|
صح .. يارءيس وزراء العراق .. انت صح
اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 5898 - 2018 / 6 / 9 - 12:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا سيادة لدولة لا تحتكر ملكية السلاح ، ففي احتكارها هذا تكمن سيادتها . ولا هوية لمواطنيها اذا توزع ولاوءهم على ميليشيات مسلحة ، ففي هذه التشظية للولاء يكمن سر ضعف ولاء المواطن للعراقي للدولة ، ذلك ان السياسة في احد معانيها هو البحث الدوءوب عن امتلاك القوة : امتلاك الدبابة والبندقية للهجوم على القصر الجمهوري كما في حقبة من تاريخ العراق ولت وانتهت ، او امتلاك أصوات الناخبين للفوز بالسلطة كما في الاوان الذي نعيش . وفِي الحالتين يحفز امتلاك القوة مالكيها على الاستمرار في حيازتها وتطوير أساليب امتلاك المزيد منها ، وبما اننا بلد لا يصنع فان شهية تجميع القوة ستدفع البعض على عقد صفقات سرية مع الخارج في تخادم للمنافع معروف ، وهنا مكمن الخطر ، وهنا ايضاً يكمن سبب سعي الدول الحديثة في فرض سيطرتها على السلاح لتحفظ مواطنيها من الزلل الكبير : زال السقوط في احضان دولة خارجية ...
لا دولة من غير ان تستعيد الدولة ذاتها باستعادة سيادتها ويكون القرار قرارها ، والصوت صوتها ، وفعل الدفاع عن أراضيها فعلها ولا شريك لها في ذلك ...
لا نجاح لدولة تتعدد روءوسها ، ولكل راس مصدر خارجي يوحي اليه بما يَضمن مصلحته ، ومصلحة شياطين دول الجوار الاولى تتمثل بان تظل الدولة في العراق : هيكل اداري يشبه الدولة ، لكن مسلوب الإرادة ، فيما تتمتع دولهم بالقدرة على الردع وبالقوة الفعالة على ختنفيذ قوانينها . ان تعدد روءوس القوة في العراق يسلب من الدولة عدالتها : لا توجد دولة عادلة في العراق الان ، ولن توجد ، والميليشيات المسلحة تناطح الدولة وتزيحها عن مجال حضورها الحيوي ، اي مجال سيادتها ، لقد حولها وجود الميليشات كما نشاهد ونرى الى : دولة مسكينة ، لا قدرة لها على الردع ولا قوة فعالة بين يديها - رغم عديد جنودها وشرطتها الذين تجاوزوا المليون - تجعلها تنفذ بحزم ما تصدره من قرارات وما تشرعه من قوانين ...
لا قرار يجري تطبيقه على ارض الدولة ولا قانون من غير رضا هذه الميليشيات وموافقتها ، فكل موظفي الدولة ممن يعود تعيينهم الى المحاصصة خاضعين الى سيف الميليشيات المسلط على روءسهم ، خاصة في ما يتعلق بالاستثمار وبالصفقات الكبيرة ، وهذا لا يجري في الجانب الشيعي فقط ، اذ جميع احزاب المكونات الثلاث مسلحة من اخمص قدميها حتى هاماتها التي تنتهي بعواصم طهران والرياض واسطنبول والدوحة ودبي .. لقد افرغوا الدولة من محتواها الحقيقي وحلوا محلها : فهم القانون وهم القضاء وهم الشرطة : وانا واثق من انك تعرف بان سيطراتهم موجودة ، حتى وان زالت شكلياً ، اذ لا احد يغامر بتخطي هذه الميليشيات التي تفرض وجوداً ثقيلاً على الإدارات المختلفة : من إدارة الناحية وحتى مراكز المحافظات ومنها محافظة بغداد العاصمة ...
لا عدالة تتحقق على ارض الرافدين بوجود هذه الميليشيات التي تجبي الاتاوات وتصادر أراضي الدولة ومبانيها ، وتتدخل بعمل الشرطة والقضاء ، وتخفي المطلوبين للعدالة وتدافع عنهم علناً ، سيما اذا كانت لهم القدرة على الدفع بالدولار ، ولهذا يهرب المستثمرون العرب والأجانب الذين تمنعهم كرامتهم من ان يدفعوا ( الجزية عن يد وهم صاغرون ) : تعمل الدولة على جذبهم وهم لا يمكن جذبهم من غير توفير الأمن ، وشق وبناء البنى التحتية الاساسية من طرق وجسور ومطارات ، ان وجود الميليشيات يتنافى والإعمار ، لا يتم إعمار في العراق بوجود هذه التشكيلات المسلحة ، ولا يتم تطور وعي العراقي كمواطن يوءمن بالوطن والوطنية وبالتالي بالتعددية الدينية والفكرية بوجود هذه التشكيلات التي تثقف اتباعها على الموت من اجل أفكار : جوهرها شن الحرب على الدولة ، بعبارة اكثر وضوحاً انهم يكفرون الدولة ومفهوم المواطنة في ان معاً ، ويسعون في سرهم لتهديمها وإلحاقها بأسيادهم الخارجيين عن طريق تحويل املاءات الخارج وأوامره الى تشريعات وقوانين يقدمونها الى المواطن العراقي على انها ( القانون او التشريع المقدس ) فيُحوِّلونه الى شبح خال من الوعي العصري باهمية وضرورة وقوفه على ارض دولة هي هويته الكبرى الجامعة ...
هل توجد دولة في العالم تحترم نفسها ، او يحترمها العالم وهو يعرف ان من يدير دفتها : جناة ومختلسون ، يشاركونك الجلوس عَلى كراسي اتخاذ القرار ، وترفرف إعلام الدولة على سيارات حماياتهم ، هل توجد دولة في العالم تحترم نفسها وهي تحمي سارقي بيت المال العام من غضب الناس بالسيارات المصفحة ؟ يعرف العالم ذلك ولذا كف يديه عن المساعدة في الإعمار في موءتمر الكويت الأخير ، فيما اطلق فيلسوف الخارجية الملهم العنان لخياله بالقول : ان المبلغ ليس بطالاً ، وماذا يهمه بعد ان امتلك ناطحات سحاب في بلدان ( الضلالة والكفر ) التي ستحملها معه حماياته وسياراته المجنزرة الى الجنة ...
عروشكم تطفوا الان على صحراء الجنوب المهدد وجود سكنته حيث ارتكبتم جناية حرمانهم من أعز ما منحه الله للبشر وهو الماء الذي خلقهم الله منه ، وعروشكم تطفوا الان على خراءب وأنقاض مدن الغربية ومعاناة بشرها في المخيمات . لماذا اذللتم العراقيين وفعلتم بهم ما لم يفعلوا هولاكو بأهالي بغداد : حرمتموهم من نعمة الكهرباء التي أوقد شعلتها من تتهمونهم باللااخلاق والتحلل : اولءك الذين غيروا وجه أوربا والعالم في فترة زمنية هي اكثر قليلاً من 15 عاماً : قريبة من الفترة الزمنية التي جلستم فيها على صدور الناس ، فخنقتموهم وقتلتم فيهم كل ميل للابتكار والابداع ، وخدرتهم انت ، انت بالذات منذ أربعة أعوام باسطوانة الإصلاح ؟ ثم تكشف ان قرارك لا يتجاوز عتبة باب مكتبك ، فلم تكن لك القدرة على اعتقال ومحاسبة الذين فتحوا ابواب جهنم على ( مكاريد ) مدينة ثورة عبد الكريم قاسم الذي مات وفي جيبه دراهم معدودات ...
هل يوجد في العالم رءيس مثقل بصلاحيات طاغية مثلك ، لا يملك القدرة على اتخاذ قرار حل هذه الميليشيات فيدعو الناس الى رفض وجودها ، تشكيلات عسكرية مدججة بسلاح الدولة الذي يهرب اليهم على مراى ومسمع منك شخصياً بحجج واهية .. اسمح لي بان اقول بان صرختك متاخرة جداً يا سيدي ، وواهية كبيت العنكبوت . هذه تشكيلات عسكرية مقدسة ، من يملك الجراة في العراق اليوم على مخاصمة ( المقدس ) ، او الاقتراب منه او لمسه او العبث بوجوده . وقد فلسفتم كل شيء بفلسفة المقدس : من السياسة الطاءفية الى نهب النفط ، الى الانحطاط الثقافي الى الدفاع عن الطاغية بشار الاسد الذي ذبح العراقيين قبل ان يذبح السوريين ، الى فذلكة الجعفري وانفعالات المالكي الدموية ، ولولا تلطيخك انت نفسك بالمقدس لما اصبحت رءيساً للوزراء ...
صرختك متاخرة ياسيدي ، فالناس لا تجروا على الاقتراب من الحشد الشعبي ( المقدس ) وقد تهيكل كدولة تملك قوة فرض وجودها وفرض قانونها عليك ، وعلى الناس الذين قزمتموهم وحولتموهم الى اشباح حين منعتموهم من التفكير بالملموس من مشاكلهم .. لا قدرة لأشباح يعدون العدة لعالمهم الاخر : عالم ما بعد الموت ، على معالجة قضية ارضية كبيرة كالدولة ، فيهرعون الى نزع انياب فصاءل انت من اشرف على تسليحها بكل سلاح متطور ، وبسبب من هذا التقديس وهذا الكم الهاءل من السلاح المتطور فازت قائمتهم الانتخابية باصوات تجاوزت حتى أصوات قائمتك الانتخابية .. وبفوزهم هذا : اطبقوا على الدولة سياسياً وعسكرياً .. ولهذا اقول صرختك جاءت متاخرة جداً جداً ، لا تورط الناس بما لا قدرة لهم عليه : حرب شوارع باهضة التكاليف ، دع عباد الله يجهزون انفسهم لعالم الآخرة وتدبر انت شوءونك مع مخلوقاتك التي تمردت عليك ، وسيظل عنوان نشاطها التمرد ان لم تخرج اليها جحافل دولة ذات عزيمة واصرار ...
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من كتاب - في العشق البشري -
-
البرلمان العراقي : من تزوير الشهادات الى تزوير الانتخابات
-
عادل مراد
-
لا عودة الى - جمهورية الخوف -
-
التيار الصدري : كما فهمت بعضاً من استراتيجيته السياسية
-
نعم ذهبت للتصويت
-
هل سأذهب للتصويت في هذه الدورة الانتخابية
-
هل سأذهب للتصويت في هذه الدورة الانتخابية ؟ الجزءالثالث والأ
...
-
هل سأذهب الى للتصويت في هذه الدورة من الانتخابات
-
هل سأذهب للتصويت في هذه الدورة الانتخابية ؟
-
مومياء
-
الجزء الثاني من ذكرى الاحتلال والسقوط
-
هاذا الكتاب.. في السيرة النبويه لهشام جعيط
-
في ذكرى الاحتلال والسقوط
-
قسوة الجمهوري : ترمب و( قسوة ) عامر بدر حسون
-
عبد الباري عطوان وفضيحة ادانة السلوك الفردي
-
تآكل هيبة الخضراء كسلطة
-
تسليع (النضال)
-
الفلوجة .... الى -عامر بدر حسون
-
احتجاجات في بغداد ترجمة اسماعيل شاكر الرفاعي
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|