|
رؤية لأي حكومة عراقية مقبلة
محمد رياض حمزة
الحوار المتمدن-العدد: 5913 - 2018 / 6 / 24 - 11:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لعل الحريق المفتعل في مخازن مخازن مفوضية الانتخابات في الرصافة في 2 حزيران 2018 يؤكد حجم الفوضى التي تضيف تعقيدا للواقع السياسي قبل إنتخابات مجلس النواب في 12 أيار 2018 وبعدها. التي لم تسلم من كثير من الطعون والتشكيك بنتائجها..وبغض النظر عمّن سيتمكن من تشكيل الحكومة من القوائم بالتحالف ويجمع 165 من مقاعد المجلس النيابي ( البرلمان) ليكون قادرا على تشكيل الحكومة ( السلطة التنفيذية) فإن ملامحها قد لا تختلف كثيرا عن سابقاتها في قدرتها على الإيفاء بالتعهدات التي اعلنت أثناء الحملات الانتخابية.إذ أن قادة ألقوائم المتصدرة يتصدرون الان عناوين الاخبار وتجري بينهم لقاءات " توافقية " لتحالف يضمن الحصول على عدد المقاعد التي تخوله دستوريا لتشكيل الحكومة. ولعل الأسواء أن تتبخر الوعود الانتخابية ذات الاتجاه الوطني بتحالف تكون فيه الغلبة لصالح محاصصة مبطنة تضم عددا من فرقاء الامس توافقيين اليوم الذين يجمعهم "المذهب" مرة والمصالح الشخصية مرة اخرى. والحكومة المقبلة عليها ان تدرك أن التقدم المنشود والاصلاح لن يتحققا إلا ببرنامج يتضمن ما يلي: ــــــــــــ حكومة مدنية : ابدأ من حيث أنتهى مقالي السابق " وعود متناقضة لتشكيل الحكومة المقبلة (الحوار المتمدن قي 22 أيار 2018):إن المناصب في الرئاسات الثلاثة يجب أن تسند لذوى الخبرة في الإدارة التنفيذية ( الحكومة رئاسةً ووزراء ). وليس لإعتبارات حزبية أو دينية أو طائفية تطبيقا لما ورد في الدستور. فالحقائب الوزارية يجب اسنادها على اسس النزاهة والخبرة. فالوزير يجب أن يكون خبيرا متخصصا في صلب شؤون وزارته وليس كما يشاع سياسيا وحسب. كذلك فإن وكلاء الوزارات والمدراء العموم يجب أن يكونوا من ذوي الخبرة والتخصص كل في صلب عمل وزاراتهم. فطالما عُيّن وزراء جهلة فإلتف حولهم رعيل من موظفين فاسدين فافسدوهم وكرسوا الفساد.فإن لم تأت حكومة مدنية مكونات وزاراتها ومدرياتها من ذوي الخبرة والتخصص ( التكنوقراط ) كل في عمله ، فإن سنوات ضياع أخرى مقبلة. ولابد من التذكير بأن الدين الاسلامي أرفع من أن يزج بالسياسة فتسيئ لقيمه الروحية. فالسياسة في عالم اليوم محكومة بفروض قائمة على منهجية الاقتصاد العالمي ولا تتمكن اي دولة ان تتقدم اقتصاديا او تستقر امنا إن لم تسر وفق معايير الأئتمان النقدي ـــ الربوي في المالية العامة داخل الدولة أو في علاقاتها الخارجية. ذلك النهج تسير عليه معظم دول العالم بما في ذلك الجمهورية الاسلامية الإيرنية و المملكة العربية السعودية ودولة ( مدينة ) الفاتكان. لذا فإن العملية السياسية ، المتهالكة الموصومة بالفساد والجهالة والمحاصصة ، وقد شاخت بعد 15من السنين العجاف، لابد أن تستبدل بسلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية مدنية من الخبراء التكنوقراط لإحداث التغيير والتقدم المنشود. ــــــــــــ تقويم سيادة العراق: يُقيّم نقاد السياسة وخبراؤها العراق بأنه مسرح لصراع مذهبي سياسي بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول الجوار(*) وأنه بلد مُعَوَّق بسبب الأجندات الخارجية المفروضة على ساسته. وهنا لابد من تذكير قادة القوائم المتصدرة في نتائج الانتخابات التي يتوقع ان تشكيل الحكومة بأن لا تقدم ولا اعادة اعمار ولا خدمات ولا تنمية بشرية او اقتصادية لبلد لا يتمتع بالاستقلال والسيادة الكاملة. وتعريف السيادة ان لا وصاية خارجية أو تبعية سياسية او مذهبية لأي مسؤول عراقي في السلطات الثلاث. فإن إستعرضنا مجريات الاحداث وتطورات التحالفات لتشكيل الحكومة يوما بيوم لأمكن القول أن دول الجوار وغيرها تتدخل بالشأن العراقي وجعلت العراق مسرحا لصراعاتها.وإن من بين قادة الاحزاب والتحالفات والكتل من لا يخفي ولاءه لغير العراق. ولنقف عند هذا العدوان السياسي السافر للنيل من سيادة العراق .... فهل تقبل طهران أو الرياض أو واشنطن أو أي دولة تتدخل في الشأن العراقي أن تتدخل بغداد في شؤونها الداخلية وفي تشكيل حكوماتها او في صنع قراراتها ؟. وتقول مصادر موثوقة ان سفارات ومسؤولين من دول الجوار يأمرون عملائم من ساسة العراق أو يمارسون الضغوط أو حتى يقترحون وجهات نظرهم في التشكيل الحكومي المقبل.؟!!!!. هل يدرك رموز العملية السياسية وقادة الاحزاب والتحالفات والتيارات أن التدخل الخارجي السافر بشؤون العراق الداخلية لا يعني إلاّ الإستخفاف بهم سواء أكانوا قادة لتيارات او احزاب او تحالفات او كتل(معممزن او افندية) ـــــــــــــ إسترداد حقوق: أي حكومة مقبلة يجب أن تعمل على استرجاع ما فرط به الطاغية المقبور بسبب رعونته وحماقته ومغامراته فتنازل لشاه ايران عام 1975 حسب اتفاقية الجزائر عن ملكية العراق الموثقة دوليا لشط العرب بضفتيه على امتداد 193 كيلومتر.ذلك ما يجب التفاوض مع الجارة ايران لاسترجاعه استنادا الى معاهدة الحدود الإيرانية العراقية. المعاهدة الموقعة في قصر "سعد إباد " بطهران في تموز عام 1913 التي تنص على أن الحدود بين إيران والعراق هي المنطقة تمتد أساسا على الضفة الإيرانية لشط العرب وأن العراق يسيطر على كامل مجرى النهر الملاحي، ماعدا اماكن معينة. كذلك تنازل الطاغية المقبور صاغرا إثر مغامرة احتلال دولة الكويت عام 1980 عن اراضي عراقية. وأيضا في ترسيم الحدود مع الأردن والسعودية. ـــــــــــ إدارة الاقتصاد والمال: قد لا يعلم أي مسؤول في حكومات المحاصصة الثلاث منذ 2003 أن العراق مستهدف إقتصاديا من دول الجوار ان تبقى قطاعاته الانتاحية ضعيفة معطلة ليبقى سوقا لتصريف منتجاتها .وهذا هو الواقع قبل الاحتلال وتكرس بعده. فالمنتج الزراعي اوالصناعي العراقي لا يمثل 10% ( تقديرا) من معظم السلع الاستهلاكية التي ترد الى السوق العراقية. ذلك بالرغم من ان ثلثي إرض العراق صالحة للزراعة . وأن غلة الأرض بمحاصيلها الحقلية من الخضار والحبوب والفاكهة يمكن ان تحقق الامن الغذائي برحابة لضعفي سكان العرق. ولا حاجة لمُستورد زراعي من بلدان الجوار. بل أن العراق يمكن ان يكون البلد المُصدر للمنتجات الزراعية إن إستغلت أرضه كاملة . فالعراق بحاجة إلى نظام زراعي صارم مشفوع بحماية المنتج الزراعي العراقي. أما الصناعة فإن إعادة بنائها تتطلب التنسيق والتكاتف بين القطاعين العام والخاص. ولابد من التذكير بأن الصناعة لا تقوم من غير توفير الكهرباء بما يفوق الطلب الإنتاجي لمختلف المشاريع الصناعية والأستهلاكي ـــ المدني. وإن عدم توفير الكهرباء بكفاءة خلال 15 سنة في بلد يصدر النفط لهو برهان على وصم اقطاب العملية السياسية كافه بالجهل والفساد، مستثنيا البعض ممن حاولوا الاصلاح فحُوربوا واُبعدوا. أما الثروة النفطية التي كانت سببا في استهداف العراق من قبل الدول المنتجة الاخرى في المنطقة أن يبقى غير مستقر وثروته النفطية معطلة وذلك منذ عقةد خلت. فلابد ان ندرك أن اسواق النفط العالمية تشهد منافسة محمومة من قبل المنتجين والمستهلكين. والغلبة لمن يؤمن مصالحه ومصالح مستوردي نفطه كمية وسعرا. وبما أن 95% من الدخل القومي مصدره العوائد المالية من النفط الخام المصدر. وأن الموازنات المالية تعتمد اساسا في الانفاق الاستهلاكي والتنموي عليها فإن سياسة نفطية لابدأن تُغلب مصلحة العراق على أي إعتبار آخر. ــــــــــــ سرطان الفساد: بالرغم من ان اجتثاث الفساد مهمة أساس،فإن هذه المهمة تبدو بعيدة المنال في ضوء الوقع السياسي قبل الانتخابات وبعدها . فإن لم تُجتث جذور الفساد وإن لم تقطع رؤوس الفاسدين بلا رحمة، فلا يمكن تحقيق أي تنمية اقتصادية أو بشرية ولاإعادة الاعمار ولن توفر الخدمات ولن تتدفق الاستثمارات الاجنبية. فبقاء الفساد مستشري وسبيل للعيش وللثراء بنهب المال العام فالعراق منهوب متخلف مُعطل. وقد وُصم بالفساد ساسة كبار فاثروا وكانوا حفاة من قبل.إزاء هذا الواقع فالعراق بحاجة الى تغيير جذري في النظام السياسي . ففي ضوء مكونات العملية السياسية من الاحزاب والتيارات والكتل فإن التطور المرجو يبدو بعيد المنال . فالتطورالذي تحقق لدول مستقرة امنة متقدمة ترفل شعوبها بأعلى معايير العيش الكريم الذي يليق بالبشر.. تحقق ذلك كله بفضل سلطات تنفيذية نزيهة مكوناتها من " التكنوقراط" ذوي الخبرات المتخصصة كل في ادارة سلطته وزارة أو هيئة. أختم مقالي بتوجيه السؤال لكل معمم إمتهن السياية ولكل من إمتهنها في غفلة من الزمن.ما ذنب الطفل العراقي الذي يولد لأبوين فقيرين فيشقى ويعيش عليلا أن لم يخطفه الموت حدثاً. فالاعلام الموالي والمعادي بوسائله كافة يعرض يوميا صور للفقر تُوجع القلوب. وقد تجاوز عدد الفقراء 7 ملايين انسان( **). فمن لم يتعض من كل من شُمِلَ بالعملية السياسية بقادتها ومكوناتها وكانوا سببا بتفشي الفساد وبالفقر وبعدم القضاء على الارهاب ونَهبَوا المال العام وتسببوا بنهبه فإنهم نسوا "إن الله يمهل ولا يهمل". "أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون" (الاية 86 من سورة البقرة).
----------------------------------------------------------------- *Yaroslav Trofimov Iraq Grapples with Balance Between the U.S., Iran and Saudi Arabia. ( The Wall Street Journal ) June 14 , 2018 (**)في 17 كانون الثاني 2017 أعلنت وزارة التخطيط عن انها لم تصدر اي مؤشرات جديدة عن نسب الفقر في العراق وان المؤشر الرسمي المعتمد من قبل الحكومة العراقية والبنك الدولي لمستوى الفقر هو (22.5%) وفقا لاخر دراسة نفذتها الوزارة عن الفقر في نهاية عام 2014.
#محمد_رياض_حمزة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وعود متناقضة لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة
-
المرجعية والانتخابات النيابية
-
متابعات في الشأن العراقي
-
هل سيادة العراق - منقوصة-؟
-
إيران والكرد.. مساعٍ أمريكية - للحفاظ على السلم ومواصلة الإع
...
-
الحوار المرتقب بين الواقع والتطلعات المتناقضة
-
الحوار ... بين مبادرة الإقليم وثوابت الحكومة الاتحادية
-
لا منتصر في الحروب.. وفي السلم الحياة
-
نتائج الإستفتاء تتلاشى والعراقيون أقرب إلى السلم
-
الحوار والحوار.. ثم الحوار هو البديل لصالح مستقبل الكرد
-
قبل استفتاء الإقليم وبعده؟
-
الكرد وإسرائيل ... الاستفتاء والانفصال
-
كل مصادر تمويل الإرهاب
-
تطلعات الكرد ... واقع نقيض لطموحات مشروعة
-
طلب من الرئيس -ماكرون- باسم القيم الفرنسية
-
الفساد ... نظام اقتصادي موازي بحماية المفسدين
-
استفتاءات الإقليم
-
-كركوك- ... فذكر إن نفعت الذكرى
-
تباعد تحقيق حلم دولة كُرد العراق
-
البرزاني والمالكي
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|