نجم خطاوي
الحوار المتمدن-العدد: 5876 - 2018 / 5 / 18 - 21:04
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
رغم أن نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية لم تعلن بعد بشكلها النهائي, وأن هناك جدلا كبيرا يتداول حولها، تشير الأخبار الى الصدى الكبير عراقيا وإقليميا الذي أثاره منجز تحالف سائرون الوطني والمدني والعابر للطائفية، ووسط كثرة من المؤيدين والمتضامنين والفرحين بالنتائج الأولية التي أعلنت والتي تشير الى ما تشير إليه بتجاوز المصوتين لهذا التحالف الى أكثر من مليوني صوت من المشاركين في الانتخابات، وهو رقم كبير جداً وذو معاني كثيرة خصوصاً اذا ما تم حسابه مع النسبة الغير كبيرة للمشاركين في الانتخابات وبعض الظروف السياسية التي رافقت تأخر إعلان تحالف سائرون قياساً بمسألة ترتيب التحالفات والتفاهمات السياسية ومن أجل تسجيلها رسميا في مفوضية الانتخابات، والصعوبات اللوجستية التي فرضتها شروط مفوضية الانتخابات وتوقيتاتها الحرجة في مسألة تسجيل التحالفات والكيانات.
أعلن الشيوعيون منذ الايام الأولى التي رافقت السعي لتشكيل التحالفات السياسية والانتخابية وبالخصوص بعد اعلان تحالف سائرون والجدل الكبير الذي رافق انبثاقه وخصوصاً في مسألة تحالف الحزب الشيوعي العراقي مع حزب الاستقامة الوطني المدعومين التيار الصدري والسيد مقتدى الصدر، أن الغاية من التحالف ليس عدد المقاعد التي سيحصلون عليها رغم أهمية ذلك، ولا المكاسب الحزبية الضيقة، بقدر السعي والعمل للاصطفاف واتفاق أكبر عدد من القوى والأحزاب والشخصيات المدنية والوطنية والإسلامية المعتدلة واتفاقها على برنامجا وطنيا شاملا لتهديم أركان نظام المحاصصة الطائفي السياسيي وإبداله بنظام وطني مدني مدني يعتمد القوانين والمواطنة، وهو ما تحقق في برنامج سائرون الذي فصل بإسهاب حلوله النظرية والعملية لتفاصيل ادارة شؤون الدولة ومؤسساتها للفترة القادمة.
هنا تقع المسؤولية الكبيرة على عاتق القوى المؤتلفة في تحالف سائرون بضرورة العمل بجدية على تحقيق برنامجها والالتزام به ومراقبة تفاصيل تجسيده عمليا ونقد كل ما من شأنه الابتعاد أو التفرد بالموقف والقرار فيه اذا ما حدث ذلك.
تتداول اليوم وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي اخبارا متضاربة عن نتائج الانتخابات وحصص ونسب التحالفات والأحزاب, وهي تبقى غير مؤكدة دون الاعلان النهائي عن النتائج من الجهة المسئولة مفوضية الانتخابات. وفي هذا الإطار هناك وجهة نظر تفترض أن الحزب الشيوعي العراقي سيحصل على عدد محدود من المقاعد ضمن حصة مقاعد تحالف سائرون قياسا بحصص حزب الاستقامة، وتستند الى نظرية المؤامرة في التحليل وبعيدا عن الوقائع، في أن الموضوع كان مبيتا ومخططاً من حزب الاستقامة المدعوم من التيار الصدري والصدريين عموما للاستفادة من الحزب الشيوعي (حسب الزعم) كغطاء للظهور بشكل مدني خلافا لما يضمروه، وأن الشيوعيين قد زكوا بتحالفهم هذا قسما من التاريخ السيئ المحسوب على التيار الصدري... وتندمج هذه الآراء مع فكرة تقول أن من الأفضل لو كان المدنيون والشيوعيون والديمقراطيون قد دخلوا في جبهة واحدة بدلا من دخولهم في تحالف سائرون, وتصور الأمر وكأن الشيوعيين قد أداروا الوجه لقوى معينة مدنية لصالح قوى أخرى، وهي تهمة باطلة أساسا ولا تستند للوقائع، ويتم القياس في أن الشيوعيين ربما سيحصلون على نفس العدد من المقاعد التي سيحصلون عليها اليوم...
هنا الفكرة تفترض تقاطعا وتعارضا مسبقين بين التوجهات العامة لتحالف سائرون وبين توجهات عدد من القوى المدنية والوطنية ومنها التحالف الديمقراطي الوطني وتحالف تمدن وعدد من الشخصيات المدنية الوطنية التي يأمل أن تتمثل في مجلس النواب... اليام القادمة ستدحض هذه الفكرة وعبر ما سنشهده من تعاون وتنسيق وعمل مشترك بين المدنيين والوطنيين في مجلس النواب القادم وبغض النظر عن قوائمهم وتحالفاتهم التي أوصلتهم للبرلمان..
هناك العديد من الوقائع والأحداث ينبغي الاستناد اليها قبل التجني والحكم على مواقف الشيوعيين في ما يخص التحالفات مع قوى اليسار والمدنية، وأولها حقائق السعي المضني ولسنوات طويلة لطرح المشروع الوطني المدني والدعوة لتجميع وتوحيد رؤى قوى اليسار والمدنية والوطنيين عموما، وآخرها ما تم في تحالف تقدم حينها ودور الشيوعيين المشهود فيه، وحرصهم على استمراره وديمومته وعبر ترصينه وتقويته عبر الانفتاح على القوى الوطنية الأخرى وقوى الاسلام المعتدل، وهو ما لم يتم لأسباب وضحها الحزب في صحافته وإعلامه وفي تفاصيل بلاغ لجنته المركزية الأخير.
لقد كان الشيوعيون ولا زالوا واضحين في خطابهم السياسي ومواقفهم السياسية العامة وفي ما يخص التحالفات والأسباب التي دعتهم للعمل سوية مع قوى تحالف سائرون, وأن الاختلاف مع وجهة نظر الحزب في موضوع تحالفه هذا وهي قضية طبيعية ويدركها الحزب ويتفهمها، وليس من الصحيح تفسير ذلك كونه سيكون سببا في خسران الحزب بعض من ثقة الجماهير والمتعاطفين معه...
النتائج المليونية التي حصلت عليها قائمة سائرون وحدها تكفي لأن تكون برهانا على التأييد الشعبي الجماهيري لفكرة تحالف الشيوعيين مع الوطنيين والليبراليين المعتدلين والإسلاميين الرافضين لنظام المحاصصة والطائفية، وهي برهاناً أيضاً على تأييد ومساندة مشروع الدولة المدنية العابرة لفكرة الطائفية.
هذا الذي تحقق لم يكن له أن يكون لو دخل كل طرف من أطراف سائرون لوحده في الانتخابات...
ولم يكن ممكنا لو أن التحالف هذا لم يتبن المشروع الوطني المدني وعبر البرنامج الشامل التغييري..
والذي تحقق هو دليل على تقبل الشارع العراقي لطروحات وسياسات اطراف سائرون في ما يخص موضوع التحالف ومساندتهم له...
وإذا جاز لأحد أن يفخر فعليه الفخر بأداء هذا التحالف وسعيه المشترك سوية مع الفخر والامتنان بسعيه وعمله ونشاطه ضمن هذا التحالف ...
الذي تحقق هو ثمرة جهود كل الخيرين في داخل تحالف سائرون ومعهم التأييد الجماهيري لمشروعهم هذا..
وهناك حقيقة واضحة وهي التأييد الكبير والدعم الذي حضي به تحالف سائرون من قبل شخصيات دينية كبيرة ومنها السيد مقتدى الصدر والذي عبر صراحة عن دعمه ومساندته للمشروع الوطني الساعي لإقامة نظام سياسي وطني بعيدا عن المحاصصة..
في حال القياس بحساب الفلاح والبيدر أو التاجر والسلعة، ربما سيكون الحساب صحيحا بمقياس الخسارة والربح في ما يخص عدد نواب الحزب الشيوعي في سائرون، لكن واقع السياسة والتحالفات تتحكم فيه ظروفا وشروطاً لها خصوصيتها, ومنها للمثال قانون الانتخابات الجائر الذي يقسم العراق لدوائر متعددة بدل من أن يكون كدائرة واحدة، وبالتالي يتطلب من المرشح أن يحصل على أصوات كثيرة نسبيا لكي تمكنه من تجاوز العتبة الانتخابية، وأيضاً الظروف الملموسة لواقع العراق الحالي واستمرار التأثير الديني للمرجع في الموقف الانتخابي للمواطن ...
الشيوعيون العراقيون لم يشاطرهم الوهم في أن أصواتا من جهات أخرى من داخل سائرون ستترك قواها ومواقفها الدينية والمذهبية والسياسية وتصوت لهم، بل أنهم راهنوا على التأييد الشعبي الذي سيحضى به برنامج سائرون الانتخابي، كما أن هناك حقيقة يفهمها الشيوعيون العراقيون في أن جمهرة كبيرة من العراقيين تأيد وتساند توجهات السيد مقتدى الصدر وتستمع لتوجهاته ومنها دعوته لمساندة وتأييد تحالف سائرون، وهي لها أيضا مصالح مشتركة ودواع كثيرة لتأييد برنامج سائرون يضاف لتحزبها الديني لكونها من الطبقات المسحوقة شعبياً والمتضررة مصالحها جراء النهب والسرقات والفساد ونظام التحاصص الذي أكل الأخضر واليابس...
الأيام القادمة ستكشف تفاصيل أكثر عن نتائج الانتخابات وأسماء مرشحي مجلس النواب والأصوات التي حصلوا عليها، وبغض النظر عن هذا وذاك فمن اليقين أن انجازا وطنيا عراقيا قد تحقق في طريق هدم نظام المحاصصة الطائفي والذي ينبغي أن يستمر السعي والسير في هذا الدرب العسير، وأن الشيوعيين قد أضافوا الكثير لنضالهم الجماهيري الشعبي عبر أيام من التواجد وسط المحتشدات الشعبية وكل أماكن تواجد العراقيين داخل مدن العراق والخارج وهو ما سيقوي من عزيمتهم ويصلب من بناء حزبهم ويزيد كوادرهم خبرة ودراية، ويحق لهم الفخر بالأصوات الوطنية الصادقة التي حصلوا عليها بتأييد الجماهير العراقية لمرشحيهم في تحالف سائرون وفي قوائم الكوتا، وبغض النظر عن عدد المقاعد التي سيحصلون عليها... المهم في الأمر أن يبقى تحالف سائرون متماسكا في مواقفه الوطنية مصراً غلى ثوابته الوطنية في خياراته اللاحقة سواءاً في تشكيل الحكومة أو في انتقاله عمليا لجبهة المعرضة السلمية في البرلمان.
#نجم_خطاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟