|
همسة في أذن -رجال الدولة الجدد-: رأفة بحملة الأقلام..فهم روافد لثورة التحرير
محمد المحسن
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 5877 - 2018 / 5 / 19 - 04:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قد لا أجانب الصواب إذا قلت أنّ الشرط الأساسي للعملية الديمقراطية يقتضي وجوبا إستثمار الواقع الجديد الذي أنتجته الثورة التونسية المجيدة في الرابع عشر من شهر جانفي 2011،ومن ثم الشروع في بناء مقومات الدولة الديموقراطية وتوفير شروط الإرادة السياسية بما يجعلنا نقطع مع الماضي ونؤسّس لتطوير مبادئ ثورتنا دون السقوط في إختلالات التطبيق ..؟ ولعلّ ما دفعني لإثارة هذا الموضوع هو ما يعانيه-المراسل الصحفي-بهذه الربوع من إشكاليات تقض مضجعه وتثبط في أحيان كثيرة عزيمته لا سيما إذا وجّه إنتقاداته لهذا -المسؤول أو ذاك-بهدف التنبيه لبعض الهنات التي تبدو من الواجب تداركها ومن ثم تصحيح المسار بما يخدم الصالح العام.. كلنا يعرف جسامة المسؤولية المناطة على عاتق المراسل الصحفي بإعتباره مؤتمنا على نقل الأحداث والوقائع وتشكيات المواطن دون زيادة ولا نقصان تكريسا لنهج الشفافية والوضوح الذي جاءت به ثورة الكرامة المجيدة..وكلنا يعرف كذلك أنّ سقف الحريات بعد ثورة الرابع عشر من جانفي لا يزال دون استحقاقات الثورة.. فالمراسل الصحفي- يلهث دون كلل أو ملل خلف الخبر اليقين متحديا جدار التابوهات والممنوعات الذي شيّد صرحه"البوليس الإعلامي"عبر عقدين ونيف من الزمن،واجتثته من أسسه الهشّة ثورة الكرامة.. هذا المراسل يؤسس كغيره من الإعلاميين لنهج إعلامي جديد يقطع مع الإسفاف والرداءة وينآى عن كل أشكال المحاباة والمجاملة ..هذا النهج هو الحرية الإعلامية لحملة الأقلام :مراسلون صحفيون..كتّاب..نقّاد..إلخ،وهو (نهج الحرية) الذي سيفضي حتما إلى مرحلة إنتقالية تضع الأسس الصلبة للديموقراطية والعدالة الإجتماعية والتنمية العادلة.. ومن هنا فإننا مطالبون جميعا بالإنخراط في المشهد الديموقراطي تناغما مع إيقاع الثورة التونسية الذي أطرب سكان المعمورة من فنزويلا.. إلى طنجة..دون الوقوع في مطب الإسفاف،ذلك أننا في طور بناء صرح ديموقراطي متين يستدعي منا التأسيس للتعددية الفكرية وحرية التعبير بمنآى عن مقص الرقابة وأسلوب تكميم الأفواه.. هذا المشهد الديمقراطي الذي نرومه جميعا نفيا لعهد الفساد والإستبداد، يستوجب تقبّل الرأي..والرأي الآخر و بخاصة النقد البناء بإعتباره(النقد الوجيه) ظاهرة صحية في مجتمع تتبلور آفاقه ويصبو إلى أن يكون قي مصاف الشعوب المتحضرة منتجا وخلاّقا.. وبما أنّ المراسل الصحفي عنصر فاعل في العملية الديموقراطية،فإنّ واجب حمايته وتسهيل مهمته من أوكد الضروريات،حتى يتعافى الجسم الصحفي من كل الأمراض والآفات التي نخرته طويلا زمن الفساد والإستبداد.. إلا أنّ ما نلحظه بهذه الجهة (تطاوين) في خضم استشراء ظاهرة البطالة والبؤس الإجتماعي بسبب غياب التنمية الجهوية العادلة وإهتراء البنية التحية وتدني الوعي السياسي،هو تناسل-الثوريين الجدد-الذين استنشقوا-فجأة-نسيم الحرية إثر انبلاج ثورة التحرير في الرابع عشر من شهر جانفي 2011،فتحولوا -بقدرة قادر-إلى أبطال وصناع قرار ومناضلين عتاة لهم رصيدهم النضالي عبر سنوات الجمر،ومن ثم انبروا يكيلون التهم جزافا ويردّدون بشكل ببغائي مقولات بالية لا تضيف إلى رصيد الثورة بقدر ما تعود بنا إلى الوراء زمن كانت الإتهامات فيه ترمى على أكتاف الرجال جزافا،وزورا وبهتانا،وذلك من قبيل"ذاك RCD..أو هذا من أزلام النظام البائد.."وهلم جرا ولكأنّ "هذا البعض"هو من يعود له الفضل في إنبلاج فجر الحرية،أو أنه ألهم-البوعزيزي-معاني التضحية بالنفس حد الإحتراق والتفحّم.. ولعل ما يبعث على الدهشة والإستغراب هو كذلك إيغال "هذا البعض" في النرجسية وجنون العظمة حين يتحدث عن الثورة حتى نخاله -سليل تشي غيفارا-في حين لا نعرف له رصيدا نضاليا ما قبل ثورة الكرامة الممهورة بالدّم والفداء.. وهذا يعني أنّ الثورة في تجلياتها الخلاقة أمست-كما أسلفت-لدى البعض -حصان طروادة-تمطى صهوته لتحقيق أهداف ذاتية تنآى عن الفعل النضالي الحقيقي.. و لعلّ ما يزيد الأمر سوءا هو-تشديد الخناق-على حملة الأقلام ممن يكتبون بحبر الرّوح ودم القصيدة في سبيل أن تنحى الثورة التونسية المجيدة مسلكا صحيحا ينآى بها عن الإرتجال والتسرّع ويرقى بأدبياتها إلى منصة الإحترام الدولي.. قلت هؤلاء الكتاب حاملو الأقلام الفذة،هم في كثير من الأحيان عرضة للإتهامات والمزايدات البائسة،ولكأنّ بالنظام البائد يتمظهر-أحيانا-بوجه مقنّع في محاولة يائسة للمراوغة والإلتفاف على ثورتنا الباسلة والمجيدة.. قلت هذا وقد عادت بي الذاكرة إلى الوراء وتحديدا في الأشهر القلائل الماضية حين حاولت مقابلة السيد والي تطاوين لأشرح له وضعي الإجتماعي الموغل في الآسى والألم سيما بعد رحيل إبني (24)سنة إلى نهر الأبدية حيث دموع بني البشر أجمعين،هذا بالإضافة إلى عجزي ماديا على إصدار كتابي الخامس تحت عنوان: " مرثية..لبرعم سقط في الأفول،إلا أن هذا الأخير رفض مقابلتي لأسباب-تخصه-(...) وهنا،يستبدّ بنا السؤال الحارق:كم بإسمك أيتها"الثورة" تقترف الآثام..؟ ! سأعيد تذكير "السيد الوالي" ،بأنّ الثورة توأم للحرية،ولا سبيل للمتاجرة بها أو توظيفها لغايات شخصية بائسة،سيما وأنّ القانون والأخلاق هما ركيزتان للمارسة السلمية للحرية.. ما أريد أن أقول؟ أردت القول أنّ الإعلام التونسي في مختلف أجهزته وآلياته مدعوّ إلى التوسّل بأدوات حرفية عالية وإلى الإنخراط العميق في المشهد الثوري الذي تعيشه بلادنا على إيقاع ثورة الكرامة التي انبلج صبحها في الرابع عشر من شهر جانفي 2011، وذلك لما له من دور هام في تفعيل المشهد الديموقراطي والإرتقاء به إلى مستوى أفضل من خلال معالجته لجملة من القضايا والمسائل ذات الإرتباط الحميم بهموم المواطن التونسي وشواغله بمنآى عن الرداءة والإسفاف..والمزايدات الزائفة (أعي تماما ما أقول) التي يراد بها إقصاء الأقلام الحرة وتهميشها على غرار ما فعل بي-عن قصد أو غير قصد السيد والي تطاوين وهنا أختم: ستظل الرسالة الإعلامية في تجلياتها الخلاقة من الأهمية بمكان من حيث كونها ترمي إلى مؤازرة الجهود التي يبذلها الشعب التونسي في سبيل تجاوز ترسبات"سنوات الجمر" ومن ثم الإرتقاء بطموحاته نحو الأفضل،إيمانا منّا -جميعا- بأنّ الإنتقال الديموقراطي بتونس التحرير يستوجب توفير جملة من الشروط والضمانات لعلّ من أهمها الشفافية والوضوح والنزاهة في الخطاب الإعلامي،بما من شأنه أن يقطع مع النمطية و"إعلام الزعيم" علنا ننجح في إفراز إعلام الرأي العام الذي طالما كان حلما يراودنا على إمتداد نحو ستة عقود.. على أية حال، وكما أسلفنا سنظل نعانق بكتاباتنا الصحفية أفق الحرية يحدونا أمل في أن يتحقق في المدى المنظور إعلام الرأي العام الذي طالما حلمنا به على إمتداد نحو ستة عقود..كما سنظل نكتب بحبر الروح ودم القصيدة حتى ولو رفض مسؤول جهوي هنا..أو هناك مقابلتنا.. قلت سنظل نكتب ولو لم نجد غير أظفارنا وجدران المقابر للكتابة والنشر يحدونا أمل في أن يكون المسؤول الجهوي والوطني في مستوى المسؤولية الضميرية سيما وتونس ترفل في ثوب العزة..والكرامة..وتتهودج بزهو وكبرياء في رداء الديمقراطية الذي خاطته أنامل الشهداء..كي ننعم بالحرية المشتهاة بعد أن أوغل ليلنا في الدياجير عبر عقدين ونيف من الظلم..والظلام..
#محمد_المحسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رجل أعمال بمحافظة تطاوين (الجنوب الشرقي التونسي) سليل الكرام
...
-
طبيب..حمل رسالته الطبية بنبل وإخلاص..وإنتصر للفقراء والمحتاج
...
-
حتى لا يتكرر مسلسل المفاوضات العبثية… مع الكيان الصهيوني الئ
...
-
رجل..حمل قبس الكرم والسخاء بكل نكران للذات..انتصر للفقراء..و
...
-
سفينة العودة
-
حين تصبح المقاومة الفلسطينية.. سيدة القرار
-
..حتى لا تمضي الجرائم الصهيونية دون عقاب
-
..هي ذي فلسطين الصابرة.. تفيض دما ودموعا
-
على هامش الجنون الصهيوني المتدحرج بقطاع غزة
-
حين يلامس رذاذ الدم الفلسطيني وجوهنا..تتعرى حقائقنا المخزية
-
لمسة وفاء..إجلال وإكبار لمناضل عتيد..قاوم الظلم الكافر..والق
...
-
حوار مع الشاعرة التونسية المتميزة نفيسة التريكي
-
رجال ما هادنوا الدهر يوما..عاهدوا التاريخ..وتواصَوا بالصبر ر
...
-
تصاعد حماوة الإنتخابات البلدية بتونس
-
عندما..ترقص تونس على ايقاعات الإنتخابات
-
هل ستفرز الإنتخابات البلدية القادمة رجالا بررة..يغلبون الرتق
...
-
شعرية المرأة وأنوثة القصيدة..قراءة في قصيدة: أنثى الماء..تحم
...
-
ارتفاع وتيرة الحراك الإنتخابي..والسعي المحموم لكسب رهان الإن
...
-
قراءة في قصيدة ومضات عشقية..في سماء الوطن- للشاعرة التونسية
...
-
قراءة انطباعية في قصيدة..أنثى الماء..تحمل قبسا من التحديات..
...
المزيد.....
-
كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب
...
-
شاهد ما رصدته طائرة عندما حلقت فوق بركان أيسلندا لحظة ثورانه
...
-
الأردن: إطلاق نار على دورية أمنية في منطقة الرابية والأمن يع
...
-
حولته لحفرة عملاقة.. شاهد ما حدث لمبنى في وسط بيروت قصفته مق
...
-
بعد 23 عاما.. الولايات المتحدة تعيد زمردة -ملعونة- إلى البرا
...
-
وسط احتجاجات عنيفة في مسقط رأسه.. رقص جاستين ترودو خلال حفل
...
-
الأمن الأردني: تصفية مسلح أطلق النار على رجال الأمن بمنطقة ا
...
-
وصول طائرة شحن روسية إلى ميانمار تحمل 33 طنا من المساعدات
-
مقتل مسلح وإصابة ثلاثة رجال أمن بعد إطلاق نار على دورية أمني
...
-
تأثير الشخير على سلوك المراهقين
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|