حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 5886 - 2018 / 5 / 28 - 18:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إنتقاد النظام علي أساس سياساته التي تضر بشرائح إجتماعية واسعة أمر لاينبغي تجريمه ، ولاينبغي اتخاذه كمسوغ للتخوين ، وحتي وإن وصل إلي مراحل بعيدة فذلك فإن هذا الإنتقاد لايعني بأي حال من الأحوال الإقتراب من مواقف الفاشية الدينية أو اقتراف جريمة التفاهم معها علي أي شكل من الأشكال ، ولاينبغي ذلك ..
وجزء أصيل من انتقاداتنا للنظام هي الخشية من أن تؤدي سياساته إلي الإيقاع بنا مرة ثانية في شباك الفاشية الدينية ..
ذلك لإن التطرف الديني الذي تتغذي عليه الفاشية الدينية وتستمد حيويتها منه لايمكن حصره في كونه مجرد ظاهرة ثقافية أو رؤية مشوهة للدين بمعزل عن مسبباته الإجتماعية التي تشكل حاضنة لتفاعلاته ، وتربة تهئ له فرصة التخصيب عبر أزمات البطالة الناجمة عن تقلص قاعدة الإنتاج في ظل عدم وجود إقتصاد حقيقي يعتمد علي تعظيم الإنتاج الزراعي والتصنيع ، والإصرار علي انتهاج سياسات المؤسسات المالية الدولية وعلي رأسها مشروطيات صندوق النقد الدولي
.. تلك السياسات التي تؤدي إلي إجهاض كافة إمكانات توسيع "ومن ثم تعظيم" قاعدة الإنتاج المحلي والاعتماد علي وهم الرفاهية عبر تدفق رؤوس الأموال الأجنبية والإستثمار الأجنبي وهو ماأثبتته العقود الماضية ، وأثبتت - ولايزال يثبت - أنه في الحقيقة هو طريق السير نحو المزيد من الإفقار وتوسيع الفوارق بين الطبقات إلي مستوي يؤدي إلي إلحاق الهزيمة الإجتماعية والإحباط بشباب فقراء ومتوسطي الحال في المدن والريف ويتركهم فريسة لمظاهر البلطجة والعشوائية المجتمعية التي تشكل روافداً تصب في تيارات الفاشية الدينية ..
كذلك فإن تشوه وانسداد أفق الحياة السياسية الديمقراطية والتي أسست له الأنظمة السياسية للدولة المصرية عبر عقود طويلة ويصر النظام الحالي علي إبقائها كذلك وعلي تعميق هيمنة الأجهزة الأمنية علي المشاركة الشعبية الديمقراطية في المجال العام وتزايد النهج الوصائي علي كل مكونات الحياة السياسية ..
كل ذلك يخنق جميع البدائل الديمقراطية المدنية ، ويحد من حيوية الحياة المدنية المصرية ، ويشكل بيئة لاتخدم علي المدي المنظور إلا الفاشية الدينية الكامنة تحت جلد المجتمع المصري والتي تتغذي علي أزماته الإجتماعية والسياسية ..
ــــــــــــــــــــــــ
حمدى عبد العزيز
14 مايو 2018
#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟