|
العرب وسؤال الحداثة
حمزة خوري
الحوار المتمدن-العدد: 5884 - 2018 / 5 / 26 - 16:05
المحور:
المجتمع المدني
لاغرو في ان الحداثة اصبحت من بين اهم المفاهيم شيوعا واستفحالا في اوراق كتب الفكر العربية،ذلك لانها خلقت جدلا كبيرا ونزاعا ذبالا بين اطراف اجتماعية عديدة بالمجتمع العربي. لذا فهذا المقال هو ثمرة من ثمار هذا المعمعان المفاهيمي الحاد،والذي سنحاول فيه قدر الامكان الاجابة عن سؤال الحداثة والتضلع في طياتها حتى يتجلى لنا الغث من السمين وتسهل لدينا الاجابة عن سؤال اين وصل العرب في مشروع الحداثة؟
لكن وقبل الاجابة عن هذا السؤال قد يبدو من العيب ان نمضي قدما دون التعرض لكلمة الحداثة في بعدها اللغوي والاصطلاحي. فالحداثة عزيزي القارىء لا تغذوا ان تتجاوز في شقها اللغوي تلك الكلمة التي اشتقت من مصدر الحدث ويعنى بها نقيض القديم .
والحداثة في حقيقة الامر مصطلح يبرز بقوة في المجال الثقافي والفكري والتاريخي ،ويدل على مرحلة التطور التي طبعت اوروبا بشكل خاص في مرحلة العصر الحديث بمحطاته التنويرية المتعددة.ويرى البعض ان منبع الحداثة الاساس يتعدى حدود مرحلة التنوير الى ابعد ذلك في حين يكتفي البعض الاخر باقرانها في هذا الحيز الزمكاني المحدود.
ومن المؤكد ان مفهوم الحداثة فرض نفسه بشكل جلي بالوسط الفكري العالمي؛بحيث ان كبار الفلاسفة تعرضوا لهذا المصطلح تعرضا تحليليا دقيقا.فهذا كانط يعرفها قاءلا:”الحداثة هي خروج الانسان من حالة الوصايا التي تسبب فيها بنفسه والتي تمثل عجزه من استخدام فكره دون توجيه من غيره” وهذا تعريف دقيق لكلمة الحداثة ،وهو مازكاه ايضا الفيلسوف الشهير هيغل حينما ربط هو الاخر مفهوم الحداثة بالتطورات الفكرية التي طحت على سطح الواجهة الاروبية.
وعلى هذا الاساس،يمكننا القول بان الحداثة (modernity) انما هي منهج فكري شمولي عميق له ارتباط باحداث تاريخية.وهنا بامكاننا ان نجزم ان الحداثة انما هي وليدة مناخ ووسط فكري اروبي غربي محظ. ومن هذا المنطلق سنتساءل حول ماهية العلاقة التي تربط الحداثة بالعرب؟
للاجابة عن هذا السؤال لابد لنا من ادراك كيفية انتقال هذا المصطلح من الحقل المعرفي الغربي الى نظيره العربي. وواقع الحال يقول بان اشعاع مفهوم الحداثة سطع بعالمنا العربي في فترة مابعد الاستعمار،وان كانت ارهاصاته الاولى تتعدى الحقبة الكولونيالية الا ان التنظير الحقيقي لانخراط العرب في مشروع الحداثة لايصح الا بعد حصول دولها على الاستقلال السياسي من نير الاستعمار الغاشم الذي الم بها.
لقد اهتم العرب منذ الاستقلال بالحداثة و حاولوا قدر الامكان الانخراط في مسلسلها ومشروعها بشكل جدي. يظهر ذلك من خلال جملة المشاريع التنظيرية التي حملها مفكرين كبار ونذروا عمرهم لخدمتها.ولعل خير دليل على هذا الاهتمام هو ذالك الكم الكبير من الكتب التي تملا رفوف الخزانة العربية،والتي نصلت السهام لسبر اغوار الحداثة والتبحر في مميزاتها وخصوصياتها.
و الحديث عن هذا الاهتمام يجرنا بطبيعة الحال للوقوف عن اهم الرواد الذين حملو مشعل بذر قيم الحداثة بالمجتمع العربي. ونذكر منهم هنا ادونيس والجابري ومحمد اركون وعبد الله العروي اضافة الى المفكر المصري فرج فودة و غيرهم من العقول المستنيرة التي بذلت جهودا كبيرة من اجل نقل العالم العربي الى هذا المشروع الحداثي الضخم.
وتجدر الاشارة الى ان هذه الجهوذ قد عرفت اعتراضا قويا من طرف التيار الاصولي المتشدد . والذي سخر جنوده للوقوف امام هذا المشروع الحداثي.بحجة الحفاظ على قيم المجتمع .لذا نجده يحرص اشد الحرص على التحذير من مخاطرها ومغباتها. من خلال رمي منظريها بالكفر والالحاد والزندقة.
ولامندوحة لنا هنا من التاكيد على ان الحداثة عند التيار الاصولي انما هي بمثابة معول هدام جاء ليقضي على اسس مجتمعية .فهي في منظورهم اشد خطرا وفتكا على قيم الدين.وهذا اسقاط خاطىء؛لان حتمية التعارض بين الحداثة والقيم والدين منعدمة.
في بعض الاحيان يجرنا حب الفضول الى التعامل بمرونة مع عقلية التيار الاصولي و محاولةفهم موقفه المعادي للحداثة وبالاخص لروادها بالعالم العربي. و هو الامر الذي سيجعلنا نرتدي لباس الحياد والقول بان بعض المنتسبين لدعاة الحداثة للاسف لم يستطيعوا ايصالها بطريقة سليمة تلاءم قيم المجتمعات العربية وتحافظ على هويتها.
نعم،اغلب الذين يروجون للفكر الحداثي هم اناس عرضيين سطحيين استعارو لفظ الحداثة من الوسط الغربي بطريقة تافهة . اهتموا بقشورها وسفاسفها وتركوا روح الحداثة وكنهها الذي بني على المرتكزات الثلاثة المشهورة:
1-فوقية العقل
2_احترام الفكر
3-حقوق الانسان
للاسف اصبحت الحداثة عند هؤولاء السطحيين مجرد فرقعات موسمية مناسباتية لدغدغة المشاعر وتسويق الاوهام. وهو ما يجعل التيار الاصولي يقف هذا الموقف العداء. وبالتالي استحالة الانخراط في هذا المشروع الحداثي العالمي.
نحتاج في عالمنا العربيالى وضع بصمتتا والانخراط في مشروع الحداثة العالمي بطريقة عقلانية صادقة ،دون المساس بالقيم الوطنية والدينية والعرفية. نريد ابداعات انهراطية صادقة بدون نقول او ترجمات عابرة.نريد تنزيل حقيقي يوازي قيم المجتمع ،بدل تسويق الحداثة كوهم تلوكه الالسن وتدبج به
#حمزة_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
-
الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
-
11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
-
كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت
...
-
خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال
...
-
صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق
...
-
أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
-
كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ
...
-
مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
-
ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|