|
مَنْ .. و مَنْ .. و مَنْ .. ولماذا .. وإلى أين ؟
عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 5887 - 2018 / 5 / 29 - 20:30
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
مَنْ .. و مَنْ .. و مَنْ .. ولماذا .. وإلى أين ؟
مَنْ "ربّى" و "عَلّمَ" و كَرّسّ و رَسّخَ و "أسّسَ" ، لدى القسم الأكبر من طلبة الدراسة الاعدادية (بمختلف فروعها ، في العراق) ، قِيَماً و سلوكيّات وأنماط تصَرُّفٍ و قناعات ، و "أحكام مُسبَقة" ، أصبحت سائدةً في الوسط الجامعي الآن ، بحيث تسمح لهؤلاء الطلبة (بنيناً وبنات ، وفقراء وأغنياء ، ومن أُسَر متواضعة التعليم ، وأخرى عالية التعليم ، ومن مختلف المدن والمناطق والأحياء) بممارسة هذه القيم والسلوكيات تلقائيّاً كـ "جينٍ" وراثيّ (عند قبولهم في الجامعات ودراستهم فيها) ، و "تبَنِّيها" على الفورِ ، ودون تمحيص ، بعدّها السيرةٌ العاديّة لأيّ طالب ، والنظر اليها من قبل مجتمع الطلبة ،على أنّها من طبيعة الأشياء ؟. اليكم التفاصيل : - الاستخفاف بالدوام الجامعي اليومي ، وعلى امتداد العام الدراسيّ بكامل توقيتاته . - الأيمان القاطع ، منذ اليوم الأوّلِ ، بأنَ لا قيمة للعلم ، ولا قيمة للبحث ، ولا قيمة للدراسة ، ولا قيمة للمهنة ، و لا قيمة للشهادة في نهاية المطاف ، والاعتقاد الراسخ ، بأنّ العمليّة التعليميّة برِمّتها لا تزيدُ عن كونها جزءاً من العَبَث العام . - الاهتمام المُفرَطِ بالشكل والمظهر ، وبتشذيب وتصفيف الشَعْر ، وبمكياجِ الوجه ، وبهرجة الملابس ، وغرابة الأزياء والأكسسواراتِ ، قبل الاهتمام بأيِّ شيءٍ آخر ذي صلةٍ بمواد الجدول الدراسيّ .. وبكلِّ مالهُ صلة بالعملية التعليميّة بفصولها ، وتفاصيلها كافة. - الذهاب الى الكليّة مبكّرين ، و الدخول الى قاعات الدرس مُتأخرين ، وليس في يدِ الطالب غير جهاز الموبايل وعلبة السجائر ، وليس في يد الطالبة غير حقيبتها النسائية .. دون ورقةٍ أو قلَمٍ أو كتابٍ منهجيّ . - عدم التمكنّ من أصول القراءة والكتابة بحدّها الأدنى . ضعف القدرة على الاجابة عن أيّ سؤال . عدم القدرة على القراءة في الكتاب المنهجيّ (بل وعدم القدرةِ على "النقل" منه أثناء الامتحان) . الضعف الواضح في اجراء العمليات الحسابيّة الأربع . الاعتماد التام على "الملازِم" والمُلخّصات . التكاسل عن كتابة الملاحظات ، بل وعدم معرفة كيف يمكن للطالب أن يكتب الملاحظات !!!! ، والقيام عوضاً عن ذلك بتصوير ما يكتبه التدريسي على "السبّورة" ، "توفيراً للوقت والجهد والمال" !!!!!!. - الافتقار التام لشجاعة التعبير عن الرأي ، و عدم الاستعداد للإجابة عن أيّ سؤالٍ أمام الطلبة في قاعة الدرس . فقدان الثقة بالنفس ، وبالقدرات الشخصية الاعتياديّة التي يمتلكها أيّ انسان. - الايمان المطلق بأنّ الدراسة الجامعية هي مجرد لهو ، وعبث ، و "كلاوات" . وأنّ النجاح سنويّاً ، والتخرّج لاحقاً هو تحصيل حاصل ، دون الحاجة لبذل أيّ مجهودٍ جاد لتحقيق هذا الهدف. - ضعف الانضباط . نفاد الصبر . العدوانيّة . الخشونة . وضعف القدرة على الردّ اللائق على أيّ ملاحظةٍ ، والاستعداد "الطبيعيّ" للردّ الجارح على أيّ انتقاد ، أيّاً ما كان مصدره . - الإجهاد البدني والنفسي لفتيانٍ وفتياتٍ في مقتبل العمر. الإحساس الدائم بالتعَب . الشعور باليأس و تفشّي الاحباط . الذهول . شرود الذهن . الهذيان . ضعف التركيز . - القدرة على تلفيق الأعذار والمبرّرات التي لا تنطلي على أغبى المخلوقات ، واستخدام ذلك كذريعةٍ للتملّصِ من المسؤوليات والافلات من الواجبات والالتزامات الشخصية والدراسية في حدّها الأدنى . - الإساءة ، و الإصرارُ على الخطأ ، في محاولة لإلحاق الأذى بالآخرين ، سواء اكان المُستهدَفُ بذلك طالباً آخر ، أو طالبةً اخرى ، أو استاذاً ، أو أيّة جهةٍ تعملُ على لجم التصرفات والسلوكيات غير المقبولة في الوسط الجامعيّ . - الغشّ . ممارسة الغشّ . تسويغ الغشّ . الغشّ في كلّ شيء ، وممارسة ذلك دون حَرَج ، وبكلّ وسيلةٍ ممكنة . - تجاهل الطلبة لكلّ الدعوات المخلصة لتغيير هذه التصرفات والقيم والقناعات . والاستخفاف بجميع النصائح والتوجيهات الهادفة لإصلاح الخلل في "منظومة" السلوك "الانتكاسيّة" هذه ، حتّى وإنْ تمّ تقديمها من قبل اساتذة كبار ، مشهود لهم بالكفاءة وتراكم الخبرة ، والحرص والرصانة وحسن السلوك ، لطلبةٍ لم يتجاوزوا العشرينيّات من عمرهم بعد . هل توجد استثناءات انتشلَتْ نفسها من هذا "المدّ" الجارف بكلّ تفاصيله ؟ نعم توجد . ولكنها تبقى استثناءات نادرة و معزولة ، ولا تأثير يُذكَرُ لها على "أسس" القاعدة العامة ، التي تتحكمُ بـ "السيستم" كلّه . أخيراً .. أكرّر سؤالي المذكور في بداية هذا النصّ : - من هم "الجلاّدون" الحقيقيّون ، الذين يقفون وراء كلّ هذا الكمّ الهائل من "الضحايا" ، في "نظامنا" التربوي والتعليمي المتخلّفِ ، والمُخْتَلّ ؟ - أين يقفُ "أولياء أمور" الطلبة من كلّ هذا ؟ - مَنْ ، وماذا ، ولماذا ، وما هو ذلك اليقين الذي يجعل الأمّ والأب والأخ والأخت والأسرة والأهل والاقرباء ،غيرُ معنيّينَ بسلوك أبنائهم و بناتهم خارج البيت ؟ - لماذا فقدنا جميعاً حسّ الشكِّ المشروعِ بتصرفات ابناءنا عندما يُغادرون بيوتنا صباحاً ؟ . ولماذا نستنكِفُ عن سؤالهم وهم يعودون الى البيت مساءاً : أينَ كُنتم ؟ ماذا فعلتم ؟ مع من كنتم ؟ هل كان اليوم يوم دراسة ، أم يوم لهو ؟ هل أسأتم الى أحد ؟ هل أساء أحدٌ اليكم ؟ هل ذهبتم الى الكليّة فعلاً ، أم كنتم جزءاً من مأدبةٍ في مطعمٍ ، أو احتفالٍ في متنزّهٍ ، أو تسكّعاً في حديقةٍ عامة ؟ - ما الذي جعل الأمّ والأب والأخ والأخت والأسرة والأهل .. لا يخافونَ على بناتٍ في مقتبل العُمر ، و شُبّانٍ صِغارٍ ، والبلدُ يعيش في أوضاعٍ تستدعي الحذرَ والخوفَ والتَحَسُّبَ ، والتفكير بأردأ العواقب ، وأسوأ النهايات ؟ مَنْ .. و مَنْ .. و مَنْ ؟ من "ربّى" و من "عَلّمَ" ومن سمَحَ ، ومن رَسّخَ ، و من تغاضى عن كلّ تفاصيل المحنة المُرَكّبة هذه ؟ أيُّ منظومةٍ ، تربويّةٍ وتعليميّةٍ ، توفّرُ الحاضنةَ الطبيعيّة لهذا الخراب .. الأهمّ والأخطرُ من أيّ خراب ؟ مَنْ .. و مَنْ .. و مَنْ .. ولماذا .. وإلى أين ؟
ملاحظة : أعترف لكم (أوّلاً) ، بأنّني أعرف الاجابة عن الكثير من الاسئلة التي قمتُ بطرحها عليكم ، كما أعرف الأسباب العديدة التي أدّت الى تكوّنها أصلاً . كما أنّ لديّ، كما لدى غيري ، آراء و مقترحات و "رؤى" عديدةً لتصحيح واقع النظام التربوي والتعليمي في العراق . غير أنّني (ثانياً) أعترفُ لكم أيضاً ، بأنّني لا أعرف حقّاً عمّا اذا كانت هذه الحلول ، أو الآراء أو المقترحات (أو وجهات النظر) قابلةً للتطبيق في اطار البيئة العامة ، و واقع الحال الذي نعيش فصوله الآن.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليبروإسلاميّات أُموميّة في رمضان
-
كَيّاتْ و حِواراتْ و شُرْطَة في تقاطع الطُعْمَة الشهير
-
غسيل الأموال .. و تبييض الوجوه
-
ليسَ كما يجب
-
يا لها من سياسة .. يا لَهُ من عراق
-
رومانس الجوع والعطش
-
كثيرون .. كثيرون
-
لا بيتَ لك
-
التعليم في العراق : يا لها من مهنة .. يا لها من محنة .. يا ل
...
-
قصص انتخابيّة قصيرة جداً
-
هذا الخراب العميق
-
مولانا خام برنت
-
صندوق قلبي القديم
-
الطالب يتحرّى والأستاذ يشعر بالحَرّ !!!!!
-
لافتات انتخابيّة
-
حاضنات النكوص في المجتمعات المُهترئة
-
صيصان السياسة
-
عن السمسميّة العراقية و سمسميّة شيخ البزّوريّة السورية
-
قبلَ النومِ العظيم
-
ماذا سيحدث لو جاء السيّد كارلوس غصن ليعملَ في العراق؟
المزيد.....
-
هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل
...
-
في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو-
...
-
الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م
...
-
البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
-
الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
-
السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز
...
-
دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
-
ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد
...
-
تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
-
مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|