أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الفنان بقشيش وأرملته إيزيس العصرية















المزيد.....

الفنان بقشيش وأرملته إيزيس العصرية


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5876 - 2018 / 5 / 18 - 23:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الفنان بقشيش وأرملته إيزيس العصرية
طلعت رضوان
أعتقد أنّ ما فعلته الأديبة هدى يونس (أرملة الفنان الراحل محمود بقشيش) هوأشبه بما فعلته إيزيس (على سبيل المجاز) فإذا كانت إيزيس فى الأسطورة المصرية، أخذتْ على عاتقها مهمة جمع أشلاء زوجها (أوزير) كذلك فعلتْ هدى يونس التى أخذتْ على عاتقها مهمة جمع تراث زوجها (بقشيش) الذى مات قبل أنْ يجمع مقالاته ودراساته لتكون فى مجلد واحد (نظرًا لظروفه الصحية) وهوما فعلته أرملته حيث جمعتْ أعماله فى ثلاثة أجزاء، وكان الجزء الثالث بعنوان (نبض الرمز: وصوت الاحتجاج) الصادرعن هيئة الكتاب المصرية- عام2017.
وأعتقد أنّ الأديبة هدى يونس نموذج نادرلوفاء الزوجة لزوجها الراحل، فهى بعد مرور17 سنة على وفاته، مازالتْ تحرص على الذهاب إلى بورسعيد (حيث دُفن بقشيش) لتقرأ الفاتحة وتــُـوزّع (فطيرالرحمة على روحه) كما كان جدودنا المصريون يفعلون، وهذا بخلاف معاناتها فى جمع مقالاته ودراساته ولوحاته، ومعاناتها فى مراجعة بروفات الأجزاء الثلاثة، ومعاناتها مع دورالنشرلعدة سنوات.
يمكن تقسيم محاورالجزء الثالث (فى كتابات بقشيش) كالتالى:
أولا: محورالحضارة المصرية، حيث كانت عين بقشيش الفنية، تلتقط وتــُـركزعلى أعمال الفنانين الذين تأثروا بالفن المصرى، وبصفة خاصة بالنحت. فكتب عن الفنان (سميررافع) أنه رغم تأثره ببيكاسو(وماتيس) وغيرهما، فإنّ جوهرالمنحوتات المصرية القديمة (من حيث وضوح المعالم وسكونية التكوين) أوبعنى أدق ما يـُـطلق عليه: الحركة الداخلية، كما ظهرفى لوحة (الراحة)
وذكرأنّ الفنان (راغب عياد) فى لوحاته عن الأديرة يطغى اللون الرمادى المزرق، وهوما يناسب الحالة التعبيرية. كما كان ينتقى من كل الخطوط ما يتجلى فى فن الرسم المصرى القديم. ويبدوتأثيره بجماليات ذلك الفن واضحـًـا فى التكوينات، وفى كثيرمن التفاصيل.
وذكرأنّ الفنان (مصطفى عبدالمعطى) ليس تجريديـًـا بالمعنى الدقيق للكلمة، فلاتزال لوحاته مشحونة بحكايات مبهمة تنسج وجودها (من إيحات الكليم الشعبى، واللغة المصرية القديمة. وفى لوحته (البنفسجى والأحمروالأصفر) ضمّـنها كل توابل التصادم والارتطام والاشتباك. وفى لوحة (الليل) تــُـولد الدائرة من جوف الشكل الهرمى، فتنهارمساحة الأفق البنية ويعود إلى الالتماعات الضوئية.
وذكرأنّ الفنان (كمال خليفة) أبدع وجهـًـا منحوتا لامثيل له فى واقع الحياة، وقد استلهم قيم الفن المصرى القديم، خصوصـًـا (قيمة النقاء) حيث أنّ الوجه هنا لايـُـصوّرشخصـًـا بعينه، بل يـُـجسد قيمـًـا جمالية أصيلة.
وذكرأنّ الفنان محمد ناجى فى لوحاته (عن الحبشة) ظهرفيها حرارة اللون..وجرأة فى التنفيذ وفطرية فى الأداء. وبعد أنْ تركتْ مرحلة الحبشة بعض الأثرعلى عدد من اللوحات، التى أنجزها عقب عودته مثل (جنى القطن) و(عازف الأرغول ) و(الصيد بالشباك) و(بنات آمينوفيس الرابع) خفتتْ درجة الحرارة اللونية، وكان فى كل تلك الأعمال متأثرًا بالفن المصرى القديم. ويكفى الإشارة إلى أنّ ناجى أبدع لوحة (النهضة المصرية) الموجودة حاليـًـا فى مجلس الشورى، كما أنه كتب رسالة إلى شقيقته قال فيه: إننى أتمنى أنْ أعيد مجد الفن المصرى القديم، وأكون فنان مصرالقومى.
(ومع ملاحظة أننى لم أكتب عن كل الفنانين المُـتأثرين بالفن المصرى القديم وعلى رأسهم الفنان الكبيرمحمود مختارالذى كتب عنه كثيرون)
المحورالثانى: الكارثة التى حلــّـتْ بالفن التشكيلى مع زمن الانفتاح الاقتصادى، وكانت الذروة مع تولى فاروق حسنى منصب وزيرالثقافة. وأنّ الكارثة انتقلتْ من مصرإلى الدول العربية. وذكربقشيش: لابد- بكل أسف- الاعتراف بالحقيقة التى لانرضاها، وهى أنّ معظم الفنانين العرب وقعوا فى أسرالانتحال والترويج لما تطرحه الثقافة الغربية، عبرنموذجها الأورو/ أمريكى، لافرق بين قطروآخرمن الأقطارالعربية. ومن المحيط إلى الخليج، تتردّد أصداء توجهات (فنية عبثية) والكارثة الأكبرأنّ تلك التوجهات وجدتْ من يـُـروّج لها من نقاد الفن العرب، وصناع القرارالثقافى على السواء.
وفى مصرتمثلت الكارثة فيما يـُـسمى (صالون الشباب) وكان الهدف هو(اكتشاف الموهوبين) من الشباب. ومن بين الأمثلة الدالة على التغريب والابتعاد عن أى أهداف وطنية أو(حتى إنسانية) فإنه كما ذكربقشيش ((ولم يكن من باب المصادفة أنْ تكون أكثرالأعمال جذبـًـا للجوائزهى تلك الأعمال التى وصفها النقاد المصريون بتعبير((العمل الفنى المركب)) الذى جمع بين المسطح والمجسم المعمارى والنحتى...وبكل أسف كان قصرعائشة فهمى، أوما يـُـسمى بمجمع الفنون، ليكون معملا لتفريخ جيل ((فارغ لايبتغى غيرولائم الجوائز)) وهوجيل مستعد لتنفيذ ما يطلبه الوسطاء الذين يتعاملون مع المسئولين بوزارة الثقافة، لتنفيذ تعليمات صناع القرارالثقافى. وعندما كانوا يتفضلون علينا بطلب المشورة، كنا ننصحهم بأنّ طريق التغريب والتبعية لفنانى أوروبا لا أمل فيه، فكانوا لايحفلون ولايهتمون بما نقول، ويواصلون طريقــًـا لايـُـفضى إلاّ إلى الخواء...وكان من بين الأعمال المُـعبرة عن ذلك الاتجاه التغريبى، والذى أخذ شكلا شديد الغرابة والنفور، حيث كان عبارة عن ((مجموعة ضخمة من رؤوس الطيورالمذبوحة، والتى تعفنتْ بعد أيام وجلبتْ إليها الثعابين الكامنة فى حديقة القصر. واشتعل شاب آخربجنون الرغبة فى الفوزبالجائزة الكبرى، فهداه خياله المريض إلى تقديم عمل لم يسبقه أحد من قبل، حيث قـدّم (رفات ميت) والنتيجة أنّ هؤلاء الشباب (وبتشجيع من وزارة الثقافة) قد أسكرتهم ولائم الجوائز، خاصة بعد أنْ رصدتْ الوزارة المبالغ الطائلة، ومنها جائزة الدولة التقديرية، والتى لاتــُـمنح- كما هى التقاليد واللوائح- إلاّ لكبارالفنانين، وعادة يكون الفنان قد تعدى سن الستين، فإذا بها تــُـمنح لشباب صغارغيرموهوبين، وإنما مُـروّجين للتغريب. وبهذا حدث الاتفاق بين بقشبيش والفنان عزالدين نجيب.
وفى نفس السياق ذكربقشيش أنّ بعض (النقاد) هاجموا تمثال (نهضة مصر) الذى أبدعه الفنان الكبيرمحمود مختار، وهوالتمثال الذى لم ((يحدث فى تاريخ الفنون الجميلة، أنْ التف شعب من الشعوب حول تمثال كما حدث مع تمثال (نهضة مصر) ورغم ذلك فقد تصوّرأحد الدعاة الرسميين أنه بتحقيره من شأن التمثال إنما يضرب بحجرواحد عددًا من العصافير: هى التمثال والفنان الذى أبدعه والشعب الذى احتضن فكرة التمثال (ص308) وهذا الشعب تبرّع بقروشه القليلة حتى يرى التمثال قائمًـا شامخـًـا، كرمزلشموخ مصربعد ثورة برمهات/ مارس1919.
وبالرغم من أنّ بعض النقاد وصفوا أعمال الفنان صلاح طاهرمتأثرة بالمدرسة التجريدية، فإنّ بقشيش ذكرأنّ صلاح طاهراتجه نحوأنْ ((يكون نحتيـًـا، وأنّ إبداعه يتسق مع التصورالرامى إلى وصف الذاكرة المصرية، والميالة للبناء، وتظهرتجلياتها فى آثارالفن المصرى القديم والفن القبطى ومدرسة الإسكندرية)) وعن مفهوم النحت استعاربقشيش ما كتبه النحات الأمريكى الكبير(دافيد سميث:1906- 1963) الذى قال: إنّ النحت يجب أنْ يكون حرًا كالروح.. معقدًا كالحياة (ص278)
000
أما عن بقشيش (الإنسان) فإنّ أدق وصف عنه أنه تميـّـزبدرجة عالية ورفيعة فى التعفف لدرجة تقترب من (زهد) غلاة المـتصوفين، وقد انعكس هذا الزهد والتعفف فى ابتعاده (عن اللهاث) والتمسح والتزلف من أجل الحصول على أية مناصب أومنح وسفريات، بل إنّ الجائزة الوحيدة التى حصل عليها من الدولة، لم يسع إليها، ولم تــُـرشـّـحه أية جهة (فنية) وإنما كان الفضل للسيدة زوجته الأديبة هدى يونس التى قـدّمتْ أعماله للجنة الجوائز(دون علم بقشيش)
وإذا كانت صفة الزهد واحدة من مكوّنات بقشيش النفسية والعقلية، لذلك لم تكن مصادفة كتاباته الكثيرة عن فنانين، ليست لهم شهرة النجوم، ولكنهم- بجانب موهبتهم- ملكوا قدرة خارقة (على الاعتزازبالذات) و(عزة النفس) فى المرتبة الأولى وفوق كل اعتبارآخرحتى ولوكان ضد المصلحة الشخصية، وكان من بين هؤلاء الفنان (غالب خاطر) الذى كتب بقشيش عنه أنه بعد أنْ تجاوزسن الستين، فإنّ فورة الشباب لم تنطفىء عنه ((وما تزال نبرة الاحتجاج والتحدى عالية، بل زادتْ عن ذى قبل. كما واصل ما عــُـرف عنه من تعفف وانصراف عن ذوى السلطان)) فكانت نتيجة هذا التعفف والبعد عن مراكزالسلطة ((عدم إدراج اسمه ضمن المرشحين لتمثيل مصرفى المعارض الدولية- سواء بشخصه أوبإنتاجه- وكذلك استبعاده من تشكيل اللجان الفنية المختلفة)) وبالرغم من ذلك فإنه نظرًا لمكانته الفنية الرفيعة على مستوى العالم، كانت تأتيه بعض الدعوات، مثل الدعوة التى وُجــّـهتْ إليه من (متحف كنز) الذى نظــّـم معرضـًـا لآثار(توت- عنح- آمون) وكانت إدارة المتحف تريد أنْ تــُـقـدّم للشعب الألمانى فنانــًـا مصريـًـا معاصرًا، يكون مقدمة للمعرض الأثرى، فوقع الاختيارعلى غالب خاطرالذى استمرمعرضه (الخاص) ثلاثة شهور، وقــُـوبل بحفاوة كبيرة فى الإعلام الألمانى (مقال بقشيش المنشورفى مجلة القاهرة- عدد يوليو1987)
وهكذا كان بقشيش يلقى الضوء على الزهاد المُـتعففين، الذين لايسعون للمجد أوللشهرة، فإذا بالمجد والشهرة من نصيبهم.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصين وكيف حاربت الإرهاب
- هل التطبيع الساداتى / الإسرائيلى ملزم وأبدى؟
- جمهورية أفلاطون الطوباوية
- الشهورالسابقة على يوليو1952 ثقافيا وسياسيا
- متابعة كتب التراث العربى / الإسلامى
- ما الفرق بين الكهنوت الإسلامى ووزيرالتعليم؟
- أهمية قراءة كتب التراث العربى/ الإسلامى
- ما هدف المشروع الأمريكى / السعودى من (تنقية التراث)؟
- لماذا تأجيج الحرب الشيعية / السنية؟
- فائدة قراءة كتب التراث العربى/ الإسلامى
- قمم عربية أم انحدار عربى ؟
- أليس طرد اليهود من مصرعملا وطنيا؟
- هل تم دفن النشيد العروبى : أمجاد يا عرب أمجاد؟
- المقاومة السلمية وفلسفة اللاعنف
- رومانسية بعض المثقفين العرب
- بكاء لا يتوقف فى جنازة اللغة العربية
- أسطورة فناء البشر وتجاهل الأساطيرالمصرية
- انتقال التكوين الكنعانى إلى التكوين العبرى
- المثقف عندما يناقض نفسه
- تعظيم الإله فى الأساطيرالبابلية والديانة العبرية


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الفنان بقشيش وأرملته إيزيس العصرية