|
ما الفرق بين بكة ومكة
الشيخ إياد الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 5899 - 2018 / 6 / 10 - 01:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ما الفرق بين بكة و مكة نعم إن هناك ثمة فرق بينهما وهذا ما نرصده في دلالة اللفظ في كتاب الله المجيد ، وكذا نرصده في لغة العرب ، ولكن بعض أهل التراث قد خالفوا في ذلك ، من غير دليل سوى ذلك القياس الباطل والمظنة ، حينما جعلوا اللفظين بمعنى واحد وهذا منهم خطأٌ بيَّن ، و في مقامنا هذا سنحاول التدليل على طبيعة الفرق بينهما ... أين وكيف ؟ ، فوحدة المعاني المُدعاة قد وفدت إلينا وقد هيمنت على لغة الكتاب المجيد بفعل سطوة الشعر ومريديه ، وقد كان ذلك بفعل وأثر مضافات الخلفاء والسلاطين الذين وظفوا الشعر كوسيلة في الدعاية والإعلام ، مما أثر سلباً على لغة الكتاب المجيد وفهم معانيه ودلالاته ، ومن بين من تأثروا بهذه النزعة [ الإمام الشافعي الفقيه والشاعر ] ، وأثروا حين أسترسل في الدمج بين لغة النص ومقولات أهل الشعر ، مما أنتج في تراثنا مفهوم - الترادف - ، ذلك المفهوم الذي حّرَف الكثير من المعاني والدلالات و جر إلى إرتكاب الكثير من الأوهام في الأحكام و في الموضوعات . هذه النزعة الخاطئة كان ضررها في فهم الكتاب المجيد ومعانيه جليٌ وواضح ، وفي بحثنا عن معنى - بكة و مكة - تلمسنا ذلك ووجدنا كيف تسنى لبعض التراثيين الدمج بينهما ليكون معناهما واحداً ، والحال إنهما صيغتان مختلفتان لفظاً و معناً ، واللسان العربي حين تناول تعريف هاتين الكلمتين أعطى لكل واحدة منهما معناً معيناً خاصاً ، ففي وصفه لمعنى - بكة - قال : - إنها لفظ أصيل ثنائي المصدر من - بك يبك بكة أي زاحم مزاحمة - والمزاحمة صفة دالة على الكثرة أو من ، وبما إن الموصوف بها الناس ، لذلك قال للناس في وصف واقع الحال - ، وهكذا قال أبن منظور : - وبك الرجل صاحبه يبكه بكاً أي زاحمه - ، قال أبن دريد هي من أفعال الأضداد ، قال الزجاج إن : - كل شيء تراكب فقد تباك - : - و تباك القوم أي تزاحموا - . وفي الكتاب المجيد وردت الصيغة كمبني للمعلوم للدلالة عن الشيء المحكي عنه ، ولم ترد بصيغة المبني للمجهول أو للمتصور أو الذي سيكون في المستقبل حتى يمكن ربطها في أماكن أخرى فلا تبادر هنا ولا توافق من حيث البناء اللفظي ، ذلك لأن المولى حين وضعها في سياقها الموضوعي كان يريد معناها بحسب الوضع الطبيعي لها ، وهكذا يكون كل لفظ في الكتاب المجيد دالا على معنى محدد مقصود يريده الله ويدعونا لتدبره ، ومن هنا يتبين خطأ قول القائل : - إن القرآن حمال أوجه - فالقرآن لا يحتمل الوجوه المتعددة إنما له وجه واحد ، دعانا لتدبره من خلال تأويله ، ولذلك : - [ لا يصح في القرآن أن تقول ويقولون ] - إنما الصحيح هو قول واحد لمعنى واحد ، يكون مُرادا من قبل الله بذاته لذاته لا يتعدآه إلى غيره ، وأما ما نُسب إلى الإمام علي في هذا الشأن من الحوارية المزعومة مع عبدالله بن عباس بعد قضية التحكيم ، فليس عندنا بشيء لسقوطها سنداً ودلالةً . و نفي الترادف في الكتاب المجيد هذا المعنى مقصود وواجب تعميمه لكي يتسنى للجميع التعرف على كتاب الله وفهم معانيه ، ومنع الترادف يكون بجميع فصول الكتاب وأبوابه ، وهذا يعني : - إن الألفاظ في الكتاب المجيد إنما وضعت لمعاني محددة وخاصة وذات دلالة معينة لا تتعدها إلى غيرها - . فمثلا لا يصح في الكتاب المجيد : - [ أن نقول إن البيت الحرام هو المسجد الحرام ، كما لا يصح القول بإن ذهب بمعنى مشى ، و لا يصح أن نقول : - إن جاء بمعنى أتى وهكذا ... ] ، وهذه القاعدة تجري في الأفعال كما في الأسماء والصفات : وحينما يقول الله : - [ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ] – آل عمران 96 .. هو لا يعني أبداً القول : - إن بكة هي مكة - ولو أراد ذلك لذكره من غير زيادة في اللفظ أو تحريف اللفظ ، ثم إن للكتاب لغة واحدة وحرف واحد ولم ينزل على أحرف متعددة تبعاً لتعدد لهجات العرب وقبائلهم ، ولو كان ماذكره بعض المفسرين في هذا المجال صحيحاً لسادة الفوضى وعم الإرتباك كما هو حاصل لدى بعض التراثيين ، - فأول بيت - لا يعني البيت الحرام ولا يعني الكعبة المشرفة ولا يعني المسجد الحرام ، ذلك لأن - لفظ البيت هنا يدل على المكان الذي يستقر به الناس ومع ضميمة مباركاً وهدى - فيكون المُراد به إعتباراً مكاناً خاصاً للعبادة في صيغتها المطلقة ، و بكة كما هي في النص ليست من أسماء مكة ولا العكس ، ولا يكون ذلك من أسمائها لا من باب العموم ولا الخصوص ، وأما ما قيل هي عادة عربية في إستبدال الحروف تمشياً مع لهجات العرب وقبائلها كما يدعي مدع ذلك ، فهذا ليس صحيحاً في لغة الكتاب - ، ذلك لأن الكلام في النص إنما يتحدث عن [ البيت الأول ] الذي وضعه الله للناس لكي يعبدوه فيه ويوحدوه ولم يتحدث عن المسجد الأول ، والبيت أصله ثلاثي صحيح من بات ، ويعني المكان الذي يأوي إليه الفرد أو الجماعة ويتخذوه سكناً ، وأما المسجد فأصله من سجد الفعل الثلاثي المصدر الدال على مكان السجود ومواضعه قال تعالى : - [ وإن المساجد لله فلاتدعوا مع الله أحدا ] - الجن 18 . ولفظ - وضع - بمعنى جعل أو صيَّر ، ولا يكون الجعل منفصلاً عن الوضع الطبيعي لواقع الحال والمُراد به هنا - الناس - ، الذين يُراد لهم أن يهتدوا كجماعة ولذلك جعل لهم هذا - البيت - كمكان للعبادة ، وهذا الوضع كان بإعتبار ما يُراد منهم فيه ، نقول إعتباري و ليس حقيقي ، ودليلنا قوله تعالى : - [ قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام ... ] - البقرة 144 ، فالمتأمل لهذا النص يشعر بأن - المسجد الحرام - لم يكن قبلة الناس التي إليها يتوجهون ، وإنما وضع للمؤمنين بعد حالة التقلب التي عاشها النبي والرسول محمد ، والتحول يجب النظر إليه بإعتبار ماهو مُراد بحسب واقع الحال التي عاشها النبي ، أي في اللحظة التي تم فيها التحول تم الوضع الجديد أو الجعل الجديد ، ونعود لنقول : - إنه في الإعتبار العقلي ليس من الحكمة أن يوضع - بيتاً - للعبادة من غير وجود عُباد ، وهذه العملية في المنطق الطبيعي عبارة عن نسبة وتناسب . وأما دلالة النص فهي في مقام وصف الحال الذي كان ، والذي كان مرتبطاً بحاجة كان يدعوا لها الله ، وحتى تتم على وجه أكمل و صحيح ، كان يجب ان يكون للناس مكاناً يعبدون الله فيه فجُعل هذا - البيت - بمثابة المكان الذي يلبي هذه الحاجة ، وهذه كما ترى صيغة وصفية وليست صيغة تقريرية ثابتة ، هذا الكلام الوصفي كان مرتبطاً بالحاجة الواقعية التي كان يريدها الناس ، فكان البيت في المكان الذي سماه - بكة - وفي التعريف فهو مكان مكتظ بالسكان ومزدحم ، [ وفي التاريخ القديم ليس سوى الحواضر المعروفة في العراق والشام ومصر هي ما يصدق عليها هذا الوصف كالمدائن ومدين وأور وبابل وآشور ] ، الحواضر التي كانت تحتضن دعوة الأنبياء والرسل ، ولهذا نقول : - لا يُعقل أن يضع البيت للناس في مكة الخالية من الناس والبشر - ، وبحسب هذا المنطق لا تكون - بكة - بمعنى - مكة - ولا تصح صفة وموصوفاً ولا دلالة و أسماً ، كما إن - البيت الأول - الذي وضع للناس ليس هو - البيت الحرام - ولا هو كذلك - الكعبة المشرفة - ، فالبيت الحرام التي قال عنها الله : - [رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ] إبراهيم 37 ، وبحسب الطبيعة والوضع لا يكون الوادي الذي لازرع فيه مكاناً مأهولاً ، وبحسب المدوناة التاريخية والرُقم فإن موضوعة التوحيد وعبادة الإله الواحد لم تبتدأ في - مكة - ، إنما كانت أولاً في الحواضر التي ذكرناها ، فإبراهيم النبي ونوح النبي وتمام أنبياء بني إسرائيل وعامة أنبياء الملل الأخرى كانت هناك ، نعم حصلت نقلة بحسب الكتاب المجيد عمل عليها إبراهيم النبي حين أسكن من ذريته بواد غير ذي زرع ، هذه النقلة جاءت لا حقاً بحسب موضوعة العبادة لله والتوحيد ، وجدلياً يكون مفهوم رفع القواعد من البيت يكون رفعاً لا حقاً بعد أن كثر الناس وأزدحموا - والقواعد هم من يتخذون من البيت مكاناً للتلهي ، مُشكلين حاجزاً يمنع العُباد من أداء وظائفهم ، والقواعد كناية عن هؤلاء الرجال والنساء ، قال تعالى : - [ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ ] 127 البقرة ، - فإبراهيم النبي يرفع القواعد من البيت وليس للبيت - ، وذلك لا يعني العمارة والبناء كما توهم غير واحد في ذلك ، والنص مورد البحث في آل عمران يتحدث عن أول بيت وضع للناس ، وفي صورة تقريبية قال إن فيه : - [ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ .... ] - 97 آل عمران - ، فإبراهيم النبي أقام في المكان الذي كان أول بيت وضع للناس ، وبقرينة أول فيكون هذا البيت سابق لوجود إبراهيم نفسه ، إنما أقام إبراهيم في بكة التي فيها - أول بيت - ، وبحسب الملازمة التاريخية والدينية يكون البيت مرتبطاً بما يعمره من الناس ، وبمفهوم التقابل يكون - البيت الحرام - هو ليس - أول بيت - وضع للناس ، بل جاء الوضع لا حقاً بحسب مفهوم قوله فلنولينك ، ثم إن الصحيح بحسب المدوناة التاريخية القديمة ، ان المكان الذي عاش فيه ابراهيم أتخذه الناس مصلى وموضعا لعبادة الرحمن بعد ان دعاهم ودلهم ابراهيم على ذلك . فإن قيل : - فأين موضع قوله تعالى : - [ ولله على الناس حج البيت ..] من هذا ؟ . قلنا : - إن الكلام هنا يفيد المغايرة ، خاصةً بلحاظ وجود حرف العطف ، أعني إن هناك شقين من الكلام الأول منه : - ويقرأ في قوله تعالى - إن أول بيت وضع للناس - ، والثاني نقرئه في قوله تعالى : - ولله على الناس حج البيت - ، ولكل من هذين الشقين دلالته الخاصة ، ففي الأول كان الكلام عن مطلق العبادة ، وفي الثاني كان الكلام عن جزئية منها وهو الحج ، [ والحج ومناسكه أرتبط بفعل إبراهيم النبي وماقام به ، وجرت على أثره تباعاً الحنيفية ] . قال أهل العلم : - إن النقلة التي حدثت مع إبراهيم النبي أرتبطت بتطور مفهوم العبادة نفسه لدى الناس - ، كما وقد تبلورت الصيغة النهائية للحج مع النبي محمد . ......... ولكن ماذا عن مكة ؟ وكيف جاء ذكرها في الكتاب المجيد ؟ لم تذكر مكة في الكتاب المجيد إلاَّ مرة واحدة وكانت على النحو التالي ، قال تعالى : - [ وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ] ، الفتح 24 - ، وفي هذا النص نلتقي بمراتب عده أولها معنى - كف - والمُراد منه ، وثانيها معنى - أيديهم عنكم وأيديكم عنهم - والمُراد منه ، وثالثها معنى - ببطن مكة - . وفعل - كف - فعل ثنائي صحيح ومعناه منع أو صد أو صرف ، والفعل يتضمن المن من الغير ، وفي هذا النص يكون المن من الله ، أي إنه هو من صرف ومنع الإعتداء أو الإقتتال ، بوجود القرينة الظاهرة في قوله – أيديهم عنكم وأيديكم عنكم - ، يعني إن الله صرف عنكم القتال والإشتباك مع العدو ، ولأن لهذا الدفع والصرف محل ومكان قال إنه في - بطن مكة - ، ولم يقل في - مكة - وكذلك لم يقل في المسجد الحرام ولا في الكعبة ، وفي هذا نحن أمام مفردتين الأولى هي مكة إنما ما نريده هو التعرف على معنى لفظ - مكة -- وما سبقها أعني - بطن مكة - ، فنحن إذن أمام مفردتين الأولى هي ( مكة ) - وماذا تعنى وماهي حدودها ؟ والمفردة الثانية هي - ( بطن مكة ) - وماذا تعني لغةً وحقيقةً ؟ ، ففي التعريف المعجمي المتداول جاءت مكة من - المك - وهو المكان الجدب الذي يحت حتا ، قال أبن فارس في المقاييس : - [ - مَكَّ - يمك مكة ، هو من - الميم والكاف - وهذا أصل ثنائي صحيح للكلمة ، والذي - يَدُلُّ عَلَى انْتِقَاءِ الْعَظْمِ - ، فيقال : تَمَكَّكَتِ الْعَظْمُ ، أي أَخْرَجَتْ مُخَّهُ ، وَامْتَكَّ الْفَصِيلُ مَا فِي ضَرْعِ أُمِّهِ : شَرِبَهُ .... ] - ، ووفق هذا التعريف تكون اللفظة دالة على الشيء الذي يكون جافاً و ناشفاً ، و فيه إمارات التصحر بادية ، واضحة ، حتى إن الله لما ذكر المسجد الحرام الذي هو في مكة قال في وصفه بلسان إبراهيم النبي : - [ رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ] 37 إبراهيم - أي إنه يقع في منطقة صحراوية قاحلة لا ماء فيها ولا زرع يجعل من الحياة ممكنة فيها . . وأما قوله :- ببطن مكة - البطن لغةً تعني الجوف أو الشيء المتوسط ، وقولنا - الشيء المتوسط - قول مجازي يناسب المعنى الدارج في ألسن الناس ، و ذكره مسنداً للدلالة على المسند إليه ، قال الراغب في المفردات : - البطن أسفل الجسم - ، وهذا بلحاظ ما عليه عامة الحيوانات من حال ، والبطن بتعريف أبن خالويه : - هو لفظ مضاف إلى المكان وفي هذه الحالة يُراد به وسطه - أي وسط المكان ، ولهذا قال بعض المعاصرين : - البطن هو المركز - لأهميته !!! ... ولا بد لنا من القول إن - بطن مكة - لا الكعبة ولا المسجد الحرام - ، وهذا القول بينه النص 24 من سورة الفتح حين قال : - ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ) - ، فكف الأذى وقع من جهة التاريخ في منطقة الحديبية والتي إليها يُنسب – الصلح المعروف - والذي يشير إليه النص المذكور ، وهذه القرينة الحالية تدل على أن المُراد بها ليس المسجد الحرام ، والذي لم يقع فيه أي إشتباك بين المسلمين وغيرهم في عهد النبي محمد كما قلنا . ولو تأملنا صيغة - كف - وجملة : - [ ايديهم عنكم وأيديكم عنهم ] ، نعلم إنه لم يحصل بين المسلمين والمشركين في عهد النبي محمد في – المسجد الحرام - قتال البته ، وما أشار إليه النص 24 من سورة الفتح فقد حصل - ببطن مكة - التي هي كما قلنا منطقة الحديبية ، وهي المكان الذي تم التوقيع فيه على إتفاقية الهدنة بين النبي ومشركي قريش ، والحديبية هي منطقة تقع على الطريق بين مكة وجدة ، وهي إلى مكة أقرب وهي متوسطة بين الحل والحرم ، ولا بد أن نشير إلى إن حرف الباء في - ببطن مكة - متعلق بفعل كف ، ويعني إن الكف قد حصل في بطن مكة وليس في المسجد أو توابعه . قال أهل العلم لذلك جاءت جملة - [ من بعد أن أظفركم عليهم ] - تابعة في مقام التقرير للحال ، والظفر أعم في الدلالة من النصر ، لأن فيه تضمن حصول الفتح من غير قتال ، قال صاحب عمدة الأصول : - والظفر يكون بمعنى الفوز حينما نحصل على المطلوب من غير قتال - ، ومن هنا عَّد أهل الميزان : - الفوز بالمطلوب من غير قتال مطلوب بذاته لأنه يُغنينا عن الدماء والدمار - . ونقول : - والفوز بالمطلوب من غير قتال إنما يهيء القاعدة التي من خلالها يتم إبلاغ الرسالة ونشر الدعوة من غير معوقات - ، وهذا ما حصل للنبي بالفعل من خلال الصلح ، و الذي به أُتيح له أن يُبلغ رسالته من غير خوف ، بل و خلق لدى الجماعة المؤمنة زوح جديدة مكنتهم من إداء رسالتهم وبث دعوتهم بين القبائل من غير مزاحمة .. وللتذكير فقط نقول : - إن مكة أسم عام يطلق على كل هذه المنطقة التي تضم الحديبية والمسجد الحرام ، وقد جاء وصفها في الكتاب المجيد على أنها - أم القرى والبلد الأمين ، وهذا يفهم من السياق كصفة لموصوف معلوم كما في قوله على هذا النحو قال تعالى : - [ ... وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ] – الأنعام 92 - . وفي سورة التين قال : - [ ...وهذا البلد الأمين ..] - التين 3 . و من هنا يتبين إن مكة هي عنوان عام لمطلق المكان ، وأما المسجد الحرام فهو جزء منها أو فيها ، والمسجد الحرام أُقيم بواد غير ذي زرع بحسب الوصف التالي : - [ رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ .... ] إبراهيم 37 - . وخلاصة الكلام : - وما تبين لنا من خلال البحث في لغة الكتاب ودلالته ، إن بكة هي ليست مكة وإنهما مكانيين مختلفين وفي بلدين مختلفين في عصرنا هذا ، وإنما جعلت مكة ومسجدها قبلة للناس بعد ذلك التحول الذي حصل لغاية معلومة ... آية الله الشيخ إياد الركابي 24 – من رمضان 1439 هجرية
#الشيخ_إياد_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قول : ( في نسبية مفهومي الجنة والنار )
-
خرافة عالم البرزخ
-
- الخلل المفاهيمي في لغة النص : - القلب ، الفؤاد ، العقل ..
...
-
في معنى قوله تعالى : [ ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ، ولكن
...
-
إشكالية الحكم في الإسلام
-
تحرير العقل المسلم
-
الإسلام والتشيع جدل اللفظ والمعنى
-
السنٌة والشيعة ... إشكالية المفهوم والدلالة
المزيد.....
-
هآرتس: إيهود باراك مؤسس الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب
-
الاحتلال يسلم عددا من الاسرى المحررين قرارات بالابعاد عن الم
...
-
هآرتس: الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب أسسها إيهود باراك
-
السويد ترحل رجل دين ايراني دون تقديم توضيحات
-
10 أشخاص من الطائفة العلوية ضحايا مجزرة ارهابية وسط سوريا
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر تتسلم الاسير الاسرائيلي كيث سيغا
...
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الثاني
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الاسرائي
...
-
إطلاق نار على قوات إسرائيلية في سوريا وجبهة المقاومة الإسلام
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد بجودة HD على جميع الأقمار الصناع
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|