|
مسلمون؛ ملحدون وباحثون .. يتساءلون
هشام حمدي
الحوار المتمدن-العدد: 5911 - 2018 / 6 / 22 - 20:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لو كان بيد الرب اليمنى الحقيقة كلها، الحقيقة المطلقة والكاملة والناجزة، ويسراه البحث الدؤوب عنها، المترافق مع السعي الدائم والخطأ، ثم قال لي: اختر، لجثوت على ركبتي عند يسراه، وقلت له: إلهي أعطني ما في اليسرى، أما الحقيقة المطلقة فهي التي تليق بمكانتك يا إلهي. {{مقتطف من كتاب "ناثان الحكيم" - لييزينغ أفرايم غونتهولد}} المسلمون يتساءلون ويوجهون ويصوبون أسئلة للملاحدة، لماذا تنكرون وجود الإله، لعدم المشاهدة؟ وهل أدركوا الروح التي جعلها الإله سرا لحياتهم أم أدركوا العقل الذي به يفكرون؟ أم هل أدركوا الكهرباء إذا كان المصباح الكهربائي دليلا على وجود التيار؟ أليست السماوات والأراضين والجبال والسهول دليلا على وجود الخالق أو على الأقل المصنع؟، ثم يواصل المسلمون من وجهة نظرهم هذه الأسئلة بقولهم إذا سلمنا جدلا أن الكون قد جاء كنتيجة حتمية للعدم فالعدم هو اللاشيء، وبالمشاهدة والعقل يموت الإنسان أي إنسان ويولد إنسان آخر وهذا يعني الاستمرارية عقلا فكيف للاستمرارية أن تتأتى من العدم وإذا كان الأمر بالنسبة للكون يتعلق بنتيجة حتمية للصدفة فالصدقة في النهاية أيضا هي نظام وتعاقب الليل والنهار ودوران الأرض حول الشمس وشروقها وغروبها إلى غير ذلك ينم عن نظام فكيف للنظام أن يتأتى من الصدفة؟، وإذا كان للكون مصمم ثم يضربون مثلا بأن طفلا صغيرا قام ببناء أو حفر قناة بين المغرب وإسبانيا فهذا غير ممكن عقلا ولكن لو قلنا أن ثمة يد عاملة من مهندسين وتقنيين وعمالة إلى غير ذلك وجهود مبذولة فالأمر سيكون مقبول عقلا وبالمشاهدة، وبالعقل لا يوجد في الكون من يستطيع رفع السماوات وإن رفعها لن يستطيع إمساكها، هذا من وجهة نظرهم أي المسلمون ثم يذيلون هذه الأسئلة بسؤال خرج من معناه الحقيقي إلى معنى استشكالي واستفهامي بغرض التعجب وهو إذا كان الملاحدة قد عجزوا عن إدراك الروح التي جعلها الإله سرا لحياتهم فكيف لهم يدركون وجود الإله أو بقولهم كيف يدرك الإنسان من خلق وهو عاجز عن إدراك ما خلق؟. الملاحدة يتساءلون ما دليل المؤمن؟ وإذا وُجِدَ حل للموت فهل سيبقى مكان للأديان؟ وإذا كان من يدعون بأنهم خير أمة أخرجت للناس فلماذا لا نجد سقراطيا أو أفلاطونيا عربيا؟ ولماذا تُسْتورد الآلهة دوما من السماء؟ ولماذا وباسم الحب ونشر قيم السلام لا تتحمل الأديان الثلاثة التوحيدية بل وقد تدعو لقتلك إن كنت لا تؤمن بواحدة منها؟ ولماذا صمت الله وسمح وترك وزراءه ينوبون عنه في الحديث؟ لماذا لا نأخذ بالعلم النظري والتجريبي فقط؟ يتساءل اللادينيون لماذا خلق الإله الشر في الكون؟ ولأن هذا الإله قادر لماذا لا يتدخل في وقف هذه الحروب والكوارث الطبيعية التي تودي بحياة الملايين من الإنسانية التي لا ذنب لها؟ كذلك حول نظرية داروين الباحثون يتساءلون كمعسكر ثالث، بعضهم انتقدوا نظرية داروين وآخرون تبنوا نظريته وأخذوا فرضياته وبحثوا فيها علميا وتوصلوا لنتائج تؤكد تلكم الفرضيات، أيضا هؤلاء يقرون بوجود حلقة مفقودة، مما يزيد ظاهرة الإلحاد انتشارا وشيوعا وازديادا لاسيما في وقتنا الحاضر ومع ظهور مفهوم المزاوجة والتزاوج بين تكنولوجيا الاتصال وثورة المعلوميات وتحول مفهوم الإعلام من إعلام تقليدي أحادي الاتجاه وظهور النيوميديا ووسائل الاتصال والتواصل كمواقع التواصل الاجتماعي وغيرها وبالتالي اختفاء عنصر الزمنية وأصبح عنصر التفاعلية على أعلى مستوى وصار ليس فقط منبرا لمن لا منبر بل وبإمكان أي فرد-مواطن صنع رسالة إعلامية كاملة. كل فئة من الفئات الثلاثة له رؤية خاصة ومختصة به، الفئة الأولى متيقنة حسب عقيدتها أن الصورة بالنسبة لها واضحة والفئة الثانية لا تشك بأن الصورة بالنسبة لها قائمة والفئة الثالثة مازالت في المنزلة بين المنزلتين وأن الصورة لديها قاتمة إلى أن تتوضح. وكل ما سبق لا يمثل رأي كاتب هذا المقال وإنما هو رصد ووصف وتوصيف للفئات الثلاثة. المهم من ذلك كله أنك إنسان يفكر بعقله عن الحقيقة ولكن الأهم معرفته هو أن الشعوب الناطقة باللغة العربية هي ظاهرة صوتية أو قل إن لديها ثقافة الكلمة أي إذا نطقت الكلمة تحقق الموت بالرغم من أنه في البدء كان الفعل قبل الكلمة، لأن مع الفعل تغير الإنسان، الصينيون تساءلوا أيهما أحب إليك كونفوشيوس أم الحقيقة، فقالوا بأن كونفوشيوس كان ينشد الحقيقة ولذلك نحن مع الحقيقة وصارت الصين على ما نعرفها عليها الآن. أخيرا، علينا أن نعترف أن لدينا مشكلة حقيقية، وأن هذه المشكلة ليست في وجود الملاحدة في حد ذاته، فالإلحاد موجود قدم الأديان، ولكن يجب أن نعترف أن لدينا مشكلة في فهم الشخص للنص المقدس وربما بسماحنا بظهور التيارات المخالفة لنا على السطح يمكن أن نقوي عضلاتنا العقلية والإيمانية، لأن السعي إلى إثبات وجود الله بالإيمان لا يقل إلحادا عن السعي إلى نفي وجوده بأدلة عقلية وعلمية، لا يمكن امتداح الإلحاد بهدف إعلاء قيمة العدل والحرية؛ ولكن كذلك لا يمكن وبهدف الإيمان تبرير الظلم وسلب الحريات كما كتب محمد المحجوب، الحرية الحقيقية لا تقيم ضمن الإلحاد أكثر مما تقيم ضمن الإيمان. كما أن الإيمان الحقيقي لا يقيم ضمن صرامة الانضباط أكثر مما يقيم ضمن الحرية القصوى. الإنسانية هي الحل
#هشام_حمدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عيد الشغل، بأي وجه عدت يا عيد؟
-
الناس تَتْبَعُ الشعر ولَا تتْبَعُ وَلَا تتَّبِعُ الشعراء
-
حين تصبح رذيلة الكذب السياسي فضيلة
-
في فلسفة الفن
-
... فيما بين كرة القدم وحكومة الكَدَم من اتصال
-
ديموقراطية الفلسفة وفلسفة الديموقراطية
-
المسجد الأقصى ومؤامرة الصمت القاتل
-
أحزاب الفيسبوك السياسية
-
الحرب الداعشية الناعمة، المسلسلات التركية أنموذجا
-
العالم العربي بين مطرقة المؤامرة وسندان التآمر
-
عيد الأضحى والبعد الروحاني والاجتماعي
-
التاريخانية في قراءة التراث الفكري الإسلامي
-
تعليب الوعي
-
الاستشراق بين الاختلاف والائتلاف
-
ذكرى نكبة فلسطين ... صوت 67 عاما، بلا صدى
-
تديين المظهر وتسييس الجوهر
-
الغرب فوبيا بدل الإسلاموفوبيا
-
العالم العربي الاسلامي بين عار الصهيونية و نار الداعشية
-
عن السياقة في الدار البيضاء ... أتحدث
-
سؤال التقدم والتنمية، من يجيب؟
المزيد.....
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|