أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شوكت خزندار - تقييم عام لبحث مكرم الطالباني عن حزب هيوا















المزيد.....



تقييم عام لبحث مكرم الطالباني عن حزب هيوا


شوكت خزندار

الحوار المتمدن-العدد: 1494 - 2006 / 3 / 19 - 11:07
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


(الشعب الكردي بحاجة إلى حزب عمل وليس إلى حزب أمل؟فهد )
مقدمة
الجزء الأول :

أقدم هنا تقييم عام لبحث مكرم الطالباني عن حزب هيوا، البحث الذي قدمته إلى القراء في حلقات متسلسلة والتي بلغت عدد حلقاتها 18 حلقة .

لقد لخص الباحث الدكتور مكرم الطالباني ، تجربته وتجربة جمعية ( داركه ر ـ الحطاب ) وثم حزب هيوا ، في الفقرة الأخيرة لبحثه القيم في ختام بحثه وقال :

(( ان تجربة حزب هيوا والاسباب التي أدت الى عدم استثمار نتائج الانتفاضة 1943 واخفاق ثورة 1945 في كردستان تثبت بما لا يقبل الشك ، ان أي حسن الظن بالامبريالية والاعتماد عليها سوف لا تكون نتائجه أحسن من النتائج التي وصل اليها حزب هيوا . ان طريق الاعتماد على الامبريالية طريق مسدود ، بينما طريق الكفاح ضدها طريق مطروق رغم عظم التضحيات التي يتطلبها . فعلى القوى القومية الكردية ان تتجنب السير في الطريق الذي سار حزب هيوا ، والذي أدى الى الاضرار بمصالح الشعب وتفككه وانحلاله . من جرّب المجرّب حلت به الندامة . ))

وبما ان صدور مؤلفه تحت عنوان ( حزب هيوا ) صادر عام 2002 أي قبل الاحتلال عام 2003 ، وانضمام قادة الاكراد الحاليين مع قوات الاحتلال الامريكي ـ البريطاني ، نبهه وحذر ، على ان طريق الاعتماد على الامبريالية طريق مسدود .

أولاً ـ نبذة مختصرة عن شخصية الدكتور مكرم الطالباني !

الدكتور مكرم الطالباني ، من المهتمين بالقضية الكردية تاريخياً ، فبالاضافة إلى انه كان أحد مؤسسي جمعية ( داركه ر ـ الحطاب) ومن الأوائل المؤسسين عندما تحول جمعية ( الحطاب ) إلى حزب هيوا في أول مؤتمر لها عام 1938 يختزن في ذاكرته وتجربته الطويلة والغوص عميقاً في جوهر القضية الكردية كاتباً وباحثاً ودارساً ، وأحتفظ بعلاقاته الطيبة مع قادة الحركة الكردية بشقيها ، الحزب الديمقراطي الكرستاني ( حدك البارزاني ) ، ولاحقاً منذ أن ظهر من على المسرح السياسي الكردي ( الاتحاد الوطني الكردستاني) بقيادة مام جلال الطالباني ، بعد أن أنشق هو وقيادته وفي المقدمة السكرتير العام لـ ( حدك ) عام 1964المرحوم إبراهيم أحمد . رغم توجيه للكثير من الانتقادات الصارمة تجاه القيادتين ( حدك وأوك ) ، وكان يختلف مع الكثير من توجهاتهم السياسية والممارسات الخاطئة لدى القيادتين الكرديتين على حد سواء .

وفي 19 ـ 20 / نيسان عام 1991 وعند حضور كل من السيدين مسعود البارزاني وجلال الطالباني عل رأس وفود حزبيهما إلى بغداد، أصرا قادة ( حدك وأوك ) على أن يكون الدكتور مكرم الطالباني ضمن وفود الكردية المفاوضة مع قادة الحكومة ورئيسها صدام حسين . رفض مكرم على أن يكون ضمن الوفد الكردي ، وطرح فكرة مشاركته في المباحثات كونه مراقباً ومساهماً ومساعدة الطرفين ، الحكومي والكردي والمشاركة في بلورة ما يتوصل اليه من الاتفاقيات بين الطرفين ... فتم الاتفاق مع مكرم على هذا الأساس .

كانت أهم مشكلة بين الطرفين ، الحكومي والكردي ، هي مشكلة كركوك ، طرح السيد مسعود البارزاني على تأجيل مشكلة كركوك كقضية قائمة تناقش مستقبلاً وذلك لخصوصية الوضع في كركوك والمعيقات التي تحول للوصول إلى اتفاق نهائي حول كركوك .

إلا أن الجانب الحكومي رفض رفضاً قاطعاً بحث قضية كركوك لا لاحقاً ولا مستقبلاً ... واتفقا الطرفان على بعض الصياغات العامة للمشاكل القائمة بين الطرفين ، اقترح الجانب الحكومي على إصدار بيان مشترك في 1/ 5 / 1991 ، رفض الوفد الكردي التوقيع على البيان المقترح من جانب الحكومة العراقية ، وقال السيد مسعود البارزاني : انهم سوف يعودون إلى كردستان ويطرحون مقترحات الحكومة العراقية على جماعتهم هناك وسوف يردون على طروحات الحكومة لاحقاً .

عند توديع الوفد الكردي إلى كردستان ، قال السيد طارق عزيز مخاطباً مسعود البارزاني ، عند عودتك إلى أربيل مّر عن طريق كركوك ، وأبكي هناك على كركوك كما بكينا نحن على القدس .؟

أجاب السيد مسعود : نحن لا نبكي على كركوك وانما نعمل من أجل إستعادة كركوك . !

بعد فترة وجيزة من عودة الوفد الكردي إلى منطقة كردستان ، زار مساعد وزير الخارجية الأمريكية كردستان ، على ما أتذكر جورجيان صاحب الجسم الضخم ( السيد حسن نصرالله يسميه بالمصارع ) . طلب المبعوث الأمريكي من الأكراد رفض أية اتفاقية مع الحكومة العراقية وتحديداً مع صدام حسين ... وهكذا توقفت الأتصالات بين الطرفين بصورة رسمية ، إلا أن الطرفين احتفظا بعلاقات معينة سراً،
فكان في بغداد يوجد مقر سري تابع لحدك في الكرادة خارج , ومقر آخر سري لجلال الطالباني وفتح كلا المقرين كانت بموافقة الحكومة العراقية .

وكان الرئيس العراقي صدام حسين ، يكلف الدكتور مكرم الطالباني بزيارة المنطقة الكردية والأتصال مع قادة الأكراد ( حدك وأوك ) حاملاً معه مقترحات وطروحات صدام حسين بهدف التواصل في العلاقات والوصول إلى اتفاقات معينة لحل المشكلة الكردية سلمياً .

كان مكرم الشخص الوحيد عند علاقات النظام مع القيادات الكردية منذ أوائل الثمانيات من القرن الماضي يلتقي مع صدام حسين شخصياً وباستمرار ، فينقل آراء وأفكار صدام إلى القيادتين الكرديتين السيد مسعود البارزاني والسيد جلال الطالباني عند سنوات العجاف ، تحديداً عند القطيعة بين الحكومة المركزية والقيادة الكردية خاصة بما عرف بالمنطقة الآمنة بعد عام 1991 . ووضع خط العرض والطول من قبل أمريكا وبريطانيا .

كان صدام حسين يبعث برسائله إلى مكرم فيكتب ( سري وشخصي ) ومكرم يطرح آراءه وأفكاره ومقترحاته في رسائل شخصية خاصة إلى صدام فيكتب ويقول ( سري وشخصي إلى صدام حسين ) .

عام 1995 ، زرت الدكتور مكرم ( كان معي بعض الرفاق ) وذلك في مسكنه الواقعة في حي البنوك في بغداد ، تحدث كثيراً عن تلك العلاقات الرسمية بينه وبين صدام حسين ، وأطلعني على عدد من تلك الرسائل المتبادلة بينه وبين صدام حسين ، أختار بعضاً من تلك الرسائل الشخصية من صدام إلى مكرم الطالباني ، ففي احدى تلك الرسائل بخط صدام يقول لمكرم :

( بلغ تحياتي للأخوة كاكه مسعود وجلال الطالباني ، ليقيموا أو يعلنوا عن دولتهم الكردية المستقلة ووعد شرف من صدام حسين ، سوف أكون أول من يعترف بدولتهم وأتبادل معهم العلاقات الدبلوماسية.) .

هذا التطور الهام لدى صدام حسين ، حدث بعد أن أصبح المنطقة الكردية شبه مستقلة عن المركز ولا أستطيع الجزم في صحة قناعات الرئيس العراقي في طروحاته الخطيرة ، إن كانت قناعة منه أم مناورة . وأنا أسجل هنا ما كان يطرحه صدام حسين في رسائله الخاصة فقط .

وللمقاربة والمقارنة من بعض القيادات البعثية ، ومن يتفق معهم من شخصيات وكتاب ، حيث ينكرون بل يحتجون حتى على استخدام أسم كردستان . ناهيك عن ذكر حق تقرير المصير وإقامة الدولة الكردية مستقبلاً ... وللأسف هناك من يقول ، عند تحرير العراق فالأكراد لا يستحقون حتى الحكم الذاتي ، فيهددون ويتوعدون الشعب الكردي وليس القيادات الكردية الحالية .

وعند مشكلة كركوك ، تحدث مكرم بشئ من التفصيل في احدى لقاءاته مع صدام حسين قال :
( صدام يقول : سوف نقسم كركوك ، من جسر خاسة وما فوق إلى الأكراد وما تبقى من محافظة كركوك ترتبط بالمركز ... ) يضيف مكرم فيقول قلت :

( يا سيادة الرئيس هل تريد بناء جدار برلين في كركوك ؟
صدام يقول : ماذا نفعل ، من خلال العمليات العسكرية ندفعهم إلى وراء الحدود وبعد أشهر قليلة ، ثلاثة أو أربعة أشهر يعودون ويمارسون نشاطاتهم العسكرية ولهم عمق 300 كيلو متر خارج حدود العراق ... وأنا مقتنع في حل القضية الكردية بالطرق السلمية ولا حل عن طريق العمليات العسكرية . )

وأنا أفسر كلام صدام حسين عند ذكر 300 كيلو متر ... يعني بالضرورة اعترافه بكردستان الكبرى بالضد من المتعصبين والشوفينيين من الذين نكروا أو ينكرون واقع الشعب الكردي ، هكذا أرى ان صدام حسين كان متقدماً في أفكاره وآرائه ليس فقط عن قيادة الدولة وحزبه حسب ، بل عن الكثير من منظري وكتاب البعث أو مؤيديهم خاصة في زمن الاحتلال ... وكلامي هذا قد لا يعجب البعض ، ولكن الحقيقة شيئ وأصحاب التعصب القومي الأعمى والطائفيون الدخلاء من شتى الاشكال والأوان ، أقصد تحديداً أحزاب الاحتلال وأذنابهم بل أذناب أذنابهم فهو شيئ آخر .

ثم تحدث الدكتور مكرم عن احدى لقاءاته مع السيد مسعود البارزاني وجلال الطالباني ، عند نقل رسالة صدام حول إقامة الدولة الكردية ، يقول جلال الطالباني لمكرم : ( ماذا طبخ لنا صدام حول إقامة الدولة الكردية ... وهل أخذ رأي الأمريكان بذلك ؟ ثم يطرح مام جلال سؤالاً إستفزازياً على مكرم قائلاً له : أستاذ مكرم ، ماذا يعني حزب البعث العربي الاشتراكي ؟

( يجب مكرم الطالباني فيقول لمام جلال : حزب البعث يعني الاتحاد الوطني الكردستاني وصدام يعني جلال الطالباني . ! يسكت مام جلال دون أي تعليق . ) ثم استفسرت وقلت لمكرم : أين المشكلة ؟ ولماذا لا توافق القيادات الكردية على طروحات صدام حسين ؟

أجاب : ( المشكلة ليست لدى القيادات الكردية ، المشكلة هي الإدارة الأمريكية ، ! فالإدارة الأمريكية تمنع الأكراد لقبول أي حل مطروح من قبل القيادة العراقية وتحديداً من صدام حسين ! والقيادة الكردية تنفذ كل طلبات الامريكان دون نقاش أو استفسار وحتى التوضيح ، وإن خالفوا إرادة الامريكان ، سوف يكون مصيرهم كمصير المرحوم مصطفى البارزاني ... أي نقلهم جواً هم وعوائلهم إلى أمريكا مدى الحياة . )

وتوضحت هذه الحقيقة بصورة جلية ، عام 1994، عند الاشتباكات والقتال الدامي بين الطرفين ( حدك وأوك ) عقد الاتحاد الوطني الكردستاني ، ندوة سياسية في مدينة السليمانية ، كان المتحدث هو: السيد نوشيروان زعيم ( كوملة = العصبة ) المتحد مع حزب مام جلال ، وتسمية الاتحاد الوطني الكردستاني عبارة عن اتحاد الحزبين المذكورين ... خلال الندوة يسأل أحد كوادر الاتحاد الوطني فيقول لنوشيروان : لماذا نحن مع الحصار الأمريكي على العراق ؟
يجب نوشيروان : فيما لو وقفنا ضد الحصار ، علينا الرحيل ونغادر العراق وكردستان مع حقائبنا الشخصية فقط . !

اطلعتُ على وقائع ندوة السليمانية عام 1994 شخصياً من خلال شريط فيدو ، صوت وصورة ... ومن المفارقات الغريبة جداً ، يقف السيد بهاءالدين نوري ويسأل نوشيروان قائلاً له : لماذا لا تستعينوا وتجلبون الشرطة الدولية لفض الاشتباك بينكم ؟

بصورة غير لائقة يجيب نوشيروان ، ويرفع يده اليمني من الاعلى إلى الأسفل ويقول لبهاءالدين نوري : أكعد ... أكعد ... هذا طلع منك وخبرتك في القيادة طيلة حياتك السياسية ؟!

حدث هذا عام 1994 من قبل أحد أبرز القيادات الشيوعية العراقية . وهناك من يسأل مستغرباً : لماذا اتفقت القيادة الشيوعية الحالية مع الإدارة الأمريكية قبل الحرب والعدوان على العراق ، عندما التقى السيد حميد مجيد موسى مع ممثل المخابرات المركزية الأمريكية ( C.I.A) ، جرى اللقاء بين الأثنين في أواخر كانون الأول لعام 2000 وأوائل كانون الثاني لعام 2001 في احدى الغرف التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية ، كشف هذا الأمر الشخصية القيادية الكردية الدكتور محمود عثمان حيث نقل نصاً : ( كنت التقي مع ممثل المخابرات المركزية الأمريكية في احدى الغرف داخل وزارة الخاجية الأمريكية ، وعند انتهاء لقائي خرجت من الغرفة وجدت في قاعة الأنتظار السيد حميد مجيد موسى ، ارتبك الرجل ونهض فوراً سقطت منه حقيبته الدبلوماسية وتبعثرت أوراقه خارج حقيبته على أرضية قاعة الأنتظار ... قلت له مبتسماً : لا ترتبك يا رجل كلنا في هذا الدرب، لمّلم حميد موسى أوراقه ودخل الغرفة والتقى مع ممثل المخابرات المركزية الأمريكية) عند مغادرة حميد موسى واشنطن عاد عن طريق لندن ، ظهر موسى على شاشة تلفزيزن ( ANN ) يوم 19/1/2001 في برنامج ( قناديل في الظلام ) مدير الندوة هو الدكتور ( محي الدين اللاذقاني ) عرف موسى نفسه كسكرتير للحزب الشيوعي العراقي . ثم أردف قائلاً : " إنه يذهب إلى أمريكا ويلتقي مع الخارجية الأمريكية والبريطانية . محي الدين اللاذقاني يسأل : ما هو موقفكم تجاه الحصار ؟

أجاب السيد حميد مجيد : (( نحن مع رفع الحصار عن العراق ، لكن بشرط أن تكون عوائد نفط العراق بيد وتحت إشراف الأمم المتحدة)). هذا الجواب كان جزء من طلبات ممثل المخابرات المركزية الأمريكية وأحد الشروط لقبوله كمعتمد لديهم هو اعلان موقفهم الرسمي عن الحصار وعوائد النفط تحت تصرف الأمم المتحدة ، فالكل ، القاصي والداني على دراية تامة ، ان الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر الأمم المتحدة ومجلس الأمن ، كأحدى الدوائر التابعة لها .

في لقائه التلفزيوني مع ( ANN ) الكثير من الاحاديث والشجون والارتباك الواضح لدى السيد موسى ... من يريد المزيد من الاطلاع على مجريات اللقاء مع موسى العودة إلى أرشيف شاشة ( ANN) بالتاريخ أعلاه .

فبعد ان كانت القيادة الشيوعية تراوغ وتحاول اللف والدوران حول موقفهم الرسمي من الحصار والعدوان على العراق ، أجبرتهم المخابرات المركزية الأمريكية في إعلان موقفهم الرسمي وعلناً كما كانت القيادات الكردية لا تخفي موقفها من الحصار والعدوان ، وكما جاء بوضوح تام من على لسان نوشيروان كما أسلفت .

وبعد العدوان والاحتلال اندمجت القيادة الشيوعية الحالية مع القوات الامريكية المحتلة ، وحتى عند هذا الحد ، لم تحظ القيادة الشيوعية بالرعاية الامريكية من الدرجة الثالثة من الاسياد .

هذه هي نتاج التحريفية السوفيتية في تربية وصقل قياداتنا الشيوعية وللامانة التاريخية أثبت وأنوه هنا ، كنت قد سمعت ولأول مرة ، كلمة التحريفية السوفيتية على لسان القائد الشيوعي البارز والمعروف ، منصور حكمت ، ولم أخف شعوري بالمرارة آنذاك عندما سمعت منه عبارة ( التحريفية السوفيتية ) ، ولم أكن أوافقه ، بل كنت مستاءً من تلك العبارة . ولم نكن نجرأ في التفوه بتلك العبارة ، أي التحريفية السوفيتية ... فالحياة زكت طروحات منصور حكمت ، فتحية الأكبار والاجلال له ولنظرته الثاقبة أقول هذا بعد هذه السنوات الطويلة.

ومكرم الطالباني إنسان يتسم بالجراءة الفائقة والصراحة المعهودة...
لقد انتقد بشدة المرحوم مصطفى البارزاني عند عودته إلى الوطن بعد ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 ، وبعد أن تولى البارزاني رئاسة الحزب الديمقراطي الكردستاني ، بعد الإطاحة بقيادة السكرتير العام لـ ( حدك ) المحامي المرحوم ، حمزة عبدالله عام 1959 وبعد أن اختلف البارزاني مع ثورة تموز والشهيد الزعيم عبدالكريم قاسم ، قال الدكتور مكرم وجهاً لوجه للمرحوم مصطفى البارزاني قائلاً له :
( لو قضيت 13 عاماً في " قره تبه " كان أفضل لك من أن تعيش 13 عاماً في الاتحاد السوفيتي ) . هكذا كان مكرم لا يخفي آراءه وأفكاره تجاه أي كان .

وكان مكرم هو الذي نفذ قانون الاصلاح الزراعي وتوزيع أراضي كبار الاقطاعيين الأكراد في كردستان العراق عام 1961 بالضد من رغبة وطلبات كبار الأقطاعيين الأكراد وزياراتهم المتكررة إلى بغداد ودعوتهم لإلغاء قانون الإصلاح الزراعي أو تأجيل تنفيذ قانون الإصلاح ولو بصورة مؤقتة ، فترأس مكرم وفداً كبيراً من الوزارة وزار كردستان وأشرف بنفسه على تنفيذ قانون الإصلاح ووزع الأراضي على الفلاحين ، عندما كان مفتشاً عاماً في وزارة الاصلاح الزراعي بعد ثورة تموز عام 1958.

وهنا أريد أن أوضح المسألة التالية : ان أكبر الاقطاعيات امتلاكاً للأراضي الزراعية ومن القرى والبساتين هم بيت الجاف في كردستان العرق . وبعدهم يأتي بيت بلاسم ياسين في محافظة الكوت، وهذه المعلومة مسجلة في سجلات وزارة الزراعة والاصلاح الزراعي . وهنا يتبن ايضأ ، دور الاقطاعيات الكردية في تحطيم واجهاض الانتفاضات الكردية المسلحة بالتعاون مع الرجعية والدوائر الامبريالية وفي المقدمة الانكليز .

ومكرم كان المفاوض مع قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي مع أمين السر للقيادة البعثية المرحوم أحمد حسن البكر ، قبل أكثر من شهرين في تولي البعث السلطة في 17 / 7 / 1968م .

ومكرم الطالباني ، كان أحد المصادر الأساسية لدى قيادة الحزب الشيوعي العراقي ، عند رسم سياسات الحزب فيما يتعلق بالقضية الكردية ، وكثيراً ما كان يتقاطع أراءه وأفكاره مع رأي وأفكار القيادة الشيوعية فيما يتعلق بالقضية الكردية .

وقد خالف بشدة ، عند إقدام قيادة عزيزمحمد في المشاركة مع قوات الحكومة في الحرب والعدوان على الحركة الكردية المسلحة بقيادة المرحوم الملا مصطفى البارزاني ، عامي 1974 ـ 1975 . فكان يعتقد ويقول : إن مشاركة الحزب في الحرب ضد الأكراد ، سوف تشكل تراجعاً استراتيجياً لخط ومواقف الحزب تجاه القضية الكردية سياسياً وتنظيماً . وهذا ما حدث على أرض الواقع … ومن جانب آخر كان يرفض توجهات القيادة الكردية الرسمية بشدة ، خاصة إرتباط قيادة الحركة الكردية مع إيران الشاه والإعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية والرجعية العربية المتمثلة ببعض الكيانات العربية الرسمية .

وبسبب تعارض آراءه وأفكاره في الكثير من المواقف الرسمية للقيادة الشيوعية ، حجب عنه دون أي وجه حق ، لأنضمامه في عضوية اللجنة المركزية ، في الوقت الذي كان هنالك أعضاء في اللجنة المركزية من أشباه الأميين لا يحلون ولا يربطون مجرد لكونهم جماعة " موافج " لتوجهات عزيزمحمد ، ومن جماعة (أخرس وأطرش وأعمى ). ؟ هذا الأسلوب والتوجه المرفوض من قبل مكرم دوماً .

ففي المؤتمر الثالث للحزب الشيوعي العراقي عام 1976 ، أدرج أسم الدكتور مكرم في قائمة عزيزمحمد وتم ترشيحه لعضوية اللجنة المركزية ، بعد أن أحرج صدام حسين في احدى اجتماعات اللجنة العليا للجبهة الوطنية عزيزمحمد قائلآ : هل من المعقول ان ممثلكم ووزيركم في الحكومة ، ليس عضواً في اللجنة المركزية ، هذا ما ورد في محضر اللجنة العليا للجبهة ورئيسها صدام حسين ، وكنت الشخص الثالث في الحزب بعد عزيزمحمد وباقر إبراهيم ، أستلم وأطلع على محاضر اللجنة العليا للجبهة وأدفعها للطبع بعدد أعضاء اللجنة المركزية ، بعد ان يتم حذف العديد من المعلومات الهامة والخطيرة وحجبها عن أعضاء اللجنة المركزية ، كما كان هذا الأسلوب جاري عند طبع محاضر للمكتب السياسي . أي جماعة " موافج " . ؟
ان مسيرة هذا الرجل ودوره القومي والوطني في خدمة بلده ، تعكس مطبات وانكسارات حركتنا الوطنية ، والتي تتحمل مسؤليتها قيادات وضعت مصالحها ومن تمثل فوق مصالح الوطن والشعب .

**************

كلمة لابد منها :

وللأسف الشديد ، أقرأ بين فينة وفينة مقالات أو طروحات معينة من قبل عدد من الكتاب الشيوعيين لا يمكن الشك في إخلاصهم وحبهم للحزب وتأريخه النضالي الطويل ، المليئة بالمطبات والانكسارات والتراجعات والمراهنات الخاسرة ... وهؤلاء الرفاق يجهلون كلياً الأسرار الكامنة وراء اتخاذ القرارات ورسم السياسيات المذلة بحق القاعدة الحزبية العريضة وشبكة الكادر المتقدم في الحزب . فيصفون البوح وكشف الكثير من الخطايا ، بالروايات والأفلام الكاوبوي الأمريكي ... الخ .

إنني هنا لا أخاطب القاعدة الحزبية وشبكة الكادر المتقدمة ولا حتى أعضاء اللجنة المركزية المغفلين ... وانما عدد من الاعضاء في المكتب السياسي ، لجهلهم التام عن خلفيات وحدوث الحركة الانشقاقية في 17 / 9 / 1967م ومن هم الابطال الحقيقيون للحركة الانشقاقية ( القيادة المركزية ) .

وأثبت هنا أيضاً ، ان الأكثرية الساحقة من القاعدة الحزبية وشبكة الكادر الحزبي في صفوف الحركة الانشقاقية كانوا شيوعيون مخلصون لحزبهم ومستقبل حزبهم واسترخصوا حياتهم الغالية من أجل الأهداف النبيلة للشيوعية ، فاستشهد من استشهد وأعدم من أعدم ومن أجبر على ترك العمل السياسي من خلال الاعتقال والتعذيب الوحشي من قبل أجهزة النظام السابق وعلى يد المجرم ( ناظم كزار)
تحديداً وباوامر من صدام حسين .

ولابد هنا التنويه إلى : ان الصراع الدامي بين الحزبين ، الشيوعي والبعث كان صراعاً طبقياً حاداً ، بين ممثل البرجوازية الصغيرة وهو حزب البعث ، وبين قيادة الطبقة العاملة وهو الحزب الشيوعي العراقي ... كان قيادة صدام حسين وحزبه واعياً لهذا الصراع ، وقيادة الحزب الشيوعي كانت قد انسلخت عن الطبقة العاملة منذ أن فقد الحزب قائده " فهد " ، وكانت القيادة الشيوعية ( بعد فهد ) تسلك سلوكاً انتهازياً متذبذباً كأنها تمثل البرجوازية الصغيرة ، ولو عدنا إلى الوراء أي منذ صبيحة ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 ، وحتى اليوم تدل بصورة قاطعة انسلاخ القيادة الشيوعية عن الطبقة العاملة العراقية ... وهنا أعيد إلى الذاكرة ما كتبته في جريدة ( النضال ) وكنت أتولى اصدارها في دمشق حتى عام 1983، كتبت نصاً :

(( ان حزبنا الشوعي العراقي قد فقد الهوية الطبقية منذ زمن بعيد ، ويكاد أن يفقد الهوية الوطنية أيضاً . .. ))

وفي رسالتي المؤرخة في 18 / 9 / 1990 الموجهة إلى عزيز محمد ومكتبه السياسي كتبت نصاً : ـ

(( ان ما قام به المدعو فخري كريم منذ ان وصل إلى بيروت عام 1979 وسلمته كامل أمور قيادة الحزب ... خلافاً للنظام الداخلي للحزب بالكامل . ولا أذيع سراً أن قلت ان 90% من أعضاء وكوادر الحزب تركوا أو طردوا أو استقالو من الحزب ، كانت نتيجة منطقية لتلك السياسات والممارسات اللاشرعية واللا أصولية وخرق فظ للنظام الداخلي وقواعد العمل في حياة الحزب الداخلية . وبعكس ذلك،
جمع هذا الجمع من الوصوليين وإسناد المسؤوليات على أساس المحاباة الشخصية وتطعيم قيادة الحزب بعناصر هزيلة ومن ذوي العاهات السياسية في أكثر الاحيان ... الخ وضمنت رسالتي هذه ما كتبته في دمشق عام 1983 حول فقدان الحزب هويته الطبقية ... ))

وهنا لابد من التنويه أيضاً وللتوضيح فقط ، لما يكتبه بعض الشيوعيين الوطنيين قائلين ( لا يجوز كتابة الروايات عن القيادات من الذين ماتوا .. الخ )

إنني أتحدث عن هذه المواضيع ، لا من خلال الرويات أو السماع ، انما أروى الحقائق عن دراية وكنت لصيقاً بقمة القيادة الحزبية واستلمت السيد عزيز الحاج منذ عودته للوطن في أوائل عام 1967 وعشنا تحت سقف واحد حتى حدوث الحركة الانشقاقية في 17 / 9 / 1967 ، وبعد 40 يوماً من الحركة ( القيادة المركزية ) أي بعد حجز السيد عزيز الحاج وعضو آخر من مكتب القيادة المركزية ( خضر زاخولي ـ قتل لاحقاً على يد القيادة المركزية في كردستان منطقة برسرين ) داخل الوكر الحزبي السري ( السجن الرفاقي ) لمدة ثلاثة أيام متتالية .

فهل يصح وصف الحقائق الدامغة ، بالرويات وافلام ( الكاوبوي ) يا ترى ؟ ان الذي يريد أو يبدي حرصاً على الحزب ومستقبله عليه ان يتعرف على حقائق الأمور ، لقد قلت فيما سبق ، ان الحب الرومانسي والدروشة الحزبية ، لم ولن يخدم الحزب ، خاصة صورة الحزب الحالية .

عندما كتبت مذكراتي ، تحت عنوان ( سفر ومحطات ) لم يكن أحدهم قد فارق الحياة من الأعضاء في المكتب السياسي ، وهنا أريد الاشارة الى المرحوم زكي خيري ، لقد رجاني في وقته أن لا أذكر اسمه في كتابي بعد أن زودني بمعلومات قيمة دونتها في كتابي دون ذكر اسمه ومن اطلع على كتابي خاصة السيد عزيزمحمد يعلم جيداً ان الكثير من المعلومات الخاصة هي معلومات المرحوم زكي خيري فيما يتعلق بالمالية وموضوع فخري كريم زنكنة منذ أعوام 1976 و 1977... وأنا لا ألوم موقف المرحوم زكي خيري عندما أصر على عدم الاشارة الى اسمه ، فالمرحوم زكي كان أمين عام مساعد للحزب وأراد الحفاظ على مكانته المرموقة في الحزب وفي الوقت نفسه كان حريصاً على كشف الكثير من الأمور الخاصة خدمة لمستقبل الحزب.

والرفيقان ، باقر إبراهيم الموسوي وآرا خاجادور وهما أعضاء في المكتب السياسي سابقاً ، كانا يملكان الجرءة والصرامة بعد اعطائي معلومات قيمة ومن ثم قاما بتصحيح الكثير من المعلومات الدقيقة ولم يطلبوا مني عدم ذكر اسمائهما في كتابي .

***********

وهنا أحاول أن أقدم تقييماً شاملاً عن تجربة حزب هيوا والحركة القومية الكردية المسلحة ، وعندما أتعرض وأعود إلى الماضي البعيد لا أبغي مطلقاً الإساءة إلى أحد أطرافها اطراف هذه الحركة أو شخصياتها، وانما أريد عكس التجارب المريرة كما هي في تاريخ الحركة القومية الكردية للجيل الحالي والاجيال القادمة دون رتوش أو تزويق، وسوف أذكر الحقائق كما هي وأمل أن أوفق في تقديم صورة واضحة من تاريخ الحركة القومية الكردية المسلحة .

وإني أرى ، ان ما يجري حالياً في العراق عامة ، وعلى الساحة الكردستانية خاصة ، لا يبشر بمستقبل زاهر يخدم حقوق شعبنا الكردي الأبي في نيل الحقوق القومية المشروعة ... فالعودة وبعين فاحصة لمجمل تجربة الحركة القومية الكردية السابقة ، تؤشر في تكرار ما حدث عام 1975م وذلك في الانهيار التام للحركة القومية الكردية ، بمجرد زوال الاحتلال ولا يمكن الاعتماد على الوعود والتطمينات المقدمة من قبل الادارة الامريكية ـ البريطانية بأي حال من الاحوال ، بقدر ما تتوائم وتتماهى حركتنا القومية مع المصالح الاساسية للشعب العراقي عامة ، كحركة مكملة للنضال الوطني العام وحريصة على اواصر هذا الترابط العضوي في بناء عراق ديمقراطي تزدهر في ظله كل مكوناته الوطنية ، اي اننا يجب ان نحسم اشكالية الهوية ، يجب الاعتراف بالقومية الكردية كقومية قائمة بذاتها ولها حقوق كشعب وأمة كما للقومية العربية والأمة العربية في عراقنا وكما نريد ، وكما يجب ،أن يكون الانتماء بعيدآ عن المصالح الفئوية والحزبية ، كالأحزاب الكردية أو الأحزاب العربية ، فالوطن للجميع والمواطنون جميعاً ، مواطنون من الدرجة الأولى .

إن سيرة العديد من قادة الحركة الكردية تاريخياً مليئة بالأخطاء والنواقص منها ذاتية ومنها موضوعية وهي كثيرة ومتنوعة ومتشعبة خاصة في مجال العمل السياسي وتكون الخطورة أشد فيما لو كان هذا القائد أو ذاك من أبناء العمومة يسلك سلوكاً انتهازياً لاتقف عنده أية محرمات أو تجاوزات فضة تجاه الآخرين ، مهما كان هذا الآخر كاتباً أو مفكراً أو صحفياً صاحب رأي مستقل ، يُقمع ويتعرض إلى الأذى أو القتل عن طريق الاغتيال السياسي أو زجه في السجن أو إجراء محاكمات صورية وإصدار الاحكام الجائرة بسنوات طويلة ، كما جرى للكاتب والمؤرخ الجرئ كمال سيد قادر لمجرد كتابته مقالة أو أكثر وأبداء الرأي تجاه تصرفات هذه الشخصية السياسية أو تلك فيما لو كان تلك الشخصية تتمتع بمكانة سياسية وقيادية مرموقة . وإني أخترت أسم الكاتب والمؤرخ كمال سيد قادر بين مئات من الضحايا على أيدي القيادات الكردية منذ أيلول عام 1961 وهو بدء إنطلاقة حركتهم القومية المسلحة ... ومنذ عام 1992 ، وفي ظل المنطقة الآمنة تحت الخيمة الأمريكية ـ البريطانية زادت وبوتائر عالية أساليب القمع وكم الأفواه والأرهاب لكل من كان يرفع صوتً ناقداً طفيفا ، فيكون مصيره القمع أو السجن أو الاغتيال السياسي ... لذا أخترت حادثة كمال سيد قادر ، لأنها لاازلت طرية في اذهان أوساط واسعة بين أبناء شعبنا الكردي .

ففي الكثير من الاحيان نلاحظ أن ما تعرض له أصحاب الرأي المخالف للقيادات الكردية المهيمنة والمتسلطة على رقاب أبناء شعبنا الكردي أشد إلاماً وقسوة لما كان يتعرض إليه على يد أعداء شعبنا الكردي من قبل الانظمة العراقية المتعاقبة على مر تأريخ العراق السياسي .

ولم تتورع القيادات الكردية المتنفذة على الساحة الكردستانية من اللجوء إلى أعداء شعبنا الكردي وإستدعاء القوات الأجنبية وزجها في القتال ضد خصمه السياسي ، كما تصرفت قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني وتعاونت مع القوات الإيرانية ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني عند المعارك التي دارت بين الطرفين عام 1994 ... وبالمقابل لجأت قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني والإستعانة بقوات الحكومة المركزية في بغداد ، كما حث عام 1996 ودخول قوات الحرس الجمهوري إلى مدينة أربيل وطرد قوات الطالباني من أربيل تحت شعار أو تسمية تحرير مدينة أربيل ... تحرير مدينة كردية من الاكراد؟

ويتذكر أبناء شعبنا الكردي بمرارة ، عندما دخلت القيادة الكردية المسلحة في اتفاقيات أمنية وسياسية وعسكرية مع نظام شاه إيران لمقاتلة مقاتلي الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني ، نيابة عن قوات شاه إيران المقبور ، فكانت قوات ( حدك ـ لإيران ) بين مطرقة شاه إيران وسندان الحركة القومية الكردية المسلحة العراقية . ومنذ بدايات الاتفاقية الكردية الإيرانية عام 1962، فقدت قيادة الحركة القومية الكردية المسلحة ، قرارها السياسي والعسكري والأمني بصورة مطلقة ، وكان القرار يعود أولاً وآخراً إلى شاه إيران .

ولم تتورع القيادتان ، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني في مشاركة القوات العسكرية التركية الضخمة والاتفاق مع غلاة قادة الاتراك العنصريين الشوفينيين تجاه الكرد وكردستان والدخول معها لمحاربة قوات الحزب العمال الكردي لكردستان تركيا ( P.k.k ) فقتل وأسر الألوف من مقاتلي الحزب المذكور تحت حجج ومبررات واهية ، وهي دخول مقاتلي ( P.k.k ) أراضي كردستان العراق في الوقت الذي كانت قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني قد أتخذت من أراضي كردستان إيران ميداناً لتواجد قواتهم المسلحة وكان حدك الإيراني يقدم لهم شتى أنواع المساعدات الفنية واللوجسيتة ... وهذا ما حدث بالضبط داخل كردستان تركيا وكان الشعب الكردي في كردستان تركيا خير معين لهم في المساعدة والاحتضان في تقديم بيوتهم كمأوى لهم وتقاسموا رغيف الخبز معهم ؟!.

أن الدول المعنية كالعراق وإيران وتركيا ، كانوا يدخلون في اتفاقيات ثنائية أو ثلاثية ، عسكرية وسياسية وأمنية ضد الشعب الكردي فيحرقون الأرض والانسان دون رحمة أو شفقة عند قيام الانتفاضات المسلحة في كردستان العراق أو تركيا أو إيران ... ولأغراض سياسية وعسكرية ، كان قادة الاكراد ومن أجل استمرار تبؤهم مراكز القيادة السياسية لا يتورعون في استخدام أفضع أساليب العمل السياسي بشاعة ضد الآخرين فالاخلاق السياسية عند هكذا نوع من القيادات السياسية.. ( أقصد الكردية ) تتسم بالازدواجية اللا أخلاقية في تفسير مبدأ المساواة بين أفراد المجتمع الواحد . كما تمتاز الحركات القومية المتعصبة العنصرية المشبعة بروح العداء الصارخ تجاه القوميات الأخرى المتعايشة في وطن واحد خاصة إذا كانت القومية الأخرى الحقت قسراً بفعل القوى الخارجية المعادية لهذه القومية أو تلك ، كما فعلت وتفعل الدوائر الاستعمارية البريطانية في مراحل تأريخية معينة وهنا أعني تحديداً بعد تقاسم التركة للأمبراطورية العثمانية المندثرة من خلال اتفاقية سايكس ـ بيكو عام 1916 ، فتم تقسيم كردستان بين العراق وسورية وتركيا وفق المصالح الاستعمارية البريطانية والفرنسية .

هنا أورد مثلاً حياً لمثل هذه السلوكية السياسية ، عام 1994 عند القتال والأشتباكات بين قوات ( أوك وحدك ) ، صرح السيد جلال الطالباني حيث قال : ( نريد إلحاق كردستان العراق بتركيا الديمقراطية ) ؟ فهل يعقل ان السيد جلال الطالباني كان يجهل وضع الشعب الكردي في تركيا ... ؟ نعم انه كان يمارس السياسة ، ولكن كم جلبت تلك السياسات والممارسات اللا منطقية من مآسي وويلات لأبناء شعبا الكردي في كردستان العراق . ؟

فالعودة إلى تاريخ شعبنا الكردي السحيق من معاناة وسلب أبسط الحقوق القومية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتجريد الانسان الكردي حتى من أبجديات اللغة ، ناهيك عن حقهم لكتابة تاريخيهم وأدابها وشعرائها ، إلى ما هنالك من حقوق مكتسبة للإنسان تاريخياً لنرى كيف تعاملت العناصر القيادية التركية العنصرية المتعصبة، وفي أبشع الأشكال الشوفينية تجاه الشعب الكردي في السلوكيات والممارسات... هنا أقتبس فقرة عن ما كتبه الدكتور إسماعيل بيشيكجي في مؤلفه الموسوم ( كردستان مستعمرة دولية ـ ترجمة إلى اللغة العربية الأستاذ زهير عبد الملك ) ) في الصفحات 50ـ 51، ولابد أن أشير إلى أهمية طروحات بيشيكجي كونه أحد أبناء الشعب التركي فيقول :

(( ألقى مصطفى كمال في الثلاثينات خطاباً أمام أعضاء جمعية تاريخ تركيا شرح فيه وجهات نظره حول حروب التحرير التي خاضتها أمم البلقان ضد الإمبراطورية العثمانية . وتساءل : " لماذا خسرنا شعوب البلقان " وقدم الإجابة على هذا السؤال بنفسه مؤكداً على ان شعوب البلقان كانوا قد أسسوا معاهد للبحوث السلافية وأعدوا دراسات مفصلة عن لغاتهم وآدابها وتاريخهم وثقافتهم . وذكر بوضوح أن هذه الأعمال والمناقشات التي دارت بصددها إنما أدت إلى ولادة وعي قومي بين هذه الشعوب كان وراء ثوراتها ضد الإمبراطورية العثمانية . ))

أيضاً يتحدث إسماعيل بيشيكجي في مؤلفه الصادر عام 1990 باللغة التركية ،كتب يقول :

(( قبل 35 عاماً عندما وصلت إلى جنوب شرقي تركيا ( ديار بكر ، إشارة مني ) رأيت بعيني وشاهدت بنفسي شعباً له لغة وتاريخاً وتقاليد تختلف عما لدينا نحن الأتراك ، وهذا الشعب لا يحمل الأسم الذي يطلقه عليه الأتراك ، فهو لا يسمي نفسه أتراك الجبال وإنما يسمي نفسه نحن الأكراد .)) انتهى الأقتباس .

أما كردستان الشرقية فقد كانت خاضعة منذ القرن السابع عشر ( 1639م ) للهيمنة الفارسية . وقادة الفرس العنصريين قمعوا بصورة وحشية جميع انتفاضات الأكراد ضد الظلم وانكار أبسط الحقوق القومية المشروعة للأكراد ،من أجل نيل حقوقهم القومية وإستقلالهم الناجز في إقامة دولتهم المستقلة بقوة الحديد والنار دون وازع أو ضمير . تحت ستار الدين وبأسمه ، ففي عهد الأمبراطورية الشاهنشاهية سابقاً ، تم القضاء على جمهورية قاضي محمد الديمقراطية عام 1946، وظلت قادة الجمهورية الاسلامية تتمسك بنفس أساليب الشاه المقبور وتوجهاته ، بل وبقسوة أشد من زمن الشاه ... ففي عام 1979 سحقت انتفاضة الأكراد بوحشية وبأساليب بربرية فقصفت مدينة مهاباد التاريخية عاصمة الجمهورية الديمقراطية سابقاً ، بطائرات أف 16 الأمريكية ، تلك المدينة البطلة التي لم يتجرأ شاه إيران في قصف المدن الكردية بطائرات حربية .

كما قمعت الانتفاضات المسلحة التي نشبت في كردستان الجنوبية بقيادة الشيخ محمود البرزنجي ومن بعده الانتفاضة المسلحة في بارزان ، من قبل الحكومة العراقية الملكية الرجعية العميلة بمشاركة القوات البريطانية المدججة بشتى أنواع الأسلحة الثقيلة وطيرانها عندما كانت بريطانية تحتل العراق .

كما تم القضاء على الانتفاضة المسلحة في كردستان الشرقية أيضاً بقيادة سمكو ، والانتفاضة المسلحة قي كردستان الشمالية بقيادة الشيخ سعيد وإحسان نوري وسيد رضا . لقد قمعت كل هذه الانتفاضات في بحر من الدماء ولا سيما من خلال العمل المنسق والعمليات العسكرية المشتركة التي قادها الإمبرياليون البريطانيون وعملاؤهم الاقليميون في إيران وتركيا والعراق .

أشار الباحث الدكتور مكرم الطالباني فكتب وقال :

(( ولد حزب هيوا في المؤتمر الأول والأخير ( كونفرانس ) لجمعية دار كه ر( الحطاب ) الذي انعقد في حزيران عام 1938 في كركوك تلك الجمعية التي أسسها عدد من طلاب الثانوية المركزية بكركوك في النصف الأول من شهر أيلول عام 1937 )) .

ثم قال : (( ظهرالخلافات الفكرية والسياسية داخل الحزب التي ظهرت منذ السنوات الأولى لتأسيسه بين القيادة اليمينية للحزب برئاسة رئيس الحزب السيد رفيق حلمي وبين مجموعة من المثقفين التقدميين الذين كانوا يشكلون الأكثرية فيه ، والتي أدت إلى تأسيس ( لجنة الحرية ـ ليزنه ي ئازادي ) في بارزان من قبل عدد من الضباط التقدميين برئاسة الملا مصطفى البارزاني .))

فلابد أن أشير وأقول : منذ بدايات انبثاق جمعية ( داركه ر ـ الحطاب) ومن ثم تأسيس حزب هيوا كانت للخلافات الحادة بين أقطاب حزب هيوا ، وهو الموقف من الاستعمار البريطاني ومن الاتحاد السوفيتي ظاهرة للعيان . لذا إني أعتبر ان حزب هيوا حمل معه أسباب موته واضمحلاله في نهاية المطاف ولهذا كان ذلك شيئاً طبيعياً ولم تكن مفاجئة للمعنيين من الباحثين والدارسين لتجربة وأنشطة حزب هيوا، رغم المحاولات الحثيثة من جانب حملة الأفكار التقدمية وأنصار الاتحاد السوفيتي في ردم والقضاء على البون الشاسع بين الاتجاهين ، اليمين واليسار داخل حزب هيوا.

هنا أريد أن أشير إلى قضية في غاية الأهمية القصوى ، وهو الخطأ القاتل في توجه عدد غير قليل من قيادات حزب هيوا اليسارية الثورية ، كما يسميهم الأستاذ الباحث مكرم الطالباني ، في جعل المرحوم الملا مصطفى البازاني ، رئيساً على رأس ( لجنة الحرية )، فالمرحوم البارزاني ، لم يكن يوماً من الأيام يعتمد على الأعمال الحزبية وهو غير مقتنع أصلاً بالحياة الحزبية والتعديدية الحزبية ، فالروح الفردية والتسلط على الآخرين حتى على القيادات العشائرية وعلى الأقطاعيين ناهيك عن القيادات الحزبية كما جرت بالنسبة للجنة الحرية .

وإلى الجزء الثاني .



#شوكت_خزندار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرية لصاحب الكلمة الحرة عبده جميل اللهبي
- تلبية حقوق المرأة والمساواة هي مرآة تقدم الحضارة للمجتمعات ا ...
- بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني- الحلقة 1 ...
- بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني - الحلقة ...
- Jyllands Postenحول كاريكاتيرلصحيفة
- بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني - الحلقة ...
- بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني - الحلقة ...
- بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني الحلقة 13
- بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني - الحلقة ...
- بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني - الحلقة ...
- بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني - الحلقة ...
- بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني - ما أشبه ...
- بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني
- بحث عن حزب - هيوا - الباحث الدكتور مكرم الطالباني-4
- بحث عن حزب - هيوا - الباحث الدكتور مكرم الطالباني-3
- بحث عن حزب - هيوا - الباحث الدكتور مكرم الطالباني
- بحث في حلقات متسلسلة الباحث الدكتور مكرم الطالباني
- جلال الطالباني يفكر بالرئاسة مجدداً
- ! هل للعصفور لبن شجب وإستنكار لقرار حكومة ( المشيخة الاقطاعي ...
- لتترتفع الأصوات الحرة من أجل انقاذ كمال سيد قادر !


المزيد.....




- كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...
- محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
- لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شوكت خزندار - تقييم عام لبحث مكرم الطالباني عن حزب هيوا