افلونزا الغرور

محمد دلومي

الحوار المتمدن-العدد: 1498 - 2006 / 3 / 23 - 07:39
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    

من جنون البقر الذي تسبب فيه جنون البشر بشرههم وأنانيتهم إلى زكام الطيور الذي صار خطرا يهدد الإنسان في وجوده . من شرق آسيا إلى إلى آفريقيا واروبا والى بقاع الارض كلها تنتقل الطيور حاملة الفيروس القاتل , تهاجر منذ بداية الخلق كدأب أسلافها في الهجرة والتنقل دون جواز سفر عادي أو دبلوماسي فلا أحد يوقف هذه الهجرة أو يغير اتجاهها فتلك سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا ولو وزعت على طيور الارض كلها جوازات سفر واستوقفت في المطارات العالمية .
هذه الطيور المختلفة أو الأمم المهاجرة لن يوقف انتقالها من ارض الى ارض لا التقنية المتطورة ولا الاقمار الصناعية ولا الاسلحة البيولوجية ولا حتى اقمارالتجسس الدقيقة , لانها ببساطة سر من أسرار الله حتى وان كان سر مودوع في مخلوقات ضعيفة مثل السنونو والعصفور الطنان ..
مهما قيل عن هذا الوباء الفتاك الذي تحمله هذه المخلوقات ومهما توسعت بؤرته وانتشرت فالأكيد أن زحفه سيتوقف يوما لا محالة لتستمر الحياة إلى حين يشاء الله .
وليست هي المرة الاولى التي يواجه فيها الجنس البشري الاوبئة المستعصية فعبر الحقب العابرة عرف الإنسان كثير من الاوبئة التي كادت أن تقضي على الجنس البشري , فالطاعون الذي كاد يقضي على العالم خلال القرون الوسطى كان مثل لعنة حلت بالإنسان حتى كاد الجنس البشري ان ينقرض وتصبح حكايته مثل حكاية الديناصور , لكن رحلة الحياة استمرت وبقي الجنس البشري محافظا على تفوقه وسيطرته على الكائنات الأخرى .
أفلونزا الطيور ليست خطرا على الإنسان بل هذا الأخير هو الذي أصبح خطرا حقيقيا على نفسه بغروره الذي تفشى في الارض وجهله وشراهته اللامحدودة واغتصابه لحق أخيه الإنسان وشركائه في الارض من مخلوقات أخرى .
أمور خطيرة تحدث في بيتنا الكبير فالإحتباس الحراري الذي يهدد الارض وينبؤ بعواقب وخيمة والتجارب النووية وتأثيرها على القشرة الارضية وتلويثها لقاع المحيطات و المساحات الشاسعة من الصحاري ’ وتقلص المساحات الغابية أمام تسلل المدن الإسمنتية اليها كل هذا اصبح خطرا مهولا لا يدرك حقيقته الانسان العادي وما فتئ يحذر منه العلماء .
كائنات كثيرة كانت تشارك الإنسان الماء والهواء والغذاء دون أن تعتدي عليه او تنهب شيء من حقه انقرضت بفعل غرور الإنسان ’ وأعداد اخرى منها تتقلص وستؤول عما قريب إلى الإنقراض كنتيجة حتمية لبؤس البشر وأنانيتهم المفرطة على حساب كائنات لها الحق في الوجود . ليصل بعض الاجناس الحيوانية الى بضعة الاف وبعضها الى بضع عشرات وقد كانت قبل عقود شعوبا مثلنا تعيش في هدوء .
وأمام هذا كله , هل فعلا أن الطيور هي الخطر الذي يهدد الجنس البشري بالفناء ..؟
مهما طال هذا الوباء او زكام الطيور اوما يسمى بالافلونزا فسياتي عليها يوم وتنقضي وتنتهي , لكن ما هو باقي هو افلونزا الغرور التي ركبت الإنسان وجعلته فيروسا ضخما للدمار الشامل يهدد الارض كلها ودون ان يعرف أحدا حدا او زمنا معينا لهذا الغرور القاتل او متى يتوقف , ومهما قيل عن افلونزا الطيور فالأكيد انها لن تكون أخطر من افلونزا الغرور .

#محمد_دلومي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات