أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مظهر محمد صالح - الأدراج الحرة














المزيد.....

الأدراج الحرة


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 5914 - 2018 / 6 / 25 - 01:44
المحور: حقوق الانسان
    


الأدراج الحرة


الكاتب:د. مظهر محمد صالح

19/11/2014 12:00 صباحا

حمَل حسن، الشاب دون سن العشرين البلاطة الثقيلة على كتفيه واتجه بخفة بطيئة أثقلتها مشقة ارتياد سلالم بيتنا وهو يبتسم في حياءِ وخجل، حاملاً في الوقت نفسه هموم الحياة وثقل المسؤولية وهو يتسلق صوب السطح العلوي مواجهاً حياته اليومية بهمة وجدية لبلوغ غاية واحدة هي أن يكون للعيش معنى..!.
نظرنا أنا وزوجتي اليه بشفقة ورحمة عاليتين بعد ان طوانا الصمت، ونطقنا في سرنا بسكوت عميق انطوى هو الآخر على ذاته وظل يطبق عليه طوقٌ من الآسى العميق!. هذا هو الصيف في شهر حزيران قد جاءنا ممتلئا بالحرارة في هذه الساعة المبكرة من الصباح.
واستمر حسن عامل البناء يحمل بلاطاته الثقيلة تباعاً. توقف ذلك الشاب عن عمله برهة وهو ينفض التراب عن سرواله والعرق يتصبب من جسده والأرض تأكل قدميه من أجل حفنةٍ من.. المال.. ولم يطلب مني ذلك الصبي سوى قدح بارد من الماء. فأعددت له أكثر من قدح وهو يواصل تسلقه الشاق حاملاً تلك البلاطات الثقيلة وقلت في نفسي: الحياة لعنة ولكن لا تزول إلا بالعمل!
التفتت زوجتي نحوي وهي تشفق على حسن كثيراً، قائلة: أتمنى لهذا الشاب الصغير الذي يقاسي مشقة عمله أن يرتاح طويلاً، وان شيئا يدفعني للشعور بالإثم تجاه شقاء هذا الانسان، فالدنيا ينبغي ألا تهمه طالما انها أهملته بعد ان اضافت عليه عبئاً في سبيل اللاشيء!
أجبتها من فوري، بعد ان خرجت من صمتي المألوف، لن يرتاح كما ترغبين! لعلك تقولين انه يريد رزقاً بدون عمل ودون ان يضار به أحد؟ قالت: لا أدري!. أجبتها، ان العمل المشرف من اجل القوت هو نعمة الحياة طالما هو ينعم بالحرية التي هي إدراك الضرورة، إدراك العلة والنتيجة!. تناول حسن آخر قدح للماء وهو يستمع الى رأي زوجتي بأنه كان على مقاول البناء أن يجلب رافعة ميكانيكية تخلص حسن وزميله من مشقة العمل اليدوي.
هنا استدرك حسن وأجاب من فوره: كلا يا سيدتي! أعلمي ان إحلال الآلة محل العامل أو استعمال التكنولوجيا كثيفة رأس المال بإفراط لا بدَّ من أن تضيفني أنا وغيري من العمال الى صفوف العاطلين في مساطر العمل وأرصفتها التي تنتظر لقمة العيش والتي ما زالت الأيام تغادرها تباعاً من دون مردود توفره البطالة لها سوى الشقاء!. فقساوة الجوع والهجران على أرصفة الانتظار وفقدان فرص العمل هي أشد قسوة من تسلق سلالم العمل! فالبديل الشاق العضلي الذي يوفر لي لقمة العيش على تلك الأدراج الحرة هي خير من الراحة التي يوفرها الجوع والخواء والخوف من المجهول على تلك الأرصفة المفزعة معدومة الحرية.. فبالعمل تصنع الحياة!!



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيت لكل أسرة
- جاين أوستن..هدوء العاطفة!
- المال لا ينام....!
- أرصفة الحكمة
- ماسح الأحذية..!
- الدواء المغترب ...!
- غذاء الآلهة !
- لعبة الجبناء...!
- العقل الجميل:توازن ناش
- قارب الحرية
- على طاولة الرئيس :ركود ام كساد
- مهدي الحافظ :العقل و الضمير و الحرية
- علم اقتصاديات السعادة:مفارقة ايسترلن
- العمارة...حاضرة الجنوب
- من سرق طاولة الملك؟!
- الحب والسياسة
- نجاة بلقاسم.. اليفاع المتوثب...!
- آرثر لافر
- سجون بلا جدران
- الأغتراب الصناعي والتقسيم الدولي للعمل


المزيد.....




- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية ...
- البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني ...
- الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات ...
- الإطار التنسيقي العراقي يرحب بقرار الجنائية الدولية اعتقال ن ...
- وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وغالانت لأ ...
- قرار الجنائية الدولية.. كيف سيؤثر أمر الاعتقال على نتانياهو؟ ...
- أول تعليق للبنتاغون على أمر الجنائية الدولية باعتقال نتانياه ...
- كولومبيا عن قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وج ...
- تتحجج بها إسرائيل للتهرب من أمر اعتقال نتنياهو.. من هي بيتي ...
- وزير الدفاع الإيطالي يكشف موقف بلاده من أمر اعتقال نتنياهو


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - مظهر محمد صالح - الأدراج الحرة