فهم القران ..بداية البداية (2)

حمزة بلحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 5876 - 2018 / 5 / 18 - 11:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

وجد محمد عابد الجابري صعوبة في منح هوية متميزة لمنجزه " مدخل إلى القران الكريم " الجزء الأول منه حول التعريف بالقران...

و هل يعتبره استمرارا لسلسلة جاءة تحت عنوان " نقد العقل العربي" و هو لم يردها أبدا سلسلة بل تتالت الأعمال هكذا ثمرة مشروع بحث علمي لم يخطط له الجابري حيث كل عمل يستدعي غيره أو الذي يليه فكيف يمكنه أن يعتبر هذا العمل ملحقا لغيره ...

و انتهى إلى انه يطرق بابا جديدا على حد قوله و من يقرأ للجابري لا يتصوره يكتب في هذا الحقل بل هو سعي و مبادرة منه و أخذ بالأسباب العلمية و منة من الله تعالى و تيسير ...

الإطار العام للكتاب /

يتالف العنوان من جزأين اثنين الأول و هو هذا الذي نقدم له عرضا تناول " التعريف بالقران" أما الثاني يتناول " موضوعات في القران"

فلعله يعني الثلاثة أجزاء الموسومة " فهم القران الحكيم" و قد اختار عبارة فهم لتتميز عن عبارة تفسير و سنعود إليها ان شاء الله بالتفصيل ...

الجزء الأول جاء في ثلاثة أقسام ..قسم تناول وحدة الأصل في الديانات الإسلامية الثلاثة ...

و هو قسم مهم سنمنح رأينا فيه و أعرج منه إلى مبحث الأديان و جغرافية انتشار الأنبياء و حجج اللادينيين و الملاحدة العرب و غير العرب

و مباحث الانثروبولوجيين العرب على ندرتهم و غير العرب المتعلقة بالمقدس و علم مقارنة الأديان ...

بمعنى اخر سيزج بي هذا المبحث الهام جدا بعد إطلاع على حجج الجابري و تحليله للأصل المشترك للديانات السماوية إلى متاهة كبيرة " لابيرانت" يصعب الخروج منها

و هي مهمة كبيرة و شاقة يجب ان تضطلع بها من المفروض مؤسسات بحثية و فرق بحث علمية ...

و لدي خطة عملية علمية ملحقة بهذا المبحث لا أقوم بنشرها اليوم باعتبارها خطة تقنية واسعة المحتوى متعددة المعارف تجمع ما بين الأنثربولوجي مستوعبا داخل تراثنا و الجغرافي البشري و الفللولوجي ( الفقه لغوي ) و الخطاب الإستشراقي القديم نه و الحديث ...الخ

لتتناول الشق الجغرافي البشري و خارطة توزيع الرسالات النبوية على الأرض و هل هي متمركزة أو موزعة و من هم الأحناف و الهاجريون و ما الحنيفية ...

هنالك أسماء عربية - مشرقية إشتغلت بهذه الطقوس و العبادات و تاريخ الصلاة و الصوم و الحج ..الخ و رموز الدين و الغيب و الرحمن و الشيطان و الطين و الحجر و الروح و العقل و المادة و المعبود و الوثن و المطلق و السحر و القربان و الرق ...الخ

و العلوم الغربية من الأنثربولوجيا الدينية و غيرها اشتغلت أيضا بهذه الموضوعات...

كما سنبحث في موضوع الإنسان و المقدس و الأديان " التوحيدية " الثلاثة " les trois monothéismes "...

أما القسم الثاني من كتاب الجابري فهو يتناول " مسار الكون و التكوين " للقران الكريم في حين خصص القسم الثالث للقصص القراني ...

الأمر المهم جدا جدا هو أن الجابري إعتمد ترتيب النزول في تتبع قصص القران الكريم و ليس ترتيب المصحف و هو الأمر الذي كلفه هجمات التراثيين و السلفية عليه و ضده ...

يعتبر الجابري خياره هذا وسيبلة مكنته من " إبراز وظيفة القصص القراني كسلاح و وسيلة للدعوة المحمدية في مواجهة خصومها " و هو كما يرى الجابري الأمر الذي ساعده على إبراز التساوق بين السيرة النبوية و تطور مسار الكون و التكوين الخاص بالقران ...

و يشير الجابري إلى ما يفهم منه أنه ما كان ليحقق هذا الفتح المنير و الإستخلاص و الاجتهاد لو نحى منحى القدامى من الذين كتبوا القصص القراني كأحداث تاريخية اتخذوا مرجعية لها يقول الجابري

ما عرف ب "الإسرائيليات" بدل التعامل معها كأحداث قرانية لها سبب نزولها و مراميها و مقاصدها...

ينتهي الجابري بخلاصة ثمينة نختصرها في ما يفيد أن كتابه هذا " سياسة و تاريخ" و يقول " هل يمكن فصل الدعوة المحمدية عن السياسة و التاريخ"

و " هل يمكن الفصل في القران بين الدين و الدنيا " ثم " هل يمكن إصلاح حاضرنا دون إصلاح فهمنا لماضينا " ...

يستعيد الجابري في ثبات و ثقة و رصانة مقولته في كتابه " نحن و التراث " و هي " جعل المقروء معاصرا لنفسه و معاصرا لنا في الوقت ذاته "....

يذكرني هذا بأصوات كثيرة من المتدينين المتعجلين للتصنيف يعتبرون الجابري في قراءته للتراث علمانيا و رشديا بما يرادف معنى العلمانية و مبعضا للتراث بتقسيمه النظام المعرفي الإسلامي إلى أنظمة ثلاثة " برهان" و "عرفان" و " بيان" و استلابه و اغترابه لأدوات الغرب و مناهجه

رغم ادعاءه أنه شجبها و استوعبها داخل التراث كاستيعابه للفوكوية و البنيوية و الايبستمولوجيا و توظيفه لأطروحة " ريجيس دوبراي " حول " العقل السياسي"

و من الذين يعيبون عليه ما ذكرت انفا مثلا لا حصرا طه عبد الرحمن و أتباعه و مريدوه من أمثال محمد الهمام في المغرب

و بن عزروق الذي لا تفهم له وجهة فكرية محددة و ربما يحسب على تيار الجزأرة المعروف بالتلفيق من جامعة سطيف بالجزائر و غيرهم كثير...

و ترتفع أصوات أخرى كثيرة و غير متدينة و تحديدا غير إسلامية و هي عموما أصوات علمانية لترمي الجابري بالإسلامية أو الإسلاموية و اللاعقلانية

و التعثر في استيعاب أدوات القراءة و التحليل للتراث الحديثة قهرا داخل النظام المعرفي الإسلامي ...

إن كتاب " مدخل الى القران الكريم" فوق هذه الإعتبارات يعد إجتهادا و إضافة تحررت من النزوع التراثي

و اعتمدت قراءة القصص القراني كأحداث قرانية و سنرى بأنه في نص الكتاب لاحقا يستخدم "عبارة الظاهرة القرانية" بما لها و ما عليها ...

#حمزة_بلحاج_صالح (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات