أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - امرأة عراقية - أوراق للحرية














المزيد.....

أوراق للحرية


امرأة عراقية

الحوار المتمدن-العدد: 422 - 2003 / 3 / 12 - 04:42
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


من أوراق امرأة عراقية      
                                                                                            
    
    تربيت على حب الناس والحرية. وهذا الحب جعلني أواجه الموت في سجون أعتى الديكتاتوريات في العالم. سجون لم يخلق مثلها الطغاة في كل انحاء العالم. بعد تجاوزي لمحنة السجن دون أن يتمكن الطغاة النيل من قيمي وحبي للوطن وللحرية وللناس، اضطررت الفرار الى هذا المنفى الهولندي الذي وفر لي ولأسرتي الأمان المفقود في وطني.
   وفي هذا المنفى الهولندي بدأت التعرف على معالم الحياة والحضارة ونمط الحياة الجديدة. وخلال العام الماضي بدأت مع أفراد عائلتي بزيارة المعالم التراثية والقديمة في هذا البلد. ومؤخراً زرنا سجناً هولندياً قديماً في مدينة دنهاخ، أصبح اليوم متحفاً يحوي ويروي ذكريات وأحداث القمع في القرون الوسطى.
    دخلنا المتحف "السجن" من باب صغير وهذا الباب الصغير من المعالم المشتركة في كل السجون، ومررنا بالدهاليز والزنزانات المتناثرة هنا وهناك. وسرعان ما خرجت لنا مرشدة المتحف التي أسميتها في داخلي بالسجانة بسبب هيئتها وطريقتها في الكلام وشرحها للزنزانات.
   ومن خلال حديث المرشدة عرفنا بأن تلك الزنزانات مبنية بشكل يراعي المستوى والانحدار الطبقي للمسجون. فزنزانات الشخصيات الأرستقراطية أكبر وأفضل من حيث الخدمة من الزنزانات التي يسجن فيها الكادحين وبسطاء الناس.
   بدأت في داخلي المقارنة بين سجون هولندا في القرون الوسطى وسجون العراق في الوقت الحاضر، وتذكرت المرارات التي عشتها في السجن وبالأخص بعد صدور حكم الإعدام بحقي.
   وقد زاد مرارتي بسبب تذكري تلك الصور البشعة للتعذيب المنتشرة في مختلف السجون العراقية. وأرى ان أساليب التعذيب في العراق أكثر "تطوراً" ووحشسيةً من أساليب تعذيب لا هولندا فحسب بل كل العالم. لقد استخدم الجلاوزة الوحوش في السجون العراقية الصدمة بالكهرباء وبالأخص على المناطق الحساسة، وقلع الأظافر والزرق بالسم وكسر الأعضاء، وتعري المرأة والضرب على أعضائها الجنسية والإغتصاب، اضافةً الى الحرب النفسية، حيث كان يقف رجل الأمن خلف الزنزانة ويسرد ما بحوزته من أكاذيب وتشويهات حول أفكار قوى المعارضة، لكن هذه الأمور لم تكن تنل من صمود أغلبية المعتقلين.
   لم تتحدث مرشدة المتحف عن كيفية تنفيذ أحكام الإعدام في المتحف الذي كان سجناً في القرون الوسطى، ولم أشأ أسألها لأن الصور الحقيقية التي رأيتها في سجن أبي غريب لا تزال ماثلة أمامي.
   كان جلاوزة السجن يقومون بحملات الإعدام يومي الأحد والأربعاء في كل اسبوع، ولم يكن يهدأ بال أحد خلال هذين اليومين لأن الجميع ينتظرون دورهم.
   في هذين اليومين كان رجال الأمن يوزعون الدجاج والفواكه وبعد ذلك يقومون مباشرةً بقراءة قائمة الذين يتم اعدامهم في ذلك اليوم، ويجري سحلهم كالخرفان نحو المقصلة. وغالباً ما يتم اعدام المجموعة التي لها قضية واحدة سوياً. كان بالإمكان  النظر من الشباك الصغير في الباب الى عملية الإعدام. أما الدجاج والفواكه فكان يبقى على حالهما. وفي الزنزانة يسمع المرء من السجناء الكثير من جرائم النظام حيث كان يجري اعدام البعض لأسباب تافهة جداً كالتستر على أحد أفراد العائلة، أو شتم رئيس الدولة. كانت البطانيات الموجودة في غرفة الإعدام ملطخة بالدم وعندما سألت المسجونين القدامى في الغرفة أبلغوني بأن رجال الأمن كانوا يطلقون الرصاص على الذين كانوا يقاومونهم عندما كان بجري أخذهم للأعدام.
   وفي سجن النساء جرى جمع المحكومات بالإعدام وبالسجن المؤبد في قسم واحد. وكان رجال الأمن يأتون للتفتيش بحثاً عن منشورات بين السجينات، ولم يكن الحال في هذا القسم أفضل من سجن الرجال.
   كنت أقارن مع نفسي بين حال سجون الوطن أو بالأحرى الوطن كله الذي أصبح سجناً كبيراً، وبين السجون الهولندية، ولم أشعر سوى باعلان المرشدة الهولندية عن انتهاء أقسام السجن.
   عندما خرجت من المتحف شعرت بطعم الحرية وأحسست بأنني خرجت للتو من المعتقل.
 
***********

النور



#امرأة_عراقية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء
- نداء امرأة عراقية: في يوم المرأة العالمي


المزيد.....




- -قريب للغاية-.. مصدر يوضح لـCNN عن المفاوضات حول اتفاق وقف إ ...
- سفارة إيران في أبوظبي تفند مزاعم ضلوع إيران في مقتل الحاخام ...
- الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لــ6 مسيرات أوكرانية في أجواء ...
- -سقوط صاروخ بشكل مباشر وتصاعد الدخان-..-حزب الله- يعرض مشاهد ...
- برلماني روسي: فرنسا تحتاج إلى الحرب في أوكرانيا لتسويق أسلحت ...
- إعلام أوكراني: دوي صفارات الإنذار في 8 مقاطعات وسط انفجارات ...
- بوليتيكو: إيلون ماسك يستطيع إقناع ترامب بتخصيص مليارات الدول ...
- مصر.. غرق جزئي لسفينة بعد جنوحها في البحر الأحمر
- بريطانيا.. عريضة تطالب باستقالة رئيس الوزراء
- -ذا إيكونوميست-: كييف أكملت خطة التعبئة بنسبة الثلثين فقط


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - امرأة عراقية - أوراق للحرية