاحقات التي طالت نشاط الشيوعيين سواء في دوائر الأمن العامة أو المخابرات ، فلا يمكن إهمال دور " الشيوعيين إياهم " الذين إنتموا إلى الحزب ، بسبب فتح باب الإنتماء في 1959 ، الذين أصبحوا مثل الدودة التي تنخر في جذع الشجرة . فقد إنقلب الكثير منهم ، وإنتموا إلى البعث أو قوى أمن السلطة وأصبحوا مخبرين يساعدون السلطات في مكافحة الحزب الذي كانوا منه ، والآخرون الذي إحتفظوا " بإنتمائهم " لكنهم أصبحوا ينادون بالفكر اليميني والمهادنة ، أوبالفكر اليساري والمجابهة مع السلطة الغاشمة . والذاكرة تحفظ أسماء الكثير من الذين كانوا من الرعيل المتقدم من كوادر الحزب ثم إنشقوا عليه . هذه الأفكار تمثل فكر البجوازية الصغيرة التي تتأرجح دائماً بين اليمين واليسار ، ولا تُعتبر هذه حالة غريبة ، بل هي سلوك مرتبط بطبيعة مصالح البرجوازيين الصغار : تدفعهم حيث ما يتطلب تأمينها في كل مرحلة .
أمّا في مرحلة إنشغال القوى السياسية العراقية بالتهيئة لخوض الإنتخابات العامة للسنة 2018 فقد إنبرى الحزب الشيوعي لتأسيس تجمّع سياسي " واسع وعريض " من القوى " التقدمية والعلمانية والديمقراطية " ليكون بذرة لتأسيس تحالف عابر للطائفية والأمل في الحصول على نتائج مشجّعة في الإنتخابات العامة بقصد تغيير ميزان القوى السياسية ، والخلاص من النظام المحاصصي الطائفي الأثني . لقد تمكّن الحزب من إيجاد هذا التحالف الذي حمل إسم " تقدّم " ، ولكن ، مع الأسف ، صار الجدل بين أطراف " تقدّم " يشبه لعبة كرة السلة في تبادل وتلاقف الكرة دون الوصول إلى صيغة يمكن أن ترشد إلى طريق عملي لتنفيذ الآمال التي بُنيت على تأسيسه ، وآمال أبناء الشعب التي إرتبطت بذلك الحدث . إن هذا الجدل الذي حصل بين أطراف " تقدّم " ليس إعتباطيّاً ، بل سمة موضوعية بطبيعة فكر البرجوالزية الصغيرة التي ينتمي إليها أطرافه ، عدا الشيوعيين . لقد إستغرق الجدل البيزنطي بين أطراف " تقدّم " وقتاً ، ليس بالقصير ، بل كاد يؤدّي إلى تخلّف الحزب عن ركب التهيئة لمعركة الإنتخابات ، لولا حنكة القيادة ، وصحة تشخيصها للوضع الذاتي ، وأن الحزب يحارب في جوّ سياسيٍّ وهو مُحاط بالأعداء الطبقيين من جميع الجهات " تقدميون أو غير تقدميين " ، فإتخذ قراره ، بجرأة الواثق من صحة فعله ، في بناء تحالف مع إحدى التنظيمات حديثة النشأة والمدعومة من مقتدى الصدر لتأسيس تحالف " سائرون " لخوض الإنتخابات .
بالقدر الذي خلق نشوء تحالف سائرون الخوف عند القوى السياسية الأخرى التي كانت مسيطرة على الحكم للخمسة عشر سنة الماضية ، خلق في نفس الوقت ردة فعل قوية عند الحلفاء السابقين من جماعة " تقدّم " ، وعند البعض من " الشيوعيين " من بقايا " إيّاهم " الذين ظلّوا يحملون أفكار البرجوازية الصغيرة ، فتناولوا معاولهم وأقلامهم ، يهدومون ويدبجون المقالات لمهاجمة الحزب داعين إلى مقاطعة الإنتخابات ، بذريعة " ضرورة الحفاظ على المبادئ " ( كذا ) أو " الحفاظ على سمعة الحزب وشرفه عند الجماهير " ( كذا ) ! إن ما نعيشه اليوم ما هو إلاّ ظلال ذلك الذنب الذي إرتكبه الحزب في عام 1959 ، فتصرّفات هذه الفئات إنعكاس للإنحدار الطبقي الذي ينتمون إليه من جهة ، ومن جهة أخرى ، حداثة أعمار الكثيرين منهم والتي لم تسمح لهم بالحصول على المعرفة الكافية لعمق النظرية التي يهتدي بها الحزب ، وما تتميّز به من مرونة في التنفيذ والأخذ بنظر الإعتبار الظروف الموضوعية والذاتية في البلاد .
إن الحملة الإعلامية الظالمة التي يقودها هؤلاء في عدائهم للحزب ومحاولة " تشويش " ذهن جماهير الشعب ، وجعلها تنفض عن الحزب ، محكوم عليها بالفشل ، ما دام الحزب متمسّكاً ، وبإصرار ، بمصالح الطبقة العاملة والطبقات المسحوقة ، سواء كانت هذه الطبقات محسوبة ، سياسياً ، لصالح الحزب أو لصالح حزب أو حركة سياسية أخرى . فالمهم ، أن الحزب ملتصق بالطبقة الإجتماعية ذات المصلحة في وجوده ، وصاحبة المصلحة في قيادته لها . فيا أيها السادة : إننا نريد:
حزباً شيوعيّاً لا إشتراكية ديمقراطية
وننشد بصوت عالٍ دائماً :
حُصنُ حزبِنا شاده فهدُ كيف تستطيع هدمه قِرَدُ
• . شبّه الرفاق وجهة نظر " قياد الحزب " بوجهة نظر النملة ؛ إذ لا تعتبر النملة الأسد من الحيوانات المفترسة ، لأنها تتمكن من السير أينما تشاء على جسم الأسد دون أن يعترض .



#ييلماز_جاويد (هاشتاغ)       Yelimaz_Jawid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيروس مرض الطفولة اليساريّ
- حذاري من الإنعزالية
- لا يُلدَغُ المرءُ من جحرٍ مرّتين
- نحنُ عملنا شيئاً ، فتُرى ماذا عملتُم ؟
- لِمَن يَعقلون
- جبهة للإنتخابات
- لِمَ
- خطابٌ إلى - مثقّفينا -
- خِطابٌ لأولئك
- يَومَ يُكنَسون
- مَرَّ شهرٌ على الإستفتاء
- رَدُّ مُداخلة
- صَرخَةُ أمّة
- القمارُ السّياسيّ
- الديمقراطية في العراق
- الديمقراطيّة - جزء 2
- الديمقراطيّة - جزء 1
- نداءُ تحذير
- برهم صالح أم مستقبل العراق ؟
- تظاهَر يا شَعَب .. وإستَعِدّ .


المزيد.....




- الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان ...
- مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
- مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
- الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
- عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و ...
- في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در ...
- حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
- تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا ...
- تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال ...
- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - ييلماز جاويد - دودة الشجرة