|
النكتة..وسيلة المكبوتين لقهر القهر!(2-4)- تحليل سيكوسوسيولوجي
قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 5911 - 2018 / 6 / 22 - 15:16
المحور:
المجتمع المدني
النكتة..وسيلة المكبوتين لقهر القهر!(2 – 4) تحليل سيكوسوسيولوجي أ.د.قاسم حسين صالح مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية تقديم يمهّد القسم الأول من هذه الدراسة الى التعريف بتعدد مفاهيم النكتة واستعراض نشوئها تاريخيا عبر الحضارات واختلاف صيغها ودلالاتها بين الشعوب وتبيان وظائف النكتة وأهدافها،ويستعرض القسم الثاني تفسير الفلاسفة وعلماء النفس للنكتة واصنافها واهداف كل صنف منها،ويركز القسم الثالث على النكت السياسية في العالم العربي ودور الناس والسلطة في الترويج لها،فيما يتناول القسم الرابع النكت الجنسية واستطلاع رأي العراقيين بدلالاتها..في تحليل سيكوسوسيولوجي للباحث. * تفسير النكتة يفسر كانت وشبنهور النكتة بـ(نظرية التنافر) في قولهما ان الفكاهة او المزحة او الدعابة..تنشأ حين يمتزج ما هو راقي ومنطقي ومعقول بشكل مفاجيء بما هو وضيع وعبثي ولامعقول..فيما يطرح عدد من الفلاسفة (نظرية الترويح ) في تفسير النكتة ويرون ان النكتة القوية تحرر المتلقي من القلق والافكارالسلبية حيث يعمل الضحك على غسل ما في داخل الفرد من انفعالات سلبية وتشاؤم،وان النكتة الجيدة هي تلك التي تحمل قيمة جمالية(Aesthetic Value) تحدث تأثيرا جسميا مرافقا للأحساس بالجمال،ويستدلون على ذلك بقولهم ان الضحك الذي تحدثه النكتة هو رد فعل جسمي يحرك اربع عشرة عضلة في الوجه وتمد الجسم بالدم المشبع بالأوكسجين..فيتورد الوجه وترتخي العضلات وتقوى المناعة وتقل هرمونات التوتر بحسب رأي علماء النفس..مع تحذير بأن الزيادة فيها قد تؤدي الى الوفاة على طريقة (ومن الضحك ما قتل!).ولا تستغرب..فأطباء ضغط الدم يؤكدون ان الأستغراق في ضحك قوي يؤدي في حالات الى السكتة القلبية! و في كتابه "الضحك عند العرب" يرى الكاتب انيس فريحة ان الفكاهة "هي محاولة لتحويل الألم والكبت إلى نوع من التعبير الذي يخفّف من وطأة البؤس"،فيما يرى الدكتور طلال عتريسي ،استاذ علم النفس الاجتماعي بالجامعة اللبنانية ،ان النكتة هي "سرد مبالغ لفكرة أو ظاهرة، ومعبّر عن تناقضات أو أحداث غير متوقّعة، بحيث ينطلق هذا السرد من الواقع ويحلّق نحو مكان غير مألوف، بصيغته المضخمة".غير ان النكتة العربية كانت مظهرا من مظاهر البذخ والترف في القصور والديوانيات الأنيقة،واعتبرها ظرفاء العرب دليلا على النضج والميل الى السلام والتفاهم العقلاني. ويرى ابن خلدون ان للمناخ أثرا في وصف شعب ما بـ«صاحب نكتة»، كما هي حال المناخ الحار في مصر والسودان،معللا ذلك بأن المرح سمة شعوب البلاد الحارة والمسالمة عموماً، حيث يشغل الظرف جزءاً من الثقافة. وفي كتابه (تفسير الأحلام) يرى فرويد ثمة علاقة بين النكتة والحلم من حيث ان منبع كليهما هو اللاوعي،وكليهما يحملان معاني مكثفة مستبدلة وانهما يظهران فجأة وينسيان بسرعة،والفرق الوحيد بينهما هو ان النكتة تحمل معنى واضحا ومفهوما فيما يكون الحلم غامضا وقد يكون له اكثر من معنى وبعضها يصعب تحليله حتى على محلل نفسي،الا ما كان يتضمن ميولا عدوانية صريحة او ضمنية. ومن جانبنا،نرى ان اجمل وصف للنكتة انها جملة مصاغة بخفة دم ومكر عميق وكوميديا سوداء تجعلك تضحك وتستلقي على ظهرك..ثم تتركك تفكر بعمق!. اصناف النكتة النكت على اصناف ،صنف نظيف مريح يحمل سخرية محببة على موقف او شخص ،او نقدا لظاهرة اجتماعية او سياسية او دينية..سلبية او متخلفة بهدف تقويمها، وصنف آخر يتضمن دوافع عدوانية من قبيل التشفي والشماته وتحقير الآخر والسخرية او الاستهزاء بدين او معتقدات طائفة او مكون اجتماعي،بل يصل الأمر حتى على اساس مناطقي.وصنف خاص بالرجال وآخر خاص بالنساء لاسيما تلك التي يتداولنها في الحمامات!..وقس عى ذلك الأطباء والطلبة والفلاحين والقصابين وأصحاب المهن الأخرى. وأنجح انواع النكت تلك التي تتكون من جملة قصيرة تتضمن قصة محبوكة دراميا،محملة بمعنى مكثف يتضمن مفارقة او غرابة او سخرية تثير لدى سامعها ضحكة تلقائية.ومع تنوعها فأنها تبدأ في الغالب هكذا:( في واحد..) كما هو متداول في بريطانيا (في واحد اسكتلندي..)،او في مصر ( في واحد صعيدي)،و (أكو واحد) كما في العراق:(اكو واحد مصلاوي، اكو واحد دليمي، اكو واحد عمارتلي..) عن البخل والفطارة وقلّة الذوق..تهدف سيكولوجيا الى النيل من الآخر وأعلاء شأن( أنا )الفرد او (نحن ) الجماعة. وهنالك نكات تهدف الى تقويم الاعوجاج ونشر الفضيلة ومتعة الضحك وتخفيف الحقد والعداء ،وأخرى تسيء الى قيم اخلاقية ودينية ،وبعضها عنصرية تسخر من شعب او قومية. وبعض النكات تعتمد المبالغة والتهويل،واخرى تميل الى التبسيط والتسطيح،واخرى تكون ساذجة و(بايخه)،واحيانا يكون جمال النكتة في مفارقة سخافتها!. ومع ذلك اصبحت النكتة الآن وسيلة فعالة وشائعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لاسيما الفيسبوك وتويتر،بل هنالك صفحات ومواقع خاصة بالنكتة لاسيما السياسية والجنسية. ومع تعدد أصنافها فان النكتة تشكّل دالّة عن العقل الجمعي لشعب او لمجتمع بكامله او لمكّون اجتماعي فيه ،بها تستطيع ان تعرف مكبوتاته،همومه،أمنياته،ثقافته،واخلاقه بوصفها المنشور غير المدون الذي يحكي ما جرى له في حياته وما سيقع له من احداث. ومع ان العرب يشتركون في دالة النكتة عن العقل الجمعي لديهم ،فأن العراقيين ينفردون في تاريخهم الحديث بمفارقات وتناقضات وفواجع حروب كارثية وقساوة حياة اقتصادية ما حصلت لأي مجتمع آخر في المنطقة ادت الى ارتفاع وتيرة النكت الساخرة اللاذعة و(الحسجة العراقية) بين الجماهير المسحوقة بشكل خاص في محاولة لأعادة التوازن النفسي والتنفيس عن المكبوت لقهر القهر،او لجعلك تنسى همومك وتضحك..اليكم واحدة منها: (اكو واحد محشش بنه بيت خله بي 3 مسابح، اجه صديقه خطار كله هاي شدعوه 3 مسابح، كاله المحشش شبيك واحد للمي البارد و واحد للمي الحار، جان ايباوع صديقه شاف واحد فارغ،كاله وهذا ليش فارغ،كاله هذا اخاف واحد ما يريد يسبح!(. • الحلقة الثالثة ستكون مخصصة للنكت السياسية.
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النكتة..وسيلة المكبوتين لقهر القهر!(1-4)- تحليل سيكوسوسيولوج
...
-
سيكولوجيا المقالب التلفزيونية - رامز تحت الصفر انموذجا
-
الصوم بمنظور علم النفس الغربي..أصدق تحليلا
-
تجمع عقول يدين الاعتداء على مقر الحزب الشيوعي العراقي
-
من حكومات الصراع الشيعي السنّي لحكومات الصراع الشيعي الشيعي
...
-
العزوف عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية- تحليل سيكوبولتك
-
استطلاعات الرأي بالمرشحين للأنتخابات البرلمانية-الحلقة الأخي
...
-
استطلاعات الرأي بالمرشحين للأنتخابات البرلمانية- 3.السيدان ر
...
-
استطلاعات الرأي بالمرشحين للأنتخابات البرلمانية- 2.السيدان أ
...
-
المؤتمر الدولي للطب النفسي في القاهرة
-
استطلاعات الرأي بالمرشحين للنتخابات البرلماني - 1 حيدر العبا
...
-
كذبة نيسان بنسختها العراقية
-
تحولات الشخصية العراقية في الانتخابات البرلمانية
-
الألتزام الديني في زمن حكم أحزاب الأسلام السياسي (دراسة استط
...
-
مرشحو السوبيس..تعليقات ساخرة
-
نوزوز..سيبقى عيدا للمحبة والتآخي
-
في شارع الرشيد..-ستوته!-
-
كلمة العراقيين في الخارج لمؤتمر تجمع عقول- جاسم المطير
-
الانتخابات..من صراع الهويات الى صراع الثروات
-
المؤتمر الاول لتجمع عقول - بغداد 3 ىذار 2018
المزيد.....
-
في يومهم العالمي.. أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ألهموا الع
...
-
سويسرا تفكر في فرض قيود على وضع -أس- الذي يتمتع به اللاجئون
...
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|