مونتريال / كندا
منطق هذه الأمة شعوبآ...... وحكوماتآ تناطح العالم ..... تحاول جاهدة وقف رياح التغيير التي لاطاقة لها بوفقها نتيجة افتقارها لركائز الشرعية ومنطق العصر.
ان أي منطق سليم لأي شخص يتحلى بقدر بسيط من الوعي لايمكنه الا أن يستشف عمق الأزمة التي تمر بها ليست الأنظمة العربية فحسب انما عموم الجماهير العربية والأسلامية المنساقة وراء هاجس المؤامرة والأستعمار والحروب الصليبية ولم يتخذ هؤلاء من التظاهرات التي عمت الغرب (الكافر) دليلآ على زيف وبطلان ادعاءهم بصليبية المعركة.
ان العرب جميعآ في أزمة حقيقية فنتيجة التراكم الزمني للظلم والدكتاتورية والبطش وافتقاد الحرية ومؤسسات المجتمع المدني والمشاركة في صنع القرار مما أدى الى تفشي ظاهرة القصور الفكري في فهم العالم والاستعداد الفطري لتقبل الافكار المتزمتة المغلفة دينيآ أو قوميآ .... فلم نعد نستحي على أنفسنا حتى من أن نتخذ من الغرب الكافر منبرآ لشتمه وفي عقر داره ونحلل دماء قادته وشعوبه, أليس هذا جحودآ وكفرآ بالنعمة ونكرانآ لجميل ...
معظم الدول العربية أخذت استقلالها منذ زمن طويل ولازلنا نعلق أسباب تخلفنا على الأستعمار والأمبريالية ولا نكلف أنفسنا أن ننظرالى ذاتنا ونسال عن الأسباب الحقيقية لهذا التخلف القوي الجذور والمتأصل بالنفوس ..... نود هنا أن نطرح دون أن نمد يد الأتهام لأي سبب كان ...... الى بعض حقائق العصر الذي يعيه معظمنا ... شبه القارة الهندية جرى تقسيمها عام 1947 على أساس ديني الى دولتين ... الهند وباكستان .... الآن وبعد أكثر من نصف قرن ماهي الحصيلة .... في الجانب الهندي نرى رسوخ جذور ما يطلق عليه أكبر ديمقراطيات العالم وبرئيس مسلم ..... أما الباكستان ... فلا حاجة بنا أن نسرد الكثير..... لنقول فقط ماهي الديمقراطية الموجودة فيها وهل شاهدنا رئيس وزراء هندي يعيش مبعدآ في السعودية ونفس الأمر حصل فيما يتعلق بماليزيا وسنغافورة .... هل سألنا أنفسنا مالسبب في الحالتين ؟ في العقد اللأخير من العقد الماضي سقطت الشيوعية ودولها ... فما الذي حصل بعد ذلك ... كل تلك البلدان أصبحت من ديمقراطيات العالم ويجري تداول السلطة فيها بسلام ووئام عن طريق صناديق الأقتراع ... ولم تتجه شعوبها الى تأييد ظواهر متطرفة موغلة في التأخر والشوفينية والحقد على البشرية مثل ظاهرة بن لادن وأمير المؤمنين جميعآ محمد عمر ....
هل يستطيع أحد أن يقول لنا أن هناك دولة اسلامية أو عربية واحدة يتمتع الأنسان فيها بحقوقه المدنية ويعيش مثل باقي البشر في الدول الصليبية أو البوذية أو الهندوسية ..... هل دولة أمير المؤمنين محمد عمر الطالبانية المتخلفة والموغلة في الأجرام ضد المسلمين أنفسهم هي النموذج الذي يبتغيه العرب والمسلمين ودعاة الجهاد الأكبر ضد قوى الكفر ...
هل سألنا أنفسنا سبب وصم المسلمين دون غيرهم بالارهاب .... وهل سألنا أنفسنا ماذا كنا سنفعل لو كانت غزوتا نيويورك وواشنطن حصلتا في احدى دولنا .... هل كنا سنرحم ملة القائمين بها .....
هل رأيتم دولة عربية أو اسلامية مدت يد العون الى شعبنا العراقي في محنته أم رأيناهم مدافعون عن جلادنا هولاكو العصر الذي اشترى السنتهم بمال أبنائنا.
هل رأيتم فرق عربية او اسلامية تهرع لأداء واجبها الأنساني عند حصول النكبات الطبيعية في بلدان العالم وهل رأينا أطباء عرب بلا حدود أو بحدود وهل رأينا هؤلاء الشيوخ أصحاب اللحى والكروش والميني دشداشة من دعاة التفرقة العنصرية والطائفية في أدغال أفريقيا ومجاهل أمريكا اللاتينية يساعدون البشرية ويدعون للاسلام بالحوار المتمدن بدلآ من الدعوة الى القتل والتدمير ... مّن دخل الاسلام وبهذه الأعداد الكبيرة في أمريكا كان بالآقناع وليس بحد السيف ..... الجهاد ليس بالقتل .... الجهاد بالتعليم ورفع المستوى المعاشي والصحي وتشريف الدين الحنيف بالقدوة الحسنة .... بالعلم والصدق والامانة ونكران الذات .... الجهاد بقيام مؤسسات المجتمع المدني التي تصون حقوق الأنسان وتشركه في صناعة القرار وتترك له حرية العبادة وخوف الله.
نحن أمة لازال معظمها يقدس ارهابيون وقتلة أمثال بن لادن وغيره من غلاة التخلف وندعو للجهاد بالقتل وفناء البشرية ... هل يجرأ احد فينا أن يراجع الذات .... وكم أتمنى أن اسمع الجواب.
ولو تحدثنا عن الانظمة السياسية العربية القائمة حاليآ رغم أنني لا أؤمن بحقي في التدخل بشؤونها عملآ بمبدأ أهل مكة أدرى بشعابها لكن تدخل القاصي والداني منهم في شؤوننا العراقية قد أعطاني بعض الحق ولو لمرة واحدة أن أتحدث عن شؤونهم ....
الأنظمة السياسية العربية القائمة حاليآ يمكن فرزها سياسيآ ... اما ملكية أو جمهورية ... واذا افترضنا أن الأنظمة الملكية بطبيعتها لاتستوجب انتخاب الملك أو الأمير أو الشيخ حيث تنتقل السلطة أما بالأرث نتيجة لمشيئة الله أو بانقلاب داخل القصر الملكي أحيانآ وبالحد الأدنى من الدم ودون الأعدامات التي باتت من صفات الآنظمة الجمهورية .... الأنظمة الملكية لاينكر منصف انجازاتها لشعوبها وهامش الحرية المسموح به قياسآ بالأنظمة الأخرى ... الا أنها بقيت شمولية التركيب وهرمية السلطة تنعدم فيها مؤسسات المجتمع المدني وحرية الرأي والمؤسسات الديمقراطية والأنتخابات النيابية الحرة النزيهة وتعدد مراكز القرار ..... رغم كل المظاهر الحضارية البراقة للكثير منها الا أنها بقيت تمارس السلطة وكأن الزمن قد توقف قبل أكثر من عشرة قرون وما على القطيع الا أن يطيع .... في الوقت الذي تطورت فيه الأنظمة المشابهة في دول كثيرة اوربية وآسيوية وتحولت الى أنظمة يتمتع فيها الآنسان بكل مظاهر الحرية والمشاركة في صنع القرار واحتفاظ الملوك بأدوار بروتوكولية دون وحدانية سلطة القرار ....
لكن تبقى مصيبتنا الأعظم بالآنظمة الجمهورية التي تزخر بخزين لاينضب من الشعارات الوطنية والقومية الجوفاء والتي لاهم لها الا الحفاظ على كرسي الرئاسة وتحت أي ظرف كان ... وقد مارست هذه الأنظمة أبشع أنواع الاضطهاد ولو بدرجات متفاوتة ولا يتمتع أحدها بأية شرعية مهما كانت صيغتها ... وقد وصل الآضطهاد الى اللغة العربية حيث تم استبدال معنى الاستفتاء بالانتخاب ولا بأس من الفوز بالنسبة الكاملة (ماكو واحد أحسن من واحد).
كما تفتق العقل العربي الجمهوري عن اختراع أنظمة جديدة للحكم يمكن تسميتها بالأنظمة "الجملكية" حيث تم دمج النظامين الملكي والجمهوري توفيرآ للطاقة ورحمة بالبيئة .... والحديث عن الانظمة "الجملكية" لاتكفيه مجلدات لسرد مآثرها وما أدت اليه في نهاية الأمر من تخلف انعكس على طريقة تفكير الانسان العربي ورؤيته للمنطق بالمقلوب وتم اقناعه بعداء البشرية له طمعآ بوقوفه الى جانبها في أشد محنها ولم تكن يومآ معه الا ظالمة له ومكبلة لحريته .... لقد أردت من هذه المقدمة أن يدرك القارئ الكريم مايجري حاليآ من زحام في ساحة السباق التي يخافها الجميع .... وبكل أسف نجحت الأنظمة في العزف المنفرد على العود وأدخلت الشعوب في دائرة الخوف مما هو قادم .... بدلآ من الأمل والرغبة في التغيير نحو مستقبل أفضل ومشاركة في صنع القرار و المصير.
الأمة التي يطلق عليها عربية ... اجتمعت في الشيخ المشروم واستنكرت مايجري من مخططات يساهم فيها بعض موقعيها وقررت ارسال وفد من أصحاب الكروش دون أن ينسوا اصطحاب عمر موسى التكريتي للذهاب الى نيويورك وواشنطن للدفاع عن دكتاتور يحتضر ولم يتشرفوا بالذهاب الى واشنطن لأسباب نعرفها لم تكسب خدودهم السمراء احمرارآ .... أليست هذه سخرية بعقل البشر ... كم كان بودي أن يستديروا بطائرتهم ويذهب هؤلاء الى العواصم "الجملكية" ابتداءآ ببغداد ويقابلوا رؤساءها ويسألونهم :
سيدي الرئيس: ارتأينا بعد صحوة الضمير أن نمثل الشارع العربي وبودنا أن نسأل سيادتكم مايلي:
1. كم مضى على وجودكم في كرسي الرئاسة ؟
2. هل تم انتخابكم ياسيادة الرئيس ؟
3. هل هناك مواطن آخر يمكنه أن يكون رئيسآ أم أن الله خلق واحدآ لاشريك له في دولتكم ؟
4. هل يمكنكم أجراء انتخابات عامة حرة وبأشراف دولي وليس عربي .... نكرر ليس عربي.
5. هل لديكم دساتير دائمة وهل يمكنكم الغاء الآحكام العرفية فورآ واطلاق الحريات.
6. سيادة الرئيس أن افضل وسيلة لابعاد أمريكا والأمبريالية والاستعمار وأعداء الدين وتطرف أصحاب اللحى ووو باستقالتكم الفورية وتسليم السلطة الى مجلس رئاسي.
7. سيادة الرئيس هل يمكنكم اصدار قانون من أين لك هذا ؟
8. أخيرآ ... هل لنا ياسيادة الرئيس أن نراك ماشيآ في الشارع دون أن تخاف أحدآ من مواطنيك وجيشآ يحميك ؟
لا أعتقد أننا سنتفاجئ بالجواب ... ومن المؤكد أننا سنضيفهم (أعضاء الوفد) الى قافلة الشهداء .....
هؤلاء القادة أيها السادة استهزأو بقلة ماخصصته الولايات المتحدة من أموال (29 مليون دولار) لتشجيع دمقرطة الأمة العربية .... بدلآ من أن يضحكوا على أنفسهم من أن تقوم دولة اخرى بتخصيص مبالغ لاشاعة وتشجيع الديمقراطية ... هاهي دول العالم في أمريكا اللاتينية وجنوب آسيا واوربا الشرقية اجتاحتها رياح الديمقراطية دون أن يخصص لها أحد سنتآ واحدآ ثمنآ لدمقرطتها ودون أن تفرج عن أي خزين من الشعارات الفارغة متهمة الامبريالية والأستعمار وقوى الكفر والشر بطمعها بثرواتها ومقدراتها.... أيها الناس ... أيها العالم ... هاهي أفريقيا يعيش فيه ستة رؤساء دول سابقون أحياء يرزقون ... الا نحن ..., فالرئيس من الكرسي الى اللحد ................. مزيدآ من الشعارات البراقة .... مزيدآ من الخطابات الرنانة وكوبونات رشاوي النفط ..... ولو كنت رئيسآ عربيآ لدفنت نقسي حيآ.
وعاشت امتنا العربية تخلفآ وفقرآ وجوعآ وظلمآ ... تا تعيش تا تعيش