جميل السلحوت
روائي
(Jamil Salhut)
الحوار المتمدن-العدد: 5918 - 2018 / 6 / 29 - 23:28
المحور:
حقوق الاطفال والشبيبة
جميل السلحوت:
صوت ميرا الموسيقي
حفيدتي ميرا حباها الله جمالا يأسر الألباب، وليكتمل جمالها فإنّها تبتسم دائما لمن ينظر إليها، تبتسم وتطلق أصواتا موسيقية، حتّى أخالها تعزف سمفونيّة الحياة الرّغيدة، وأحيانا أشعر صوتها كحفيف سنابل حقل قمح مترامي الأطراف، وهي تتراقص أمام نسيم عليل يحاول أن يخترق صفوفها. وميرا لم تتوقّف عن نشر ابتساماتها حتّى وهي تعاني من نموّ الأسنان وما يصاحب ذلك من التهابات في اللثّة، فقد كانت تعض يدها أو تلك "العضّاضة" الطبّيّة التي تبيعها الصّيدليّات لمساعدة الأطفال أثناء نموّ أسنانهم. وعندما ظهر سِنّان في فكّ ميرا السّفليّ ازدادت بهاء على بهائها.
وعندما لا تجد ميرا من تلهو معه، فإنّها تبدأ بعزفها السمفونيّ الشّعري، ولمّا تجوع أو تبلّل "حفّاظتها" فإنّها تدور برأسها باحثة عمّن يمكنه مساعدتها، وتنادي أباها أوّلا بترديدها كلمة بابا. وإذا لم يستجب لها أحد تردّد كلمة ماما، وإذا لم يسارع أحد إليها فإنّها تنحت كلمتي بابا وماما في كلمة واحدة وتقول غاضبة
"بَمْ"، تنتظر بعدها قليلا علّ أحدا يهبّ لمساعدتها، وعندما تيأس وتشعر بخذلان الآخرين لها، فإنّا تصرخ بصوت متقطّع وكأنّها تنتظر الجواب.
وممّا يلفت الانتباه قضيّة لا يعرفها الأبناء والأحفاد، وهي أنّ الأجداد لا ينزعجون من صراخ أحفادهم، وهذه القضيّة انتبهت لها منذ ولادة حفيدي الأوّل كنان بن أمينة وعصام، والأحفاد الذين جاؤوا بعده كشقيقته بنان، ولينا شقيقة ميرا، وباسل بن لمى ومعتصم، وهذا ليس اكتشافا بل حقيقة لمستها بالتّجربة، فقد كنت أنزعج من أيّ صراخ، حتّى من صراخ أبنائي وهم أطفال، لكنّني لا أنزعج من صراخ أحفادي، وهذه حقيقة لن يدركها المرء ما لم يكن جدّا!
30-6-2018
#جميل_السلحوت (هاشتاغ)
Jamil_Salhut#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟