|
(( الدبلجة عقول اجنبية الفكر عربية اللسان _ المراهقة المبكرة ))
صفاء الصالحي
(Safaa Alsalhi)
الحوار المتمدن-العدد: 5924 - 2018 / 7 / 5 - 00:52
المحور:
الصحافة والاعلام
(بقلبي حبك زهر صارت أحلامي أكبر ولما تلون أحلامي بحبك يا عيوني أكثر ) كلمات كتبتها على ورقة وقذفتها له وقبل ان يلتقطها هو التقطتها المعلمة قرأتها فأصيبت بالصدمة عندما وجدت الكلمات الغرامية المكتوبة من طالبة في الصف الخامس الابتدائي لم تلجأ الى تعنيفها وضربها امام التلاميذ ، تعاملت مع الموقف كما وصفها احمد شوقي ( كاد المعلم ان يكون رسولا ) ، وقررت الغور عن أسباب المراهقة المبكرة التي اصيبت بها الطالبة فكانت ابرز تلك الاستنتاجات أن جلوسها مع الاسرة في المشاهدة المفرطة والغير المقيدة للمسلسلات المدبلجة هي من اهم أسباب مراهقتها المبكرة ، وما الكلمات التي كتبتها على الورقة وقذفتها الا كلمات اغنية المقدمة للمسلسل الهندي المدبلج ( الزواج قسمة ونصيب ) . لم تعد احلام الطفولة مقتصرة على اللعب وشراء الحلوى او لبس الملابس الجديدة ولا عقول الطفولة البريئة كما كانت من قبل دخول ثورة الاتصالات وتقنياتها الحديثة كشريك أساسي وفاعل في عملية التنشئة الاجتماعية بعد ان كانت مقتصرة على الاسرة والمدرسة ، أن انغماس الصغار بمضامين الالعاب والانترنيت والهواتف الذكية او التلفزيون جعلهم عرضة لسيل جارف من الرسائل العاطفية والايحائات الجنسية المموهة التي لاتتناسب مع التطور الطبيعي للنمو الوجداني والعاطفي لمشاعرهم في مراحلهم العُمرية ولا مع النمو الجسدي الفسيولوجي ،فبدل من ان تخطو مراحل النمو العاطفية والفسيولوجية بمسارها الطبيعي الفطري وتظهر في مرحلة متأخرة من الطفولة وبداية سن الشباب تعمد وسائل الاعلام الموجهة على تحريك تلك الغرائز وتغير فطرتها لتعجيل الرغبات العاطفية والجسدية قبل الاوان ( مراهقة مبكرة ) . لقد وقع الكثير من الاطفال ضحايا السيل االذي بلغ الزبى في مضامين وسائل الاعلام والاتصال لا سيما المسلسلات المدبلجة التي باتت أليوم المادة الترفيهية الاولى لأغلب الأسر حتى شكلت ظاهرة لابد من الوقوف عندها وقرع جرس الانذار حتى لا يقع الاطفال تحت طائلة هذه المضامين التي لاتناسب مراحلهم العُمرية ولا يشكل الوجدان والعقل بعادات وسلوكيات ممسوخة . وان الاستغراق المكثف في مشاهد المسلسلات المدبلجة في هذه المرحلة العمرية تذاب فيها الفوارق بين الواقع والخيال ويحسب الطفل ان كل ما يشاهده حقيقة ولا شعورياً يرتبط بالشخصيات التي تحمل الصفات المحببة اليه أو تلك التي نجحت في استمالته وصولا الى حالة التقمص " التوحد " معها حتى يسعى الى تحقيق ما تحقق هذ الشخصيات من أهداف وتبدء عملية انتقال الأفكار والقيم المراد غرسها في نفس الطفل ويشكل الوجدان والعقل بعادات وسلوكيات بعيدة كل البعد عن عن قيم وعادات المجتمع . ويرى عالم النفس الأمريكي "ألبرت باندورا" أن التعلم من خلال القدوة و المثال عبر المشاهدة و الملاحظة من أخطر وظائف وسائل الإعلام، و برهن من خلال نظرية التعلم الاجتماعي التي وضعها على أن الإنسان يتعلم من خلال المشاهدة و الملاحظة أكثر مما يتعلم من خلال أسلوب المحاولة و الخطأ عبر التجربة المباشرة ، وان من أساسيات نظريته عمليات الاحتفاظ بسلوكيات النموذج أو تخزينها في الذاكرة بعيدة المدى وأستيعابها وتمثيلها وترميزها وتحويلها الى صيغ رمزية تشكل إحدى الأسس الهامة للتعلم بالملاحظة ، حيث لا يمكن للفرد ان يتأثر بملاحظة النموذج مالم يقم باستدخال لسلوكيات النموذج والاحتفاظ بها في الذاكرة بعيدة المدى واستيعابها وتمثلها بحيث تحدث تغيراً في بنائه المعرفي يؤدي الى تغير في سلوكه ، ونظراً لأن فترات ملاحظة النموذج وتكرارها يكون محدود فأن الفرد يقوم بترميز الأنماط السلوكية التي تصدر عن النموذج ويتم تحويلها الى صيغ رمزية ( كلمات أو صور ) يمكن استرجاعها في وقت لاحق مصحوب بأداء الفرد لها . لم يعد خافياً على احد الا على الذين لايعلمون أو الذين يتجاهلون ادوارهم في الاسرة والمجتمع ان حالة ( التقمص والتوحد ) تلعب دوراً اساسياً ومهماً في السنوات الاولى في تكوين الشخصية فلابد ان يعي الوالدان دورهم في عملية بناء وتكوين شخصية الطفل في السنوات الاولى من حياته وان يكونا هما النموذج الذي يحتفظ بسلوكياتهم في ذاكرته بعيدة المدى وان لا يغيب دورهما كونهما المجتمع الإنساني الاول الذي يعيش فيه الطفل ولا بد ان يتوحد مع أحد أفراد الاسرة والتشبه بخصائصها وقيمها وعادتها لتحقيق الامن النفسي وان لا يترك الطفل على شفا جرفٍ هارٍ لينهار مبكرا في شاطئ الغرام .
#صفاء_الصالحي (هاشتاغ)
Safaa_Alsalhi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لدبلجة عقول اجنبية الفكر عربية اللسان __العنف والجريمة
المزيد.....
-
مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل
...
-
متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح
...
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م
...
-
السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
-
مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
-
فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي
...
-
الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار
...
-
لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك-
...
-
-الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
-
بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|