|
!..ألألتزام -السياسي- بنصوص الدستور
باقر الفضلي
الحوار المتمدن-العدد: 1498 - 2006 / 3 / 23 - 09:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المادة/9 الدستور العراقي اولا ًـ أ. تتكون القوات المسلحة العراقية والاجهزة الامنية من مكونات الشعب العراقي، تراعي توازنها وتماثلها دون تمييز او اقصاء وتخضع لقيادة السلطة المدنية وتدافع عن العراق ولاتكون اداة في قمع الشعب العراقي ولاتتدخل في الشؤون السياسية ولا دور لها في تداول السلطة. ب. يحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج اطار القوات المسلحة بعد أن أشارت الفقرة (أولا-أ) من نص المادة التاسعة من الدستور العراقي الجديد الى (القوات المسلحة) و(ألأجهزة ألأمنية) ومصادر تكونها ووظائفها ونطاق قيادتها و حدود مسؤولياتها وشكل أرتباطها بالدولة ، فأنها لم توضح شكل تلك القوات وكيفية بنائها، ولم تحدد الفارق بين القوات المسلحة من جهة وألأجهزة ألأمنية من جهة أخرى، وهل أن المقصود بالقوات المسلحة هو (الجيش) فقط ، وأن المقصود بألأجهزة ألأمنية هو (الشرطة وقوات ألأمن وألمخابرات) وهي جميعا قوات حاملة للسلاح. ألا أن هذه المادة في (الفقرة-ب) قد أعطت صفة عامة وواحدة لكل ما تقدم من أنواع هذه القوات ووصفتها ب(القوات المسلحة) وذلك من خلال حضرها تكوين أي قوات أخرى خارج نطاق تلك القوات، والمقصود به (القوات المسلحة) الموصوفة في الفقرة (اولا- أ) أعلاه. مما تقدم تكون أية دعوة أو خطوة لتكوين قوات مسلحة غير القوات التي تكونها الدولة نفسها، خارجة على النص الدستوري، وتستوجب المسائلة القانونية، بأعتبارها خروج على الدستور..! وحيث أن " الميليشيات " تختلف في مهامها وأهدافها ومنشأها وألأنظمة التي تحكمها أختلافا كليا عن ( القوات المسلحة) التي تقودها الدولة، فقد كان المشرع مصيبا حينما حضر في الفقرة (أولا- ب) تكوين " المليشيات" لما فيه من تعارض مع هداف ومقاصد ( القوات المسلحة ) للدولة ، مما يشكل خطرا وتهديدا أن تستغل مثل تلك "الميليشيات" لأغراض سياسية وحزبية ضيقة، تصبح معه خطرا على ألسلم ألأجتماعي وأمن المواطنين..! وكلنا يعلم بما فيه قادة النخب السياسية، بأن " المليشيات" في ظروف عدم ألأستقرار والفلتان ألأمني، تلعب دورا معيقا، بل وخطرا ،في كثير من ألأحيان، على أداء قوات الدولة الشرعية لنشاطاتها ألأعتيادية في حفظ ألأمن ألجتماعي والسلامة الوطنية. وحيث أن هذه " المليشيات" هي مجرد توابع لمنظمات سياسية أو طائفية أو دينية، فأنها تفقد أساسها الدستوري في الوجود، ناهيك عن عدم قانونية نشاطاتها وممارساتها اليومية ، لتعارضها مع نص المادة التاسعة ، الفقرة (أولا- أ) أعلاه، التي قد حرمت على (القوات المسلحة) للدولة ممارسة أي تدخل أو نشاط سياسي مهما كان شكله ونوعه..!
أن حضر تكوين "المليشيات" والنص عليه دستوريا، قد عبر عن فهم وأدراك ثاقبين من قبل مشرعي الدستور، لما يمثله وجود هذه المليشيات من خطر على وجود الدولة نفسها، لتعارضه مع أهداف الدولة لأقامة نظام قائم على أسس الديمقراطية والحرية، ومثل هذا النظام أضحى اليوم الشعار المفضل الذي ترفعه القوى السياسية في العراق على أختلاف مشاربها..!؟ رغم ما هي عليه من أحتراب، وما هي فيه من صراع على السلطة..! فأن كانت بعض القوى السياسية العراقية في ظرف سابق ، وحينما كانت تجد نفسها في موقع المعارضة ، تبرر لنفسها تشكيل "الميليشيات" الخاصة بها، وفقا لهذه المقاييس ، فليس هناك اليوم ما يبرر لها مواصلتها ألأبقاء على هذه "التشكيلات"..! حيث أنتفت ألأسباب الموضوعية لوجودها، وذلك بعد زوال السلطة السابقة من جهة، وتشكل نظام دولة جديد له قواته المسلحة الخاصة، وتشريع دستور دائم يحرم تكوين مثل هذه التشكيلات، من جهة أخرى..! وبقدر ما يتعلق ألأمر بأستمرار بعض ألأطراف السياسية العراقية ، سواء من هي في السلطة أو خارجها، في الحفاظ على تشكيلاتها المسلحة الخاصة، أو تلك التي أنشأت " ميليشيات " جديدة، أنما يعبر عن خرق فاضح لأحد مباديء الدستور ألأساسية، من ناحية، وتكريس للتخندق الحزبي والطائفي من ناحية أخرى ، مما يشكل على الصعيد العملي تقويضا حقيقيا، لمقومات الدولة الجديدة، ويضعف من وحدتها، ويهيء الظروف المناسبة لخلق كيانات وتجمعات مسلحة ذات أستقلالية، مبنية على الولاء الحزبي، أو الطائفي، أو الشخصي "العشائري- الديني"، وتفاقم لحالة ألأحتقان الطائفي والمناطقي التي تعيشها البلاد، ويبعدها عن تحقيق أهافها المعلنة في بناء دولة "الديمقراطية"..!؟ السلطة الحكومية، من جانبها، تتحمل وزر أستمرار الميليشيات القائمة حاليا، في ممارسة نشاطاتها ألأعتيادية، وتتحمل هذه السلطات مسؤولية هذا ألأستمرار، لكونه وجودا لا دستوريا، ويتعارض مع أهداف الدولة في مكافحة ألأرهاب وضمان ألأمن وسلامة أرواح المواطنين..! وما يقدم من تعليلات وتبريرات لهذا الوجود، لا يستقيم أساسا مع نصوص الدستور المعلن، وتعتبر الجهات السياسية، مهما كان لونها، في حالة خرق دائم للدستور منذ أن طرح كمسودة للأستفتاء، وليس أمامها ألآن ألا أن تحل نفسها تلقائيا أو أن تضع نفسها تحت تصرف السلطات المحلية لتقوم هذه ألأخيرة بأجراءات حلها قانونيا. أن التذرع بألأرهاب كسبب من أسباب بقاء هذه "ألمليشيات"، أنما هو تذرع فاقد لمسوغاته القانونية والموضوعية، وأن التمسك به من قبل البعض من الطوائف السياسية، أنما يعبر عن حالة من التمرد على سلطة الدولة، ويشيع جوا من الشعور بأرهاب موجه الى الطوائف ألأخرى في المجتمع لأغراض خاصة، وهذا ما تدركه السلطة الحكومية نفسها، وهو ما عبر عنه السيد رئيس الوزارة المؤقت بصريح العبارة في حديثه الى (الواشنطن بوست) والمنشور في جريدة (الشرق ألأوسط) بتأريخ 21/3/2006 حيث قال: "وخلال فترة حكمي باعتباري رئيس وزراء منتخباً، لم تهاجم مجموعة الصدر أيا من وحدات قوات الائتلاف"، ناهيك عن اشاعة مظاهر التسلح والعسكرة في الشارع العام، وما قد ينجم عنها من حالات ألأستفزاز والتشابك أو التقاطع في تنفيذ المهام ألأمنية مع أجهزة السلطة نفسها..؟! كما وأن حالة التعدد والتنوع المنتشرة في أرجاء البلاد لهذه "المليشيات"، أنما يشكل مصدر قلق دائم، وتهديد مستمر لأمن وسلامة المواطنين، وأشاعة للفوضى، وتعطيل لعمل مؤسسات الدولة، وأرباك للأجهزة ألأمنية، في حالة نشوب أشتباكات مسلحة بين هذه المليشيات المتصارعة..!؟ وهذا ما نوه عنه السيد رئيس الوزراء في حديثه، المشار اليه في أعلاه، وما عززته الوقائع..!
أن مكافحة ألأرهاب هي مسؤولية الجميع، ولا يمكن أن يدعي أيا كان أنه أولى من غيره بالقيام بهذه المهمة، او بتقدير أي من ألأعمال هو عمل أرهابي أم لا..؟ كما أن أيا كان، لا يملك حق أيقاع القصاص بألآخرين، أو أن يأخذ بيده حق تطبيق القوانين، كما حصل في مدينة الصدر قبل أيام..!؟؟؟ وهذا غيض من فيض طالما ظلت "الميليشيات" تتحكم بأمور الدين والدولة..!؟؟ نعم أنها مسؤولية الجميع ، ولكنها في حدود الدستور والقوانين المرعية، طالما يعترف الجميع بوجود الدولة ويحترم الدستور الذي أفتى بمشروعيته، والقوانين الصادرة بموجبه، وبعكسه فما هي ألا الفوضى وحكم "المليشيات" ، وبمعنى آخر "شريعة الغاب"...! فهل هذا ما تبتغيه نخبنا السياسية..؟؟! أما " ميليشيلت" الدولة نفسها؛ فهي أكثر وبالا وأشد فتكا وأبلغ عتيا، وأقوى سلاحا، من نظيرتها "ميليشيات" ألأحزاب السياسية والطوائف الأخرى، لما تمتلكه من غطاء "شرعي- حكومي" لوجودها و أهدافها المعلنة، ومرجعياتها المعلومة، ألا أنها تفتقد شرعيتها الدستورية لتعارض وجودها مع أحكام المادة التاسعة من الدستور..!! وهي تلتقي مع الميليشيات ألأخرى في كل المساويء التي أشرنا اليها في أعلاه..! تحميها عباءة الدولة، لتصنع منها سيفا مسلطا على رقاب الناس، وأرهابا مشرعنا، لا يردعه قانون ولا تكبح جماحه قوة..!؟ فهل نحن بصدد تكرار تجربة ألآنظمة الدكتاتورية ألأخرى..؟؟ وهل أن مكافحة ألأرهاب تستدعينا "شرعنة" أرهاب الدولة..؟؟ وألا فماذا يعنيه موقفنا من رفض وأستنكار وجود "منظمات" "وتشكيلات" مسلحة، كتشكيلات "الجيش الشعبي" و "الحرس القومي" و "جيش القدس" و "فدائيي صدام" و..الخ من التشكيلات سيئة الصيت، التي كانت ترعاها الدولة، تحت مختلف الحجج وألأدعاءات والذرائع..؟؟ أم أن البعض من نخبنا السياسية ، نسوا أو تناسوا أنهم بصدد بناء دولة "حرة ، ديمقراطية،" تحكمها القوانين ويسودها العدل..؟! وهل ستكون " المليشيات" مهما أختلفت ألوانها وأنتمائاتها ومسمياتها- جيوشا كانت أم لجانا- ، بديلا عن الدولة، في حفظ أمن المواطنين وسلامة البلاد، ومكافحة ألأرهاب..؟؟ أم أن مؤسسات الدولة المسلحة، قاصرة عن أداء مهامها الدستورية، لتصبح بدائلها أو رديفا لها، "المليشيات" المسلحة، ويا بأسه من رديف..؟؟
أن النخب السياسية التي أخذت على عاتقها السير ب"العملية السياسية" الى "نهايتها"، هي ألأولى من غيرها في أبداء حرصها وأظهار تمسكها وألتزامها بأحكام الدستور ودعم مؤسسات الدولة ضمن هذا ألأطار، والمساهمة البناءة، ومن خلال البرلمان، في تفعيل أحكام الدستور، وخاصة ما يتعلق منها بحماية أمن المواطنين وسلامة البلاد، وفي مقدمتها تفعيل نص المادة التاسعة من الدستور، والتسريع بتشكيل الحكومة، قبل التفكير ببناء "الميليشيات"..!!
#باقر_الفضلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الذكرى الثالثة..أحتلال أم تحرير..!؟
-
!..الملف ألأمني- الحالة المستعصية
-
!..حلبجة..ألأنفال
-
العراق: حيرة المتفائلين..!
-
!..حقوق المرأة.. ملف مفتوح
-
!..العراق: المسؤولية المفقودة وصراع المصالح
-
الفتنة الفتنة...!!؟
-
أبو غريب...؟؟
-
!.. حقوق ألأنسان حسب المقاس
-
!..عفوية ألحدث.. و المنطق
-
الملف -النووي الأيراني- والصمت العراقي
-
الارهاب..تلك ألالة العمياء
-
الثوابت وآفاق تشكيل الحكومة المرتقبة في العراق
-
!...قناة -الفيحاء- ليست أستثناء
-
ألقضاة لا يكذبون ...! تداعيات استقالة القاضي رزكار محمد أمين
-
رباعية الثوابت.. والمخاض المرتقب
-
الجيش العراقي...بين احتلالين..!!
-
ليتوقف قتل الابرياء
المزيد.....
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
-
إعلام: الجنود الأوكرانيون مستعدون لتقديم تنازلات إقليمية لوق
...
-
مصر.. حبس الداعية محمد أبو بكر وغرامة للإعلامية ميار الببلاو
...
-
وسائل إعلام: هوكشتاين هدد إسرائيل بانهاء جهود الوساطة
-
شهيدان بجنين والاحتلال يقتحم عدة بلدات بالضفة
-
فيديو اشتعال النيران في طائرة ركاب روسية بمطار تركي
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|