|
هنالك إمكانية كبيرة لإفشال صفقة القرن الأمريكية المتدحرجة
عليان عليان
الحوار المتمدن-العدد: 5919 - 2018 / 6 / 30 - 14:11
المحور:
القضية الفلسطينية
من يتتبع موضوع صفقة القرن الأمريكية منذ أن جرت هندستها من قبل كل من مستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنير وولي العهد السعودي محمد بن سلمان قبل عدة أشهر، يكتشف عدة أمور أبرزها : أولاً : أنها أنجزت التطبيع الإقليمي مع دول النظام العربي الرسمي دون أن يقدم العدو الصهيوني أي تنازل له على صعيد الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ومن ثم أصبحت مبادرة السلام العربية – رغم سوءتها – وراء ظهر الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني. ثانياً : أنها ورغم عدم الإعلان رسمياً عن تفاصيلها ، إلا أن تطبيقاتها على الأرض تكشف أولاً بأول بنودها ، ولعل تنفيذ الإدارة الأمريكية لقرارها بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس وكذلك شروعها في تمويل تطبيقات الصفقة من قبل الخزائن الخليجية لمؤشر على ذلك . ثالثاً: أنها متدحرجة بمعنى أنه ما بين الفترة والأخرى يجري الكشف عن تفاصيلها عبر تسريبات متعمدة لوسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية، في محاولة لجس نبض الموقف الفلسطيني من جهة والعربي الرسمي من جهة أخرى. وصفقة القرن في سياقها التراكمي والمتدحرج تذكرنا بمبادرة وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري ، لكن بفرق أن كيري رغم انحيازه للكيان الصهيوني، إلا أنه حاول تقديم جوائز ترضية للجانب الفلسطيني مثل : الإفراج عن عدد من الأسرى ، واستبدال مفردة " السيادة " الإسرائيلية على منطقة الغور بمفردة "السيطرة" لعشرات السنين ، وعدم إهمال مبادرة السلام العربية ألخ. لقد رصدت الإدارة الأمريكية ردود الفعل العربية الرسمية على الصفقة المتدحرجة التي تبلورت على النحو التالي : 1-إعلان كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أنهما سيعملان في حدود إمكاناتهما بشأن الاعتراض على موضوع نقل السفارة إلى القدس . 2- الموقف الباهت الذي نجم عن قمة الظهران حيال القدس الذي باع الشعب الفلسطيني أوهاماً مالية سبق أن بيعت له في قمم سابقة منذ انتفاضة الأقصى عام 2000، دون أن تجر ترجمتها على أرض الواقع . 3- الاندلاق التطبيعي غير المسبوق من قبل العديد من الدول العربية مع الكيان الصهيوني " البحرين ، السعودية ، الإمارات ..ألخ". ردود الفعل سالفة الذكر أغرت الإدارة الأمريكية أن تواصل " دحرجة صفقتها" ، حيث بعثت بكلة من كوشنير والمبعوث الأمريكي جيسون جرينبلات لزيارة كل من مصر والسعودية ومصر وقطر والكيان الصهيوني والأردن . وعشية الزيارة ، وتمهيداً لها طالبت إدارة ترامب دول مجلس التعاون الخليجي باستثمار مئات الملايين من الدولارات في مشاريع اقتصادية في قطاع غزة ، في محاولة لتهدئة الوضع الأمني من أجل توليد زخم قبل أن يعرض البيت الأبيض خطة سلام الشرق الأوسط. ومن المعلوم أن طلبات الإدارة الأمريكية هي إملاءات ليس بوسع دول الخليج رفضها وفي الذاكرة مئات المليارات من الدولارات التي قدمتها كل من السعودية وقطر وغيرهما للإدارة الأمريكية إبان زيارة ترامب للرياض وبعدها . وعشية الزيارة أيضاً ووفقاً لمصادر إسرائيلية ، فإن كوشنير وغرينبلات يسعيان لإقناع الحكومة المصرية بأن أن تقدم تنازلات من جانبها – وعلى حساب أرضها وسيادتها- لصالح مشروع صفقة القرن على نحو : 1-التخلي عن أجزاء من سيناء لصالح إقامة كيان فلسطيني مفترض يستوعب الكثافة السكانية الهائلة في قطاع غزة . 2-إقامة مشروع للطاقة الشمسية في مدينة العريش المصرية لخدمة بعض احتياجات الطاقة في وبناء محطة لتوليد الكهرباء ومحطة لتحلية المياه، ومنطق صناعية وبناء ميناء فلسطيني مصري مشترك في المياه المصرية ومنطقة صناعية في شمال سيناء لاستيعاب العمالة الفلسطينية. وعشية جولة كوشنير وجرينبلات وخلالها جرى تحوير وتبديل في معطيات صفقة القرن، فبعد أن كانت تشمل 13 بنداً – حسب تقرير أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات المقدم لاجتماع المجلس المركزي الفلسطيني في 13- 14 كلنون ثاني 2018 ، وتضمنت في حينه بشكل رئيسي، ضم الكتل الاستيطانية الكبرى بالضفة( لإسرائيل)، وإعلان قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح، وإبقاء السيطرة الأمنية (لإسرائيل)، إلى جانب الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، مع انسحابات تدريجية (لإسرائيل) من مناطق فلسطينية محتلة....أصبحت صفقة القرن في نسختها الراهنة تنص على تكون الدولة الفلسطينية في قطاع غزة مضموماً إليها جزءاً كبيراً من شبه جزيرة سيناء وإقامة مشاريع اقتصادية كبيرة فيها ، وأن تكون الضفة الغربية منطقة للحكم الذاتي مرتبطة بعلاقة كونفدرالية مع الأردن ، ومنفصلة عن قطاع غزة ووفق ذات الشروط المتعلقة بالقدس والاستيطان ويهودية الدولة وشطب حق العودة ألخ. لكن هذه التحويرات في صفقة القرن يجري تعديلها ما بين فترة وأخرى ، وفق قراءة الإدارة الأمريكية لردود الفعل العربية الرسمية والفلسطينية ، خاصةً بعد تسريب أنباء عن تضمينها بإبقاء خمس بلدات وأحياء شرق القدس تحت السيطرة الفلسطينية ، وفي ضوء رفض العواصم العربية الخجول للصفقة أثناء زيارة كوشنير لها ، واستمرارها في التأكيد على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع على حدود عام 1967وعاصمتها القدس الشرقية. ما يجب الإشارة إليه بعد هذا الاستعراض المكثف لتطورات صفقة القرن أن هذه الصفقة ليست قدراً، وبالإمكان إفشالها إذا ما رفضها الجانب الفلسطيني ( منظمة التحرير وفصائل المقاومة) وإفشالها يتطلب موضوعياً ما يلي : 1-أن تعلن القيادة المتنفذة في منظمة التحرير تخليها الكامل عن اتفاقات أوسلو، وأن تتخلى السلطة الفلسطينية عن التنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني، التزاماً بقرارات المجلس المركزي الفلسطيني. 2- أن تستمر قيادة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية في رفضها لصفقة القرن وعدم الدخول في مساومات حولها. 3- أن تطلق السلطة الفلسطينية يد المقاومة في الضفة الغربية. 4- أن تلغي السلطة الفلسطينية إجراءاتها العقابية ضد قطاع غزة. لقد لعبت مسيرات العودة التي انطلقت من قطاع غزة دوراُ فاعلاً وكبيراً في إرباك صفقة القرن ، وكشفت عن المخزون الكفاحي الهائل للشعب الفلسطيني القادر على إفشال محاولات تصفية القضية الفلسطينية. وأخيراً يجب الإشارة إلى نقطة جوهرية ألا وهي أن كوشنير الذي لا يحمل سوى مؤهل أنه صهيوني وصهر ترامب ومستشاره ، جاهل بالتاريخ وبنضال الشعب الفلسطيني المتصل ضد المشروع الصهيوني منذ وعد بلفور عام 1917 وحتى اللحظة الراهنة ،الذي سبق وأن أفشل عشرات المشاريع التصفوية لحق العودة وللقضية الفلسطينية ، لقادر على إفشال صفقة القرن حتى لو قبلها النظام العربي الرسمي المرتهن للإدارة الأمريكية. انتهى
#عليان_عليان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسيرات الضفة الغربية تنتصر لغزة برفضها الحازم لإجراءات السلط
...
-
في ذكرى هزيمة حزيران : نستذكر برنامج عبد الناصر في الرد عليه
...
-
مواقف النظامين العربي الرسمي والإسلامي حيال المجزرة في غزة ع
...
-
نحو عقد مجلس وطني توحيدي ورفض عقد مجلس انقسامي تحت حراب الاح
...
-
الأسرى الفلسطينيون كوادر متقدمة في المتراس الأمامي في مواجهة
...
-
العدوان الصهيو أميركي البريطاني الفرنسي على سوريا : مكاسب صا
...
-
مسيرة العودة الكبرى: أعادت الاعتبار لإستراتيجية التحرير والع
...
-
في ذكرى يوم الأرض : تهويد الأرض بغطاء من ترامب وبتواطؤ من ال
...
-
قانون الكنيست الإسرائيلي بشأن سحب هويات العرب بذرائع أمنية م
...
-
قرار مجلس الأمن محطة تكتيكية في الصراع المحتدم بين محور المق
...
-
إسقاط طائرة ف 16 الإسرائيلية بصاروخ سوري يعيد الاعتبار للصرا
...
-
مؤتمر سوتشي محطة رئيسية لحل الأزمة السورية رغم العراقيل الأم
...
-
في مئوية جمال عبد الناصر –واقع مصر والأمة العربية قبل وبعد ر
...
-
قيادة السلطة الفلسطينية لم تغادر خياراتها رغم قراري ترامب وا
...
-
الانتفاضة الفلسطينية تتطور بقوة دفع ذاتي دون دعم من سلطة أوس
...
-
الانتفاضة الفلسطينية الراهنة تستدعي مغادرة النزعة الفصائلية
...
-
الشعب اليمني يسقط الرهانات السعودية والرجعية لخلق فتنة في ال
...
-
في ذكرى قرار تقسيم فلسطين : لا مجدداً للقرار وفق حيثيات محدد
...
-
سعد الحريري يكرر معزوفة -النأي بالنفس- تنفيذا لإملاءات سعودي
...
-
الحوار الفلسطيني الشامل في القاهرة لم يستجب لتحديات المرحلة
...
المزيد.....
-
مسؤول إسرائيلي لـCNN: معبر رفح لن يُفتح إذا تكررت -الفوضى- م
...
-
أمريكي ينتشل أجزاء من طائرة منكوبة تحطمت في نهر بواشنطن
-
كيم جونغ أون غاضب ويحاسِب.. إقالة عشرات المسؤولين تورّطوا في
...
-
واتساب يتصدّى لعملية تجسس واسعة استهدفت صحافيين وناشطين
-
الجيش الاسرائيلي يعلن تعرض قواته لإطلاق نار داخل سوريا
-
ترامب يتعهد بالحديث مع بوتين لإنهاء الصراع في أوكرانيا
-
ترامب: الأردن ومصر سيستقبلان سكانا من غزة
-
-الشبكة- يرصد أثر مشاهد تسليم أسرى الاحتلال على البريميرليغ
...
-
نادى الأسير يكشف عدد الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم السبت
-
ترامب يكرر تصريحه عن -تهجير- سكان من غزة إلى مصر والأردن
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|