|
حقيقة كتاب -احجار على رقعة الشطرنج- وليام غاي كار
رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 5898 - 2018 / 6 / 9 - 00:49
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
هذا الكتاب من أكثر الكتب المُروجة في المنطقة العربية وأقدمها، فلم يطبع كتاب "سياسي" بعدد كبير ومتواصل من الطبعات مثل هذا الكتاب، ويمكن أن يكون كتاب "لعبة الأمم" يتماثل معه في المكانة والاهتمام، الفكرة الرئيسة تتمحور حول عقم الثورات في العالم والتي تشعلها اليد الخفية، وتحديدا الماسونية، وهذه احدى المآخذ على الكاتب، بمعنى أنه يدعوا إلى عدم القيام بأي ثورة/تمرد/حركة تغيير، لأنه يقف خلفها تلك اليد الخفية التي تلعب في مصائر العالم اجمع، والتي لا يمكن لأي جهة/دولة/شخص أن يقف بوجهها، أو يؤثر على خططتها أو قراراتها، هذه هي الفكرة الرئيسة في الكتاب، ورغم ما يقدمه من معلومات تشير إلى حجم الشر الكبير لتلك اليد الخفية/الماسونية إلا أن الكتاب يخدم أولا وأخيرا فكرة عدم جدوى أي مقاومة أو عملية تحرر من هذه سطوة هذه اليد/الجهة. وهنا تكمن خطورة الكتاب، القبول بالأمر الواقع كما هو، وعدم محاولة التغيير لهذا الواقع، لعدم وجود أية جهة/حركة/ثورة/دولة نقية، تعمل بإخلاص بعيدا عن هيمنة الماسونية أو ادواتها أو وسائلها، وأن وجدت فلن تستطيع أن تنتصر في حربها أو في مواجهتها للماسونية. إذن وبعد هذه الفكرة، ما الفائدة من كل المعلومات التي قدمها الكتاب؟، فهو يخدم فكرة الانصياع للأمر الواقع والتسليم بما هو حاصل، حتى لو كنا نعي بأننا نسير في خطى الخطيئة ومسايرة اليد الخفية/الماسونية مجبرين ولسنا مخيرين، في النهاية نحن ـ إذا سلمنا بحقيقة وواقعية ما جاء في الكتاب ـ نكون مشاركين في الخطة التي وضعتها اليد الخفية، فتمسى معرفتنا بلا فائدة، فهي لا تقدم أو تأخير فيما يجري لنا وللآخرين من أحداث دامية، فنكون ـ بهذا الحياد/التسليم ـ نعمل على إبقاء الواقع كما هو، دون أن نسعى أو نتجه نحو أي تغيير ايجابي في الواقع/واقعنا. يصف لنا الكاتب الذين يحركون سيطرتهم على العالم ويلعبون به كما يريدون بهذه الصفات: "يجب على النورانيين الذين يعلمون اساتذة في الجامعات والمعاهد العلمية أن يولوا اهتمامهم إلى الطلاب المتفوقين والمنتمين إلى أسر محترمة ليولدوا فيهم الاتجاه نحو الاممية العالمية" ومما جاء في الكتاب عن لطرق التي يتبعها الماسونيون في السيطرة على الاشخاص".استعمال الِرشوة بالمال والجنس، لموصول إلي السيطرة علي الشخاص الذين يشغلون المراكز الحساسة على مختلف المستويات، في جميع الحكومات وفي مختف مجالات النشاط الإنساني.. ويجب عندما يقع أحدهم في شراك النورانيين، أن يستنزف بالعمل في سبيلهم، عن طريق الابتزاز الاساسي، أو التهديد بالخارب المالي، أو بجعله ضحية لفضيحة عامة كبرى، أو بالإيذاء الجسدي وحتى بالموت هو ومن يحبهم." أما دورهم بعد أن يوقعوهم في الشباك: "...أن يستخدموا على أنهم عملاء خلف الستار، بعد إحلالهم في المراكز الحساسة لدى الحكومات جميعا على أنهم خبراء أو اختصاصيون، بحيث يكون بإمكانهم تقديم النصح إلى كبار رجال الدولة، وتدريبهم لاعتناق سياسيات تخدم ـ في المدى البعيد ـ المخططات السرية لمنظمة العالم والواحد والتوصل إلى تدمير النهائي للأديان والحومات جميعا". ومن الطريق الأساسية في نهجهم هو السيطرة المالية على كل مقدرات الدولة والأمة من خلال منح قروض برهانات معينة ثم يقموا بضربتهم الكبرى، بحيث يفقد غالبة الأشخاص والمؤسسات ثروتهم وهذا ما حدث في اميركيا عام 1870: "بينما استمرت الحجوزات على المزارع والمساكن التي يملكها الأفراد، وكان المستفيدون الوحيدون هم أصحاب المصارف وعملائهم الذين وضعوا أيديهم على الممتلكات المرهونة" ويوضح لنا تركيبة التنظيم الماسوني المعقد من خلال قوله: " جمعية سرية في قلب جمعية سرية أخرى... أي الماسونيون من الدرجات الثانية والثلاثين والثالثة والثلاثين يجهلون ما يدور في محافل الشرق الأكبر". ويصف لنا طبيعة وسلوك الاشخاص الذين يعملوا لتحقيق الاهداف التي تضعها الماسونية والكيفية التي يتصرفون بها: "يجب على الذين يرغبون في الحكم أن يلجأوا إلى الدسائس والخداع والتلفيق لأن القيم الاجتماعية الكبرى كالصدق والاستقامة ما هي إلا عيوب كبرى في السياسة" ويصف لنا طريق الوصول إلى الهدف/الغاية والمتمثلة في الخراب والدمار والقتل: "الإفساد والإسراف، هما الوسيلتان الأكثر فعالية بين جميع الوسائل التي اخترعها الغرباء لتفسيخ الدولة". لكاتب يعتبر اليهود هم الشر في كل ما يجري في العالم من خراب ودمار، حتى لو بدوا ـ احيانا ـ أنهم ضحية كالآخرين: "...أن امم أوروبا لم تستطع البدء بعصر النهضة والازدهار إلا بعد أن تمكنت من تحرير نفسها من براثن السيطرة الاقتصادية اليهودية" ويخبرنا عن دورهم في روسيا القيصرية فيقول: "لم يكتف اليهود بالسيطرة على كل التجارات والأعمال بفروعها، بل سيطروا أيضا على أجزاء كبيرة من الأراضي أما بشرائها أو بزراعتها باستثناء القليل، كرس اليهود جهودهم كمجموع، ليس لإثراء الدولة ولفائدتها، بل لخداع الشعب الروسي بحيلهم الملتوية" التناقضات في الكتاب يحدثنا الكاتب عن علاقة بين لينين والنازية، علما بأنهم لم يلتقوا مع بعضهم، لينين توفى في عام1924، قبل أن توجد النازية "...أما البلاشفة فقد كانوا فئة قليلة، وكانت سياسة الحكومة الاقليمية تتجه إلى استمرار الحرب مع ألمانيا، لأن أكثرية الروس كانت تعتبر مطامع النازية الألمانية السوداء خطر مباشر على سيادتها" وهذا خلط في المعلومات يشوه الأفكار، وفي ذات الوقت يجعلنا نشك بهدف/الغاية من وراء هذا الكتاب. ويستخدم هذه الفقرة قائلا: "وسيظهر لنا أنه حتى يتم القرار بتمويل لينين وتروتسكي للإطاحة بالحكومة السوفيتية" فنجد خطأ قاتل فيما سبق، لان لينين وهو من بنى وأسس اتحاد الجمهوريات السوفيتية، فكيف يعمل لهدمها أو لإطاحة بها؟, ويقول عن القضاء على روسيا القيصرية: "والبرهان على أن الصهيونيين في كل من بريطانيا واميركيا اتفقوا على الاطاحة بالإمبراطورية الروسية يمكن أن نجده في حقيقة أن لينين أعلن تأسيس حكمه الديكتاتوري في تشرين الثاني عام 1927،" إن كان هذا الكلام صحيح، فكيف كشف "لينين" اتفاقيات الدول الكبرى على تقسيم المنطقة العربية، واقامة دولة يهودية في فلسطين، مما اربك التحالف القائم بين "الشريف حسين" والانجليز، حتى أن الأمير فيصل تحدث مع "لورانس" في هذا الموضوع اكثر من مرة وسبب حالة عدم الثقة بالمخططات الاستعمارية. ويجمع الكاتب بين الشيوعية والفاشية بطريقة عجيبة: "فبعد عام 1936 شكل الستالينيون الحزب الاسباني الاشتراكي الموحد الذي رعاه المؤتمر الثالث للأممية الشيوعية، وكان الهدف من ذلك إنشاء قوة جديدة ذات طبيعة فاشية تتمكن من تطويق فرنسا الحليف المحتمل لروسيا في الحرب التي يجري إعدادها" طبعا هذا منافي للحقيقة، فهناك عداء بين الشيوعية والنازية، ولم يكن هناك أي تحالف بينهما، خاصة في اسبانيا. ويضف قائلا عن اسبانيا: " لقد أعلن لينين أن اسبانيا ستكون الدولة السوفيتية الثانية في اوروبا" وهذا أيضا غير صحيح، لأن لينين كان متوفي ـ 1924 ـ عندما حدثت الحرب الأهلية الاسبانية. ويعطي أفكار مغلوطة عن الشيوعيين فيقول فيهم: "...قول لينين: أن افضل الثوريين هو شاب متحرر من المبادئ الأخلاقية... لبرنامج تربية الشباب الثوري تفكيك الروابط الأسرة" . ويشوه الشيوعين فيقول عنهم: "وهناك أيضا كتب الدعارة ومجالاتها التي وزعها الشيوعيين" ويستخدم شعارات في غير مكانها لتشويه الشيوعيين: "قام الشيوعيون بقتل أفراد عائلة جميعها المؤلفة من ثمانية أشخاص. ومن اكثر الأعمال وحشية وعنفا التي ارتكبت تحت شعار "الحرية والمساواة والأخوة" وهذا طبعا كان شعار الثورة الفرنسية وليس الشيوعية "يا عمال العالم اتحدوا" كل هذا يجعلنا نضع الكتاب تحت المجهر من جديد، ويجعلنا نشك بالغاية، بالهدف منه، فهو بريء، ويقدم معلومات مغلوطة، وأفكار متناقضة وغير صحيحة، والمراد من وراءها جعل القارئ في حيرة، ثم في شك في كل ما يدور حوله، وبعدها يفقد الأمل/الإيمان بأي حركة/جهة/جماعة تعمل لتغيير الواقع، وفي النهاية تكون اليد الخفية (الماسونية) تعمل بكل حرية، ولا تواجه أي معارضة أو صد من أية جهة كانت، فقد اصبحت القوى الوحيدة والفاعلية على وجهة الأرض، بمعنى انها تمثل وتتوازى مع قوة الله التي لا يمكن لها أن تصد أو تقاوم أو تعارض. الكتاب موجود على النت على هذا الرابط http://ia902509.us.archive.org/2/items/A7gar.shtrang/Books-sea.com_A7gar.shtrang.pdf
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشاعرة فيما تكتبه -نفن مردم-
-
التراث في قصيدة -سقط القناع- محمد سلام جميعان
-
نابليون وأوردغان
-
البداوة تنتصر
-
دولة القبيلة والعشيرة
-
تقنية السرد في -انهيارات رقيقة- هشام نفاع
-
رواية - قلب جاسوس- أحلام قاسمية
-
تجاوز المألوف في رواية -حارة المشتاقين- حسين عبد الكريم
-
حالة البكر في مجموعة -البيت القديم- يوسف الغزو
-
المرأة والمثقف في رواية -من يتذكر تاي- ياسين رفاعية
-
أدب الحرب في رواية -قلعة عباس كوشيا- يوسف يوسف
-
هيمنة السارد في رواية -أثلام ملغومة بالورد- -صابرين فرعون
-
الدهشة في رواية -الرقص الوثني- أياد شماسنة
-
الكاتب والنظام
-
الانفعال في رواية -أثلام ملغومة بالورد- -صابرين فرعون
-
الحدث في رواية -ضحى- حسين ياسين
-
مناقشة رواية -أسطورة الأموات-
-
الضحية والجلاد في رواية -الموتى لا ينتحرون- سامح خضر
-
عندما يكتبنا الكاتب مالك البطيلي
-
الأدوات السوداء. جواد العقاد
المزيد.....
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|