أسماء سليمان
الحوار المتمدن-العدد: 1494 - 2006 / 3 / 19 - 11:02
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
بدأت شاهدتي عندما رن الهاتف الخاص بي وكان المتحدث "مديري " , طلب منى السفر آلي العريش لأراقب الانتخابات , ووافقت على الفور لأني اعشق حوار الشهداء , ولم أراعي البرتوكولات المتبعة ( سوف أسال ألا سره) كل ما فكرت به هو صديق لي والده توفى بحرب أكتوبر لطالما وجدت بعينيه سؤال , نفس التسأل الذي طرحته طفلة فلسطينية ( أبى أين أنت لقد حرموني منك , أخذوك دون أن تقبلني قبله واحدة..................), وعندما استقليت السياره كان جارى بالسياره عسكرى بالامن فى البدايه اعتقدت انه من اهالى العريش ولكن عندما تحدث عرفت ان لهجته قاهريه, تمنيت ان اتحاور معه ليحكى لى عن ما سمع من شهداء سيناء , لكنه لم يكف عن الطعام وعندما كان ياكل كنت اتذكر عسكرى الامن الذى يضرب دون رحمه اشقائه المصريين , تذكرت البرى كنت اود ان اساله هل انت برى, لكن تبلده الواضح اخافنى فمات السؤال دون ان انطق به , ولكن عندما بدات السياره عبور كوبرى الفردان بل اسمحو لى ان اطلق عليه كوبرى"الشهداء" انتابنى شعور بانى جندى يحمل سلاح ليعبر الخط الرملى , انه احساس رائع فالنصر له مذاق خاص ولكن السؤال ماذا بعد النصر , كنت اتمنى ان اسمع اغانى الشيخ امام "احنا معاك يا خليفة انور............", لم يمضى وقت طويل لاجد احد الشهداء يلوح لى ويسالنى عن رائيى بسيناء ولماذا هى صحراء, و فى ذلك الوقت شممت رائحة الشهداء انها رائحة طيبة و رايت دموعهم كنت اراهم واحاورهم , يحكوا لى عن بطلاتهم فى حرب 67 وكيف ارتوت الارض بدمائهم كيف تاهوا بهذه الصحراء ,وكان لهم امل واحد هو ان تصبح سيناء فى يوم من الايام جنة الله فى الارض , وحتى بعد حرب 73 التى رو فيها الأرض بدمائهم اكثر لم يتحقق حلمهم , وفورا جاء لى وجه صديقى ليقول جملة الفتاة الفلسطنية على لسانه "اريد ابى.........." وهو يسألني هل مات أبى لصحراء ينعم بخيرها أعدائنا , لم اقدر على ألاجابه فكل ما بمخيلتي مختلف عن ما هو الحال فعلا بسيناء , و تطلع بوجهي والد صديقي الذي لم يره ابنه الوحيد فقد استشهد هو جنين برحم أمه, فطلبت منه أن يكون مرشدي بالرحلة ووافق ولكنه قال أن رافقتك ستكونى شاهدة عيان , وقد أصبحت منذ ذلك الوقت شاهدة عيان على كل الانتهاكات التي تحدث بسيناء من بداية الطريق حتى الانتخابات و الاعتقالات , وفى بدايتي قال لي سأطرق الصحراء تقول لكي كم من شباب مصر يريد قطعة ارض فقط للعيش بكرامة, كم أسرة تعيش بمنزل واحد بل بحجرة واحدة إلا يوجد بالمحروسة جهاز للسكان لتوزيع الأرض , أم انهم يطرقوها للسياح اليهود حتى يعودوا من جديد لكن دون حرب , البيوت القليلة على الطريق بسيطة جدا بل اسمحي لي أن أقول أنها بيوت للفقراء , ثم فكر وقال لي هل تعرفي أن سيناء ملك للحزب الحاكم وليس من حق أبنائها سوى الانتفاع فقط , هل تعلمي أن الجدار العازل يبنى بأسمنت من سيناء التي تبكى كل يوم لهذا الفعل الشائن ,عندها قلت هل تدرى لماذا ورد للأسف ليس لدى أي اجابه مقنعة سوى قانون الطوارى, وفهمت بيت القصيد وبدا يتغزل بسيناء فتره عن هوائها و أرضها و سمائها كم هي اجمل من باريس الذي زارها من قبل , وبدا يروى لي عن أهلها وجمال فتياتها ورقتهم , عندها عرفت لماذا احب مصر , وبعد مناقشات عن الشهداء قال لي سوف أتركك لتعرف المزيد بنفسك وتمنى لي رحلة عمل موافقة, وحين وصلت إلى المحطة انتظرت أحد الأصدقاء ولكنه تأخر على بعض الدقائق , وكنت بالمحطة وحدي لكنى لم أخف , حتى عندما استقلينا الباص وسط مجموعة من الشباب لم أخف , كان لدى إحساس بأني اعرفهم بل بيننا صداقه وثيقة, مكثت ببيت والدة صديقي ولم أحس بأي غربة كانت تعاملني كابنتها فأليك تحياتي سيداتي, لا اقدر على وصف كم بيت به معتقل فكل البيوت تعرف جيدا مزق الاعتقالات ( الأب – الابن – الابنة –الزوجة ) حتى مشايخ القبائل , لم تعفو عنهم يد رجال المخابرات والقوات الخاصة بأي ذنب لا يعلموا كل ما يعلموه انهم مصريين , لي صديق من عائلة الكاشف روى لي أن جده الذي وقف ضد اليهود و أعلن أمام العالم أن سيناء مصرية, ولكن حفيده لم يسلم من يد رجال المخابرات ,عندما أرسل إلى الرئاسة تلغراف يعرب فيه عن الاهانه التي تعرضنا لها بعد غزو العراق وقال (أشكرك على فتح قناة السويس, أشكرك على فتح المجال الجوى و أهنئك بسقوط بغداد ), فمكث في المعتقل ما يقرب من ثلاثة شهور إكراما له من الحكومة, طبعا كان ممكن ما
يشو فش الشمس تأني, إليك تحياتي فلم نقدر على فعل ما فعلت أنت , روت لي امرأة سيناويه تقول "كنا نخبا رجال المقاومة عندنا بالبيت ذي أولادي لا دول ولأدى مكنتش اعرف انهم هيخدوا أبني الله يجازيهم" وروت أخرى وهى ترفع رئسها بكل كبرياء" يوم ما اليهود ماشوا قال لي جندي يهودي بكره المصريين يواريكم " وكان ردها :لا تنسى أنى مصرية واليوم اخذوا أبني و زوجي والله ما عملوا شي مش ممكن ناس بي حاربوا من اجل مصر يقتلوا إخوانهم المصريين,,,
أعزائي كل بيت سيناوى يحمل الكثير من الرؤيات عن بطولات حقيقية , يمكن محدش فيهم قاد الطلعه البحرية لكنهم مصريين وبيحبوا مصر , وبعد سماعى لكل هذه الرويات وكل الاعتقالات والانتهاكات التى تحدث على ارضك يا سيناء,,
فانا ادعوا كل مصرى يحب بلاده ان يذهب ليكون شاهد عيان , ليمسح دمعة شهيد ليرتب على ام فقدت ابنها فداء للوطن , اليك يا صديقى كل احترام واريد اعلامك ان اباك لم يمت ,فانه يسكن حيثما يشأ ويرسل اليك تحياته... .
#أسماء_سليمان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟