|
توضيحات عن ما كتبه الصحفي عبدالستار البيضاني عن الزعيم عبدالكريم قاسم نقلا عن والدي
علاء الدين الظاهر
استاذ رياضيات
(Alaaddin Al-dhahir)
الحوار المتمدن-العدد: 5894 - 2018 / 6 / 5 - 21:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اولا. مقدمة ثانيا. شهادة تنشر لأول مرة عن تحرير عبدالكريم قاسم لمدينة جنين لعبدالستار البيضاني ثالثا. تعليقي على ما نشره البيضاني في الفقرة اعلاه عن 1948 رابعا. ماذا قال عارف والبكر بعد إعدام عبدالكريم قاسم؟ والمسؤولية التاريخية للمجرم عبد السلام عارف عن عملية قتل الزعيم ورفاقه لعبدالستار البيضاني خامسا. تعليقي على ما نشره البيضاني في الفقرة اعلاه عن 1963 سادسا. تحليلي لما حدث في دار الاذاعة في 9 شباط 1963
اولا. مقدمة في 14 تموز 2017 نشر الصحفي عبدالستار البيضاني (اعتذر إن كنت قد اخطأت لقبه الذي نقلته عن اسمه بالانكليزية على الفيسبوك) مقالة عن دور الزعيم عبدالكريم قاسم في تحرير جنين واعتمد في معظمها على شهادة والدي. وقبل ايام نشر مقالة عن جريمة قتل الزعيم عبدالكريم قاسم في 9 شباط 1963 واعتمد فيها ايضا على شهادة والدي وقد يكون قد جمع من والدي معلومات اخرى. اود اشكر هذا الصحفي النبيل في توثيقه لتلك المعلومات في وقت لم اتمكن فيه من توثيقها بسبب وجودي خارج العراق وكان والدي قد توفى قبل عشر سنوات من تمكني من العودة الى العراق بعد سقوط نظام صدام. كتابات الاخ البيضاني تحتاج لبعض التوضيحات والتصحيحات واجد من المناسب ان اضعكتابات البيضاني كما هي ثم اضيف تعليقاتي وتوضيحاتي.
ثانيا. شهادة تنشر لأول مرة عن تحرير عبدالكريم قاسم لمدينة جنين (عبدالستار البيضاني على موقع نحو الدولة المدنية على الفيسبوك 14 تموز 2017)
في نهاية العام 1988، اجريت حوارا طويلا مع الشخصية العسكرية المعروفة الفريق سعيد حمو ضمن باب جديد اقترحته لمجلة (الف باء) بعنوان (عراقيون)، ولم اتمكن من نشره وذلك لصدور توجيهات لاتسمح بنشر اي حوار مع العسكريين إلا بعد موافقة دائرة التوجيه السياسي، وأرسلت المجلة الحوار لدائرة التوجيه السياسي لكنها لم تعده وفقدته للأبد، ولسوء الحظ انني لم احتفظ بمسودته.! امتد الحوار على ثلاث جلسات في بيت المرحوم حمو. وكان البعض يتداولون (اساطير) عن هذا القائد الجبلي المخضرم، طرحت عليه اغلبها، ومنها انه كان اثناء الاشتباكات لايختبيء ، بل يقف على علو بمواجهة الرصاص المباشر. طبعا نفى هذه الحالة نفيا قاطعا، واشار الى ان مصدر الحكاية هي معركة (كلي علي بيك) التي اشتهر بها حمو انذاك. وأوضح (صحيح انني شاركت بالمعركة شخصيا لكني كنت اتحصن خلف دبابة واحيانا خلف صخرة.. ) ثم استدرك ( لايوجد انسان في لايختبيء من الرصاص اثناء المعارك مهما كان شجاعا..لكني شاهدت شخصا واحدا في حياتي لم يختبيء وواجه الرصاص بالوقوف على اعلى منطقة فأربك العدو ). سألته: من هو؟..اجاب بعد تردد : عبد الكريم قاسم. قلت له بامكانك سرد القصة وأعدك بأنني لن انشرها. واستأنف حديثه قائلا: في العام 1948 واثناء الحرب العربية الاسرائيلية، كنت ضابط استخبارات احد الافواج برتبة ملازم أول، وكان فوجنا منتشر الى جانب الفوج الذي يقوده المرحوم عبدالكريم قاسم، وفجأة شاهدت الفوج يتقدم باتجاه (جنين)، واغرب ما أذهلني هو ان عبدالكريم قاسم كان في المقدمة يواجه رصاص الاسرائيليين من دون ان ينحني او يختبيء بل يقف على طوله ويطلق النار عليهم ما اربكهم وشجع فوجه بالاندفاع خلفه سريعا ويحرر المدينة. هذه الحكاية تتطابق تماما مع ما رواه لي اللواء المرحوم عبدالجبار عبدالكريم احد اعضاء تنظيم الضباط الاحرار، وكان صديقا مقربا للزعيم قبل ان ينقلب عليه بعد 14 تموز لأنتمائه الى القوميين، وكثيرا ماكان يعبر لي عن ندمه على موقفه هذا بقوله (قشمرنا عبدالناصر)..وقد عرفني على لواء عبدالجبار (ابو صلاح)، الناقد والمترجم المرحوم يوسف عبدالمسيح ثروت، عندما طلب مني ذات يوم مرافقته الى مدينة الطب لزيارة صديق له من الضباط الاحرار، وحدثني ثروت اثناء الطريق بالرغم من ان هذا الضابط غير مشهور اعلاميا لكنه الوحيد الذي يعرف سر ثورة 14تموز! ، حيث يعتقد ثروت ان لثورة تموز سر لم تكشفه جميع الكتابات والمذكرات التي صدرت عنها لانهم لايعرفونه!!. كان ذلك في العام 1983 على ما اتذكر. بعد ان دخلنا الردهة وسلمنا عليه قال له ثروت (انا اعرف انك كتبت مذكراتك.. انطينياها قبل ماتموت..)، في البداية نفى عبدالجبار الامر، ومن ثم قال انها موجوده عند ابنه الذي يعيش في بولونيا، بعدها غير قوله بانه كتبها لكنه حرقها!. لاحقا تمتنت علاقتي بهذا الضابط، حيث كنت اجلب له حبوب ضغط من وحدتي العسكرية في البصرة، وعلى اثرها راح يتردد على مقهى البرلمان وتعرف عليه الكثير من الادباء. ومن بين القصص التي رواها لي عن عبدالكريم وتنظيم الضباط هي معركة تحرير (جنين)، قال انا كنت في فوج عبدالكريم قاسم برتبة ملازم اول وكنت مقرب منه كثيرا بحكم انضمامي الى تنظيم الضباط الاحرار الذي بدا به الزعيم هناك في فلسطين..وفي احد ايام اشتداد معارك حرب 48 تلقينا برقية من رئيس اركان القوات العراقية غازي الداغستاني، تطلب منا التحرك الى منطقة ...،وكان الوصول الى تلك المنطقة يتطلب عدة ايام لوجود عدة مدن محتلة تفصل بين مكاننا وتلك المنطقة ومنها مدينة (جنين) التي نتحشد على مداخلها، فجأة طلب منا قاسم الاستعداد لاقتحام (جنين)، وبدأ الهجوم وكان عبدالكريم قاسم في المقدمة يقاتل ببندقية، وكنت اشاهده يقف على اعلى صخرة او مرتفع، فيطلق الاسرائيليون عدة رصاصات وعندما يرونه لا يختبيء مثل الاخرين يهربون امامه، فيتقدم الى مكان اخر ومعه تشكيلات الفوج، وتكرر الامر عدة مرات (كان يقف لهم مثل الجني.. ويجوز عبالهم جني فهربوا..).. وبعد عدة خطوات هرب جميع الاسرائيلين.. وطلب عبدالكريم من رتل الفوج التوغل في المدينة وكان هو واقفا في مقدمة سيارة جيب كشف ممسكا بندقية تتقدم الرتل ، وعندما طلبت منه ان لايبقى واقفا في مقدمة السيارة قال لي (ما عليك اليهود جبناء بعد مايكدرون يسوون شي..). وفعلا كنا نخترق شوارع (جنين) واليهود على الجانبين يتفرجون علينا مذهولين بعد ان القوا اسلحتهم .. وصلنا المنطقة بعد 8 ساعات، وهناك خرج اللواء غازي الداغستاني وقال للزعيم ( ها ولك اشاجبك..عبالي بعد اربعة ايام ماتوصل )..فاجاب الزعيم (سيدي ذول جبناء). شرح الصور: الصورة الاولى تجمعني مع الفريق سعيد حمو اثناء الحوار. والصورة الثانية تجمع عبدالجبار عبدالكريم الذي كان برتبة مقدم "يرتدي الكاسكيته" مع الزعيم عبدالكريم قاسم وضباط اخرين زودني بها المرحوم عبدالجبار حينذاك مع صور اخرى.
ثالثا. تعليقي على ما نشره البيضاني في الفقرة اعلاه عن 1948 كان والدي عبدالجبار عبدالكريم قوميا من ايام الاعدادية والاكاديمية العسكرية في عام 1939 ولم ينقلب على عبدالكريم قاسم بل على العكس ظل مخلصا له ورفض الاشتراك في اي محاولة انقلابية ضده ولم اجد اي دليل على مشاركته في اي محاولة انقلابية ضد الزعيم ولم يرد اسمه في ايٍ من مذكرات الانقلابيين عن مؤامراتهم ضد الزعيم. كان والدي يحث الضباط القوميين على الالتفاف حول الزعيم وأن لا يتركوا المجال فقط للشيوعيين وفي مقابلات صحفية كان والدي يستعمل عبارات عن الزعيم مثل (حفظه الله ذخرا للامة العربية). بعد حرب السويس اصبح عبدالناصر بطلا قوميا انجذب اليه كل القوميين وتصوروا انه املهم في تحقيق الوحدة ولم يكن والدي الوحيد الذي انخدع بعبدالناصر. والدي كان يعنيني في (هولندا) وليس بولونيا لكنه اذا كتب مذكراته فقد اتلفها بالفعل لأني لم اجد شيئا في بيتنا بعد سقوط نظام صدام ما عدا بعض القصاصات والملاحظات على الكتب التي نشرت عن ثورة 14 تموز والزعيم في عهد صدام. وهذا امر مؤسف لأنه كان يعرف الكثير من الاسرار والاشخاص معرفة ممتازة (عبدالسلام، احمد حسن بكر وامثالهم مع اسرارهم وحياتهم الخاصة) وله ادوار مهمة في حرب فلسطين وثورة 14 تموز وانقلاب 18 تشرين ثاني وحرب حزيران. المؤسف اكثر انه لم يقم حتى بذكر ادواره ونشرها والدعاية لنفسه مما سهل للآخرين سرقة ادواره. كان قائد معركة جنين وبطلها عمر علي وقدحكمت عليه محكمة الشعب بالاعدام لاسباب تتعلق بدوره في النظام الملكي ومحاولته مقاومة ثورة 14 تموز مع آمر اللواء الاول وفيق عارف وهي المحاولة التي احبطها والدي ومن يحب قراءة ما كتبته عن هذا الموضوع سيجده على الرابط التالي: http://sadik70.tripod.com/diwan01/baghdad.htm
ستجد ايضا محاكمة الراحل عمر علي في محاضر جلسات محكمة الشعب المنشورة. كان عمر علي رجلا وطنيا ونزيها لكنه كان ملكيا اكثر من الملك. بقي عمر علي زميلا عزيزا وصديقا لوالدي رغم ان والدي كان سببا غير مباشر في اعتقاله بعد ثورة تموز. اخلاق الضباط القدامى كانت افضل من اخلاق الساسة المدنيين الذين جاؤوا بعدهم، وعلاقتهم مع بعضهم البعض لم تكن بذاك السوء. عفا عبدالكريم قاسم عن عمر علي وبقى عمر علي موضع احترام قادة العراق لحين وفاته في عام 1974 في حادث سير اودت ايضا بحياة زوجته واحدى بناته وجرح الثانية والتي اصبحت سفيرة في النرويج بعد سقوط نظام صدام. كانت شقيقة عمر علي جارتنا وابنائها وبناتها اصدقاء لنا وسكنت شقيقته وهو ايضا معنا في نفس الشارع في (شارع طه) في منطقة نجيب باشا ثم سكن لاحقا خلفنا بشارع في مدينة الضباط وسكنت شقيقته جنبنا في مدينة الضباط. كانت محاكمات قادة العهد الملكي كما عبّر عنها عبدالكريم قاسم للتنفيس ومنع سلوك انتقامي لهم ولم تكن لتنفيذ احكام الاعدام بهم ما عدا بعض من تلطخت ايديه بالدماء. وبالمناسبة كان عبدالسلام عارف ايضا مشاركا بشجاعة في معركة جنين مثلما كان والدي مشاركا بشجاعة. لا يعني ذكر ادوارهما انكارا لدور عمر علي البطولي. يجب ان نكون سعداء اذا عرفنا شيئا من تاريخ تم طمره في العهدين القومي والبعثي لا لسبب سوى أنه يمس عبدالكريم قاسم. وبالمناسبة، انا عرفت عن دور والدي في معركة جنين من صديقه المرحوم اللواء الركن كمال مصطفى علمدار عندما التقيته في لندن قبل 14 عام. واخيرا وليس آخرا كانت رتبة والدي الاخيرة عميداً وليس لواءً وهي الرتبة التي كان مرشحا اليها ويستحقها قانونيا لولا احالته على التقاعد.
رابعا. نقلا عن صفحة الصحفي عبدالستار البيضاني على الفيسبوك ماذا قال عارف والبكر بعد إعدام عبدالكريم قاسم؟ والمسؤولية التاريخية للمجرم عبد السلام عارف عن عملية قتل الزعيم ورفاقه
في تموز الماضي نشرت مقالا في صفحتي بعنوان (شهادة تنشر لأول مرة عن تحرير عبدالكريم قاسم لمدينة "جنين" )، تناولت فيه شهادة الفريق سعيد حمو، وعززته بشهادة اللواء عبدالجبار عبدالكريم احد اعضاء تنظيم الضباط الأحرار، وتطرقت فيه ايضا الى معرفتي باللواء عبدالجبار من خلال الناقد والمترجم يوسف عبدالمسيح ثروت، الذي أكد لي ان عبدالجبار الوحيد الذي يعرف سر ثورة 14 تموز وقد اصطحبني ثروت معه للقائه لغرض الحصول على مذكراته، التي انكر كتابتها او حرقها، ومن يومها كنت كلما التقيت عبدالجبار استفزه بأسئلة واحاول تدوين اجاباته بحثا عن هذا السر!، ومن ضمن تلك الأسئلة عن انقلاب 8 شباط. كان اللواء (العقيد آنذاك) عبدالجبار عبدالكريم على علاقة وثيقة مع الزعيم منذ حرب 48 حيث كان ضابطا في الفوج الذي يقوده قاسم، كما كانت علاقته جيدة بعبدالسلام محمد عارف واحمد حسن البكر، وأكد ذلك من خلال الصور التي تجمعه معهم وقد اطلعني عليها، وقد طرد عبدالجبار من الجيش وهو برتبة عقيد بسبب انتمائه للقوميين ومشاكساته الدائمة للزعيم. وكان دائما يعبر عن ندمه على موقفه ذاك، ويؤكد ان هذا موقف بعض قادة الانقلاب الذين لم يرغبوا باعدام الزعيم، ومن ضمن ما اخبرني به انه (بعد إعدام قاسم مباشرة ذهبت الى مبنى البلاط الملكي حيث كان يتواجد قادة الانقلاب، وعند دخولي المبنى التقيت احمد حسن البكر وواجهته بغضب (ابو هيثم ليش قتلتوا كريم)، أطرق البكر باكيا، ومن ثم قال لي بامتعاض ( أني ياهي مالتي ..روح أسأل صديقك)، واشار الى غرفة يتواجد فيها عبدالسلام. فدخلت عليه وكان حوله الكثيرين فواجهته بالغضب ذاته ( سلام ليش قتلت كريم؟.. ما تتذكر من كنت بالسجن كان يذهب الى عائلتك ويفطر معهم في رمضان؟..)، فواجهني عبدالسلام بعصبية قائلا ( وانت ليش ضايج؟ .. ماتتذكر الشيوعيين وسوالفهم وجرائمهم بكركوك...)، قلت له ( اذا الشعب شيوعي شنو ذنب كريم.. قابل هو سواهم شيوعيين؟ ).. عندها وقف وصاح بي (امشي ولي بدل عسكري والتحق بمعسكر الرشيد). ) عبدالجبار عبدالكريم (ابو صلاح)، الذي أحيل على التقاعد برتبة لواء عام 1970 من قبل البكر، كان يؤكد ان صدام حسين يحب عبدالكريم قاسم ولولا انه شارك في محاولة اغتياله لأمر بنصب تمثال له وسط بغداد، لكن محاولة الاغتيال هذه هي الشيء الوحيد في تاريخ صدام السياسي لذلك لايستطيع التخلي عنها، وقد تأكد صحة كلامه مؤخرا عندما ظهر تسجيل لصدام حسين يمتدح فيها الزعيم ويؤاخذ الشعب العراقي على ما فعله به.! اكتب هذه التفاصيل بامانة على ذمة اللواء عبدالجبار كما رواها لي والذي يظهر في الصورة التي اهداها لي على يسار الزعيم الراحل عبدالكريم قاسم.
خامسا. تعليقي على ما نشره البيضاني في الفقرة اعلاه عن 1963 ما ذكره والدي صحيح 100% ما عدا انه لم يطرد من الجيش بل طلب احالته على التقاعد ورفض الزعيم ذلك 3 مرات لكن والدي توسط عند احمد صالح العبدي واحيل والدي على التقاعد صيف 1961. صدر بعد انقلاب 8 شباط مرسوم جمهوري بإعادة بعض الضباط الاحرار الى الخدمة وتصدر اسم والدي القائمة لكنه رفض العودة الى الخدمة بسبب قتل الزعيم وقيام احد الجنود بالبصق على رأس الزعيم ولأن والدي ضابط منضبط ومحترف فلم يقبل ان يبصق نائب عريف على اي ضابط ناهيك على القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء وقائده السابق ورئيس تنظيم الضباط الاحرار. لا زلت اتذكر غضبه عندما اظهر الانقلابيون جثث القتلى والتمثيل بجثة الزعيم. بعد انتهاء منع التجول، رافقتُ والدي وزوجة عمي وابنها الرضيع الى السجن رقم 1 في معسكر الرشيد وذهبت مع والدي (كان بالملابس المدنية لرفضه العودة الى الخدمة) الى بوابة السجن رقم 1 وطلب والدي السماح برؤية شقيقه المعتقل هناك لكن آمر السجن حازم الصباغ (احمر الشعر والشارب الكث ولهذا لُقّب بحازم الاحمر) رفض ذلك. عندها ذهب والدي الى مقر اللواء التاسع عشر ولم ادخل معه لكنه عاد بعد عشر دقائق وهو يشتم من كان فيه من الانقلابيين الذين عاتبوه على عدم التحاقه بالخدمة وبنفس معسكر الرشيد وكان والدي مصرا على عدم العودة. في هذه الاثناء جاء العديد من الاقارب الى بيتنا ليطلبوا من والدي التوسط في اخراج ابنائهم من السجن بعد ان سمعوا اذاعة المرسوم الجمهوري في الراديو متصورين ان والدي من ضمن الانقلابيين. بعد حوالي اسبوع قرر والدي العودة الى الخدمة قائلا انه بدون البدلة العسكرية لن يستطيع مساعدة احد. دعني اضيف هنا أمرين، الاول اني رافقت والدي في معظم لقاءاته مع الانقلابيين واؤكد ان الجميع مثل احمد حسن البكر كانوا يمدحون الزعيم سرا ويشتموه علنا. وقد ذكرت هذا في ندوة في لندن مع حسن العلوي عام 2003 وهي مسجلة على شريط كاسيت. وعندما تجرأت مرة وسألت بعض هؤلاء الضباط عن سبب الانقلاب على الزعيم كانوا يقولون انه لم يكن مع الوحدة العربية ويلقون باللوم على بطانته ويقصدون وصفي طاهر وطه الشيخ احمد وعبدالكريم الجدة وهو لوم لم يستحقه هؤلاء الابطال. وكذلك على المهداوي والذي اشاركهم في بعضه وليس كله. الامر الثاني والاهم اني كنت اجادل والدي واعترض على ثورة 14 تموز وكنت على خلاف معه في كل شئ لكني وبعد دراستي المستفيضة لتاريخ العراق، اعترف ان والدي كان مصيبا في كل شئ وانا على خطأ. ومع اني اتفاجأ بما نقله عن صدام فهذا يؤكد صواب وسلامة تقييمه للاشخاص والاحداث وربما سيفخر انني اول من وضعت رابط الشريط المذكور اعلاه عن مديح صدام للزعيم في مقالتي عن دواعش 8 شباط التي ظهرت على موقع الحوار المتمدن ولاحقا في صحيفة الصباح الجديد.
سادسا. تحليلي لما حدث في دار الاذاعة في 9 شباط 1963 كنت من اوائل الذين استنتجوا بأن ما يسمى بإعدام الزعيم هي جريمة قتل مع سبق الاصرار وفقا للادلة المنشورة في مذكرات قاتليه. لكن هناك بعض الادلة غير الواضحة والتي إذا تم جمعها وتنقيتها من الشوائب منها يمكن القول بأن وصول الزعيم الى دار الاذاعة بشجاعته وعدم انهياره وبمنظره العسكري الانيق قد ادى الى تردد البعض في قتله الفوري. كتب الصحفي اليهودي العراقي مراد العماري في احدى الصحف المقدسية قائلا ان احمد حسن البكر قال للمجتمعين الذين تدالوا لبضعة دقائق عن مصير الزعيم ورفاقه، بأن الزعيم قاتل وقاوم بشجاعة ولم ينهار بأن لا يعدم فورا ويحال الى المحاكمة. لكن الرأي الغالب كان لإعدام الزعيم ورفاقه. وقد تحريت عن مصدر العماري فوجدته في ضابط متقاعد من تكريت من الجيل الذي يسبق البكر والذي استفسر من البكر عن سبب قتل الزعيم. رفضت ما كتبه مراد العماري لما عُرف عن البكر من لؤم وغدر لكن الذي اعرفه ايضا ان عبدالستار عبداللطيف صرخ بالمجتمعين في دار الاذاعة قائلا (ستقوم القيامة علينا إذا لم تقتلوه). بعد ذلك كان عبدالستار عبداللطيف يقود زوار دار الاذاعة الى حائطٍ عليه بعض بقع الدماء ويقول (هذا هو دم عبدالكريم قاسم) وقد طلب منه احمد حسن البكر ان يتوقف عن هذا السلوك. والذي اعرفه ايضا ان عبدالستار عبداللطيف كان يستمع سعيدا وهو مخمورٌ الى التسجيل الصوتي عن النقاش الحاد الذي دار مع الزعيم بعد وصوله الى دار الاذاعة ثم قيام عبدالغني الراوي بإبلاغ الزعيم بأن مجلس قيادة الثورة قرر اعدامهم ومطالبة الزعيم ورفاقه بمحاكمة ثم اطلاق الرصاص عليه وعلى رفاقه وهتافه (يحيا الشعب). لذلك ارجح ولست متأكدا من ذلك 100% ان يكون مصدر مراد العماري صادقا وإن بكاء احمد حسن البكر امام والدي كان نوعا من تأنيب الضمير الذ ي لم يملكه عبدالسلام عارف. وللانصاف قرر كل المجتمعين في دار الاذاعة وليس عبدالسلام عارف لوحده قرروا قتل الزعيم ورفاقه خوفا من استمرار المقاومة الشعبية للانقلاب ولهذا السبب اظهروا جثته وجثث رفاقه على عجل على التلفزيون ليقنعوا المقاومين بإن لا فائدة من المقاومة بعد قتل الزعيم. انا امقت عبدالسلام عارف واحمد حسن البكر لكني هنا مشغول بتحليل ما حدث حينها وليس في نشر مقتي لهذين الشخصين. انا اتفق مع من يدعي البعض بأن البكر ماكر وخداع ولكن بساطته معروفة وانا شاهد على انه كان يقدم الشاي بنفسه لضيوفه. كان هو وعبدالسلام عارف اصدقاء لوالدي وكان يعرف حياتهم الخاصة حتى في امور لا تصلح للنشر. لذلك اشك في ان سلوكه مع والدي كان خداعا خصوصا وان والدي كان يعرف عنه الكثير وساعده اثناء اعتقاله في عهد الزعيم والقصة طويلة وقد اعود اليها في وقت لاحق. كان بإمكان احمد حسن البكر ان يقدم عذرا مثل الذي قدمه عبدالسلام عارف ولم يكن بوسع والدي فعل شئ امام سلطة قتل واعدامات. ومن الجدير بالذكر ان صالح مهدي عماش قال لمسعود البارزاني بعد اتفاقية آذار 1970 انه لا يعرف كيف تم اعدام عبدالكريم قاسم مع انه كان موجودا في دار الاذاعة وفي الاجتماع الذي قرروا فيه قتل الزعيم ورفاقه. تغيّر عبدالسلام والبكر بعد ان اصبحا روساء للجمهورية وتنكرا لكل ادعائاتهم عن الوحدة العربية وفي حالة البكر لم يسلم حتى اقرب اصدقائه من القتل والاغتيال. وفي كلا الحالتين تحولت صداقتهما للوالد الى عداء سياسي وشخصي . المهم في كل هذا ان والدي ذكر ما حدث في عام 1963 ولو جمعنا كل تلكك المعلومات بدون تشنجات، ربما قد نصل الى صورة اوضح عن ما حدث في دار الاذاعة وإن كان البكر بالفعل لا يرغب في الإعدام الفوري.
والدي انت فخر لنا وللعراق كما شعرت بالفخر وانا اجد في مكتبة جامعة هارفارد ومجلة آفاق عربية شجاعتك في الدفاع عن عبدالكريم قاسم في ندوة الذاكرة التاريخية .
#علاء_الدين_الظاهر (هاشتاغ)
Alaaddin_Al-dhahir#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
8 شباط 1963 جرحٌ لا يندمل
-
الشفاء من عند الله والرزق من عند الله وكيف تقتل عقلك
-
المحاضرة الاخيرة
-
بعض الخرافات الدينية: تعال فهّم حجي احمد اغا
-
الحرب النووية الكورية بين احمقين
-
حسن العلوي في « خطى » نحو الوراء
-
بين عالمين: التنظيم والفوضى على رابطين على اليوتيوب
-
دواعش 1963 ومذكراتهم ولماذا يجب محاكمتهم
-
فرحة بعض الشيوعيين العراقين وبعض اليساريين العرب بفوز ترمب،
...
المزيد.....
-
اتفاق الهدنة بلبنان.. مؤلفة كتاب -أرض حزب الله- تبرز 3 أمور
...
-
هدوء -غير عادي- ومخاوف من تهديد حزب الله.. كيف يبدو الوضع شم
...
-
ريابكوف: على روسيا أن تعيد الأمريكيين إلى رشدهم
-
ترامب يقول إنه اتفق مع رئيسة المكسيك على وقف الهجرة والأخيرة
...
-
الجيش الإسرائيلي في بيان عاجل: يحظر عودة سكان 10 قرى جنوب لب
...
-
مستشار السيسي يحذر من ظهور فيروسات جديدة
-
ماسك يتهم موظفا سابقا في البيت الأبيض بالخيانة بسبب علاقاته
...
-
مرشحون في إدارة ترامب يتعرضون لتهديدات بالقنابل
-
صحفية: إدارة -سي بي إس- رفضت إجراء مقابلة مع ماسك دون تحرير
...
-
عوامل بيئية تزيد من خطر الإصابة بـ-كوفيد طويل الأمد-
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|