|
الطفولة العربية / اسئلة عن حياة صالحة
علي حسن الفواز
الحوار المتمدن-العدد: 1496 - 2006 / 3 / 21 - 10:17
المحور:
حقوق الاطفال والشبيبة
ان الحديث عن واقع الطفولة يمثل دائما حديثا باتجاه الحقوق وصياغاتها التربوية والتشريعية ومفهوم العائلة وما تقتضيه من شروط قهرية ازاء الطفل كونه كائنا خاضعا لقوانين الكبار الذين يخضعون بالضرورة الى السياق الاجتماعي والسياسي والاعرافي في المجتمع،،ونادرا ما نسمع حديثا عن الطفل كذات مستقلة تحتاج الى خصوصيات في التعاطي مع كينونتها الوجودية وحاجاتها الروحية التي من شأنها ان تؤكد اهمية وضع تصورات موضوعية في قراءة سايكولوجيا الشخصية الطفلية في سياق التعاطي مع بيئة اجتماعية قابلة للتغاير في اطارها الزمني وفي اطار انزياح العلاقات العامة الحاكمة للشرط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي .. ومن هنا تحمل شخصية الطفل كل منعكسات البيئة الاجتماعية التي تفرضها انماط الحياة في المكان مثلما تشترطها الحاكمية السياسية والثقافية ، وتضخها باشكال معقدة من مفاهيم الحماية الاجتماعية وسياقات التربية والتعلّم التي تجبر الطفل على الخضوع الى ايديولوجيا الاب /القائد/ المعلم/ رجل الدين وغيره من الكارزمات الفاعلة في (السستم) الاجتماعي العربي!!!! دون ان نعير اهمية قارة لتشكيل شخصية الطفل ازاء اشباعات حاجاته المخيالية والروحية والتي تتحول عند الكثيرين منهم فيما بعد الى عقد قهرية ،والى صور عصابية تهيىء البيئة المناسبة لما يسميه علماء النفس ب(الشخصية الاستعدادية) اي الشخصية التي لديها استعدادات نفسية للانحراف!! ان وقائع المجتمع العربي وصيرورة نظامه الاجتماعي الفاقد لمصدات الحماية الحقيقية ،، وتدهور النظام المؤسسي العربي المتورط في صراعات دائمة وغير متوازنة مع حيوات سياسية متضخمة!! والتي نتعاطي تداول سياقها الوجودي و الصراعي بنوع من سايكولوجيا الرهاب الذي ينعكس على كل نظمنا وعلاقاتنا الاجتماعية والثقافية وصناعة رسائلنا الاعلامية وحتى التربوية التي تتحدث بنوع من المدرسية المتعالية عن نموذج ل (طفل) محبوس في (غيتو) وغير مسموح له الاطلاع والاختلاط وكشف المستور!!وبالتالي سنسهم في تشكيل شخصية غير مشبعة ،تضج بالاسئلة المعقدة التي تتكشف امامها عبر وسائل الاعلام المتنوعة ووسائل الاتصال الاكثر اغراء !! وازاء ذلك لايمكن لاي قانون عالمي ينظم حقوق الطفل ان يحميه من تداعيات وتحولات العالم الذي يحيط به !! فضلا عن ان عالمنا العربي شهد خلال الربع الاخير من القرن الماضي ومازال حروبا دامية وتصدعات بنيوية في عمق الشخصية العربية ،والذي اسهم في تفكيك الاطار الرومانسي والتقليدي للعائلة والمدرسة والشارع واجندة الثقافة ، وانتج انماطا اكثر تعقيدا للاب والام والمعلم والقائد الاجتماعي،،،، ولعل الادهى من ذلك اقتران هذه التشكلات بنظم اقتصادية وتنموية مشوهة وغير متوازنة اسهمت في زيادة ظاهرة الفقر الاجتماعي والثقافي ،وربما افقدت العائلة ذاتها مركزيتها من خلال غياب الاب وغياب الام الدائميين جراء اتساع ظاهرة العمل خارج القوانين المهنية والانسانية وكذلك اتساع ظواهر الحروب السياسية و الاهلية التي افقدت الطفل علاقته الحميمة بالمكان والبيئة ، فضلا عن اتساع ظاهرة المنافي الاقتصادية بسبب الحاجة الى شروط انسانية للرفاهية والمعيش لم تسطتع الحكومات المحلية ان تؤمنها لمواطنيها.. ان واقع الاجحاف الذي يعيشه الطفل العربي ليس قرينا بغياب القوانين والتشريعات والكفالات الاجتماعية التي تضعها الدول في اطار شرعنتها للقوانين الاجتماعية، لان هذه القوانين مبذولة وطروحة كالمعاني على الطريق كما يقول الجاحظ ، وليس في اطار غياب او حضور بعض الاشكال الثقافية ذات العلاقة بثقافة الطفل ونماء وعيه كالمسرح والسينما وتقنيات الصورة كما يحلو للبعض ان يؤسس عليها اسئلته ،،، ولكن واقع الحال يقول عكس ذلك ،اذ الحياة لم تعد مسرحا كما يقول (يوسف وهبي ) نمارس فيه العرض !! قدر ما اصبحت في اطار قوانينها الكونية وتداخل صراعاتها المعقدة واقعا محفوفا بالكثير من المنعطفات والتجاذبات ،، مثلما ندعو حقيقة لان تكون القوانين وما اكثرها بدءا من قانون حقوق الانسان وحقوق الطفل وصولا الى(قوانين الحكومات) التي تقول علنا بحماية الطفل من كل المكاره الصحية والاخلاقية وتضمن حقه في الحياة والتعليم الاساسي وتمع استغلاله وسخرته العبرة في ان تكون اجرائية وداخلة في اطار العقد والعمل الاجتماعي وتحقيق نظام مقبول لضمان حياة مستقرة ومكفولة للطفولة ،والذي يقترن بهذا كله هو شيوع تنميات اجتماعية واقتصادية حقيقية تساعد على تنفيذ البرامج الثقافية ،وتساعد العائلة على اشباع حاجتها دون ان تفرط باطفالها في التعليم والتربية تحت ضغط العوز ...مثلما تسهم ايضا في تخصيص الميزانيات المطلوبة لتأمين مدارس نموذجية وخدمات تعليمية وثقافية تساعد في نمو شخصية الطفل بشكل سوي وبا يؤهله لان يكون شخصية فاعلة في المجتمع .. ان التعاطي مع هذه الحقائق في ضوء استحقاقاتها الانسانية والعملياتية يجعلنا نملك القدرة على تنفيذ الكثير من برامج النهوض بواقع الطفولة وتاسيس مجالات نامية في الثقافة والتعليم ونظم المعلومات بما يجعلنا امام شخصية قابلة للاندماج في المجتمع المعلوماتي المعاصر دون عقد او حساسيات ... ان الطريق الى حياة صالحة للمعيش يمر عبر صناعة هذه الحياة !! وصياغة اسسها في ضوء ما يفرضه علينا الواقع من استحقاقات ،كثيرا ما نتجاهلها ونؤجل حلولها حتى بتنا امام ركام من الاخطاء التي تركها اباء ليضرسوا بها الابناء...
#علي_حسن_الفواز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ادونيس وتهريب جائزة نوبل
-
ثقافتنا العربية اسئلة البحث عن الوجود والهوية
-
الهوية الوطنية اشكالات واسئلة الحلقة الاولى
-
اصعد قريبا من مراثيك يا عراق
-
حرية المرأة العربية وشروط الحاكمية السياسية
-
اديب كمال الدين محاولة في كتابة اللذة
-
عدت وحيدا الى وجهي
-
الثقافة العربية/ موت المركز
-
المثقف00تراجيديا الاسئلة وكوميديا الاخطاء
-
كيف نرمي الحجر على التكرار؟ كيف نصنع سؤالنا في الحداثة؟
-
مراثي الجسد
-
مطاع صفدي قراءة في اجندة المثقف الاشكالي
-
امال موسى // الكتابة بشروط
-
اعلامنا العربي حريات هاربة وحلول مؤجلة
-
جمانة حداد الكتابة عند احتمال الحرية
-
الشعرية الكوردية الجديدة انكشافات الجسد والمعنى الشاعر ئاوات
...
-
ثقافة الاستبداد اوهام الدولة وخواء النخب السياسية
-
الشاعرة رنا جعفر ياسين/ محاولة في الكتابة الحية
-
هل انتهى عصر اليسار الثقافي
-
صدمة الثقافة..اسئلة في صناعة الخيميائي
المزيد.....
-
السفير عمرو حلمي يكتب: المحكمة الجنائية الدولية وتحديات اعتق
...
-
-بحوادث متفرقة-.. الداخلية السعودية تعلن اعتقال 7 أشخاص من 4
...
-
فنلندا تعيد استقبال اللاجئين لعام 2025 بعد اتهامات بالتمييز
...
-
عشرات آلاف اليمنيين يتظاهرون تنديدا بالعدوان على غزة ولبنان
...
-
أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت.. تباين غربي وترحيب عربي
-
سويسرا وسلوفينيا تعلنان التزامهما بقرار المحكمة الجنائية الد
...
-
ألمانيا.. سندرس بعناية مذكرتي الجنائية الدولية حول اعتقال نت
...
-
الأمم المتحدة.. 2024 الأكثر دموية للعاملين في مجال الإغاثة
-
بيتي هولر أصغر قاضية في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية
-
بايدن: مذكرات الاعتقال بحث نتانياهو وغالانت مشينة
المزيد.....
-
نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة
/ اسراء حميد عبد الشهيد
-
حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب
...
/ قائد محمد طربوش ردمان
-
أطفال الشوارع في اليمن
/ محمد النعماني
-
الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة
/ شمخي جبر
-
أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية
/ دنيا الأمل إسماعيل
-
دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال
/ محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
-
ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا
...
/ غازي مسعود
-
بحث في بعض إشكاليات الشباب
/ معتز حيسو
المزيد.....
|