أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - الربيع الأردني والسيرورة الثورية الإقليمية














المزيد.....

الربيع الأردني والسيرورة الثورية الإقليمية


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 5895 - 2018 / 6 / 6 - 10:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد شهدت منطقتنا الكثير من المآسي منذ أن رأينا المدّ الثوري العارم الذي انطلق من وسط تونس في أواخر عام 2010 وبلغ ذروته في «الربيع العربي» لعام 2011، منذ أن رأينا ذاك المدّ ينقلب إلى جَزر رجعي بدءًا من عام 2013. وعلى الرغم من كافة المآسي التي توالت علينا، بقينا على يقين من أن ما بدأ قبل أكثر من سبع سنوات لم ينتهِ، ولن ينتهي في مستقبل منظور، بل ستبقى منطقتنا على اتّقاد في سيرورة ثورية طويلة الأمد. وسوف تلي الربيع الأول هبّات جماهيرية أخرى قد تتصاعد إلى ربيع إقليمي جديد يبدو الأول مقارنة به وكأنه بروفة مهّدت لتجربة ثانية أرقى منها.
أما سبب يقيننا هذا فهو إدراكنا أن «الربيع العربي» لم يكن وليد طفرة شبابية أو ثقافية كما أراد تصويره من أسقطوا عليه رغباتهم بأن يكون سحابة صيف لا غير، بل كان أول انفجار معمّم لأزمة النظام العربي برمّته. وهي أزمة اجتماعية واقتصادية عميقة ناجمة عن الطبيعة الطبقية والسياسية للدول العربية، وعن السياسات النيوليبرالية التي جرى تطبيقها في هذا الإطار بما أدّى إلى تفاقم بطء النمو الاقتصادي والأزمة المعيشية والبطالة، لاسيما بطالة الشباب، وهي جميعاً سمات محكومة بمزيد من التفاقم ما دامت طبيعة الدول وسياساتها الاقتصادية على حالها.
لا بل رأينا الأنظمة العربية جميعاً، وقد انضافت إليها إيران، تسعى وراء محاربة الداء بالتي هي الداء وتذعن لصندوق النقد الدولي، الذي عزا الأزمة إلى عدم تطبيق وصفاته بالحدّة والشمولية المطلوبتين. وهي وصفات مبنية على التصوّر النيوليبرالي الذي يرى أن سيادة قانون الغاب في الاقتصاد («الحرية الاقتصادية» المزعومة) كفيلة بتحقيق التنمية من خلال المزيد من إثراء الأثرياء وإفقار الفقراء، بحيث ينعكس كل ذلك في الأمد الطويل رخاءً على الجميع، وهو كوعد الناس بجنّة الخلد بعد وفاتهم تبريراً لفرض الجحيم عليهم وهم على قيد الحياة.
والحال أن منطقتنا هي التي أدّت وتؤدّي فيها تلك السياسات إلى أوخم عواقبها، وذلك بسبب طبيعة الدول والأنظمة لدينا، بحيث بلغت اللامساواة قمّتها في المنطقة العربية قياساً بكافة مناطق العالم الأخرى بينما ازدادت نسبة شعوبنا الرازحة تحت خط الفقر بعكس انخفاضها في بلدان أخرى كالصين أو الهند، وحلّقت بطالة الشباب لدينا في أعلى نسبها العالمية طيلة عقود وهي لا تني تتفاقم. ويكمن سرّ انفجار أوضاعنا تحديداً في هذه الأحوال الاجتماعية الاقتصادية المزرية. أما استمرار صندوق النقد الدولي بالإيعاز بمزيد من الحزم في تطبيق وصفاته واستمرار الأنظمة القائمة بالإذعان لإرشاداته، فقد أصبحا في هذه الظروف بمثابة استفزاز مكشوف للجماهير.
وقد بدأ عام 2018 بامتداد للغليان الاجتماعي إلى إيران والسودان وتونس التحاقاً بالمغرب والحراك المزمن فيها، وكلّها هبّات ناجمة عن زيادات في الأسعار كانت الغاية منها جعل الفقراء يدفعون القسط الأعظم من فاتورة القضاء على عجز الموازنات الذي ترى فيه النيوليبرالية ركناً أساسياً من أركانها. أما السياسات التنموية فترى في استثمار المال العام في المشاريع العمرانية وسيلة أساسية لتطوير الاقتصاد، تماماً مثلما تقوم المنشآت الاقتصادية على الاقتراض واستثماره حتى يتمّ سدّه وتحقيق الأرباح. أما فشل أنظمتنا فيعود إلى سوء استخدامها للإنفاق العام في إثراء أزلامها بدل السعي وراء التنمية، وليس سببه «تكرّمها» الزائد على الفقراء مثلما تدّعي.
هذا وقد ظنّت الحكومة الأردنية أن تمريرها لإجراءات نيوليبرالية فرضتها على كاهل الشعب في بداية هذا العام بدون أن تثير احتجاجاً جماهيرياً بحجم الذي شهدته البلدان الأخرى التي سبق ذكرها، ظنّت بل توهّمت أن ذلك التمرير هو بمقدورها لاختلاف الأوضاع السياسية لديها، تماماً كما يظنّ كل حكم يسقط رغباته على الواقع. وقد صبّت حكومة الأردن مزيداً من الزيت على النار بفرض ضرائب جديدة على أصحاب المداخيل المتواضعة، فحصلت على ربيع أردني انضاف إلى محطات الربيع العربي البارزة بتمكّنه من اسقاط حكومة للمرّة الأولى بعد تجارب متكرّرة من إسقاط الحكومات حققتها محطات أخرى في سنتي 2011 و2012.
وتكون الجماهير الأردنية بذلك قد ربحت معركة، لكنّها لم تفز بالحرب الاجتماعية السياسية. وهذه الأخيرة «حربٌ» طويلة الأمد، يرتهن مصيرها بقدرة الجيل الجديد الذي لعب الدور الأهم في كافة محطات الانتفاضة الشعبية في منطقتنا (بدون أن ننسى انتفاضة غزّة البطلة، وإن اختلفت ظروفها)، قدرة هذا الجيل على أن يفرز قيادة ثابتة ومنظّمة للحراك الشعبي بما يجعل من تحقيق الأماني الشعبية العميقة أفقاً ممكناً في المدى المنظور.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصريحات خطيرة لزعماء العالم عن الانتخابات المصرية
- طهران وأخطار التوسّع فوق الطاقة
- رسالة أبو بكر البغدادي إلى دونالد ترامب
- الفائز الأكبر في انتخابات البلدان العربية
- ترامب وحكام الخليج: اختلاق وابتزاز
- وجه طهران الظريف ووجهها القاسم
- ماذا بعد الضربات الثلاثية على مواقع نظام آل الأسد؟
- نفاق بنفاق
- غزة البطلة أشارت إلى النهج الصائب في التصدّي للدولة ...
- يوم صدق محمد بن سلمان
- العلم التركي يرفرف في عفرين
- سوريا والاحتلالات الخمسة
- الصعود العالمي لليمين الشعبوي وشرط انهائه
- قيصر روسيا وسوريا وسياسة المكايد
- صفعة ترامب وصفعة عهد التميمي
- معضلة «التطرّف والاعتدال» في علاقة إسرائيل بمحيطها ا ...
- في تغليب العداء للكُرد على العداء لنظام آل الأسد وحم ...
- تحية إعجاب لموسى مصطفى موسى…
- مصيبة الشعب الكردي
- دفاعاً عن حق الشعب الكردي في تقرير مصيره


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - الربيع الأردني والسيرورة الثورية الإقليمية