|
كيف يتحفز حلف الناتو لحرب مفاجئة مع روسيا
جورج حداد
الحوار المتمدن-العدد: 5917 - 2018 / 6 / 28 - 12:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إعداد: جورج حداد*
على خلفية تفاقم عوامل الازمة الاقتصادية ـ الاجتماعية وشيكة الانفجار في اميركا، تندفع ادارة دونالد ترامب نحو تصدير هذه الازمة الى الخارج عبر السياسات المغامرة التي تضع العالم في حمأة الحرب الباردة الجديدة والحروب الاقليمية المتنقلة وعلى حافة حرب عالمية جديدة. وفي هذا السياق فإن المستشارين الستراتيجيين الاميركيين توصلوا الى استنتاج ان روسيا تعمل ضد توسيع حلف الناتو "بواسطة عمليات هدامة". وجوابا على ذلك ينبغي "اختراق" الحدود الروسية، بواسطة الرادارات، الطائرات، الطائرات بدون طيار وحتى... الدبابات. وهذا يمكن ان يكون سببا لان يطبق حلف الناتو البند الخامس من نظامه الاساسي، والقاضي بالقيام برد شامل من جميع اعضائه اذا تعرض اي عضو منه للعدوان. وقد جاء في تقرير لمؤسسة الابحاث الستراتيجية التابعة للجيش الاميركي، إن روسيا "متصاعدة القوة" قد اصبحت تشكل اكبر تهديد عسكري لاوروبا. وفي هذا الصدد يذكّـر التقرير بموقف روسيا الذي يعتبر توسيع حلف الناتو عملية غير مبررة وخطيرة. ومن وجهة نظر واضعي التقرير، فإن "روسيا متصاعدة القوة تحاول الرد على التهديد الذي تراه في توسيع الناتو، بواسطة العمليات الهدامة ذات المخاطر المنخفضة، التي تجري في "المنطقة الرمادية" على حافة العتبة التي يمكن لتجاوزها ان يكون مبررا لاستخدام البند الخامس للنظام الاساسي لحلف الناتو". ويقول تقرير الجيش الاميركي ان روسيا "تستخدم بلا هوادة الامكانيات لديها" ليس فقط لتهديد البنية التحتية للدول الاوروبية، وانما ايضا "لتخويف" الحلفاء السابقين لروسيا. ومع ذلك فإن واضعي التقرير يلاحظون ان التفاهمات الاولية بين روسيا والناتو "لم تلبِّ توقعات موسكو"، ذلك ان الهدف الرئيسي للحلف كان يتمثل في الحد من نفوذ روسيا. ويعترف الخبراء انه حتى الاتفاقات الرسمية لتنظيم العلاقات بين الناتو وروسيا كان الهدف منها الحد من نفوذ روسيا والحفاظ على حرية حركة حلف شمالي الاطلسي. وفي هذه الحالة فإن ستراتيجية الحلف كانت تتلخص في اقتراح اقامة مساواة رمزية، لا قيمة فعلية لها، كما يؤكد واضعو التقرير. وفي هذه الحالة حذرت روسيا مرارا بأنها مستعدة للرد في حال توسيع البنية التحتية للناتو قرب الحدود الروسية. وفي هذا الصدد فإن السكرتير الصحفي للكرملين دميتريي بسكوف صرح في ايار الماضي: "على العموم، اننا نركز الاهتمام حول التوسع التدريجي للبنية العسكرية للناتو بمحاذاة حدودنا، وحول اقتراب البنية التحتية للناتو من حدودنا، فهذا طبعا لا يسهم بأي شكل من الاشكال في تأمين الامن والاستقرار للقارة. بل على العكس، فإن هذه الاجراءات التوسعية سوف تؤول الى ردود فعل جوابية من الجانب الروسي، من اجل تعديل التوازن الذي يتم اختراقه". وفي الوقت الراهن، كما يقول تقرير مؤسسة الابحاث الستراتيجية للجيش الاميركي، فإن روسيا "العزيزة الجانب" تشكل تهديدا للدول الاوروبية. وجاء في التقرير حرفيا "ان التهديد العسكري الاكثر جدية لاوروبا انما يتأتى من روسيا متصاعدة القوة، وهو ما دل عليه العديد من العمليات العسكرية، الاقتصادية، السياسية والسرية، المعادية للغرب، التي قامت بها روسيا على مدى عشرات السنوات الماضية، والتي وصلت الى اوجها في غزو اوكرانيا سنة 2014". والسؤال المفتوح الذي يحتاج الى جواب: هل تستطيع دول الناتو الاوروبية الكبرى ـ المانيا، فرنسا، بريطانيا وايطاليا ـ ان تجابه فعليا العمليات الروسية؟ وللمثال فقد صرحت مؤخرا المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل ان المانيا لن تستطيع خلال العشر السنوات القادمة ان تزيد نفقات الدفاع حتى 2% من الناتج المحلي القائم. وجيوش الناتو ليست جاهزة للقتال ضد روسيا ولا تمتلك القدرة القتالية المطللوبة. ولهذا فإن الولايات المتحدة ترى انه لاجل نشر القوات في الوقت المناسب ينبغي للجيش الاميركي ان يتمركز في اراضي بولونيا ودول البلطيق الملاصقة للاراضي الروسية. وفي الصيف الماضي اعلنت قيادة الناتو عن عزمها على تشكيل قوة عملانية احتياطية تعدادها 30 الف رجل لرفع مستوى الجهوزية في حالة وقوع "هجوم من جانب روسيا". ومن المفترض ان القوة الجديدة سيتم تشكيلها استكمالا لقوة الرد السريع التابعة للحلف، والمؤلفة من 20 الف رجل. هل مثل هذه القوة كافية للتصدي للجحافل الروسية ولسلاح الجو الروسي والاسلحة الصاروخية الروسية؟ هذا ما لم يقدم الخبراء الستراتيجيون الاميركيون والناتويون جوابا عليه بعد. ويقول الخبير العسكري في مجلة "الترسانة الوطنية" الروسية الكسي ليونكوف ان مبدأ روسيا في بناء الدفاع الوطني يتلخص في تأمين استعداد البلاد لرد اي معتد وليس للعدوان على اي دولة. ولهذا فإن اي ادعاء بوجود تهديد من قبل روسيا لا يستند الى اي اساس. ويقول هذا الخبير ان "المنطقة الرمادية" التي يُزعم ان روسيا تقوم فيها بنشاطات هدامة تشمل بولونيا ودول البلطيق. والواقع ان الناتو هو من يقوم بعسكرة هذه البلدان. وجدير بالذكر انه في كلمته امام المنتدى الاقتصادي العالمي في بتروغراد في 2018، عبر الرئيس فلاديمير بوتين عن المخاوف من توسيع الناتو قرب الحدود الروسية ودعا الدول الغربية لاحترام مصالح روسيا. هذا ونشرت المجلة الاميركية The National Interest، المتخصصة في الشؤون العسكرية ـ السياسية، مقالا ذكرت فيه ان اسطول الغواصات الروسي يشكل عماد القوات البحرية الروسية. ولكنه يعاني من نقطة ضعف، وهي ان الغواصات الروسية في البحر الاسود تخضع لمنطوق "اتفاقية مونتريو" Montreux Convention)) الموقعة سنة 1936 من قبل مجموعة من الدول بما فيها الاتحاد السوفياتي السابق. وهذه الاتفاقية تعطي تركيا حق السيادة على مضائق البوسفور والدردنيل. وهذا يعني امكانية منع السفن الحربية ولا سيما الغواصات وحاملات الطائرات الروسية من العبور من البحر الاسود الى البحر الابيض المتوسط، خاصة وان تركيا هي عضو في حلف الناتو. كيف يمكن لروسيا ان تحل هذه المشكلة؟ هذا ما لم تتعرض له المجلة الاميركية. ولكن هذا لا يمنع، حسب رأي بعض الخبراء، ان الاسطول البحري الروسي ولا سيما الغواصات في البحر الاسود، يؤمن لروسيا الميزتين التاليتين: ـ1ـ ان البحر الاسود، ولا سيما بعد استعادة روسيا لشبه جزيرة القرم، بمياهه وشواطئه كافة، تحول الى بحيرة مغلقة لروسيا، وكل سفينة حربية معادية افتراضيا تدخل البحر الاسود هي ساقطة مسبقا فعليا ولا قيمة عسكرية لها. وكذلك كل القواعد العسكرية غير الروسية على امتداد شواطئ البحر الاسود. ـ2ـ ان قواعد الرادار والحرب الالكترونية التي تقيمها روسيا في الاسطول البحري وعلى الشواطئ الروسية للبحر الاسود تؤمن الحماية التامة لجنوب روسيا من اي اعتداء مفترض. ومن جهة ثانية فإن الاسلحة التي تحملها الغواصات الروسية في البحر الاسود ولا سيما الصواريخ قريبة ومتوسطة المدى وخصوصا الصواريخ المجنحة الاسرع من الصوت، والقادرة على حمل الرؤوس النووية، والعالية الدقة، تطال جميع النقاط الستراتيجية في كل انحاء اوروبا، وتجعل اوروبا (بما فيها خاصة من قواعد اميركية) ساقطة مسبقا عسكريا قبل نشوب اي حرب فعلية. ــــــــــــــــــــــــــــــ *كاتب لبناني مستقل
#جورج_حداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الضرائب الجمركية لترامب تعطي نتائج عكسية لاميركا
-
فشل الستراتيجية الاميركية ونذر الحرب التجارية الدولية
-
بوتين يرسم الخطوط العريضة للجيوستراتيجية الدولية لروسيا
-
السعودية تدمر اليمن بالنيابة عن اميركا
-
اميركا تتدحرج نحو الاختناق في العزلة الدولية
-
هل تعترف واشنطن بسيادة اسرائيل على الجولان المحتل؟
-
اميركا: الدولة الارهابية الاولى في العالم
-
بداية الحرب الاقتصادية الاميركية ضد تركيا
-
تركيا تتأرجح بين الناتو وروسيا
-
احتمالات عواقب الحصار والعقوبات ضد ايران
-
سياسة الهيمنة الدولية لاميركا وخطر انفجار حرب تجارية عالمية
-
اميركا تتراجع امام الصواريخ النووية من كوريا الشمالية
-
أميركا ترامب... الى الوراء در!!!
-
الحملة الغربية ضد البرازيل لاسقاطها من مجموعة بريكس
-
الصين تحذّر اميركا
-
مع هزيمة الداعشية اميركا تلعب كل اوراقها ضد روسيا
-
تشريح اولي للتحول المافياوي لتركيبة الامبريالية الاميركية ال
...
-
سقوط -الداعشية- سيغيّر الجيوستراتيجية الدولية برمتها
-
محمد بن سلمان في احضان العم سام
-
بريطانيا دمية لاميركا
المزيد.....
-
لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء
...
-
خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت
...
-
# اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
-
بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
-
لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
-
واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك
...
-
البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد
...
-
ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
-
الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
-
المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|