|
من أجل مشروع ثقافي عراقي بديل.. جدل ثقافي ساخن على قبر يوسف الصائغ
سلام عبود
الحوار المتمدن-العدد: 1497 - 2006 / 3 / 22 - 11:06
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في الثاني عشر من كانون الأول 2005 مات الشاعر العراقي يوسف الصائغ. والصائغ أديب متعدد المواهب, كتب الشعر والمقالة والقصة والرواية والمسرحية والبحث الأدبي. وكان موته, ككل الأحداث العراقية, مصدر خلاف شديد بين المثقفين العراقيين. وقد كان لتجربته السياسية المضطربة أثر في إذكاء حدة الخلاف حول شخصه. فقد تخلى الصائغ عن انتمائه الشيوعي وأعلن بقاءه ضمن المؤسسة السلطوية الرسمية في العراق, بعد انفراط عقد الجبهة الوطنية وإقصاء الشيوعيين عن المشاركة في الحكم. بيد أن الخلاف حول تجربة الصائغ لم يتوقف عند نقد تجربته السياسية, بل امتد ليشمل شخصه وسلوكه, ولينتقص من قيمته الأدبية والإنسانية على يد رفاق الأمس. ومن جانب آخر سعى فريق آخر الى تمجيده وإعلاء شأنه, بما في ذلك تمجيد تجربته في مسايرة المشروع الدكتاتوري. إن الموقف من يوسف الصائغ يعكس شدة اضطراب المفاهيم لدى المثقف العراقي, وغياب البوصلة العقلية, بسبب شدة تحكم الهيمنة السياسية على وعي المثقف. هذه المقالة بحث محايد عن خيارات جديدة لا تنبع من قناعات السياسيين, وإنما تنبع من حاجات الجدل الثقافي الوطني. فالاختلاف حول تجربة الصائغ صورة لاختلاف الأفكار حول مجمل القضايا الوطنية المصيرية. كما أن الجدل حول هذه التجربة, رغم خصوصيتها الشديدة, يعكس حاجة العراقيين الى حوار داخلي أكثر شمولا, وحوار عربي مساند, يسهم في كسر الرتابة العقلية المتحكمة في صياغة المفاهيم والقيم الثقافية الأساسية.
الوطن في خطر! الثقافة الوطنية في خطر! هذا أمر يدركه ويتفق عليه الجميع. لكن، أين مواطن الخطر؟ الجواب عن هذا السؤال يختلف عليه الجميع ويتشرذمون عند عتباته. هكذا تبدو اللوحة الثقافية لمن يريد أن يسأل: ما دور المثقف العراقي في اللحظة الراهنة، لحظة الفوضى الوطنية العارمة؟ هذه البداية أراها مدخلا ضروريا للشروع في مناقشة أفكار شريحة مسموعة الصوت من المثقفين العراقيين, منهم رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق فاضل ثامر, والأمين العام للاتحاد الفريد سمعان والشاعرين سعدي يوسف ومحمد سعيد الصكار, وغيرهم ممن أسهموا في نقد تجربة الصائغ عقب موته. إن الخلاف حول حياة وموت الصائغ, في بعض وجوهه, خلاف حول حياة وموت الثقافة الوطنية. فحياة وموت الصائغ يختزلان, رمزيا, حياة وموت الثقافة الوطنية العراقية بأكملها. لا لأن الصائغ كبير الى هذا الحد, بل لأن الصائغ يجمع, في تجربته الفنية والسياسية, تناقضات الواقع كله, يجمع تناقضاته الشخصية, ويضيف اليها تناقضات الآخرين المختصمين على قبره. فموت يوسف الصائغ هو الذي يجمعنا الآن, كفريق يتخاصم تحت مظلة الفوضى, كما كانت حياته من قبل, هي التي فرقتنا كقطيع متناثر وحدّه الخوف من المجهول, وهو يتنفس هواء الدكتاتورية الخانق. القضايا الثقافية والسياسية والأخلاقية التي أثارها موت الصائغ كثيرة ومتشعبة, لكن أكثرها إثارة للخلاف هي تلك التي حوتها مقالة فاضل ثامر"نحن ويوسف الصائغ", المتعلقة بجواز أو عدم جواز تأبين الشاعر يوسف الصائغ, المنشورة في صحيفة الصباح العراقية في 22 فبراير 2006. وأهم أفكار المقالة يمكن حصرها بمسألة أساسية واحدة, هي محور الجدل الثقافي القائم الآن: المواقف المختلفة من تأبين يوسف الصائغ ودوافعها السياسية والفكرية, والتي اسمتها المقالة بالخيارات الثلاثة. وفي هذه المسألة لا يعثر القارئ على جواب بيّن ومعلل يحدد موقف الكاتب من الخيارات الثلاثة, التي عرضها. لكن جوابا ضمنيا قد يستخلص بمشقة من بين ثنايا تعرجات أسطر المقالة. فالكاتب يبعد نفسه بشكل مؤكد عن فئة "الصامتين", ويضع نفسه على مسافة محسوسة وحذرة من الطائفة التي طالبت بـ " تأبين الراحل واستعراض منجزه الابداعي", ولا نعرف على وجه اليقين إذا كان ممن صدعوا الى الرأي القائل: " نحاكمه وندينه". لذلك أرى أن الكاتب لم يحالفه الحظ في تقديم موقفه بجلاء, رغم أنه تحدث عن خيارات متعارضة, تشترط مناقشها دقة ووضوحا تامين. لقد تنبه الكاتب الى هذا الغموض فوصف موقفه بالقول إنه "على غاية الدقة والالتباس". ولا يعرف المرء ما الذي تعنية كلمة "دقة" هنا. أما "الالتباس" فبيّن وصريح, وهو ما جعلني أتخذ من هذه المقالة محورا لمناقشاتي. ليس لدي ما يعيب كثيرا الصورة التي رسمها فاضل ثامر للمثقفين العراقيين, الذين وقفوا أمام موت يوسف الصائغ مختلفين, وهم في تقديره ثلاث فئات. الأولى: دعاة تصالح مع تجربة البعث, والثانية: ناقدون, حانقون, على خصام تام مع التجربة البعثية, والثالثة: الصامتون. وهذه الصورة صادقة الى حد ما. فالفئات الثلاث السالفة تكون العناصر البارزة في المشهد الثقافي المعروض أمامنا الآن. بيد أن السؤال الذي أود إضافته هنا هو: هل حقا أن الواقع لا يحوي سوى تلك الخيارات الثقافية الثلاثة؟ وهل تلك الفئات صافية المواقف تماما, أم أن هناك تقاطعات كثيرة في المواقف, تجعل من لوحة الواقع أكثر عمقا و تشظياً؟ وإذا أردنا أن نُكسب الأسئلة السابقة بعدا عقليا أعمق, يحق لنا أن نعيد صياغتها بالشكل التالي: من يصنع الخيارات الثقافية؟ وللجواب على هذا السؤال أبادر الى القول, كي لا ينزلق سؤالي بعيدا عن مراميه, إن هنالك اختلافا جوهريا بين من يقرر أو من يتحكم وبين من يفكر ويدرس ويدرك. والموضوع الثقافي, بما في ذلك الخيارات الثقافية المرتبطة به, إشكالية فكرية, نظرية, تخص العقل, قبل أن تكون إشكالية حسية, تطبيقية, تنظيمية, إدارية, تخص المؤسسة, أو الأفراد. وهذه نقطة خلاف جوهرية. هي ليست نقطة خلاف محض فكرية، إنما بنيوية أيضا، تتعلق بمحتوى منظومة الفكر والثقافة وسبل عملها، كما يتصورها وعي المثقف. أي أنها تتعدى حدود المحتوى الى آليات العمل الثقافي وأدواته، وسبل تحقق الفعل الثقافي وتأثيره في الممارسة العملية، إضافة الى محركاته الداخلية كنشاط بشري. ولأنها الإشكالية الأعظم والأخطر في واقعنا الثقافي، سأعود اليها مرار في سياق مقالتي. إن بسط الصورة الثقافية بخياراتها الثلاثة السالفة، كما عرضها فاضل ثامر، تقود عند تحليلها الى الاستنتاجات الآتية: أولاً، إننا محكومون بالواقع، وإن ما هو موجود في الواقع يحدد مسارات وعينا وخياراتنا. وبما أن اللوحة المرسومة أمامنا هي من إنتاج الفعل السياسي وجزء من عواقب الممارسة السياسية، فإن وعينا للظاهرة الثقافية يعكس نتائج سلوك السياسي وأفعاله. هنا يسقط الثقافي في فخ السياسي. فالسياسي الذي يحتكر إدارة الواقع، يدّعي زورا أنه المسؤول المطلق عن صناعة عقل المجتمع ومداركه الجمالية والفنية والعلمية، بما في ذلك الخطاب الثقافي. والسياسي عندنا، انطلاقا من تكوينه الخاص المشوه، لا يبالغ في الشطط والوهم لو أنه آمن حقيقة بذلك الاحتكار. لأن المثقف العراقي كان ولا يزال ينظر الى الحياة بعين المؤسسة السياسية، وبعين الواقع الذي يرسمه السياسي. أي أنه ينظرمن خلال الخيارات التي يريد السياسي فرضها على المجتمع، والتي تقبلها المثقف التابع كمسلّمة، ظنا منه أنها خياراته هو أيضا. هذا هو جوهر الخلل في منظومة فكرنا الثقافي، وفي بنية مثقفنا العقلية، بكل ما يترتب على هذا الخلل من عواقب نظرية وتطبيقية. ثانيا، بما أننا محكومون بالواقع، أي بالخيارات الحسية المعروضة أمامنا، فإننا معفيون من مشقة البحث عن خيارات أخرى، جديدة وبديلة. وهنا، قد يستخدم بعضنا كلمة بديل، كما استخدمت سابقا، فنعيد استخدامها لاستبدال عتيق سابق بعتيق جديد، أو ظالم بظالم. وهذا يعني أننا نخدم المشروع العقلي للسياسي بأمانة وطاعة وإخلاص، وفي هذا عطالة كبيرة للفكر وخمول واستكانة للفاعلية الثقافية، كنشاط واع وخلاّق. إن هذه التبعية السياسية هي التي أوقعتنا على مدى العقود الماضية في محن متتالية: تقاطبات ثورة تموز المستعصية سابقا، وورطة البعث حتى وقت قريب، ثم محنة الفوضى والإرهاب والاحتلال الآن. وهي التي خلقت التقاطب الإشكالي المصطنع الراهن الذي اسمه: ما الأفضل، الاحتلال أم الديكتاتورية؟ وهي معادلة عقلية باطلة، مختلة الأطراف، نبعت أصلا من فكر اليمين الأميركي المتحجر، وتم تطويرها لاحقا، على أيدي العسكريين ورجال المال، الى صيغة قومية: نحن أو هم؟ وفي العراق أخذت شكلا حسيا، محليا: أميركا أو صدام؟ وفي الأخير، تم تعميمها وعولمتها في صيغة: الديموقراطية أو الإرهاب؟ واستعارها السياسي العراقي بوعي نفعي، ثم استلفها منه المثقف التابع بجهل تام. هذه بعض سقطات الواقع السياسي، حوّلها المثقف المتماهي مع عقل السلطة، أو السلطات، الى خيارات ثقافية وحيدة، وراح من خلالها يسعى الى محاكمة الواقع، بما في ذلك الواقع الثقافي. وتلك هي العطالة الثانية للفكر. ثالثا، إن إنزال الفكر من علياء النظرية الى تخوم الواقع، يعني الصدام المحتم مع بنية المؤسسة السياسية: مؤسسة الحكم. لأن المؤسسة الحاكمة المستبدة (الاستبداد المحلي أو الخارجي) تسعى الى الثبات، في حين أن الفن والأدب والفكر الحر عموماً، تنزع نحو الحركة المستمرة الخلاقة. وانطلاقا من هذا فإن الثقافة ملزمة دائما أن تملك مشروعها الوطني المستقل، وليس بنيتها المستقلة ككيان وتجمّع لأفراد فحسب. وهي بذلك تعمل بطريقتين تبدوان متعارضتين: تأكيد خصوصيات الواقع، والسعي الدائب للانفكاك من أسره وترقيته. وهنا ينشأ صدام حتمي مع السياسي الحاكم والايديولوجي العصبوي. لكن ذلك لا ينفي إمكان نشوء توافق في المصالح من حين الى آخر، حينما يكون المشروع السياسي الوطني طليعيا وممثلا لحركة المجتمع ومصالحه الحيوية، ومسايرا لحركة التطور التاريخي. وفي تاريخنا الحديث نجد أمثلة رائعة تجسد الوفاق الايجابي بين السياسي والثقافي، والذي أثمر ولادات خلاقة، أذكر منها على سبيل المثال: تطور القصيدة الحديثة. وهو انجاز تاريخي ارتبط نشوؤه وتطوره باسم الفئات اليسارية والديموقراطية من المثقفين العراقيين، وكذلك الحال مع نشوء فنّي القصة والمسرح وتطورهما. ولم يقتصر تطوير الفكر على ما يعرف بالمثقفين العلمانيين، ففي مرحلة مواجهة المشروع البعثي الشيوعي، أبتدع الفكر الديني مشروعا متنورا، على قاعدة الجدل الفكري العصري والتمايز النظري المقتدر، وتجلى في المساهمات الفكرية للمرجع الديني الشهيد محمد باقر الصدر. إن أبرز ما يميز الواقع السياسي العراقي الراهن هو غياب المشروع السياسي الوطني (العراقي) غيابا مطلقا. ولا أعني ما نراه يوميا من تشكيلات سياسية تجمع في حناياها عينات من وجوه سنية وشيعية ومسيحية وصابئية ويزيدية وعربية وكردية وتركمانية وآشورية، في قائمة سياسية واحدة، هدفها خلق وحدة وطنية مصطنعة. فمثل هذه التجمعات لا تعدو أن تكون أوعية دعائية فارغة، خالية من المحتوى. أي أنها تفتقر الى وجود برنامج للمصالح الوطنية، ينظم حاجات الواقع الراهن وآفاق المستقبل. وهنا، في مثل هذا الواقع، تغذو الثقافة مشكلة ملتبسة حقا، ويصبح تعقيدها مضاعفا. فلا السياسي يملك مشروعه الوطني، ولا المثقف. أي غياب طرف المعادلة الجوهري لدى الفريقين، في وطن تهيمن عليه سياسة ثقافية أجنبية عظيمة الجبروت. فكيف يستطيع المثقف أن يشخّص ويحدد خياراته الثقافية الوطنية بدقة في ظل النقص الحاد في الضرورات العقلية والسياسية؟ هنا يضطر المثقف الى الركون الى ما صنعه السياسي: التجميع الشكلي للمواقف والخيارات، على غرار التجميع الاستعراضي السياسي للكيانات. فبدلا من أن يخلق المثقف مشروعه الوظيفي الخاص به، كمنافس ايجابي للمشروع السياسي الوطني، وفق معادلة الاتفاق والاختلاف، والوحدة والتناقض، وبدلا من أن يكون رائدا وقائدا لتيارات الفكر والوعي الاجتماعي ومشعلا لمصابيح التنوير، يصبح المثقف ذيلا وتابعا ذليلا، ملحقا بجهاز المؤسسة السياسية. لهذه الأسباب كلها أرى أن المثقف يرتكب جرما كبيرا في حق نفسه وتاريخه، وفي حق من يناقش حياتهم وموتهم، ومنهم الشاعر المرحوم يوسف الصائغ، إذا أصرّ على التعامل مع الثقافة في اعتبارها ردود أفعال فردية تجاه هذا الفرد أو ذاك، تجاه هذه الظاهرة أو تلك، تجاه هذه الأزمة أو تلك، من دون وجود مشروع ثقافي وطني ينبع من حاجات الواقع ويعيد تنظيم الحياة الروحية بشكل جذري، ويضع الأساس الواقعي لمشروع إعادة تطبيع الحياة الثقافية وإعادة تأسيسها على قواعد متينة ذات بعد نظر تاريخي. أي إيجاد مشروع ثقافي يعزل اليومي عن التاريخي، والآني عن المستقبلي، والفردي عن الاجتماعي، وردود الأفعال التي تمليها الدوافع الفردية والخاصة عن الحاجات والمصالح الوطنية العامة، الثابتة، والتاريخية. ففي غياب هذا المشروع، يغدو كل شئ في حياتنا صدى مباشرا لأفعال السياسيين، وبحثا عبثيا مضنيا عن احتمالات ممكنة في سلة الواقع الفارغة، المليئة بالثقوب.
من يصنع المشروع الثقافي؟ ومتى؟ المثقف هو صانع المشروع الثقافي. أما متى يصنعه؟ فالجواب: الآن، وليس غدا. لكن، هل يستطيع المثقف الذي عاش ردحا في ثقافة الأحزاب والاحتراب، وتحت ظروف القمع الثقافي، أن يتحرر حقا، بجرة قلم، من وعيه السابق، ويلقي عن كاهله أحمال العمر الثقافية والسياسية والاجتماعية والنفسية كلها؟ الجواب: لا. لا يستطيع. بيد أن من لا يستطيع، لكنه يرغب في الوقت نفسه عن الشروع في المحاولة، إنما يضع مصالحه فوق مصالح المشروع الثقافي الوطني عن وعي وإدراك تاميّن. وتلك مشكلة شخصية بحتة، عليه تحمل مسؤوليتها منفردا. إن السؤال السابق لا يجيب عن الأسئلة كلها، فقد تتفرع منه أسئلة أخرى لا تقل عسرا: هل يستطيع هذا المشروع أن يمر بسلام وسط غابة البنادق والشعارات وسيادة ثقافة النهب السياسي وفوضى القيم؟ وهل سيتركه الآخرون يحقق أهدافه؟ من دون شك لا. لكنهم لن يستطيعوا إفشال مشروع كهذا. فحينما يظهر هذا المشروع الى العلن سينقسم ويختصم المثقفون والسياسيون حوله. وباختصامهم سيؤكدون مشروعية وجوده، ومشروعية التعامل معه كخيار جديد، لا نجده ماثلا الآن، ضمن خيارات الواقع الراهن المعروضة أمامنا. إنه خيار التاريخ، يصنعه المثقف الخلاق، كبديل ممكن، يصحح سلبية الخيارات القائمة، المفروضة بحكم تراكم المآسي وأخطاء السياسيين وتابعيهم من المثقفين الحزبيين. هذه هي الإضافة المتواضعة التي أود فيها إغناء ما جاء به الناقد فاضل ثامر. بيد أن هذه الإضافة تتطلب الإجابة عن أسئلة عديدة أخرى، لكي تستوفي محتواها. من الفردي الى الاجتماعي إن الحديث عن المشروع الثقافي الوطني يقتضي منا القيام بخطوة أولى، ضرورية وأساسية، سابقة للمشروع، وأعني بها الانتقال فكرا وممارسة من صيغة الفردي الى العام، ونقل الوعي من ضيق أفق الواقع العياني الى حدوده النظرية القصوي. فبقدر ما يتسع الحيز النظري للجدل الثقافي ويتعمق المحتوى، تتسع دائرة قبول الآخر، وتتسع حدود تقبل الإختلاف، وينشأ مناخ جديد قائم على تغليب مصالح الإنسان والمجتمع على مصالح الفئات المتعارضة. أي تغليب الجوهري على العارض، وتغليب التاريخي على الوقتي، وتغليب المصالح والحاجات البشرية الدائمة على النوازع السريعة. فإذا أردنا أن نناقش تجربة يوسف الصائغ وفق هذا الخيار، نجد أنفسنا ملزمين الانتقال عقليا وسلوكيا خطوة عملاقة الى الأمام. وتطبيقياً، يعني ذلك الانتقال من المثقف يوسف الصائغ الى الثقافة، ومن شاعر مؤسسة ثقافية معينة الى الشعر، ومن مؤيد للمشروع السياسي البعثي الى البعث نفسه كمشروع سياسي اجتماعي ثقافي، ومن موظف في جهاز السلطة الى بنية النظام السياسي للسلطة، وفي الأخير من "محاكمة" التاريخ الشخصي للأفراد الى محاكمة التجربة الثقافية. وهنا أضع كلمة محاكمة بين قوسين، رغم كثرة تكرارها في خطاب الأدباء، لأني أراها غير صالحة عند الحديث عن التجارب الفنية والثقافية الشخصية، مهما يكن محتوى هذه التجارب. فمن دون تحقيق هذه الخطوة، من خلال جدل وطني عام، لا يمكن السير في تأسيس مشروع ثقافي وطني ناجح، ولا يمكن تقديم أجوبة عن أسئلة الواقع المستعصية، ناهيك بالأسئلة المتعلقة بالمستقبل. إن هذه الانتقالة ضرورية ليس لأسباب نظرية فحسب (ترقية الوعي وقواعد المنطق)، إنما لأسباب تطبيقية أيضا، تتعلق بتغيير أنماط السلوك الثقافي وتغيير البنى الثقافية. فهي لا تتعلق باستخدام الثقافة كوسيلة بحثية لدراسة عناصر التجربة فحسب، إنما تتعلق باستخدام الثقافة كفاعلية ونشاط بشري ينظّمان صلات المثقفين بعضهم بالبعض، وينظمان صلة المثقف بالمجتمع، ويعيدان هيكلة العلاقة القائمة بين مؤسسة الحكم ومشروع الثقافة. أي أن الموضوع لا يتعلق بدراسة الأموات فحسب، بل يتعداه الى دراسة الأحياء. لأن مشروع الثقافة هو في الأساس مشروع للحياة، أي مشروع للحاضر والمستقبل. فإذا كان الجدل حول يوسف الصائغ يدور حول التجربة والتركة لشاعر ميت، ودّع عالمنا، وتركنا فيه متخاصمين، فإن ما يعكر صفو النقاش والجدل، ويقلق روح الأموات، هو تجارب الأحياء، ممن كانوا جزءا من تجربة النظام السابق، طوعا أو كرها، خفية أو علنا، كثيرا أو قليلا، انتماء أو مصانعة. ما الموقف من هؤلاء؟ إنهم يشكلون شريحة واسعة من القاعدة العامة للحوار الثقافي. وإذا أضفنا اليهم خصومهم الثقافيين، ممن تضرروا ثقافيا واجتماعيا ونفسيا في الحقبة الماضية، فإننا نخاطب جلّ المثقفين. إن الثقافة ملزمة أن تنتقل من الشخصي الى العام في خطوة ثورية، لا تبالي بأحد بسوى نتائجها التاريخية. وهذا يقتضي الفصل بين التجارب الشخصية والتجربة الثقافية العامة، و"محاكمة" التجربة، من دون الوقوع في مأزق "محاكمة" الأفراد. عند مناقشة الفصل بين التجربة الشخصية والتجربة التاريخية العامة يبرز السؤال التقليدي: من يحاكم من؟ ويتفرع منه السؤال الإشكالي الأبدي: لماذا أحاكَم أنا شخصيا؟ ثم يُتبع بالسؤال التطبيقي المألوف: لماذا نغتفر للقائد السياسي أو لصاحب المؤسسة الفلانية سقطته، ولا نغتفر للقاص أو الشاعر؟ هنا يختبئ المثقف مجددا تحت عورة السياسي، لأنه لا يستطيع إلا أن يكون ذيلا له ومثالا على صورته، حتى في سقطاته. وفي هذا المثال نكتشف بوضوح تام شدة هيمنة السياسي على الوعي الثقافي وقوة العبودية الروحية التي تربط المثقف بالمؤسسة السياسية. فهنا أيضا يتحصن المثقف، السائل والمجيب، تحت صدفته الذاتية الصلبة، صانعا صداما مفتعلا مع المسؤولية الاجتماعية باسم الحرية الشخصية والفردية، أو صداما أكثر افتعالا بين الذات الفردية الخلاّقة والمصالح الوطنية التاريخية. فحينما نحاكم تجربة المثقف الفكرية لا نستطيع تجاهل منتوجه الفكري، الذي هو خطابه المعلن، وسلة أفكاره وبضاعته. فقد نغض الطرف عن حياته العملية، إذا كانت خالية من فعل إجرامي يعاقب عليه القانون، لكننا لا نستطيع تجاهل تاريخه الفكري أو حذفه. لأن التاريخ الفكري، الفردي، هو الذرات التي تكوّن محتوى التاريخ الثقافي العام، لحقبة كاملة. أي لا يمكن محاكمة التجربة التاريخية من دون وجود دلائل حسية للمحاكمة. إن المنتوج الفكري هو الصورة النموذجية، الوثائقية، التي تكوّن محتوى التجربة وخصوصيتها في مرحلة محددة من مراحل التطور الاجتماعي. كيف يمكننا أن نحاكم ثقافة الديكتاتورية من دون أن ندوّن إرثها الثقافي، الحسي، العياني، في هيئة قصة أو مقالة أو قصيدة أو لوحة؟ وكيف لنا أن نفعل ذلك من دون أن نعود الى القاص والصحافي والشاعر والرسام؟ إن الاختباء خلف سقطات السياسيين، والتحجج المصطنع بالتسامح المطلق، أو بالعكس، بإرتداء عباءة العصبوية الثأرية، ما هو إلا تأكيد علني لرفض المشروع الثقافي الوطني، وإصرار متعمد على إعادة إنتاج دورة الشر. حينما نمعن النظر في فئة المثقفين الذين قيل عنهم إنهم يتحلون بـ"قصور نظر"، أو الذين "لم يطالهم عسف الديكتاتورية لاعتبارات كثيرة منها انهم لم يكونوا ممن يعارض بصورة جذرية النظام القمعي، أو أنهم كانوا بطريقة أو أخرى شركاء لذلك النظام وجزءا منه"، نعثر على ثلاث فئات متباينة في الدوافع والأفعال والمسؤوليات الأخلاقية والسياسية، رغم أنها قد تتفق على موقف واحد من قضية محاكمة التجربة السابقة. فهناك قاصرو النظر، وهناك من لم يقاوموا بشكل فاعل، وهناك من كان شريكا أو ممثلا لجهاز القمع. هذا التنوع في الدوافع والخلفيات يعزز ما ذهبنا اليه من أن لوحة الواقع أكثر تعقيدا من الخيارات الثلاثة السالفة، وأنها قد تمدنا بمزيد من التعقيدات حينما نعيد طرح الأسئلة من زوايا جديدة، كالموقف من الثقافة الوافدة مع الاحتلال، والموقف من مشروع تصدير الديموقراطية واستيرادها، والموقف من مشاريع تركيب المجتمع طائفيا وعرقيا وقبليا، وحدود حرية التعبير، وأشكال تنظيم بنية الواقع الثقافي، وأنماط السلوك الثقافي المتنوعة وسبل تأثيرها في المجتمع. لذلك، فالموقف الثقافي أكبر من محاكمة تجربة شاعر ميت. إن محاكمة تجارب الأحياء هي الأكثر عسرا. لأنها أكثر إيلاما لمن يحاكَم ولمن يحاكِم، لمن يشارك فعليا ومن يراقب الموقف بصمت. لكن محاكمة التجربة الثقافية الوطنية، بكل عسرها وآلامها، هي الفعل الثقافي الأكثر صدقا وثراء وصوابا، لأنها تمنحنا القدرة على رؤية خيارات إضافية، كلما نظرنا الى أحوالنا وأنفسنا من زوايا جديدة، لم نألفها، أو لم نتجرأ على القيام بها بعد.
تبييض الضمائر ساهم التبسيط السياسي، عند النظر الى المشكلة الثقافية، في إهمال اكتشاف ما هو جوهري وما هو قشري، والتمييز بين ما هو ثابت وما هو عابر. كما أهمل رؤية التحولات التي تطرأ على الظواهر الثقافية، التي يقوم الواقع بإقصائها عن مسرح الفعل، أو تلك التي تولد حديثا، إضافة الى الظواهر التي تغيّر زيّها وملامحها. فالتبسيط السياسي منعنا من أن نكتشف أن المثقف البعثي، الملتزم سياسة البعث صراحة، لم يزل قابعا في قوقعته البعثية، عدا النزر اليسير. وهذا الفريق لا يزال مترددا، متحفظا، ينظر بقلق وحذر الى تقلبات الأحوال، من دون أن ينزع ثوبه البعثي، ربما خوفا، أو تحسبا، وربما عنادا وصلفا. وقد ساهمت الفوضى السياسية والأمنية والفكرية، التي صنعها الاحتلال والسياسات الحكومية الفاشلة، في تعطيل عملية الفرز والتحول في صفوف هذا التيار، وربما أمدت بعضه بآمال جديدة، كانت قد خبت عقب سقوط النظام، لكنها عادت الى جذوتها بعد توالي هزائم الحكام الجدد وافتضاح عجزهم السياسي، حتى بتنا نرى شاعرا كحميد سعيد يجدد ثقته بماضيه السلطوي، وشاعرا كسامي مهدي يحاول أن يمنح نفسه فرصة أطول لاتخاذ القرار. بيد أن كليهما يظلان يمثلان المشروع الثقافي البعثي في صورته البعثية. أي يمثلان الثقافة البعثية، باعتبارها ايديولوجيا ومشروعا ثقافيا محددا. وقد يأخذ بعضهم، وأنا منهم، على أعضاء هذا الفريق تحجر مواقفهم وعدم مقدرتهم على إدراك عمق الهزة التي زلزلت كيان الأشياء من حولهم. لكنهم من جانب آخر يتحلّون بمزّية الصدق مع أنفسهم، وبخصلة الوفاء لتاريخهم. وقد يبدو هذا الرأي غريبا على البعض، لكنه الحقيقة المرّة، التي يريد كثيرون تجاهلها، وأولهم مزوّرو التاريخ، الذين نزعوا ثيابهم البعثية، وخلعوا "البدلة الزيتوني" وسلاح القناصة وقمصان التحالف وشرعوا يسبحون في بحيرة الفوضى الثقافية المنعشة، مستبدلين سيدهم القديم بسيد جديد. أين نضع هذه الفئة من المثقفين في قائمة الخيارات؟ من يتأمل هذه الطائفة يجد أنها الأكثر زعيقا ونشاطا وحماسة، وهذا جزء من تكوينها وملمح أساسي من ملامحها. ففجأة، وبطرفة عين، يتحول شاعر أو روائي أو صحافي حصل على بضع جوائز سلطوية، جلها عن الحرب الدموية والتعبئة العسكرية والتغني بالقتلة، الى أديب مقاوم، ويحصل على جائزة بناء صرح الديموقراطية ومعاداة الحرب! ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يقوم كاتب آخر، أسود الضمير، بتبييض صفحة كاتب الحرب من طريق منحه شهادة مقاومة مجانية تثبت حسن بلائه في معركة مقاومة الحرب. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد أيضا، بل يقوم موقع ثقافي معارض بتقديمه الى الملأ، بوقاحة مطلقة، كشاعر فريد، مقاوم للاستبداد. إنها سلسلة متصلة الحلقات من عمليات تدنيس الحياة وتلويث التاريخ الثقافي. أين نضع مثل هذه الفئات ضمن خيارات الثقافة؟ وماذا نسمّي هذا الاتحاد العلني بين غاسلي الضمائر؟ إن الإختلاف الأساسي بين المثقف أو الأديب البعثي الحقيقي المتمسك ببعثيته وبين غاسلي الضمائر من جيش الوشاة ومعاوني البعث، يكمن في أن البعثي الحقيقي هو بعثي النظام البعثي وبعثي مرحلة حكم البعث، أما غاسلو الضمائر فهم بعثيو النظم كلها، في كل زمان ومكان. إن لوحة الواقع أكثر عسرا وأشد تعقيدا وانقساما من أن نحصرها في خيارات ثلاثة. وإذا لم يبادر المثقفون العراقيون الى صياغة مشروع واضح وصريح للثقافة الوطنية، يخرجهم من أسر الخيارات الإرغامية، فلا عاصم ينجيهم من الوقوع في مزالق التقويم، وتبييض الضمائر، أو قسوة الأحكام وشططها. ففي ظل اضطراب المفاهيم واختلاطها لم يعد ممكنا التمييز بين المواقف التي صانعت مؤسسة القمع، ومن شاركت فيها، ومن صمتت، أو حتى تلك التي ناهضت حقا مشروع العنف الديكتاتوري. إن الوقوف أمام الذات، الفردية، هو الخطوة الأساسية في معركة إجراء محاكمة عادلة للتجربة التاريخية العامة. لكن عملية الوقوف أمام الذات ليست مسؤولية الآخر، المجتمع. وإنما هي مسؤولية الفرد، صاحب التجربة نفسه، ولا أحد سواه. أما نقد التجربة التاريخية ومحاكمتها فمسؤولية جماعية ووظيفة أساسية من وظائف العاملين في الحقل الثقافي كافة، الظالمين والمظلومين ومن يقف بينهم. إن مؤسسات المجتمع ملزمة تهيئة عوامل زرع الثقة في نفوس الأفراد، وإنضاجها، لكي يتمكنوا، طوعا، وبرغبة حقيقية، من مواجهة تاريخهم الشخصي ومعاينة الأخطاء المرتكبة جراء مسايرتهم مشروع القمع السياسي والاجتماعي. كما أنها ملزمة تدريب الطرف الآخر من معادلة الظلم (المتضررين) على حسن استقبال المراجعة الذاتية وتقبل نتائجها. وهنا يأتي الجواب عن السؤال القائل: من يحاكم من؟ الفرد يحاكم نفسه، والمجتمع يحاكم التجربة، الفردية والجماعية، بما لا يخدش كرامة الفرد، أو يقلل من قيمته الاجتماعية كإنسان، أو يجعله نُهزة المختلس، كما فعل البعض بيوسف الصائغ بعد موته. يستطيع الأديب أن يعجل في كتابة رثاء أسود، كالذي فعله سعدي يوسف حينما أذيع نبأ وفاة يوسف الصائغ، أو كتابة هجاء سياسي كيدي، ذي مرجعيات حزبية، كالذي فعله الفريد سمعان، أو رثاء وجل، خجول، كالذي فعله فاضل ثامر، أو تسطير جرد تاريخي بالمعايب الشخصية، كما فعل محمد سعيد الصكار في مقالته "حالات يوسف الصائغ"، المنشورة في الملحق الثقافي لصحيفة "السفير"، والمقالة واحدة من أخطر وثائق الفساد الروحي والنفسي في تاريخ الثقافة العراقية، والنموذج الأعلى في فن الضغينة الحزبية وسوء الطوية وتقاليد نبش القبور. نعم، نستطيع أن نفعل ذلك كله بشجاعة، لكننا لا نستطيع أن نفعل الأمر عينه مع تجارب الأحياء، باليسر نفسه، حتى لو كانوا موغلين في الشر، قياسا بميت رقيق الروح، كيوسف الصائغ. لماذا؟ لأن ثقافتنا تقوم على المصانعة، وأن هذه المصانعة لا تتوقف عند حدود تملق السياسي، بل تتعداها الى مصانعة الحياة نفسها. فالثقافة لدينا، داخليا، وفي أعماقنا، ليست بالحرية الكافية، التي نعتقدها، سواء أكنا مظلومين أم ظلمة! ربما يتفق المرء مع فاضل ثامر على أمر مهم، هو إعتراضه على رأي صحيفة "الأديب" العراقية، التي اعتبرت نقد الشيوعيين للصائغ جزءا من خلافات حزبية، لأنه تخلى عنهم والتجأ الى منافسيهم. وقد رأى ثامر خلاف ذلك. فقد اعتبر سقطة الصائغ موجهة لا الى الشيوعيين وحدهم بل الى مجمل أفراد الشعب العراقي. والكاتب لم يبتعد عن جادة الصواب في هذا الاعتراض. بيد أن القضية لا تكمن في الاعتراض, كما توهم ثامر, وإنما في العبرة المستخلصة منه. فهناك من يستخلص عبرة مغايرة لما استخلصه فاضل ثامر من سقطة الصائغ ومن اعتراضه الصائب. فهذا الاعتراض يحكم على شاعر فرد بالسقوط، لكنه يغض الطرف عن سقطة حزب كامل، رغم جسامتها قياسا بسقطة فرد. إن تبادل إغماض الأعين عن السقطات مظهر آخر من مظاهر تناقضات الواقع الثقافي الجديد وما يرافقه من فوضى القيم والمفاهيم، ومن عمليات تزوير للواقع. فمن غير المنطقي أن يمر تزوير الواقع أمامنا سافرا من دون أن نلتفت اليه، كما لو أنه لا يعنينا، وفي الوقت عينه، لا نغتفر لميت أن يزوّر الآخرون بعضا من تاريخ حياته. إنها خيانة للحياة، وعدم وفاء للموت في الوقت نفسه. وكلا الأمرين ينبعان من عصبوية أنانية، مرجعها سياسي أيضا. وهذا دليل إضافي يبين أن الهيمنة السياسية تفعل فعلها حتى في الحوار الدائر على قبور الموتى. ففي ظل غياب معايير ثقافية وطنية ترسم حدودا واضحة لخريطة الثقافة الوطنية، عجل كثيرون في صناعة تاريخ خاص بهم، يتلاءم مع خيارات الواقع الثلاثة المذكورة. فراحوا يزوّرون، من دون رأفة، تاريخهم، وتالياً تاريخ الثقافة الوطنية كلها، ولسان حالهم يقول: لماذا يحق للسياسيين وحدهم فعل ذلك؟ ولا جواب عن هذا السؤال الفتاك. حقا، لماذا يحق لقاتل أن يكون قائدا سياسيا في زمن ديموقراطي!؟ ولماذا يحق لمن أوغل في دم الناس أن يكون حامل راية الطهارة السياسية حالما يغيّر جلده السياسي؟ ولماذا لا يحق للشاعر والروائي والناقد والصحافي والرسام فعل ذلك؟ لا جواب. لا جواب في ما يتعلق بالسياسي، بسبب غياب المشروع السياسي، الوطني. ولا جواب في ما يتعلق بالمثقف والأديب في ظل غياب القيم الثقافية الوطنية، وما يترتب عليها من تقاليد فنية وأخلاقية وعلمية والتزامات إجتماعية.
#سلام_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا يخشى السياسيّون العراقيون جدولة رحيل قوات الاحتلال؟
-
جماليات فن التعذيب
-
بريد الأنبياء الى أجمل الشهيدات:أطوار بهجت
-
ما بعد جائزة نوبل للأدب, أزمة الذات الثقافية العربية
-
الرابحون والخاسرون في معركة حرية التعبير - حول نشر صور الرسو
...
-
عولمة الشر وتفكيك الديكتاتورية
-
غرائز مسلّحة - ملاحظات على مقالة: أي نزار قباني يسلسلون ورسا
...
-
أول حرب جنسية في التاريخ
-
ارحلوا ايها الكلاب
-
من كتب روايات صدام حسين؟ صدام يلقي خطابا على نفسه والذاكرة ت
...
-
قراءة في روايات صدام حسين..دكتاتور كبير وقارئ كبير
-
حكومة ننسحب, ما ننسحبشي!
-
الله ساخرا!
-
شكر المحتل, وشكر صدام ! ؟
-
مزاد علني في الهواء الطلق
-
وداعا زهرون...نم شفيف الروح يا بطل هذا الزمان!
-
من يذكر طه حيدر؟
-
صيادو رؤوس سويديون يتوجهون الى العراق
-
إنهم لا يحصون الجثث
-
أما آن الأوان لكي يعود طائر الثقافة المهاجر الى عشه؟
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|